أقرأ أيضاً
التاريخ: 3/12/2022
2193
التاريخ: 17-04-2015
8364
التاريخ: 17-04-2015
5411
التاريخ: 17-04-2015
3155
|
إنّي اكتفي بما قاله العلّامة المجلسي (رحمه اللّه) في جلاء العيون قال : لقد ذكر في الروايات المعتبرة انّ أبا العباس السفاح أوّل خلفاء بني العباس طلب الامام (عليه السلام) من المدينة إلى العراق و لكنّه اخلى سبيله و اجازه بالذهاب إلى المدينة بعد ما رأى المعاجز الباهرة و الآيات الظاهرة و العلوم الوافرة و الاخلاق العالية من ذلك الامام الهمام ؛ فلمّا وصل الامر إلى المنصور الدوانيقي أخ السفاح و اطّلع على كثرة الشيعة و اتباع الامام الصادق (عليه السلام) دعاه إلى العراق و صمم على قتله خمس مرّات أو أكثر لكنّه كان ينصرف عن عزمه في كل مرّة بعد مشاهدة المعاجز العظيمة منه (عليه السلام) ، كما روى ابن بابويه و ابن شهرآشوب و غيرهما انّه : أرسل أبو جعفر الدوانيقي إلى جعفر بن محمد (عليه السلام) ليقتله و طرح له سيفا و نطعا و قال : يا ربيع إذا أنا كلّمته ثم ضربت بإحدى يدي على الأخرى فاضرب عنقه، فلمّا دخل جعفر بن محمد (عليه السلام) و نظر إليه من بعيد تحرّك أبو جعفر على فراشه، قال : مرحبا و أهلا بك يا أبا عبد اللّه ما أرسلنا إليك الّا رجاء أن نقضي دينك و نقضي ذمامك ؛ ثم سائله مساءلة لطيفة عن أهل بيته، و قال : قد قضى اللّه حاجتك و دينك و أخرج جائزتك، يا ربيع لا تمضينّ ثلاثة حتى يرجع جعفر إلى أهله، فلمّا خرج قال له الربيع : يا أبا عبد اللّه رأيت السيف؟ إنمّا كان وضع لك و النطع، فأي شيء رأيتك تحرّك به شفتيك؟ قال جعفر بن محمد (عليه السلام) : نعم يا ربيع، لمّا رأيت الشرّ في وجهه قلت : حسبي الربّ من المربوبين، و حسبي الخالق من المخلوقين، و حسبي الرازق من المرزوقين، و حسبي اللّه رب العالمين، حسبي من هو حسبي، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي اللّه لا إله إلّا هو، عليه توكّلت و هو ربّ العرش العظيم .
و على رواية أخرى : انّ الربيع قال للمنصور : يا أمير المؤمنين لقد كنت من أشدّ الناس عليه غيظا فما الذي أرضاك عنه ؟ قال : يا ربيع لمّا حضرت الباب رأيت تنّينا عظيما يقرض بأنيابه و هو يقول بألسنة الآدميّين : إن أنت أشكت ابن رسول اللّه لأفصلنّ لحمك من عظمك، فأفزعني ذلك و فعلت به ما رأيت .
روى السيد ابن طاوس (رحمه اللّه) : انّ المنصور لمّا نزل الربذة و جعفر بن محمد يومئذ بها، قال : من يعذرني من جعفر هذا , أما و اللّه لأقتلنّه، ثم التفت إلى ابراهيم بن جبلة قال يا ابن جبلة قم إليه فضع في عنقه ثيابه ثم ائتني به سحبا.
قال ابراهيم : فخرجت حتى أتيت منزله فلم أصبح فطلبته في مسجد أبي ذر فوجدته في باب المسجد، قال : فاستحييت أن أفعل ما أمرت به، فأخذت بكمّه، فقلت له : أجب أمير المؤمنين، فقال : انّا للّه و انّا إليه راجعون دعني حتى أصلّي ركعتين، ثم بكى بكاء شديدا و أنا خلفه، ثم قال : اللهم أنت ثقتي ؛ ثم قال : اصنع ما امرت به.
