أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2018
4075
التاريخ: 9-1-2021
4012
التاريخ: 1-8-2022
1593
التاريخ: 2023-03-14
1835
|
الشهادة لغةً هي ( البيان او الاخبار القاطع عن علم حصل بالمشاهدة ، وهي مشتقة من المعاينة، أو مشتقة من الحضور) (1) .. و بتعريف اخر هي : ( اثبات واقعة معينة من خلال ما يقوله احد الاشخاص عما شاهده او سمعه او ادركه بإحدى حواسه عن هذه الواقعة بطريقة مباشرة ، ولهذا قيل بأن الشهود هم عيون المحكمة وآذانها ) (2).
ويرى الباحث ان التعريف الاخير افضل من سابقه ، كونه بين اهمية جميع الحواس في الشهادة. وغني عن البيان فالشهادة السماعية التي تنصب على رواية سمعها الشاهد بطريقة غير مباشرة نقلاً عن شخص اخر تعد شهادة غير مقبولة (3) ، ولا تصح الشهادة الا اذا كانت مسبوقة بحلف اليمين بأن تكون الشهادة بالصدق ولا يقول الا الحق (4)، وهو ضمان يجب توافره عند الادلاء بالشهادة سواء امام المحقق او امام المحكمة ، لما فيه من استشهاد (5).
وتطبيقاً لذلك قررت رئاسة محكمة استئناف نينوى الاتحادية ان الشهادة السماعية المؤيدة لأقوال المشتكي لا قيمة لها و غير كافية للإدانة (6) .
كما ان الشهادة المنفردة لا تنهض دليلاً كافياً للإدانة مالم تقترن بقرائن تؤيدها وتكون ظهيراً لها وتطبيقاً لذلك قررت محكمة التمييز الاتحادية الهيئة العامة : ( يتضح انه لا يوجد في القضية من دليل سوى اقوال الشاهد التي خلت منفردة ولم تعزز بدليل اخر اضافة الى ان المتهم نفي علاقته بحادث مقتل الجندي الامريكي في جميع ادوار التحقيق والمحاكمة ، وآذان الشهادة الواحدة لا تصلح ان تكون سبباً للحكم مالم تعزز بدليل او قرينة اخرى استناداً للمادة ( 213 ) الاصولية لذا تكون الادلة المتوفرة في القضية ضد المتهم غير كافية وليست مقنعة ..)(7) .
والشهادة غير المسبوقة باليمين تعد اجراء باطلاً فلا تكون شهادة بالمعنى الدقيق ، وتتحول الى مجرد اقوال او ايضاحات تحتاج الى تدعيم وتأييد ، وكذلك الشأن في اقوال الشاهد الذي لم يبلغ من (الخامسة عشر) وفقاً لأحكام المادة (60) ب ( اصول المحاكمات الجزائية العراقي ، فهي محض ايضاحات (8).
ويثار تساؤل هل يجوز للمحكوم عليه بعقوبة جنائية سالبة للحرية ان يكون شاهداً ؟
وبالرجوع الى قانون العقوبات العراقي فيما يخص العقوبات التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية المنصوص عليها في المواد ( 96 الى (123) لم نجد ما يمنع المحكوم عليه من اداء شهادته امام المحاكم ، وهو مسلكاً محموداً عليه وحسناً فعل ذلك لان منع المحكوم من الشهادة امر غير مبررة وتفريط في ضمان الحق مع الاخذ بالحسبان ان القانون العراقي قد اوجب حلف اليمين قبل اداء الشهادة عدا الشاهد الصغير الذي لم يكمل سن الخامسة عشرة ) ومن المعنى المخالف يتضح ان الشهادة لا تسمع ولا يكون لها اثر قانوني اذا لم يؤدي الشاهد اليمين ، وبما انه لا يوجد ما يمنع من تحليف المحكوم عليه ، ومن ثم يصح ان يكون شاهداً .
