أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016
2369
التاريخ: 31-8-2016
1706
التاريخ: 29-8-2016
5165
التاريخ: 1-9-2016
1183
|
..بحسب الشرع، هل يجوز للشارع أن يرخّص في المخالفة القطعيّة وارتكاب جميع الأطراف، فيصير العلم بعد كونه مؤثرا تمام التأثير عقلا غير مؤثر لشىء أصلا شرعا، أو أنّه لا يجوز له الترخيص في ارتكاب الجميع الذي هو المخالفة القطعية، ولكن قبح ترك الموافقة القطعية عقلا ليس بهذه المثابة، بل هو قابل لإذن الشرع، وحينئذ فيكون بحسب الشرع مؤثّرا بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة دون وجوب الموافقة القطعيّة، أو أنّه ليس له الترخيص في ترك الموافقة القطعيّة أيضا، كما أنّه ليس له الترخيص في فعل المخالفة القطعية، فيصير العلم الإجمالي كالتفصيلي في جميع الآثار عقلا وشرعا.
وبعبارة اخرى: هل اقتضاء العلم الإجمالى لقبح المخالفة القطعيّة وقبح ترك الموافقة القطعية يكون في كليهما على نحو العليّة التامّة بحيث لا يمكن الترخيص من الشرع في شيء منهما؟ أو أنّ اقتضائه في كليهما يكون على نحو الاقتضاء، بمعنى أنّ العقل لو خلّي وطبعه يحكم بالقبح، وللشارع أن يرخصّ من حيث الشارعيّة في المخالفة القطعيّة، فحكم العقل بالمنع إنّما هو لو لا حكم الشرع بالجواز، أو هنا تفصيل، فبالنسبة إلى المخالفة القطعيّة يكون على نحو العليّة التامّة، وبالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة يكون على نحو الاقتضاء ولو لا حكم الشرع.
وبعبارة ثالثة: هل العلم الإجمالي كالتفصيلي ليس للشارع التصرّف فيه لا نفيا ولا إثباتا بوجه من الوجوه، أو أنّه يكون له التصرّف فيه نفيا من حيث المخالفة الاحتماليّة دون القطعيّة، أو له ذلك في كليهما؟
فنقول: أمّا المخالفة القطعيّة فقد يقال بأنّه لو رخّص الشارع في جميع الأطراف يلزم التناقض بين هذا الترخيص وبين الحكم الواقعى المعلوم إجمالا، فمن يعلم بأنّ أحد الإنائين خمر لو جوّز له الشرع شرب كليهما كان راجعا إلى تجويز شرب الخمر وهو مخالف لقوله: لا تشرب الخمر، وهذا مدفوع؛ لعدم التناقض، لما يأتى في وجه الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري، فإنّ جعل الترخيص هنا يكون في موضوع الشكّ لثبوته في كلّ من الطرفين بالخصوص.
وحينئذ فإمّا نختار مذاق من يقول للحكم بمراتب، ونقول: إنّ قوله: لا تشرب الخمر وإن كان ظاهرا في الفعليّة ولكن بعد ما ورد الترخيص في كلا الطرفين يستكشف- قضيّة للجمع بينهما- منه كون ذاك حكما غير فعلي من حيث الشكّ، وكون هذا حكما فعليّا من جميع الحيثيّات، والمخالفة القطعيّة للحكم الفعلي وإن كانت قبيحة بحيث لا يمكن أن يجوّزها الشرع، ولكن هذا ليس مخالفة للحكم الفعلي.
وإمّا نختار مذاق من يقول بأنّ الحكم والأمر والنهي لا يعقل له إلّا مرتبة واحدة؛ لأنّه إمّا موجود فيكون فعليّا، وإمّا معدوم فلا يعقل أن يكون موجودا وغير فعلي.
فنقول: وإن كان كلّ من «لا تشرب الخمر» والترخيص في الأطراف حكما فعليّا، ولكن مع ذلك لا تناقض، لكون رتبتهما مختلفة، فإن الثاني في طول الأوّل، فعلم أنّه من حيث التناقض لا مانع من اجراء الأصل في كلا الطرفين على كلا المذاقين، كيف وقد عرفت عدم لزومه في ترخيص مخالفة العلم التفصيلي أيضا، إلّا أنّه يمكن أن يقال على مذاق من يجعل للحكم مراتب؛ إنّه وإن كان لا يلزم التناقض مع الواقع؛ لاختلاف المرحلتين، ولكن يلزم التناقض مع الغاية التي جعلت في الأدلّة غاية للاصول.
