أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-1-2020
1824
التاريخ: 7-1-2020
1792
التاريخ: 31-10-2018
1885
التاريخ: 12-11-2019
1721
|
مولد علي عليه السّلام
وكانت فاطمة حملت بعلي عليه السّلام في عشر ذي الحجة وولدته في النصف من شهر رمضان، وحملت به أيام الموسم. وبعد حملها بخمسة أيام كانت جالسة وقد كسيت نورا وجمالا، ووجهها يزهر، وجبهتها تتلألأ بين الأكارم من الفواطم من قريش ، منهنّ فاطمة بنت عمرو بن عائذ جدّة رسول الله صلّى الله عليه وآله لأبيه ، وفاطمة بنت زائرة بن الأصم أم خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت عبد الله بن ورام ، وفاطمة بنت الحرث بن عكرمة ، وممّن لم يحضرن ويلحقن من الفواطم اللواتي يقربن من رسول الله صلّى الله عليه وآله ومن علي عليه السّلام بالنسب واللحمة: فاطمة بنت النضر أم ولد قصي. فانهنّ لجلوس يتفاخرن بالذراري والأولاد إذ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وكان وجهه المرآة مصقولة والمهاة مجلوة ينثني كغصن مياد وقد تبعه بعض الكهان ينظر إليه نظرا شافيا.
فجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله الى فاطمة أم علي بين العجائز من الفواطم وجلس الكاهن بازائه لا يمر به كاهن مثله ولا حبر ولا قايف ولا عايف إلّا همس إليه وغمزه واستوقفه، ينظرون إليه فبعض يشير إليه بسبّابته وبعض يعضّ على شفته.
فغاب رسول الله صلّى الله عليه وآله بقيامه ودخل الى منزل عند عمّه.
فقال الكاهن للعجائز : من هذا الفتى الذي قد زها بحسنه على كلّ الفتيان والرجال والنساء؟.
قالوا : هذا المحبّب في قومه محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ذو الفضل والعرف والسؤدد
فقال الكاهن : يا معشر قريش ايذنوا بالحرب ، بعد الهرب ، من سيف النبيّ المنتجب ، الويل منه للعرب وللأصنام والنصب.
ثم نادى : يا أهل الموسم الحافل ، والجمع الشامل ، قرب ظهور الدين الكامل ، ومبعث النبيّ الفاضل ، ثم أنشأ يقول :
اني رأيت نبيّا ما كنت أعرفه *** حقا تيقنه قلبي باثبات
في الكتب أنزله لما تخيره *** وكنت أعرف ما في شرح توراة
من فضل أحمد من كالبدر طلعته *** يزهو جمالا على كلّ البريات
من أمّة عصمت من كلّ خائنة *** وصار مجتنبا رجس الخسارات
ما زلت أرمقه من حسن بهجته *** كالشمس من برجها تبدي الطليعات
فان بقيت الى يوم السباق وقد *** نادى قريشا لتبليغ الرسالات
كنت المجيب له لبيك من كتب *** أنت المفضّل من خير البريات
يا خير من حملت حواء أو وضعت *** من أوّل الدهر في رجع الكريرات
قد كنت أرقب هذا قبل فجوته *** حتى تلمسته قبضا براحات
فاليوم أدركت غنما كنت أرقبه *** من عند ربّي جبار السموات
فيا لها فرحة يعتادها نجح *** لما حبيت بتحبير التحيات
فكيف ينزل من نال الرياح ومن *** أهدى له موهب من خير خيرات
ذاك النبيّ الذي لا شك منتجب *** جبريل يقصده بالوحي تارات
في كلّ يوم بوحي الله يمنحه *** ينبيه عن كلّ معلوم الدلالات
قال : فقالت فاطمة بنت أسد : فرأيت حبرا منهم يسمع شعر الكاهن ودموعه تسحّ على خدّيه فتبعته فقلت له : أقسمت عليك بدينك وسفرك وكتابك لتخبرني بالأمر على حقيقته ، فان الحكيم لا يكتم من استنصحه نصيحة يقوي بها بصيرته.
فنظر الحبر الى رسول الله صلّى الله عليه وآله نظرا مستقصيا ثم قال : والله هذا غلام همام ، آباؤه كرام ، يكفله الأعمام ، دينه الاسلام ، شريعته الصلاة والصيام ، تظلّه الغمام ، يجلي بوجهه الظلام ، من كفله رشد ، ومن أرضعه سعد ، وهو للأنام سند ، يبقى ذكره ما بقي الأبد.
ثم ذكر كفالة أبي طالب إيّاه وعدّد سيرته وخاتمة أمره وعقباه.
ثم قال: وتكفله منكم امرأة تطلب بذلك زيادة العدد فسيكون هذا المبارك المحمود لها في طيب الغرس أفضل ولد.
قالت: فقلت له : لقد أصبت فيما وصفت الى حيث انتهيت ، وقلت الحق عند ما شرحت ، انا المرأة التي أكفله ، زوجة عمّه الذي يرجوه ويؤمله.