فقلت : و اللّه لا أفعل و لو ظننت انّي اقتل، فأخذت بيده فذهبت به، لا و اللّه ما أشكّ الّا انّه يقتله، قال : فلمّا انتهيت إلى باب الستر قال : يا إله جبرئيل ؛ ثم قال ابراهيم : فلمّا أدخلته عليه، قال : فاستوى جالسا ثم أعاد عليه الكلام، فقال: قدّمت رجلا و أخرت أخرى اما و اللّه لأقتلنّك، فقال : يا أمير المؤمنين ما فعلت فارفق بي، فو اللّه لقلّ ما أصحبك، فقال له أبو جعفر : انصرف، ثم التفت إلى عيسى بن عليّ فقال له: يا أبا العباس الحقه فسله أبي؟ أم به ؟ يعني قول الامام : ما أصحبك بان يموت هو أو أنا فخرج يشتدّ حتى لحقه.
فقال : يا أبا عبد اللّه انّ أمير المؤمنين يقول لك : أبك؟ أم به؟ فقال : لا بل بي، فقال أبو جعفر : صدق. .
و روى أيضا عن محمد بن الربيع الحاجب انّه قال : قعد المنصور يوما في قصره في القبة الخضراء و كانت قبل قتل محمد و ابراهيم تدعى الحمراء، و كان له يوم يقعد فيه يسمّى ذلك اليوم يوم الذبح، و كان أشخص جعفر بن محمد (عليه السلام) من المدينة فلم يزل في الحمراء نهاره كلّه حتى جاء الليل و مضى اكثره.
قال : ثم دعا أبي الربيع فقال له : يا ربيع انّك تعرف موضعك منّي و انّي يكون لي الخبر و لا تظهر عليه امّهات الأولاد و تكون أنت المعالج له، فقال : قلت : يا أمير المؤمنين ذلك من فضل اللّه عليّ و فضل أمير المؤمنين و ما فوقي في النصح غاية، قال : كذلك أنت، سر الساعة الى جعفر بن محمد بن فاطمة فائتني به على الحال الذي تجده عليه، لا تغيّر شيئا ممّا هو عليه.
فقلت : انّا للّه و انّا إليه راجعون هذا و اللّه هو العطب، إن أتيت به على ما أراه من غضبه قتله و ذهبت الآخرة، و إن لم آت به و ادّهنت في أمره قتلني و قتل نسلي و أخذ أموالي، فخيرت بين الدنيا و الآخرة فمالت نفسي إلى الدنيا.
قال محمد بن الربيع : فدعاني أبي و كنت أفظّ ولده و أغلظهم قلبا، فقال لي : امض إلى جعفر بن محمد بن عليّ فتسلّق على حائطه و لا تستفتح عليه بابا فيغيّر بعض ما هو عليه و لكن انزل عليه نزلا فأت به على الحال التي هو فيها، قال : فأتيته و قد ذهب الليل الّا أقلّه، فأمرت بنصب السلاليم و تسلّقت عليه الحائط فنزلت عليه داره، فوجدته قائما يصلّي و عليه قميص و منديل قد ائتزر به، فلمّا سلّم من صلاته قلت له : أجب أمير المؤمنين.
فقال : دعني ادعو و ألبس ثيابي، فقلت له : ليس إلى تركك و ذلك سبيل، قال : و أدخل المغتسل فأتطهّر، قال : قلت : و ليس إلى ذلك سبيل فلا تشغل نفسك فانّي لا أدعك تغيّر شيئا، قال : فأخرجته حافيا حاسرا في قميصه و منديله و كان قد جاوز (عليه السلام) السبعين.
فلمّا مضى بعض الطريق ضعف الشيخ فرحمته فقلت له : اركب، فركب بغل شاكري كان معنا، ثم صرنا إلى الربيع فسمعته و هو يقول له : ويلك يا ربيع قد أبطأ الرجل و جعل يستحثّه استحثاثا شديدا، فلمّا أن وقعت عين الربيع على جعفر بن محمد و هو بتلك الحال بكى ؛ و كان الربيع يتشيّع، فقال له جعفر (عليه السلام) : يا ربيع أنا أعلم ميلك إلينا فدعني أصلّي ركعتين و أدعو، قال : شأنك و ما تشاء، فصلّى ركعتين خفّفهما ثم دعا بعدهما بدعاء لم أفهمه الّا انّه دعاء طويل و المنصور في ذلك كلّه يستحثّ الربيع، فلمّا فرغ من دعائه على طوله أخذ الربيع بذراعيه فأدخله على المنصور، فلمّا صار في صحن الإيوان وقف ثم حرّك شفتيه بشيء لم أدر ما هو، ثم أدخلته، فوقف بين يديه ؛ فلمّا نظر إليه قال : و أنت يا جعفر ما تدع حسدك و بغيك و إفسادك على أهل هذا البيت من بني العباس و ما يزيدك اللّه بذلك الّا شدّة حسد و نكد ما يبلغ به ما تقدره .
