أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2021
1506
التاريخ: 8-12-2021
1435
التاريخ: 26-12-2021
1775
التاريخ: 19/11/2022
1378
|
كان في البدء الصورة كأبسط أشكال التعبير، وأنها كانت تشكل لغة ضمن مفاهيم محددة، وهذه الصورة ورغم ظهور الكتابة بالأبجدية فإن الصورة ظلت محافظة على مكانتها، بل ان لغتها تطورت ولازمت النص الأبجدي، ففي جميع الحضارات كانت الصورة تعكس طبيعة الحضارة التي ولدت فيها وتؤرخ مراحل تطورها، حتى أنها باتت فناً يميزها، ففن التصوير الصيني يختلف عن الهندي، والفرعوني عن اليوناني، والروماني عن الأوربي. فالصورة كانت تحكي بلغتها الخاصة الملاحم والحروب، وتتويج الملوك، وتترجم النصوص الدينية وتحكي مآسي الإنسان. ويكفي أن يزور المرء الكنائس الأوربية والمعابد الفرعونية وغيرها ليعرف الى أي مدى لعبت الصورة دوراً كبيراً في حياة الإنسان وتطور حضاراته، وكيف أن لغتها كانت دائماً موازية للغة الأبجدية. ومع ظهور الصحافة بقيت الصورة ملازمة للنص المكتوب حتى قبل اختراع الصورة الضوئية " الفوتوغرافية " حيث أن الصحف كانت تستعين بنسخ الصورة المحفورة على الخشب أو النحاس وسواهما. فمثل هذه الصورة وكانت تدعم النص المكتوب وتعطي مادة بصرية أخرى للقارئ يقرؤها بلغتها الخاصة لتعطيه معلومة إضافية، أو تؤكد له صحة معلومة أخرى جاءت في النص، أو تعطيه فرصة للتخيل.
لكن الصورة المنقوشة أو المرسومة كانت محدودة في إطارها المكاني، أي أنها كانت محدودة الانتشار. فالمشاهد كان مضطرا للذهاب إليها لمشاهدتها، ولم تكن هي التي تذهب إليه. كما أنها كانت حبيسة مشاعر وأهواء وعين الفنان الذي يرسمها أو ينقشها ، فلا تعكس بالتالي حقيقة الواقع، لأن المتطلبات الفنية تطفى على ضرورات الموضوعية، فريشة الفنان هي امتداد لأصابعه، أو بمعنى آخر هي القلم الذي يعبر فيه بطريقته الخاصة عن أحاسيسه ومشاعره بعيداً عن الموضوعية. فكيف إذا بمكن للإنسان أن يخلد مشهد معركة مثلا كمعركة واترلو التي غيرت وجه أوربا، كما خلدت الصورة إلى الأبد سقوط الرايح الثالث مثلا، أو هزيمة أمريكا في فيتنام، أو انهيار جدار برلين، أو اغتيال الرئيس جون كنيدي، أو الرئيس أنور السادات، أو سقوط بغداد ؟
لم يكن بتصور أي إنسان مع بداية القرن التاسع عشر أن يتوصل العقل البشري الى ابتكار طريقة ما يخلد فيها أي مشهد كما تراه العين في صورة ضوئية بكل التفاصيل والدقائق، فكيف يمكن أن تحدث مثل هذه المعجزة ؟ والمعجزة هذه التي لا يراها أحد اليوم بأنها معجزة كانت منذ قرنين كذلك. الا أن الإنسان الذي كان يبحث باستمرار في علوم الضوئيات، والكيمياء، والفيزياء توصل، ولو بصعوبة، إلى الطريقة التي يمكنه معها أن يسجل على طبقات حساسة أي مشهد تراه العين، الى الابد، على هيئة صورة تذكره كلما رآها بالمشهد ذاته، وقد أرجع البعض فكرة الصورة إلى أرسطو، بينما يؤكد البعض الآخر بأن الفضل يعود للعالم العربي أبن الهيثم الذي اكتشف الغرفة المظلمة وخصائص الضوء. وقد تم تطوير هذه الفكرة من قبل ليوناردو دافنشي فيما بعد. ويطول الشرح في مراحل اختراع التصوير، ولكن للوصول الى النتيجة الحي نعرفها اليوم كان لابد من تضافر جهود مجموعة من العلوم للوصول الى الصورة الفوتوغرافية: الكيمياء والفيزياء وعلم البصريات والعدسات، ذلك أن هناك ميدانين كبيرين متلازمين يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب لتحقيق الهدف المنشود :
- آلة التصوير لالتقاط الصورة.
