أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2020
1898
التاريخ: 22-9-2020
2631
التاريخ: 22-9-2020
2239
التاريخ: 4-6-2021
3473
|
سلمان والتشيع ..
الشيعة لغةً: الأتباع والأنصار، ثم صار اسماً يطلق على محبي آل بيت محمدٍ : ومتبعيهم والسائرين على منهاجهم ،.
روى أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ليهنكم الإسم ، قلت : وما هو؟ قال : الشيعة. قلت : إن الناس يعيروننا بذلك.
قال : أما تسمع قول الله سبحانه : « وإنَّ من شِيعَتِهِ لإبراهيم » وقوله : « فاستغاثَهُ الذي من شِيعتِه على الذي من عَدُوّه.» (1)
والتشيع ليس مذهباً طارئاً في الإسلام، بل هو من صميمه دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما دعا إلى بقية أركان الدين، فقد نشأ في عهد رسول الله كما تدل على ذلك الأحاديث الكثيرة والمتواترة ، وأهمها وأكثرها شهرة الحديث المعروف ( بحديث الغدير ) الذي جاء في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) في حجته الأخيرة المعروفة ( بحجة الوداع ) حيث قال :
معاشر المسلمين، ألست أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا : اللهم بلى.
قال : من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره واخذل من خذله.
وقد روي هذا الحديث بطرق مختلفة وألفاظ متغايرة بمضمون واحد ، فقد رواه من الصحابة أكثر من مائة وعشرة صحابياً ، ومن التابعين أربعة وثمانون تابعياً ، ورواه من العلماء ثلاثمائة وستون عالماً ، (2) عدا من ألف فيه. بل رواه الطبري من نيف وسبعين طريقاً. وابن عقدة من ماءة وخمس طرق وغيره من مائة وخمسة وعشرين طريقاً.
قال الشيخ الطوسي : فان لم تثبت بذلك صحته ، فليس في الشرع خبر صحيح!
ثم قال : والمراد بالمولى هنا : الأولى. والذي يدل على ذلك قول أهل اللغة ، قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في قوله تعالى : « النار مولىً لهم » معناه أولى لهم. وعن المبرد قال : مولى ، وولي ، وأولى ، وأحق بمعنى واحد. (3)
وقد بسطت الحديث حول هذا الموضوع في كتاب ( أبو ذر الغفاري ) واستشهدت بأحاديث كثيرة إشتملت على لفظ ( شيعة ) فراجع. (4)
إن البحث حين يتتبع ما كتب حول الشيعة والتشيع ، يجد أن سلمان الفارسي رضي الله عنه أول من يذكر في هذا المضمار بعد بني هاشم ، وما ذلك إلا لاشتهاره في هذا الأمر لدى العامة والخاصة وتكريس نفسه له. وإليك بعضاً من النصوص التي تناولت ذلك.
قال أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني :
« إن لفظ الشيعة على عهد رسول الله كان لقب أربعةٍ من الصحابة سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري .. الخ » ( 5)
وقال الشيخ المفيد ; في بيان امامة أمير المؤمنين :
« فاختلفت الأمة في إمامته يوم وفاة النبي 9 فقالت شيعته وهم : بنو هاشم كافة وسلمان وعمار .. الخ » (6)
وقال ابن أبي الحديد :
« وكان سلمان من شيعة علي (عليه السلام) وخاصته ، وتزعم الإمامية أنه أحد الأربعة الذين حلقوا رؤوسهم وأتوه متقلدي سيوفهم في خبر يطول .. الخ » (7)
إلى غير ذلك مما يذكرونه في كتب التأريخ والرجال.
ويخيل إليك وأنت تقرأ ما ورد على لسان سلمان عن النبي في فضائل أهل البيت : أن كلمة النبي (صلى الله عليه وآله) « سلمان منا » شدته إلى التفاني في هذا السبيل. بيد أن الأمر أكبر من ذلك ، وسلمان أعظم من أن ينجرف في متاهات العاطفة الدنيا ، أليس هو ذلك الذي عرفناه شاباً ـ أو صبياً ـ يترك أهله ووطنه في سبيل الوصول إلى المنهل الروحي الذي يستقي منه تعاليم الدين ، وكابد ما كابد في سبيل ذلك حتى أفضى به الأمر إلى رسول الله ، وعرفناه كهلاً يلازم النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ويواكبه في حروبه وجهاده ، سخياً بنفسه في سبيل الله ، هذا الإنسان العظيم لم يكن التشيع بالنسبة إليه هواية تتحكم فيها العاطفة ، بل كان يرى فيه المكمل لرسالة محمد (صلى الله عليه وآله) ، فقد عرف موقع علي (عليه السلام) من النبي وأدرك أنه الوصي من بعده على الأمة ، وماذا يضره إذا كان في جانب والمسلمون في جانب ، فقد كان نفسه قبل الإسلام في جانب ، وأمم أخرى في جانب ، لذلك التزم بصراحته التي لم تفارقه يوماً من الأيام ، وبقي على الخط الذي رسمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعا المسلمين إليه.