فقال له : و اللّه يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا من هذا و لقد كنت في ولاية بني أمية و أنت تعلم انّهم أعدى الخلق لنا و لكم و انّهم لا حق لهم في هذا الأمر فو اللّه ما بغيت عليهم و لا بلغهم عنّي سوء مع جفائهم الذي كان لي، و كيف يا أمير المؤمنين أصنع الآن هذا؟ و أنت ابن عمّي و أمسّ الخلق بي رحما و اكثرهم عطاء و برّا فكيف أفعل هذا؟
فأطرق المنصور ساعة و كان على لبد و عن يساره مرفقة جرمقانية و تحت لبده سيف ذو فقار كان لا يفارقه إذا قعد في القبة، قال : أبطلت و أثمت، ثم رفع ثني الوسادة فأخرج منها إضبارة كتب فرمى بها إليه و قال : هذه كتبك إلى أهل خراسان تدعوهم إلى نقض بيعتي و أن يبايعوك دوني.
فقال : و اللّه يا أمير المؤمنين ما فعلت و لا استحلّ ذلك و لا هو من مذهبي و إنّي لمن يعتقد طاعتك على كلّ حال و قد بلغت من السنّ ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته، فصيّرني في بعض جيوشك حتى يأتيني الموت فهو منّي قريب، فقال : لا و لا كرامة، ثمّ أطرق و ضرب يده إلى السيف فسلّ منه مقدار شبر و أخذ بمقبضه، فقلت : انّا للّه و انّا إليه راجعون، ثمّ ردّ السيف و قال : يا جعفر أ ما تستحي مع هذه الشيبة و مع هذا النسب أن تنطق بالباطل و تشق عصا المسلمين؟ تريد أن تريق الدماء و تطرح الفتنة بين الرعيّة و الأولياء.
فقال : لا و اللّه يا أمير المؤمنين ما فعلت و لا هذه كتبي و لا خطّي و لا خاتمي، فانتضى من السيف ذراعا، فقلت : إنّا للّه مضى الرجل و جعلت في نفسي إن أمرني فيه بأمر أن أعصيه لأنني ظننت انّه يأمرني أن آخذ السيف فأضرب به جعفرا فقلت : إن أمرني ضربت المنصور و إن أتى ذلك عليّ و على ولدي، و تبت إلى اللّه عز و جل ممّا كنت نويت فيه اوّلا، فأقبل يعاتبه و جعفر يعتذر، ثم انتضى السيف الّا شيئا يسيرا منه، فقلت : إنا للّه مضى و اللّه الرجل، ثم أغمد السيف و أطرق ساعة، ثم رفع رأسه و قال : اظنّك صادقا، يا ربيع هات العيبة من موضع كانت فيه في القبّة، فأتيته بها، فقال : ادخل يدك فيها، فكانت مملوّة غالية ، وضعها في لحيته و كانت بيضاء فاسودّت، و قال لي : احمله على فاره من دوابيّ التي أركبها و أعطه عشرة آلاف درهم، و شيّعه إلى منزله مكرما و خيّره إذا أتيت به إلى المنزل بين المقام عندنا فنكرمه و الانصراف إلى مدينة جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ؛ فخرجنا من عنده و أنا مسرور فرح بسلامة جعفر (عليه السلام) و متعجّب مما أراد المنصور و ما صار إليه من أمره فلمّا صرنا في الصحن قلت له : يا ابن رسول اللّه انّي لأعجب مما عمد إليه هذا في بابك و ما أصارك اللّه إليه من كفايته و دفاعه و لا عجب من أمر اللّه عز و جل و قد سمعتك تدعو في عقيب الركعتين بدعاء لم أدر ما هو الّا انّه طويل و رأيتك قد حرّكت شفتيك هاهنا- أعني الصحن- بشيء لم أدر ما هو.
فقال لي : أمّا الأول فدعاء الكرب و الشدائد لم أدع به على أحد قبل يومئذ، جعلته عوضا من دعاء كثير أدعو به إذا قضيت صلاتي لأنّي لم أترك أن أدعو ما كنت أدعو به، و امّا الذي حرّكت به شفتي فهو دعاء رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يوم الأحزاب ثم ذكر الدعاء.