فقال لها : ان كنت صادقة فستلدين غلاما ، رابع أربعة من أولادك شجاعا قمقاما عالما إماما مطواعا همّاما ، بدينه قوّاما ، لربّه مصلّيا صوّاما ، غير خرق ولا نزق ولا أحيف ولا جنف ، اسمه على ثلاثة أحرف ، يلي هذا النبي في جميع أموره ، ويواسيه في قليله وكثيره ، يكون سيفه على أعدائه ، وبابه الذي يؤتى منه الى أوليائه ، يقصع في جهاده الكفّار قصعا ، ويدع أهل النكث والغدر والنفاق دعا ، يفرّج عن وجه نبيّه الكربات ، وتجلي به دياجر حندس الغمرات ، أقربهم منه رحما ، وأمسهم لحما ، وأسخاهم كفّا ، وأنداهم يدا ، يصاهره على أفضل كريمة ، ويقيه بنفسه في أوقات شدّته ، تعجب من صبره ملائكة الحجاب إذا قهر أهل الشرك بالطعن والضراب ، يهاب صوته أطفال المهاد ، وترعد من خيفته الفرائص يوم الجلاد ، مناقبه معروفة ، وفضائله مشهورة ، هزبر دفاع ، شديد مناع ، مقدام كرّار ، مصدّق غير فرّار ، أحمش الساقين ، غليظ الساعدين ، عريض المنكبين ، رحب الذراعين ، شرّفه الله بأمينه ، واختصه لدينه ، واستودعه سرّه ، واستحفظه علمه ، عماد دينه ، ومظهر شريعته ، يصول على الملحدين ، ويغيظ الله به المنافقين ، ينال شرف الخيرات ، ويبلغ معالي الدرجات ، يجاهد بغير شكّ ، ويؤمن من غير شرك ، له بهذا الرسول وصلة منيعة ، ومنزلة رفيعة ، يزوّجه ابنته ، ويكون من صلبه ذرّيته ، يقوم بسنّته ، ويتولّى دفنه في حفرته ، قائد جيشه ، والساقي من حوضه، والمهاجر معه عن وطنه الباذل دونه دمه، سيصح لك ما ذكرت من دلالته إذا رزقتيه ، وترين ما قلته فيه عيانا كما صح لي دلائل محمّد المحمود بالله ، ان ما وصفته من امرهما موجود مذكور في الأسفار والزبور، وصحف إبراهيم وموسى ، ثم أنشأ يقول :
لا تعجبي من مقالي سوف تختبري *** عمّا قليل ترين القول قد وضحا
أما النبي الذي قد كنت أذكره *** فالله يعلم ما قولي له مزحا
يأوي الرشاد إليه مثل ما سكنت *** أمّ الى ولد إذ صادفت نجحا
ثم المؤازر والموصى إليه اذا *** تتابع الصيد من أطرافه كلحا
فأحمد المصطفى يعطيه رايته *** يحبوه بابنته يا خير ما منحا
بذاك أخبرنا في الكتب اولنا *** والجن تسترق الأسماع متّضحا
قالت فاطمة : فجعلت أفكر في قوله ، فلما كان بعد ليال رأيت في منامي كأن جبال الشام قد أقبلت تدبّ على عراقبها، وعليها جلابيب حديد وهي تصيح من صدورها بصوت مهول فأسرعت نحوها جبال مكّة وأجابتها بمثل صياحها وأهول وهي تنضح كالشرر المجمر ، وجبل أبي قبيس ينتفض كالفرس المسربل بالعدّة وفصاله تسقط عن يمينه وشماله ، والناس يلتقطون تلك النصول، فلقطت معهم أربعة أسياف وبيضة حديد مذهبة ، فأوّل ما دخلت مكّة سقط منها سيف في ماء فعبر، وطار الثاني في الجو فانثمر وسقط الثالث الى الأرض فانكسر، وبقي الرابع في يدي مسلولا ، فبينما أنا به أصول إذ صار السيف شبلا أتبينه ثم صار ليثا مستأسدا فخرج عن يدي ومر نحو تلك الجبال
يجوب بلاطخها ، ويخرق صلادحها ، والناس منه مشفقون ، ومن خوفه حذرون إذ أتاه محمّد ابني فقبض على رقبته ، فانقاد له كالظبية الألوف ، فانتبهت وأنا مرتاعة ، فغدوت على الحبر والكاهن اللذين بشّراني ووعداني وعلى ساير القافة والعافة بأن قصدت (أبا كرز) الكاهن وكان عارفا محذقا فوجدته قد نهض في حاجة له فجلست أرقبه وكان عنده (جميل) كاهن بني تميم فكرهت حضوره وعملت على انتظار قيامه وانصرافه ، فنظر جميل إليّ وضحك ثم قال لي : أقسم بالأنواء ومظهر النعماء ، وخالق الأرض والسماء ، انّك لتكرهين مثواي وتحبين مسراي لتسألي (أبا كرز) عن الرؤيا ، فينبئك بالأنباء ، فقلت له : ان كنت صادقا فيما قلت من الهتف حين زجرت فنبئني بما استظهرت فأنشأ يقول :