لقد كان سلمان الفارسي رضي الله عنه ممن نادى بالتشيع ، ودافع عنه في أكثر من موطن ، ولم يكن تشيعه عاطفياً يقتصر على حب أهل البيت فقط ، بل تشيعاً مبدئياً ينادي بأحقية علي في الخلافة بعد رسول الله بلا فصل ، وكان يدعو المسلمين إلى ذلك بكل وضوح وجرأة ، مستنداً في ذلك لما سمعه من رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) في حق عليّ وأهل البيت الطاهر :.
بل الذي يظهر من بعض النصوص حول هذا الموضوع أنه كان أول من دعا المسلمين لمبايعة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، كما روي ذلك عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن أبائه : ، قال :
خطب الناس سلمان الفارسي رحمة الله عليه بعد أن دفن النبي (صلى الله عليه وآله) بثلاثة أيام، فقال :
« ألا أيها الناس ، إسمعوا عني حديثي ، ثم أعقلوه عني ، ألا واني أوتيت علماً كثيراً ، فلو حدثتكم بكل ما أعلم من فضايل أمير المؤمنين لقالت طائفة منكم : هو مجنون. وقالت طائفة أخرى : اللهم اغفر لقاتل سلمان. ألا إن لكم منايا تتبعها بلايا ، ألا وان عند علي (عليه السلام) علم المنايا والبلايا ، وميراث الوصايا وفصل الخطاب وأصل الأنساب ، على منهاج هارون بن عمران من موسى (عليه السلام) إذ يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه : أنت وصي في أهل بيتي ، وخليفتي في أمتي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، ولكنكم أخذتم سنة بني إسرائيل ، فأخطأتم الحق ، فأنتم تعلمون ولا تعلمون ، أما والله لتركبن طبقاً عن طبق حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة.
أما والذي نفس سلمان بيده ، لو وليتموها عليّاً لأكلتم من فوقكم ومن تحت أقدامكم ، ولو دعوتم الطير لأجابتكم في جو السماء ، ولو دعوتم الحيتان من البحار لأتتكم ، ولما عال ولي الله ، ولا طاش لكم سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، ولكن أبيتم فوليتموها غيره ، فأبشروا بالبلايا
واقنطوا من الرخاء، وقد نابذتكم على سواء ، فانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء.
عليكم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوالله لقد سلمنا عليه بالولاية وأمرة المؤمنين مراراً جمة مع نبينا، كل ذلك يأمرنا به، ويؤكده علينا ، فما بال القوم عرفوا فضله فحسدوه! وقد حسد هابيل قابيل فقتله! وكفاراً قد ارتدت أمة موسى بن عمران، فأمر هذه الأمة كأمر بني اسرائيل، فأين يذهب بكم؟.