بيان ذلك: أنّ قوله عليه السلام: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهى» كما يدلّ على المطلقية قبل ورود النهي بمعنى معلوميّته، كذلك يدلّ على عدم المطلقيّة بعد معلوميّة النهي، فذيل الرواية يدلّ على أنّ تعلّق العلم بالنهى يجعله فعليّا، وصدره يدلّ على أنّه حال الشكّ فيه غير فعلي ويجوز مخالفته، فيكون بين الصدر والذيل في أطراف الشبهة تناقض وتهافت؛ إذ المكلّف في خصوص كلّ واحد شاكّ في الحرمة، فيكون خصوص كلّ واحد مطلقا مرخّصا فيه باعتبار مشكوكيّة النهي فيه بمقتضى الصدر.
ولا يخفى أنّه مع هذا الشكّ عالم إجمالا بوجود خمر في البين، فيعلم بخطاب النهي عن شرب الخمر، فلا يكون هذا المعلوم مطلقا ومرخّصا فيه باعتبار معلوميّة نهيه بمقتضى الغاية، ولا إشكال أنّ كونه في قيد بالنسبة إلى هذا التكليف المعلوم ينافي كونه مطلقا وبلا قيد من حيث ارتكاب الطرفين؛ إذ معناه عدم التقيّد بالنسبة إلى ذاك المعلوم.
فإن قلت: لا يلزم ذلك، إذ المراد بالعلم الذي هو غاية إنّما هو العلم التفصيلي في خصوص الشخص المشكوك.
قلت: هذا مناف للإطلاق؛ فإنّه بإطلاقه يشمل العالم الإجمالي؛ فإنّه أيضا عالم بالحكم، والتقييد بالتفصيلي يدفعه الإطلاق.
فإن قلت: الظاهر من قوله: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» أنّه يعلم في هذا الشيء نهي، والظاهر من الشيء الأشياء الخارجيّة، وليس في المقام لنا إلّا شيئان خارجيّان، فمدلول الرواية أنّ كلّا منهما مطلق حتّى يعلم في خصوصه نهي، وعلى هذا فلا يشمل العلم الإجمالي، فلا تهافت في الدليل.
قلت: نعم، لكنّ الإطلاق لا يمكن إنكاره في قوله: رفع ما لا يعلمون الذي مفاده أنّه لم يرفع ما يعلمون، وكذلك قوله: الناس في سعة ما لا يعلمون، بكلا احتماليه.
وممّا ذكر في هذه الرواية يعرف الكلام في قوله: «الناس في سعة ما لا يعلمون» أو في سعة ما لا يعلمون، بجعل «ما» ظرفيّة لا موصوله؛ فإنّه أيضا كما يدلّ على السعة حال الجهل، يدلّ أيضا على الضيق حال العلم، وهنا يكون الجهل والعلم موجودين، فالجهل من حيث الخصوص والعلم من حيث الإجمال، فمقتضى الأوّل السعة وجواز ارتكاب كلا الطرفين، ومقتضى الثانى الضيق وعدم جوازه.
هذا كلّه على قول من يجعل للحكم مراتب.
ويمكن ان يقال على قول من لا يجعل له بعد الوجود سوى مرحلة الفعليّة أيضا:
إنّه وإن كان لا يستحيل ترخيص أطراف الشبهة من حيث لزوم التناقض، ولكنّه يستحيل من جهة لزوم الترخيص في المخالفة القطعيّة للتكليف الفعلي، فإنّ المخالفة القطعيّة لهذا التكليف ظلم على المولى، والظلم لا يرتفع قبحه بالترخيص، بل يكون ترخيصه أيضا قبيحا.
وجه لزوم ذلك أنّ المفروض كون الخطاب الواقعي حكما فعليا، فإذا تعلّق به العلم يقبح عقلا من المكلّف مخالفته، والمفروض أنّه هنا عالم أيضا بهذا الخطاب، غاية الأمر بالعلم الإجمالى، وعرفت أنّه لا فرق في قبح المخالفة بين العلم التفصيلي والإجمالى، وعرفت هنا أنّ قبح المخالفة القطعية يكون من باب الظلم وعلى نحو العليّة التامّة، فإنّ المولى يطلب الفعل أو الترك من العبد بكمال الشدّة والاهتمام ويظهر عدم رضاه بالمخالفة، فكما أنّ مخالفته مع هذه الحالة وعدم المبالاة بكمال بغضه ذلك ظلم قبل الترخيص، فهو بعينه باق على هذا الحال بعده؛ لأنّه بعده أيضا ظلم، لفرض قيام عدم الرضى والطلب بكمال الجدّ بالمولى بعده أيضا، فيكون الترخيص قبيحا؛ لكونه ترخيصا للظلم، فيمتنع صدوره عن الحكيم.