رأيت أجبالا تلي أجبالا
وكلّها لابسة سربالا
مسرعة قد تبتغي القتالا
حتى رأيت بعضها تعالى
ينثر من جلبابه نصالا
أخذت منها أربعا طوالا
وبيضة تشتعل اشتعالا
فواحد في ثج ماء عالا
وآخر في جوّها قد صالا
بذي طواف طار حين زالا
وثالث قد صادف اختلالا
لما غدا منكسرا أوصالا
ورابع قد خلته هلالا
مقتدح الزندين قد تلالا
ولت به صائلة ايغالا
حتى استحال بعدها انتقالا
أدرك في خلقته الاشبالا
ثم استوى مستأسدا صوّالا
يخطف من سرعته الرجالا
فانسل في قيعانها انسلالا
يخرق منها الصعب والمحالا
والناس يرهبون منه الحالا
حتى اتى ابن عمّه ارسالا
فتلّه بعنقه اتلالا
كظبية ما منعت غفالا
ثم انتبهت تحسبين خالا
قالت فاطمة : فقلت : صدقت والله يا جميل وبررت في قولك ، هكذا رأيت مما رأيت في الكرى فنبئني بتأويله. فأنشأ يقول :
أما النصول فهي صيد أربع
ذكور أولاد حكتها الأسبع
والبيضة الوقداء بنت تتبع
كريمة غرّاء لا تروع
فصاحب الماء غريب مفتقد
في لجّة ترمى بأصناف الزبد
والطائر الأجنح ذو الغرب الزغب
تقتله في الحرب عبّاد الصلب
والثالث المكسور ميت قد دفن
ينزل عقبا بعده طول الزمن
والرابع الصائل كالليث المرح
يرفل في عراصها ويقترح
فذاك للخلق امام منتصح
إذا بغاه كافر جهرا ذبح
وان لقاه بطل عنه جنح
حتى تراهم من صياصيهم بطح
فاستشعري البشرى فرؤياك تصحّ
قالت فاطمة فما زلت مفكّرة في ذلك وتتابع حملي وولادتي لأولادي.
فلما كان في الشهر الذي ولدت فيه عليّا رأيت في منامي كأن عمودا حديدا انتزع من أمّ رأسي ثم شع في الهواء حتى بلغ عنان السماء ثم رد إليّ فمكث ساعة فانتزع من قدمي فقلت : ما هذا؟ فقيل : هذا قاتل أهل الكفر ، وصاحب ميثاق النصر ، بأسه شديد تجزع من خيفته الجنود ، وهو معونة الله لنبيّه ومؤيده به على أعدائه ، بحبّه فاز الفائزون ، وسعد السعداء ، وهو ممثل في السماء المرفوعة والأرض الموضوعة والجبال المنصوبة ، والبحار الزاخرة والنجوم الزاهرة ، والشموس الصاحية ، والملائكة المسبّحة ، ثم هتف بي هاتف يقول :
جال الصباح لدى البطحاء إذ شملت
(سودا) بذي خدم فرش المراقيل
من دلج هام جراثيم جحاجحة
من كلّ مدرع بالحلم رعبيل
من الجهاضم إذ فاقت قماقمها
دون السحاب على جنح الاثاكيل
يا أهل مكّة لا تشقى جدودكم
وأبشروا ليس صدق القيل كالقيل
فقد أتت سود بالميمون فانتحجوا
واجفوا الشكوك واضغاث الأباطيل
من خازن النور في أبناء مسكنه
من صلب آدم في نكب الضماحيل
انّا لنعرفه في الكتب متّصلا
بشرح ذي جدل بالحق حصليل
ال فولد علي عليه السّلام ولرسول الله صلّى الله عليه وآله ثلاثون سنة فأحبّه رسول الله صلّى الله عليه وآله حبّا شديدا.
وقال لفاطمة امّه : اجعلي مهد علي بجنب فراشي ، وكان صلّى الله عليه وآله يلي تربيته ويوجره اللبن في ساعة رضاعه ويحرّك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ، ويحمله على صدره تارة وعلى عاتقه اخرى ويتكتّفه ويقول : هذا أخي ووليي وناصري وصفيي ووصيي وذخيرتي وكهفي وصهري وزوج كريمتي وأميني على وصيتي. وكان يحمله ويطوف به جبال مكّة وشعابها وأوديتها وفجاجها.
فلما تزوّج صلّى الله عليه وآله خديجة بنت خويلد علمت بوجده بعلي عليه السّلام فكانت تستزيره وتزيّنه بفاخر الثياب والجوهر وترسل معه ولا يدها ، فيقلن : هذا أخو محمّد وأحبّ الخلق إليه وقرّة عين خديجة ومن ينزل السكينة عليه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|