أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2021
2000
التاريخ: 24-6-2019
2717
التاريخ: 2023-06-22
1651
التاريخ: 1-12-2016
1352
|
كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام
وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله في حجر أبي طالب يغذّيه ويحوطه ، وذلك أن أبا الحرث عبد المطلب بن هاشم كان يكفل الأرامل والأيتام ويغيث الملهوف ويجير المظلوم وينظر المعسر ويحمل الكلّ ويقري الضيف ، ويمنع من الضيم ، وكان برسول الله صلّى الله عليه وآله حفيّا في السر والاعلان يتفقّده في مطعمه وأغذيته ، ويعدله قريشا ، يخضع له الأشراف ، ويذلّ له عظماء الملوك ويدين بدينه جميع أهل الملل والأديان ، وترعد لهيبته فرائص الجبارين ويظهر على من خالفه وناوأه حتى يقرنهم في الأصفاد ويبيع ذراريهم في الأسواق ويتخذ ابناءهم عبيدا ، وشجعانهم جنودا ، وتعينه الملائكة على نصرته فطوبى لمن آمن به من عشيرته وطوبى لامّته.
فلما مرض مرضه الذي مات فيه وضع رسول الله صلّى الله عليه وآله في حجر أبي طالب عليه السّلام ووصّاه به ، وقال له : يا بني هذا فضل من الله عليك ومنحة وهدية مني إليك الهمنيه في أمرك وهو ابن أخيك لأبيك وأمّك دون ساير اخوانك ثم اطلعه على مكنون سر علمه ودلائله وأخبره بما بشّر به عن الأنبياء والمرسلين صلّى الله عليهم ، وما رواه فيه أفاضل الأحبار ، وعبّاد الرهبان ، وأقيال العرب وكهّان العجم.
ولم يكن لأبي طالب يومئذ ولد ، وكان فردا وحيدا ، امرأته فاطمة بنت أسد بن هاشم ابن عبد مناف بنت عمه وكانت ممنوعة من الولد تنذر لذلك النذور ، وتتقرّب الى الأصنام وتستشفع بالأزلام الى الرحمن وتعتر العتائر ، وتضخ وجوه الأصنام ، بذكي المسك وخالص العنبر ، تطلب الولد. وكانت كلّما لقيت كاهنا أو حبرا عالما من السدنة بشّرها انها تبتني ولدا لم تلده وتربيه ويأمرها إذا رزقته أن تضمّه وتكنفه وتحفظه ولا تبعده فتسألهم أن يسمّوه ويصفوه لها فيقولون ذاك نور منير بشير نذير مبارك في صغره منبئ في كبره ، يوضح السبيل ، ويختم الرسل ، يبعث بالدين الفاضل ويزهق العمل الباطل ، يظهر من أفعاله السداد ويتبيّن باتّباعه الرشاد ، وينهج الله له الهدى ، ويبيّن به التقى. فكانت فاطمة بنت أسد ترقب ذلك وتنتظره. فلما طال انتظارها، وذهل اصطبارها، أنشأت تقول :
طال الترقّب للميعاد إذ عدمت *** مني الحوائل ولدا من عناصيري
لما أتيت الى الكهّان بشّرني *** عند السؤال عليم بالمخابير
فقال يوعدني والدمع مبتدر *** يا فاطم انتظري خير التباشير
نورا منيرا به الأنباء قد شهدت *** والكتب تنطق عن شرح المزامير
انى بذاك فقد طال الطلاع الى *** وجه المبارك يزهو في الدياجير
فلما مات عبد المطلب كفل أبو طالب رسول الله صلّى الله عليه وآله بأحسن كفالة ، وحن عليه ، ودأب في حياطته وتمسّك به والتحف عليه وعطف على جوانبه.
وكان أبو طالب محترما معظّما كشّافا للكروب غير هذر ولا مكثار ولا عاق بل بر وصول، جواد بما يملك، سمح بما يقدر، لا يثنيه عن مبادرة الخطاب وجل، ولا يدركه لدى الخصام ملل، فشغف برسول الله صلّى الله عليه وآله شغفا شديدا. وولهت بحبّه فاطمة بنت أسد وذهلت بمحبته ودلاله التي وعدت بها فكانت تقول: وإله السماء لقد قبل نذري وشكر سعيي وأجيبت دعوتي، لأنزلن محمّدا من قلبي منزلة صميم الاحشاء ولألهون برؤيته عن كلّ نظرائه ، ومن أولى بذلك ممّن أعطي مثله ، وليس هذا من أمر الخلق بل هو من عند الإله العظيم.
فكانت قد جعلته صلّى الله عليه وآله نصب عينها ان غاب لحظة لم يغب عنها مثاله ولم يفقد شخصه وتذهل حتى تحضره فتشتغل بتغذيته وغسله وتنظيفه وتلبيسه وتدهينه وتعطيره وإصلاح
شأنه وتعاهد ارضاعه بالنهار فإذا كان بالليل اشتغلت بفرشه ونومه وتوسيده وتمهيده وتعوّذه وتنيمه قال : وكانت في دار أبي طالب نخلة منعوتة بكثرة الحمل موصوفة بالرّقة وعذوبة الطعم شهية المضغ يعقب طعمها رايحة طيبة عطرية كرائحة الزعفران المذاب بالعسل ، كثيرة اللحا قليلة السحا ، دقيقة النوى فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يأتي إليها كلّ غداة مع أتراب له منهم أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب ابن عمه وأبو سلمة بن عبد الأسد ومشروح بن نويبة فيلتقطون ما يتساقط تحتها من ثمرها بهبوب الرياح ووقوع الطير ونقره.