بخلاف المشرع المصري (9)، الذي نص على أن المحكوم بعقوبة جزائية لا تتوافر لديه الاهلية الاجرائية للشهادة امام المحاكم ، فلا يجوز تبعاً لذلك تحليفه اليمين ، وكل ما يجوز سماع اقواله وايضاحاته وللمحكمة في حدود سلطتها التقديرية ان تقتنع بهذه الأقوال ولو لم تعد شهادة بالمعنى القانوني ، وواقع الأمر أن حرمان المحكوم عليه من حلف اليمين ليس له ما يبرره فالشهادة مهما كانت مصحوبة بحلف اليمين لا تصلح دليلاً مالم تقتنع بها المحكمة وفقاً لتقديرها ، ولا شك ان الشاهد الثقة في هي أحد عناصر هذا التقدير (10).
ويثار تساؤل : هل يجوز سماع اقوال المتهم باعتباره شاهداً على نفسه ؟
يرى الباحث انه لا يجوز سماع المتهم شاهداً ضد نفسه لما يترتب عليه من حرمانه من الحق في الدفاع ، ولهذا لا يجوز للمحقق تأخير استجواب المتهم حتى يسمعه بوصفه شاهداً في بعض الوقائع ضد نفسه ، ولا يشترط لذلك ان يكون المحقق قد سبق له توجيه الاتهام صراحةً الى المتهم ، بل يكفي اتهامه ضمناً باتخاذ اجراء ضده مما يمس حريته كالقبض او التفتيش وفي هذه الحالة تتحول هذه الشهادة الى استجواب باطل حتى ولو لم يحلف المتهم اليمين ، ويقضي واجب عدم جواز سماع شهادة المتهم ضد نفسه ان يخطر الشاهد دائماً بأنه في موضوع الشهادة لا في مكان الاتهام ، ولاسيما اذا رأى المحقق عدم تحليفه اليمين والاكتفاء بسماع اقواله على سبيل الاستدلال ، وهو اخطار ضروري ، لان الشاهد الذي لا يحلف اليمين امام القائم بالتحقيق لا يدري مركزه في الدعوى ، وهو امر يؤثر في حياده في الشهادة ، وفي جميع الاحوال يجوز لهذا الشاهد أن يمتنع عن ابداء شهادته غير المسبوقة بحلف اليمين ، من دون ان يتعرض للمسائلة الجزائية ، وذلك لان جريمة الامتناع عن الشهادة لا تقوم الا في حق الشاهد الذي يتعين حلفه اليمين (11)، هذا فضلاً عن ان الشهادة من دون حلف اليمين قد تنطوي على اثارة الشك في مركز الشاهد ، ومن حقه أن يمتنع عن الشهادة ضد نفسه (12).
ومن المقرر ان الشاهد يسمع ولا يستجوب ، فلا يجوز للمحقق ان يسلك معه سبيل الاستجواب ، وعلى المحقق ان يتركه يدلي بشهادته عن الواقعة المراد اثباتها بحرية تامة ومن دون تدخل منه ، وبعد ذلك يتدخل المحقق بأسئلته التفصيلية لتحديد اطار الشهادة وحدودها ، وفي جميع
الاحوال يجب على المحقق ان يحافظ على ان تكون الشهادة معبرة عن شخصية الشاهد ، وان ترد على معلوماته الحسية لا على استنتاجاته الظنية ، ويجب على المحقق مراعاة تدوين الشهادة بأسلوب الشاهد نفسه مهما اتصف بالعامية او الركاكة ، وكل تدخل من المحقق لتصحيح اسلوب الشاهد او اختصاره من دون موافقته ينطوي على تغيير في الحقيقة (13).