- الأفلام والأوراق التي تطبع عليها.
ففي عام 1840 استطاع الأمريكي جون دراير التقاط أول صورة فوتوغرافية لوجه إنسان وكان هذا الحدث بمثابة قفزة نوعية كبيرة في عالم الاتصال وخدمة جلى للصحافة التي كانت تستخدم جيشاً من الرسامين والنقاشين لرسم وطبع الصور التي تحتاج اليها. لكن استخدام آلة التصوير في الريبورتاج الصحفي لم يبدأ إلا مع نهايات القرن التاسع عشر. (أول ريبورتاج صحفي قام به روجر فنتون في العام 1855 عن حرب القرم بين روسيا وتركيا).
ويندر اليوم أن تصدر أي صحيفة في العالم دون أن تستعين بالصور الفوتوغرافية. فالصورة المرافقة للخبر لا توضع لمجرد ملء فراغ ما في صفحة من الصفحات، بل انها تعتبر مادة تحريرية كالنص، تتفاعل معه وتقدم للقارئ مادة متكاملة عن الحدث. فإذا كان النص يشرح حيثيات الحدث وأسبابه وانعكاساته، تأتي الصورة لتجسد الحدث عبر قدرتها على عزل لحظة معينة من وقوع هذا الحدث وتجميد الحركة فيه بكل التفاصيل والانطباعات الظاهرة فتدفع القارئ إلى التأمل والتفاعل معها عاطفيا، فتعطي بذلك للنص الخبري مصداقية كبيرة، فما يكتب يمكن أن يشكك به، أما الصورة فمن الصعب التشكيك بمصداقيتها.
وقد تكون الصورة مادة مضادة للنص فهي تستخدم في بعض الأحيان لشجب المادة التحريرية ، واظهار التناقض بين النص والصورة، أو أنها تستخدم لأغراض معينة مقصودة لإثارة القارئ مثلا أو تحريضه وأثارة الاشمئزاز، أو الحقد لديه مما يدفعه مع الآخرين لاتخاذ مواقف معينة. وقد لعبت بعض الصور دوراً سياسياً تكبيراً ، بتشكيلها ضغطا كبيراً على الحكومات بعد أن أثرت تأثير مباشراً في شرائح عريضة من الناس كما حصل ابان الحرب الأمريكية على فيتنام، أو المجاعة في الصومال، أو الفظائع التي ارتكبت في البوسنة وسيراليون وامبون وغيرها. لذا فإن الكلمة والصورة مادتان متلازمتان ومتكاملتان: الكلمة تعطي المعلومة والصورة توضح الأعماق والأبعاد التي لا تستطيع الكلمة الوصول اليها وبالمزج بينهما فإن تأثيرهما على القارئ يكون مزدوجا.
وقد نجحت بعض الصحف والمجلات نجاحاً كبيراً لاعتمادها على الصورة كصحيفة ذا صن (The Sun) اللندنية أو مجلة لايف الأمريكية ، وباري ماتش الفرنسية.
والتي في بعض الأحيان كان لها تأثيراً كبيراً جداً على الرأي العام المحلي والدولي وأسفرت عن انعكاسات كبيرة كان لها أكبر الأثر في انهاء حروب، أو اتخاذ قرارات هامة سياسية واقتصادية واجتماعية. وهناك بعض الصور تأخذ شهرة عالمية نظراً لانتشارها الكبير أثر حدث عام سياسي أو غيرة كما حصل مثلا في الصور التي التقطت في حرب فيتنام ، او في صور فضيحة سجن ابو غريب في بغداد ، أو صور المجازر في رواندا والمجاعة في الصومال.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ناسا تكتشف "مدينة مهجورة" تحت جليد القطب الشمالي
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|