أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1223
التاريخ: 30-8-2016
1842
التاريخ: 9-7-2020
1869
التاريخ: 29-8-2016
4936
|
..الأوّل: أنّ من المسلّم فيما بين القائلين بالمفهوم في القضيّة الشرطيّة لزوم ثبوت الاتّفاق بين القضيّة المنطوقيّة والمفهوميّة في جميع الجهات وعدم الاختلاف بينهما إلّا في جهة السلب والإيجاب، فلهذا ربّما توهّم أنّ القضايا الإنشائيّة التي يرتّب فيها حكم جزئي على موضوع كما في قولك: إن جاء زيد فأكرمه حيث إنّ الجزاء هو الوجوب الجزئي الحاصل بالإنشاء الخاص، فإنّ المعاني الإنشائيّة حرفيّة، فتكون جزئيات لا بدّ أن يكون المنفي في مفهومها هو هذا الحكم الجزئي بجزئيّته لا بسنخه للأصل المزبور، وهو لا ينافي ثبوت جزئي آخر من هذا السنخ بأن يكون الزيد عند عدم مجيئه واجب الإكرام بوجوب آخر غير الوجوب المنشأ على تقدير المجيء، وهذا بخلاف القضايا الإخباريّة الّتي يرتّب فيها الحكم الكلّي على الموضوع كما في قولك: إن جاء زيد يجيء عمرو حيث إنّ الجزاء هو كلّى المجيء، فالمفهوم في هذه القضايا يفيد نفي كلّي الحكم وسنخه
وجوابه أوّلا بالنقص، وبيانه أنّ المعلّق على الشرط في القضايا الإخباريّة لو كان هو نفس المخبريّة، مثلا في قولنا: إن جاء زيد يجيء عمرو كان المعلّق على مجيء زيد نفس مجيء عمرو، يلزم أن يكون المتكلّم قد أخبر بوقوع أمر معلّق، وكذب هذا القسم من الإخبار كما يصدق بعدم حصول المعلّق فكذا بعدم حصول المعلّق عليه، فيلزم أن يكون المتكلّم في المثال كاذبا عند عدم مجيء زيد، ومن المعلوم خلافه، فلا بدّ أن يكون المعلّق على الشرط في هذه القضايا هو نفس الإخبار بأن يكون المتكلّم بعد فرض حصول الشرط وتحقّقه قد أخبر بوقوع أمر، وكذب هذا الإخبار لا يصدق إلّا بعدم حصول المخبريّة مع حصول الشرط، وأمّا بدونه فليس في البين صدق ولا كذب؛ لعدم حصول ظرف الإخبار.
وحينئذ فيشترك القضيّة الإخباريّة مع الإنشائيّة في الجهة المذكورة، فكما أنّ الجزاء في الثانية هو الحكم الجزئي الحاصل بالإنشاء الخاص فكذا في الاولى أيضا يكون هو الإخبار الجزئي الحاصل بالإنشاء الخاص، فيكون المنفيّ في طرف المفهوم هو هذا الإخبار الخاص.
وثانيا: بالحل وهو أنّ انتفاء الحكم الجزئي ليس من محلّ الكلام، وإنّما الكلام في انتفاء سنخ الحكم، فنحن سواء قلنا بجزئيّة المعاني الحرفيّة أم بكليّتها لا بدّ وأن نقول هنا بلزوم اتفاق القضيتين المنطوقيّة والمفهوميّة في سنخ الحكم لا في شخصه، وإلّا فانتفاء شخصه بانتفاء الموضوع من البديهيّات الأوّليّة ولا يصلح لأن يقع محلا للنزاع، هذا مضافا إلى أنّ الحقّ هو أنّ المعاني الحرفيّة كليّات كما قرّر في محلّه.
الثاني : أنّ من المسلّم بين القائلين بالمفهوم في القضيّة الشرطيّة لزوم موافقة القضيّة المنطوقيّة مع القضيّة المفهوميّة في الموضوع والمحمول والقيود الثابتة لكلّ منهما، وكون التفاوت بمجرّد الإيجاب والسلب لوجود الشرط في المنطوق وعدمه في المفهوم، فلو قال: إن جاء الرجل العالم فأكرمه، لزم أخذ الرجل في المفهوم مع هذا القيد، وكذلك لو قال: إن جاء زيد فاكرمه بالتسليم عليه، حتى لو اخذ في المنطوق عموم موضوعا في طرف الموضوع أو المحمول فلا بدّ من أخذه كذلك في المفهوم في أحدهما.
