هل الإنسان مخيّر أم مسيّر؟ وإذا كان مخيّراً فما هو إذاً القضاء والقدر؟ |
7578
01:34 صباحاً
التاريخ: 5-10-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2020
1033
التاريخ: 4-10-2020
1122
التاريخ: 5-10-2020
7579
التاريخ: 4-10-2020
1521
|
الجواب : لا يوجد تعارض بين القول بالاختيار للإنسان ، وبين الالتزام بالقضاء والقدر ، وذلك إذا عرفنا معنى القضاء والقدر.
فمعنى التقدير هو : أن يكون لوجود كلّ شيء حدّاً وقدراً ، كما لتحقيق وجوده قضاءاً وحكماً مبرماً في جانبه تعالى ، فكلّ شيء يقدّر أوّلاً ، ثمّ يحكم عليه بالوجود.
وهذه الشبهة كانت عالقة في بعض الأذهان منذ القدم ، وقد أجاب عنها أئمّة أهل البيت عليه السلام.
فعن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام : دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ( ... أجل يا شيخ ، فالله ما علوتم تلعة ، ولا هبطتم من وادٍ ، إلاّ بقضاء من الله وقدره ).
فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ـ ومعنى هذه الجملة : إنّي لم أقم بعمل اختياري ، ولأجل ذلك أحتسب عنائي ـ.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ( مهلاً يا شيخ ، لعلّك تظنّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والأمر والنهي والزجر ، واسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم تكن على المسيء لائمة ، ولا لمحسن محمّده ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالإحسان من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن ، وقدرية هذه الأُمّة ومجوسها. يا شيخ إنّ الله كلّف تخييراً ، ونهى تحذيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يُعص مغلوباً ، ولم يُطع مكرهاً ، ولم يملك مفوّضاً ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ... ) (1).
والحديث الشريف جمع بين القول بالقضاء والقدر ، وكون الإنسان مخيّراً لا مسيّراً.
تعليق على الجواب السابق وجوابه :
السؤال : إنّ إجابتكم غير كافية ، وذلك لأنّ الموضوع صعب ، ويحتاج إلى مزيد من التوضيح ، وخصوصاً الرواية التي ذكرتموها ، هذه الرواية تحتاج إلى شرح وافي.
الجواب : إنّ الإنسان مخيّر وليس مسيّراً ، لأنّه يملك بصريح الوجدان والقرآن كامل حرّيّته في الاختيار ، ودليل حرّيته في الاختيار تردّده في الانتخاب ، ومسؤوليّته عن فعله ، وإحساسه بالندم والراحة عند انتخاب ما يصلح ، وما لا يصلح ، والوجدان أقوى شاهد على هذه الحقيقة ، هذا أوّلاً.
وثانياً : العقلاء يمدحون العادل والمحسن إلى الناس ، ويذمّون الظالم الجائر ، والمسيء إلى الناس ، ولو لم يكن الإنسان هو الفاعل باختياره ، لما استحقّ المدح أو الذمّ.
وثالثاً : إنّ العقاب على الأعمال أكبر دليل على الاختيار ، قال الله تعالى : {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [السجدة: 14] .
ثمّ إنّ القول باختيار الإنسان لا يتعارض مع القضاء والقدر ، الذي هو من الأُصول المسلّمة في الكتاب والسنّة ، وليس لمسلم واع أن ينكر واحداً منهما ، إلاّ أنّ المشكلة في توضيح ما يراد منهما ، فإنّه المزلقة الكبرى في هذا المقام ، ولأجل ذلك نذكر المعنى الصحيح لهذين اللفظين ، الذي يدعمه الكتاب ، وأحاديث العترة الطاهرة.
أمّا القدر : فالظاهر من موارد استعماله أنّه بمعنى الحدّ والمقدار ، وإليه تشير الآيات التالية :
1 ـ قوله تعالى : {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [الطلاق: 3] .
2 ـ قوله تعالى : {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } [المزمل: 20] .
3 ـ قوله تعالى : {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21] .
وأمّا القضاء : فقد ذكروا له معاني كثيرة.
والظاهر أنّه ليس له إلاّ معنى واحد ، وما ذكر من المعاني كلّها مصاديق لمعنى واحد.
وأوّل من تنبّه لهذه الحقيقة ، هو اللغويّ المعروف أحمد بن فارس بن زكريا ، يقول : القضاء أصل صحيح يدلّ على إحكام أمر وإتقانه ، وإنفاذه لجهته ، قال الله تعالى : {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ } [فصلت: 12] ، أي احكم خلقهن ... إلى أن قال : والقضاء الحكم ، قال الله سبحانه في ذكر من قال : {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] ، أي اصنع وأحكِم ، ولذلك سمّي القاضي قاضياً ، لأنّه يُحكم الأحكام ويُنفذها.
وسمّيت المنية قضاءً لأنّها أمر ينفذ في ابن آدم وغيره من الخلق (2).
إذاً كلّ قول أو عمل إذا كان متقناً محكماً ، وجادّاً قاطعاً ، وفاصلاً صارماً ، لا يتغيّر ولا يتبدّل ، فذلك هو القضاء.
هذا ما ذكره أئمّة اللغة ، وقد سبقهم أئمّة أهل البيت عليه السلام ، ففسّروا القدر والقضاء على النحو التالي :
1 ـ عن الإمام الرضا عليه السلام ، وقد سأله يونس عن معنى القدر والقضاء ، فقال : ( القدر هي الهندسة ، ووضع الحدود من البقاء والفناء ، والقضاء هو الإبرام وإقامة العين ) (3).
2 ـ عن علي بن إبراهيم الهاشميّ قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : ( لا يكون الشيء إلاّ ما شاء الله ، وأراد وقدّر وقضى ) ، قلت : ... ما معنى قدر؟ قال : ( تقدير الشيء من طوله وعرضه ) ، قلت : فما معنى قضى؟ قال : ( إذا قضى أمضاه ، فذلك الذي لا مردّ له ) (4).
____________
1 ـ عيون أخبار الرضا 2 / 127.
2 ـ معجم مقاييس اللغة 5 / 99.
3 ـ الكافي 1 / 158.
4 ـ المصدر السابق 1 / 150.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|