ويخضع تقدير قيمة الشهادة لمبدأ ( الاقتناع القضائي ) شأنها شأن سائر الادلة بل قد تكون الشهادة اهم ميادين تطبيق هذا المبدأ ، فللقاضي تقدير هذه القيمة في حرية واستخلاص دلالة الشهادة ، ومدى قوتها في الاقناع بحقيقة واقعية معينة ، وهو لا يلتزم بأن يكشف عن ا العلة في اعطائه قيمة معينة للشهادة ، واذا ذكرها فلا يناقش فيها ، ولا يخضع في تقديره لرقابة محكمة التمييز ، ولو كان قد سمع على سبيل الاستدلال وله ان يرجحها على شهادة شهود متعددين فليست العبرة بتعدد الشهود وانما باطمئنان المحكمة الى ما يدلون به ، ، قل عددهم او كثر : وللقاضي ان يأخذ بقول الشاهد ولو كان قريباً او صهراً لمجنى عليه او كان هو المجنى عليه نفسه ، او كان قريباً للمتهم او صهراً له اذا قدّر أن صلته بالمجنى عليه او المتهم لم تحمله على تغيير الحقيقة ولم تقلل تبعاً لذلك من الثقة في شهادته ، والاً فلا تكون مقبولة ولا تتولد يقيناً قضائياً لدى المحكمة عند سماعها (14).
وتأييداً لذلك قررت محكمة استئناف واسط الاتحادية بصفتها التمييزية ، نقض قرار محمة جنح الكوت ، لأنه كان غير صحيح ومخالفاً للقانون كون ان المحكمة اخطأت في تقدير الادلة ذلك ان شكوى المشتكي لم تعزز بدليل قانوني معتبر سوى شهادة الشاهدة () والتي هي زوجته وان شهادتها لا تخلو من محاباة لصالح زوجها المشتكي ... لذلك قرر نقض كافة القرارات... )(15)
وللقاضي ان يأخذ بأقوال شاهد ولو كانت مخالفة لأقوال شاهد آخر، وللقاضي ان يجزئ شهادة الشاهد الواحد فيأخذ ببعضها ويهدر الآخر ، ولا يلزم بيان العلة في ذلك ، اذ العلة هي اطمئنانه ، لما يسر الاخذ به، بل ان له ان يأخذ بأقوال الشاهد في المراحل السابقة على المحاكمة من دون ما ذكره في جلسة المحاكمة (16).
ولكن قد ترد قيود على سلطة القاضي في تقدير الشهادة ، على الرغم من السلطة التقديرية الواسعة لقاضي في اضفاء قيمة معينة على الشهادة أن لهذه السلطة حدودها ، ذلك انها فرع من مبدأ الاقتناع لقضائي ، فلا تبدأ سلطة القاضي في تقدير قيمة الشهادة الا بعد الادلاء بها ، ومن ثم لا يجوز لها ان تبدي رأيها فيها قبل ان تستمع اليها ، اذ يكون تصرفها غير مفهوم لان ابداء رأي منطقي في شأن ما يفتي العلم به اولا ، فلا يجوز للمحكمة ان ترفض طلب سماع شاهد استناداً الى انه سوف يقول اقوالاً معينة ، أو الى انها سوء تنتهي على كل حال إلى حقيقة معينة بغض النظر عن الأقوال التي يدلي بها امامها ، اذا جزاً القاضي اقوال الشاهد فأخذ ببعضها و اطرح البعض الآخر ، فيجب عليه ان يذكر انه قصد هذه التجزئة ، وذلك كي لا يؤول حكمه على انه لم يفهم الشهادة ، أو لم يفطن الى ما يعيبها ، وسلطة القاضي في تجزئة الشهادة مشروطة بالاً يترتب على هذه التجزئة مسخ الشهادة وتشويه مدللوها بإذ يستخلص منها معنى لم يقصده الشاهد ، او يجافي المنطق (17) .