فلو قال: إن جاء جميع العلماء فأكرمهم، بحيث كان الملحوظ مجيء الجميع من حيث المجموع فلا بدّ أن يكون الملحوظ في موضوع المفهوم عدم مجيء المجموع من حيث المجموع، وكذلك في طرف المحمول كما لو قال: إن جاء زيد فأكرمه بجميع أنحاء الإكرام بحيث كان الملحوظ مجموع الأنحاء من حيث المجموع ولا إشكال في ذلك كلّه.
إلّا أنّه قد وقع النزاع بينهم في كلّ قضيّة كان المحمول فيها مشتملا على عموم استغراقي كقوله عليه السلام: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» حيث إنّ الجزاء سالبة كليّة، فقال الشيخ صاحب التعليقة قدّس سرّه: بكون المفهوم موجبة جزئيّة، والشيخ المرتضى بكونه موجبة كليّة، ومن هنا ذهب إلى انفعال الماء القليل بكلّ نجاسة، وهذا النزاع كما ترى جار في جميع المحصورات الأربع. وكيف كان فما يمكن أن يكون وجها لنظريهما أحد أمرين:
الأوّل: أنّه لو اخذ العموم في هذه القضيّة وأمثالها في طرف المنطوق على وجه الموضوعيّة فلا إشكال في أخذه كذلك في طرف المفهوم، إلّا أنّ هنا امورا لم يلحظها المتكلّم قيدا للقضيّة وحالة لها، ولكنّها تصير من حالات القضيّة وصفاتها قهرا، وذلك مثل العموم الاستغراقي، وبيان ذلك أنّ القضيّة المسوّرة بكلمة «كل» ونحوها يمكن لحاظ العموم فيها بوجهين:
الأوّل أن يلحظ بالمعنى الاسمي ومستقلا وموضوعا بحيث صار الأفراد أجزاء ارتباطيّة له، وحينئذ فليس له امتثال واحد لو وقع مأمورا به.
والثاني أن يلحظ بالمعنى الحرفي ومرآتا للأفراد وهو عبارة عن لحاظ إجمالي محيط بالآحاد منفردا منفردا، وحيث كان تعداد الأفراد تفصيلا وترتيب الحكم على كلّ على حده موجبا للتطويل والإطالة جعل هذا اللحاظ مرآتا لها، وحينئذ فيتعلّق الحكم لا محالة بالمرئى وهو الآحاد منفردا منفردا دون المرآة، فينحل إلى أحكام عديدة ويتعدّد بذلك مناط الإطاعة والمعصية، ويتّضح الحال في القسمين بملاحظة الحال في لفظ العشرة وأمثالها؛ إذ فيها أيضا يمكن هذان اللحاظان بعينهما، ولا يلزم في اللحاظ الثاني استعمال كلمة «كلّ» ونحوها في غير معناها؛ إذ هنا مرحلتان، مرحلة الاستعمال ومرحلة الحكم، ففي الاولى قد لوحظ العموم بالمعنى الاسمي وفي الثانية بالمعنى الحرفي.
إذا تقرّر ذلك فإن لاحظ المتكلّم العموم على الوجه الأوّل فلا كلام، وإن لاحظ على الوجه الثاني فهو حينئذ وإن لم يلحظ إلّا على نحو المرآتية الصرفة دون الموضوعيّة، إلّا أنّ لحاظه كذلك لمّا صار موجبا لتعلّق الحكم بالآحاد من دون استثناء واحد منها فقد أوجب ورود العموم وعروضه على القضيّة قهرا؛ إذ يصدق عليها أنّها قضيّته عامّة لا يخرج عن تحت حكمها فرد واحد من أفراد عنوان موضوعها.
فكما أنّ قولنا: هذا واجب الإكرام وهذا واجب الإكرام وهذا واجب الإكرام، وهكذا إلى آخر الأفراد موجب لانتزاع العموم في البين وإن لم يتّصف به واحدة من تلك القضايا، فكذلك قولنا: كلّ عالم واجب الإكرام أيضا موجب لانتزاع العموم في البين ولكن يتّصف به هذه القضيّة قهرا؛ فإنّ الثاني أيضا إشارة إجماليّة عقليّة إلى كلّ واحد واحد من الأفراد منفردا.
وحينئذ فنقول: يمكن أن يكون كلام صاحب التعليقة قدّس سرّه ناظرا إلى أنّ العموم في هذه القضيّة وأمثالها وإن لوحظ مرآتا لا موضوعا، إلّا أنّه لا يخفى أنّ القضية الشرطيّة قضيّتان صارتا بواسطة أداة الشرط قضيّة واحدة.