ثم قال : لو لا الخوف من أمير المؤمنين لدفعت إليك هذا المال و لكن قد كنت طلبت منّي أرضي بالمدينة و أعطيتني بها عشرة آلاف دينار فلم أبعك و قد وهبتها لك، قلت : يا ابن رسول اللّه إنمّا رغبتي في الدعاء الاوّل و الثاني فاذا فعلت هذا فهو البرّ و لا حاجة لي الآن في الأرض، فقال : انّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا، نحن ننسخك الدعاء و نسلّم إليك الأرض، ... و أملى عليّ دعاء رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و أملى عليّ الذي دعاه بعد الركعتين.
قال : فقلت : يا ابن رسول اللّه لقد كثر استحثاث المنصور و استعجاله ايّاي و أنت تدعو بهذا الدعاء الطويل متمهّلا كأنّك لم تخشه؟ قال : فقال لي : نعم كنت أدعو به بعد صلاة الفجر بدعاء لا بدّ منه، فأمّا الركعتان فهما صلاة الغداة خففتهما و دعوت بذلك الدعاء بعدهما، فقلت له : أ ما خفت أبا جعفر و قد أعدّ لك ما أعدّ؟! قال : خيفة اللّه دون خيفته و كان اللّه عز و جل في صدري أعظم منه.
قال الربيع : كان في قلبي ما رأيت من المنصور من غضبه و حنقه على جعفر و من الجلالة له في ساعة ما لم أظنّه يكون في بشر، فلمّا وجدت منه خلوة و طيب نفس، قلت : يا أمير المؤمنين رأيت منك عجبا، قال : ما هو؟ قلت : يا أمير المؤمنين رأيت غضبك على جعفر غضبا لم أرك
غضبته على أحد قطّ و لا على عبد اللّه بن الحسن و لا على غيره من كلّ الناس حتى بلغ بك الأمر أن تقتله بالسيف و حتى انّك أخرجت من سيفك شبرا ثم أغمدته ثم عاتبته ثم أخرجت منه ذراعا ثم عاتبته ثم أخرجته كلّه الّا شيئا يسيرا فلم أشكّ في قتلك له، ثم انجلى ذلك كلّه فعاد رضى حتى أمرتني فسوّدت لحيته بالغالية التي لا يتغلّف منها الّا أنت و لا يغلّف منها ولدك المهدي و لا من ولّيته عهدك و لا عمومتك و أجزته و حملته و أمرتني بتشييعه مكرما.
فقال : ويحك يا ربيع ليس هو كما ينبغي أن تحدّث به و ستره أولى و لا أحبّ أن يبلغ ولد فاطمة فيفتخرون و يتيهون بذلك علينا، حسبنا ما نحن فيه و لكن لا أكتمك شيئا أنظر من في الدار فنحّهم، قال : فنحّيت كلّ من في الدار، ثم قال لي : ارجع و لا تبق أحدا، ففعلت، ثم قال لي : ليس الّا أنا و أنت و اللّه لئن سمعت ما ألقيته إليك من أحد لأقتلنك و ولدك و أهلك أجمعين و لآخذنّ مالك.
قال : قلت : يا أمير المؤمنين أعيذك باللّه، قال : يا ربيع كنت مصرّا على قتل جعفر و أنا لا أسمع له قولا و لا أقبل له عذرا و كان أمره و إن كان ممّن لا يخرج بسيف أغلظ عندي و أهمّ عليّ من أمر عبد اللّه بن الحسن، فقد كنت أعلم هذا منه و من آبائه على عهد بني أمية، فلمّا هممت به في المرة الأولى تمثّل لي رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فاذا هو حائل بيني و بينه باسط كفّيه حاسر عن ذراعيه قد عبّس و قطّب في وجهي عنه، ثم هممت به في المرّة الثانية و انتضيت من السيف اكثر مما انتضيت منه في المرة الاولى فاذا أنا برسول اللّه (صلى الله عليه واله) قد قرب منّي و دنا شديدا و همّ لي أن لو فعلت لفعل، فأمسكت ثم تجاسرت و قلت : هذا بعض أفعال الرّئيّ ، ثمّ انتضيت السيف في الثالثة فتمثّل لي رسول اللّه (صلى الله عليه واله) باسط ذراعيه قد تشمّر و احمرّ و عبّس و قطّب حتى كاد أن يضع يده عليّ، فخفت و اللّه لو فعلت لفعل و كان منّي ما رأيت، و هؤلاء بني فاطمة (صلوات اللّه عليهم) لا يجهل حقّهم الّا جاهل لا حظّ له في الشريعة فايّاك أن يسمع هذا منك أحد.
قال محمد بن الربيع : فما حدّثني به أبي حتى مات المنصور، و ما حدّثت أنا به حتى مات المهدي و هارون و قتل محمد الامين .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|