وليس كل الاشخاص تقبل شهادتهم ، فهناك من منع المشرع الاجرائي الاستماع الى شهادتهم التي تؤيد اثبات التهمة ضد اصولهم او فروعهم او ازواجهم اذا لم تكن الجريمة ضد احدهم ، وقد اشار المشرع العراقي في المادة (68) (18) الأصولية ، الى الاشخاص الممنوعين من الشهادة في جرائم معينة ، ولكن يجوز لهم ان يكونوا شهود دفاع ، وقد تكون
بعضاً الا ضد بعضهم العلة من ذلك هي حرص الشرع على تماسك الأواصر الاسرية وصلة الرحم بين الاسرة الواحدة ، وفي الوقت الذي نؤيد فيه اتجاه المشرع الاجرائي في المادة المذكورة انفاً ، الا اننا لا نتفق معه في اغفال قرابة الاخوة ، كونها تشترك في العلة نفسها
_____________
1- د احمد فتحي بهنسي ، نظرية الاثبات في الفقه الجنائي الاسلامي، دار الشروق، الطبعة الخامسة، 1989، ص 17
2- ابراهيم ابراهيم الغماز ، الشهادة كدليل اثبات في المواد الجنائية ، اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق : جامعة القاهرة ، 1980 ، نقلاً . عن د . احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ،1985 ، ص 291
3- حيث تم استثناء من الشهادة السماعية الشهادة في النكاح والموت والنسب ، فيجوز السمع من الناس بناءً على الشهادة في الاشهار .
4- المادة ( 60/ ب ) و المادة (1/168)) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي قد اشارت الى يؤدي الشاهد يميناً ..الخ ، وهذا لفظ مطلق لصيغة اليمن والمطلق يسري على اطلاقه في اداء اليمين حسب الاوضاع الخاصة بديانته .
5- د . احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ،1985 ، ص293
6- رئاسة محكمة استئناف نينوى الاتحادية ، رقم الحكم : ( 69/ ادلة / 2010 في ( 2010/8/1) ، غير منشور.
7- محكمة التمييز الاتحادية، رقم الحكم : (91/ الشهادة المنفردة / 2006) في ( 2006/10/30) ، غير منشور
8- انظر : نقض ( 17 ) نوفمبر سنة 1959 ، مجموعة الاحكام ، س 10 رقم 190، ص 896 ) قرار منشور في : د احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ، مرجع سابق ، ص294
9- اشارت المادة (25) من قانون العقوبات المصري رقم (58) لسنة 1937 الى : كل حكم بعقوبة جناية يستلزم حتماً حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا الانية .. الفقرة ثالثاً : الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة الأ على سبيل الاستدلال
10- د . احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ،1985 ، ص294
11- اشارت المادة (176) من قانون اصول المحاكمات الجزائية الى : اذا امتنع الشاهد عن حلف اليمين او امتنع عن اداء الشهادة في غير الاحوال التي يجيز له قانوناً فيها ذلك جاز للمحكمة ان تحكم بالعقوبة المقررة للامتناع عن الشهادة ولها أن تأمر بتلاوة شهادته السابقة وتعتبرها بمثابة شهادة اديت امامها .
12- د احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ، مرجع سابق ، ص 299
13- احمد فتحي سرور ، الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ،1985 ، ص 302
14- د عبد الحكم فوده ، ادلة الاثبات والنفي في الدعوى الجنائية ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2016 ، ص637
15-رئاسة استئناف واسط الاتحادية / الهيئة التمييزية : بالعدد ( 157 ت / جنح /2020 في 2020/2/19 غير منشور
16- د عبد الحكم فوده ، ادلة الاثبات والنفي في الدعوى الجنائية ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2016 ، ص 637
17- عبد الحكم فوده ، ادلة الاثبات والنفي في الدعوى الجنائية ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2016 ، ص 639
18- اشارت المادة (68) الفقرة أ الى : لا يكون احد الزوجين شاهداً على الزوج الآخر مالم يكن متهماً بالزنا او بجريمة ضد شخصه او ماله او ضد ولد احدهما . الفقرة ب : لا يكون الاصل شاهداً على فرعه ولا الفرع شاهداً على اصله مالم يكن متهماً بجريمة ضد شخصه او ماله . الفقرة ج : يجوز ان يكون احد الاشخاص المتقدم ذكرهم شاهد دفاع للأخر ويهدر من الشهادة الجزء الذي يؤدي الى ادانة المتهم .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|