أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-8-2016
3111
التاريخ: 15-04-2015
4332
التاريخ: 22-8-2016
3296
التاريخ: 22-8-2016
4938
|
أوجبت هذه المضايقات الحكومية أن تظلّ الأحاديث النبوية حبيسة صدور حملة الحديث وحافظيه، وأن يبقى المسلمون لمدة من الزمن محرومين من المصدر الكبير للثقافة الإسلامية، لدرجة انّ الشعبي قال: كنت جليساً لابن عمر مدّة عام واحد ولم أسمع منه حديثاً واحداً ؛ وقال السائب بن زيد : كنت مع سعد بن مالك في سفره من المدينة إلى مكة ولم يحدّث خلال ذلك بحديث واحد عن الرسول .
ومن الواضح انّ الخسارة التي مني بها الإسلام جرّاء هذا الحظر غير قابلة للتعويض، لأنّ كتابة الحديث باتت متروكة قرابة مائة عام ، وأصبح ذلك الكلام الراقي بعيداً عن التداول بين المسلمين ؛ والأسوأ من كلّ ذلك انّ بعض المرتزقة والوضّاعين والكذّابين استغلّ هذه الفرصة وراحوا يضعون الأحاديث على لسان الرسول بما ينصب في صالح الحكومات والحكّام في تلك الفترة، لأنّه عندما يكون مصدر الحديث هو المذاكرات والسماع من الأفراد فقط يكون من الطبيعي أن يتحدث ويدّعي أي شخص بأي شيء و كما يحلو له حيث لا كتاب ولا حساب، وواضح انّه يظهر العشرات من أمثال أبي هريرة في مثل هذه الظروف ولمصالح غير مشروعة يعتبرون أنفسهم محدّثين واقعيين.
استمر هذا الوضع حتى نهايات القرن الأوّل الهجري أي حتى خلافة عمر بن عبد العزيز(99ـ 101هـ) وألغى عمر بن عبد العزيز و من خلال مبادرة فقد كتب و بدافع تشجيع وترغيب العلماء والمحدّثين في ذلك : انظروا حديث رسول اللّه فاكتبوه، فإنّي خفت دروس العلم وذهاب أهله.
و كما نقل البخاري انّ عمر بن عبد العزيز كتب كتاباً مماثلاً للكتاب السابق إلى عامله في المدينة أبي بكر بن حزم.
ولكن كانت هذه هي البداية وكان لابدّ من مضي فترة طويلة كي يتم خلالها تعويض كل هذا التأخر والخسران وإحياء سنّة النبي وإنزال ما احتفظت به الذاكرات الذي اختلط ببعض التحريف والتزوير عمداً أو سهواً على الورق.
غير انّه ولأنّ فترة خلافة عمر بن عبدالعزيز كانت قصيرة لم تتطور هذه السيرة التي بدأها بسرعة، لأنّه قد اعتلى يزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك سدة الحكم بعده، والشيء الذي لم يكن له موضع في حكمهما هو الاهتمام بقضايا الإسلام والمسلمين.
وكتب بعضهم بأنّ أوّل مَن جمع الأحاديث بأمر من عمر بن عبد العزيز هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.
وطبعاً ينبغي الالتفات إلى أنّه على الرغم من أنّ كتابة الحديث والتحدّث به صار مسموحاً به منذ حكم عمر بن عبد العزيز، غير انّ الروايات الموضوعة قد دخلت المجاميع الروائية خلال فترة منع كتابة الحديث من ناحية، ومن ناحية، أُخرى راح المحدِّثون الحكوميون ووعاظ السلاطين يمتنعون عن التحدّث بالروايات التي تنصب بنحو ما في صالح أهل البيت والشيعة.
أعذار واهية
ويطرح هنا سؤال وهو انّه ما السبب الذي يكمن وراء منع كتابة الحديث، وبأي دليل أصدر الخليفة هذا الأمر؟ مع أنّنا نعلم جميعاً أنّ سنّة النبي حجة كالقرآن، واتّباعها واجب على جميع المسلمين، وقد قال القرآن حول ما قاله النبي (صلَّى الله عليه وآله) سواء كان قرآناً وهو كلام اللّه أو حديثاً ألفاظه من نفس النبي غير انّ محتواه مستمد من عالم الوحي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم: 3، 4]
وفضلاً عن ذلك جعل اللّه كلام الرسول وما يأتي به حجّة على المسلمين وقال: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] ؛ وقد روى عبد اللّه بن عمرو عن النبي انّه أومأ إلى شفتيه، فقال : يا ابن عمرو والذي نفسي بيده ما يخرج ممّا بينهما إلاّ حق فاكتب.
وبالرغم من أهمية السنّة النبوية والتي تعد من الطرق الهامة والموثوقة لتعرف الناس على حقيقة الإسلام، فهل كان يجدر بالخليفة الثاني أن يكتب للمنع من كتابة السنّة النبوية كتاباً إلى الأمصار : من كان عنده شيء فليمحه ؟ وهل يتلاءم هذا الأمر والقرار مع روح الإسلام ، ذلك الدين الذي يدعو إلى التنمية والتوسع في العلم والمعرفة؟ وفي الإجابة على هذا السؤال تمحّل مدافعو جهاز الخلافة في أن ينحتوا لعمل الخليفة فلسفة من عندهم وانّ أبا بكر قال: منعت التحدّث بالسنّة النبوية كي لا تختلط بالقرآن.
وقد بلغ هذا العذر درجة من الوهن حتى أنّه لا يحتاج معها إلى إجابة، ذلك انّه لما رحل النبي الأكرم (صلَّى الله عليه وآله) كانت جميع الآيات والسور القرآنية محددة ومكتوبة، وكان كتبة الوحي وقرّاء القرآن قد حفظوا و بما تمتعوا به من ذاكرة قوية ـ جميع القرآن، وقد بلغت الدقة في حفظ آيات القرآن وسوره وتحديدها درجةً لم يكن بمقدور أحد أن يحذف أو يضيف حرفاً منه أو إليه، إذن فهل كانت كتابة الحديث تضر بالقرآن وتؤثر عليه؟!
هذا مضافاً إلى أنّ القرآن لا يماثله أي كلام من ناحية فصاحته وبلاغته وعذوبة ألفاظه وتراكيبه، ولا يختلط أي كلام مهما بلغ من الرقي في الفصاحة ولا يشتبه بالقرآن، فهذا كلام أمير المؤمنين في نهج البلاغة وهذه خطب الرسول (صلَّى الله عليه وآله) نجدهما يعتليان ذروة الفصاحة والبلاغة وعذوبة الألفاظ وجمالها غير انّهما لا يختلطان بالقرآن أبداً، وانّ الآيات التي تضمنتها خطب أمير المؤمنين تشع كالدرر المتلألأة من بين كلامه، وكلّ من له معرفة بطبيعة الكلام العربي يجد الفرق بين هذين من أوّل نظرة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|