ولا يتوهم أنّ قبحه إنّما هو من جهة لزوم الجري على خلاف المراد ورفع اليد عن الغرض ونقضه؛ إذ لو كان ذلك للزم بعينه في إجراء الأصل في الشبهة البدوية، ولا اختصاص له بالشبهة المقرونة بالعلم؛ فإنّ معنى الأصل في الشبهة البدويّة أنّ الفعل مثلا جائز، سواء كان في الواقع جائزا أم حراما، فتجويزه على تقدير حرمته نقض للغرض، بل المانع ما ذكرنا من لزوم الترخيص في المخالفة القطعيّة.
ولا يتوهّم أنّ المانع ذلك مع لزوم التهافت في دليل الأصل كما ذكرناه على القول الآخر؛ فإنّ المانع على هذا القول منحصر في الجهة المذكورة ولا يلزم التهافت في الدليل اللفظي، وذلك لأنّك عرفت أنّ الحكم الواقعي على هذا يكون فعليّا بمجرّد وجوده، فالعلم به يكون بحكم العقل منجّزا له، وليس بعد العلم للشارع الأمر بمتابعة هذا العلم على نحو المولويّة، كما ليس له المنع عنه مولويّا.
فلو وقع الأمر به في مقام كما في الغاية الواقعة في قوله: كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي، يعني بعد ورود النهي والعلم يجب المتابعة، وقوله: الناس في سعة ما لا يعلمون يعني أنّهم في ضيق ما يعلمون، فلا بدّ من حمل ذلك على الإرشاد إلى حكم العقل وتقريره من دون مولويّة وشارعيّة، وإذا لم يكن الغاية حكما من قبل الشرع من حيث إنّه شرع لم يبق في البين إشكال التهافت؛ فإنّه مبنيّ على كون حكمين شرعيّين هنا كما على القول الآخر، إذ عليه كما أنّ الترخيص المشتمل عليه الصدر معلوم أنّه شرعي فكذلك الغاية؛ فإنّها وإن كان علما بالتكليف، لكن مجرّد العلم بالتكليف لا يخرجه عن تصرّف الشرع، فإنّه لو كان التكليف المعلوم شأنيا كما هو المفروض في متعلّق هذا العلم فبعده أيضا يكون إعطاء الفعليّة له بيد الشرع ومن قبله، فهنا حكم بموافقة العلم وعلم منه أنّه جعل الواقع فعليا لصيرورته في مقام البعث إليه والزجر عن تركه.
وأمّا على القول بنفي المرتبة فالإشكال ممحّض من حيث الترخيص في المخالفة القطعيّة الذي مبناه حكم العقل بقبح المخالفة القطعيّة، وليس من الشرع حكم في موضوع القطع، وإنّما قرّر حكم العقل بقبح مخالفة القطع.
والملخّص من جميع ما ذكرنا أنّ الترخيص في جميع أطراف الشبهة إمّا أنّه ممكن عقلا بحسب مقام الثبوت ولا يلزم التناقص، لأجل اختلاف مرحلة الحكم الواقعي والظاهري، ولكنّه غير واقع بحسب مقام الإثبات للزوم التهافت في دليل إثباته، فيتساقط جزءا دليله للتعارض، فيبقى بلا دليل، ودعوى عدم التعارض بأنّ المراد من العلم هو العلم بالتكليف مفصلا فلا يشمل المقام المفروض وجود العلم به على نحو الإجمال مردودة بالإطلاق.
وإمّا أنّه غير ممكن عقلا لا من جهة التناقص لأجل اختلاف الرتبة، ولا من جهة لزوم التهافت فى الدليل؛ إذ ليس الغاية إلّا تقريرا لحكم العقل، ولا يمكن أن يكون حكما مولويّا شرعيّا، بل من جهة لزوم الترخيص في المخالفة القطعيّة للتكليف الفعلى المعلوم بالإجمال. هذا هو الكلام في ترخيص الشرع في ارتكاب جميع الأطراف.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|