وكانت فاطمة بنت أسد لا ترى رسول الله صلّى الله عليه وآله يسابق اترابه على البسر والبلح والرطب في أوانه ، وكان الغلمة يبادرون لذلك وهو ـ عليه السّلام ـ يمشي بينهم وعليه السكينة والوقار بتواضع وابتسام ويتعجب من حرصهم وعجلتهم ، فكان ان وجد شيئا ساقطا بعدهم أخذه وإلّا انصرف بوجه منبسط طلق وبشر حسن.
فكانت فاطمة تعجب من شدّة حيائه وطيب شأنه ورقّة قلبه وسرعة دمعته وكثرة رخمته ، فربما جمعت له من تمر النخلة قبل مجيئهم فاذا أقبل صلّى الله عليه وآله قدّمته إليه ، فيحبّ أن يأكله معهم.
قالت فاطمة : ودخل على أترابه يوما وأنا مضطجعة ولم أره معهم فقلت : اين محمد؟.
قالوا : مع عمّه أبي طالب وراءنا.
فسكنت نفسي قليلا ، ولقط الغلمان ما كان تحت النخلة. وجاء بعدهم محمّد فلم ير تحتها شيئا، فصار إليها ووقف تحتها، وكانت باسقة، فأومأ بيده إليها، فانثنت بعراجينها حتى كادت تلحق بثمارها الأرض ، فلقط منها ما أراد ثم رفع يده وأومأ إليها ، فرجعت ، وحسبني راقدة.
قالت : وكنت مضطجعة ، فلما رأيت ذلك استطير في روعي ، ولم أملك نفسي فأتيت أبا طالب فخلوت به ، فقلت له : كان من أمر محمّد صلّى الله عليه وآله كيت وكيت.
فقال : مهلا يا فاطمة لا تذكري من هذا شيئا فانّه حلم وأضغاث.
فقلت : كلا والله ، بل هو حقّ يقين في يقظة لا في نوم ، ورأي العين لا رؤيا ، واني لأرجو الله أن يحقّق ظنّي فيه وان يكون الذي بشّرت بتربيته ووعدت الفوز عند كفالته.
فكانت فاطمة لا تفارق رسول الله صلّى الله عليه وآله في ليل ولا نهار ، ولا تغفل عنه وعن خدمته وتفقّد مطعمه فكان صلّى الله عليه وآله يسمّيها أمي ، وهجرت الأصنام ، وقطّعت القربان إليها من الذبائح في الأعياد تسأل الولد. وتسلّت برسول الله صلّى الله عليه وآله والتبني له وخدمته عن كلّ شيء. فلما قطعت عادتها ، وجد عليها السدنة من ذلك ومنعوها من الدخول على الصنم الأعظم ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يحضر قريشا في مشاهدهم كلّها غير السجود للأصنام ، والذبائح للأنصاب ، وفي حال شرب الخمر ووصف الشعر ، وقول الزور ، فانّه كان يجتنبهم مذ كان طفلا حتى استكمل فدخل يوما على سادن من سدنة الأصنام ، فقال له : لم تعتب على أمي فاطمة وتمنعها من زيارة هذه الأحجار المؤثرة فينا الاعتبار؟.
فقال له السادن : لأنها أتت بأمور متشابهة ، وقطعت بر الآلهة ، وهي لمن عبدها نافعة ، ولمن جاء إليها شافعة ، وستعلم ابنة أسد انها لا ترزقها ولدا.
فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله : أأصنام ترزقكم الولدان ، وتأتيكم بالغيث عند المحل في السنوات الشداد؟.
قال له السادن : نعم! أو ما علمت نحن نحمد ذلك عند الأصنام عاجلا في الفاقة وآجلا مدّخرا.
والتفت الى السدنة فقال : هذا غلام مات أبوه وجدّه وامّه وظئره وهو طفل فكفله من لا يعبأ به ولا يدلّه على رشده ـ وهو عمّه وامرأة عمّه.
فقال له النبي صلّى الله عليه وآله : فأخبرني عن هذه الأصنام من خلقها ومن ابتدع الامم السالفة ورزقها؟.
قال السادن : الله فعل ذلك ، وهو لجميع الخلق مالك.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فان أمي تجعل قربانها لله الحي القائم القديم فهو أحقّ من الأصنام.
ثم انطلق الى فاطمة من ساعته وحدّثها بما جرى بينه وبين السادن وقال لها: قرّبي إلى الله قربانك.
فاصطفت القربان وقالت : هذا لله خالصا .. جعلته ذخرا.. قبلته من محمّد حبيبي.
فما أصبحت من ليلتها حتى اكتست حسنا الى حسنها وجمالا إلى جمالها.
فحملت فولدت عقيلا ثم حملت فولدت طالبا ثم حملت فولدت جعفرا ، وكان وجهها في كلّ يوم يزداد نورا وضياء لما حملت بأزكاهم وأطهرهم وأبرّهم وأرضاهم عليّ ، فولدته ونالها في ولادته بعض الصعوبة ثم جاءت به الى بيت أبيه حتى حنكه رسول الله صلّى الله عليه وآله ووضعه في حجره وقمطه في حضنه قبل كلّ أحد من الناس.
ثم رزقت بعد علي أم هاني واسمها فاختة وهي المباركة الطيبة اخت الطاهرين من ولد أبيها أبي طالب.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|