أيها الناس، ويحكم ؛ أجهلتم أم تجاهلتم ، أم حسدتم أم تحاسدتم؟ والله لترتدن كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف ، يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة ، ويشهد الشاهد على الكافر بالنجاة ، ألا وأني أظهرت أمري ، وسلمت لنبيي ، واتبعت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيد الوصيين ، وقائد الغر المحجلين ، وإمام الصديقين والشهداء والصالحين. (8)
ويؤكد موقفه هذا كلمته المشهورة يوم السقيفة حين أخبر بمبعاية الناس لأبي بكر ، وهي قوله : « كرديد ونكرديد » وقد ذكرها المعتزلي في شرح النهج في أكثر من مورد كما ذكرها غيره. إلا أنهم إختلفوا في تفسيرها. لكن الذي يظهر أن معناها فعلتم وما فعلتم. وابن أبي الحديد نفسه يفسرها بتفاسير مختلفة. فتارةً يقول : « أن المراد صنعتم شيئاً وما صنعتم أي استخلفتم خليفة ونعم ما فعلتم ، إلا أنكم عدلتم عن أهل البيت ، فلو كان الخليفة منهم كان أولى. » (9)
وأخرى يقول: «تفسره الشيعة فتقول: أراد أسلمتم وما أسلمتم، ويفسره أصحابنا فيقولون معناه: أخطأتم وأصبتم» (10)
وفي الحقيقة أن مراد سلمان واضح جداً، بل صرح به هو حيث قال مخاطباً الصحابة: «أصبتم الخير ولكن أخطأتم المعدن. وفي رواية أخرى: أصبتم ذا السن منكم ولكن أخطأتم أهل بيت نبيكم، أما لو جعلتموها فيهم ما اختلف منكم اثنان ولأكلتموها رغداً.» (11)
وذكرها البلاذري بشكل أوضح حيث قال:
« قال سلمان الفارسي حين بويع أبو بكر : « كرداذ وناكرداذ » ـ أي عملتم وما عملتم ـ لو بايعوا علياً لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم. » (12)
والمتتبع للأحاديث والأخبار يلمس موقف سلمان هذا من أهل البيت : فيما كان يرويه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقهم ، وعلى سبيل المثال نذكر شطراً من تلك الروايات :
الجويني بسنده عن زاذان، عن سلمان، قال:
سمعت حبيبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل مطيعاً يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف سنة، فلما خلق الله تعالى آدم ركب ذلك النور في صلبه، فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزءٌ أنا وجزءٌ علي. (13)
الجويني بسنده عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال :
«سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور الله عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بأربعة عشر ألف سنة. فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين ، فجعل نصف في صلب أبي عبد الله وجعل نصف آخر في صلب عمي أبي طالب ، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر ، واشتق الله تعالى لنا من أسمائه أسماءً ، فالله عز وجل محمود وأنا محمد ، والله الأعلى ، وأخي علي ، والله الفاطر ، وابنتي فاطمة ، والله محسن ، وأبناي الحسن والحسين ، وكان اسمي في الرسالة والنبوة وكان اسمه في الخلافة والشجاعة ، وأنا رسول الله ، وعلي ولي الله. » (14)
وبسنده عن الأصبغ، قال:
سئل سلمان الفارسي رضي الله عنه عن علي بن أبي طالب وفاطمة (عليها السلام) فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عليكم بعلي بن أبي طالب فانه مولاكم فأحبوه، وكبيركم فاتبعوه، وعالمكم فأكرموه، وقائدكم إلى الجنة فعززوه، فإذا دعاكم فأجيبه، وإذا أمركم فأطيعوه، أحبوه بحبي، وأكرموه بكرامتي، ما قلت لكم في علي إلا ما أمرني به ربي جلت عظمته. (15)
وبسنده عن عباد بن عبد الله ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب. (16)
وبسنده عن أبي عثمان ( النهدي ) عن سلمان الفارسي قال :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة ضربت لي قبة حمراء عن يمين العرش ، وضربت لإبراهيم قبة من ياقوتةٍ خضراء عن يسار العرش ، وضربت فيما بيننا لعلي بن أبي طالب قبة من لؤلؤةٍ بيضاء ، فما ظنكم بحبيب بين خليلين. (17)
__________________
(1) مجمع البيان 8 / 448 ـ 449.
(2) راجع الغدير من ص 8 إلى ص 151.
(3) راجع الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد من 344 إلى 34(صلى الله عليه وآله).
(4) أبو ذر الغفاري للمؤلف من ص 44 إلى ص 53.
(5) الشيعة وفنون الإسلام / 31.
(6) الإرشاد / 10.
(7) شرح النهج 18 / 39.
(8) الاحتجاج 1 / 151 ـ 152.
(9) شرح النهج 18 / 39.
(10) شرح النهج (صلى الله عليه وآله) / 43.
(11) شرح النهج(صلى الله عليه وآله) / 43.
(12) الأنساب / 591.
(13) فرائد السمطين ص 42 ح(صلى الله عليه وآله).
(14) فرائد السمطين ص 41 ح 5.
(15) فرائد السمطين ص (عليه السلام) 8 ح 45.
(16) فرائد السمطين ص9(عليه السلام) ح(صلى الله عليه وآله)(صلى الله عليه وآله).
(17) فرائد السمطين ص 104 ح (عليه السلام) 4.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|