وبعبارة اخرى أنّها قضيّة مربوطة بقضيّة اخرى، فللقضيّة الجزائيّة لحاظان، لحاظ نفسها ولحاظ إناطتها بالقضيّة الشرطيّة، فالعموم في لحاظها الأوّل وإن كان ملحوظا على وجه المرآتية، إلّا أنّه في لحاظها الثاني ملحوظ على وجه الموضوعيّة، ووجه ذلك أنّه لا بدّ أوّلا من تماميّة القضيتين ثمّ من إيقاع الارتباط بينهما، فلا جرم تكون القضيّة الجزائيّة مع جميع توابعها ولواحقها الحاصلة لها قصدا أو قهرا منوطة بالقضيّة الشرطيّة، ومن جملتها وصف العموم، فيصير محصّل معنى القضيّة المذكورة أنّ كرّية الماء موجبة لتحقّق قضيّة عامّة هي قولنا: «لم ينجّسه شيء» فعدمها موجب لارتفاع هذه القضيّة العامّة، وهو يحصل بالإيجاب الجزئي كما بالإيجاب الكلّي.
ويكون كلام شيخنا المرتضى قدّس سرّه ناظرا إلى أنّ المفهوم لا يؤخذ عن المنطوق بعد ورود العموم عليه، بل القيود التي لاحظها المتكلّم في المنطوق لا بدّ من لحاظها في المفهوم على نحو لحاظها في المنطوق، فكما أنّ العموم ملحوظ في المنطوق على وجه المرآتيّة نفيا، فلا بدّ أن يكون في المفهوم أيضا ملحوظ كذلك، وحينئذ فيكون عروض العموم على المنطوق والمفهوم في عرض واحد.
وبعبارة اخرى كلام المتكلّم بمنزلة مائة قضيّة منطوقيّة فيكون المفاهيم أيضا مائة، فهذا نظير وصف الإطلاق الوارد على الجزاء كما في قولك: إن ظاهرت فاعتق رقبة، فإنّ المفهوم لا يؤخذ من المنطوق بعد ورود الإطلاق عليه، كيف وإلّا لزم أن يكون المفهوم في القضيّة المذكورة هكذا: إن لم تظاهر فلا يجب عليك عتق مطلق الرقبة، وهذا لا ينافي لوجوب رقبة خاصّة، ومن المعلوم خلافه، بل المفهوم فيها هو أنّه إن لم تظاهر فليس عليك عتق الرقبة، فعند هذا يطرأ وصف الإطلاق على المنطوق والمفهوم في عرض واحد.
ولكن يمكن الفرق بين وصف الإطلاق والعموم بأن يقال: إنّ وصف الإطلاق ليس مدلولا للقضيّة ولا ملحوظا للمتكلّم؛ فإنّ ملحوظه هو نفس الحكم ونفس الطبيعة، وأمّا أنّه لا دخل لشيء آخر سوى الطبيعة في الاقتضاء وأنّ الطبيعة في أيّ فرد تحقّقت وبأىّ نحو اتّفقت تامّة في الاقتضاء فيمكن أن لا يكون المتكلّم ملتفتا إليه اصلا وإنّما الإطلاق من لوازم عدم وجود القيد مع كون المتكلّم بصدد البيان، وما شأنه هذا يكون ساريا إلى طرفي القضيّة من المنطوق والمفهوم على حدّ سواء.
وأمّا احتمال أنّ المتكلّم قد لاحظ الجزاء بملاحظة ثانية مع ما حصل له من وصف الإطلاق وأناطه مطلقا بالشرط فبعيد عن الظاهر جدا، وهذا بخلاف العموم؛ فإنّه مدلول للقضيّة وملحوظ للمتكلّم؛ إذ المفروض أنّه عند لحاظه نفس القضيّة الجزائيّة لاحظ العموم على وجه المرآتية، وحينئذ فعند لحاظ الإناطة إمّا أن ينظره بنظرة ثانية إلى العموم الحاصل للقضيّة الجزائيّة على وجه الاستقلال ويشير إليها بوصف العموم فيصير المنوط والمعلول هو القضيّة بوصف العموم الاجتماعي، فيكون المفهوم لا محالة إيجابا جزئيا.
وإمّا أن ينظر عند هذا أيضا إلى العموم بالنظرة الاولى المرآتيّة فيكون المنوط والمعلول هو كلّ واحد من الأحكام الشخصيّة المتعلّقة بأفراد موضوع الجزاء الملحوظ إجمالا، فيصير حال المفهوم بعينه حال المنطوق في طريان وصف العموم عليه كما هو واضح، والمعيّن لأحد هذين الوجهين هو العرف ولا شكّ في أنّه مساعد على الأوّل.
هذا كلّه هو الكلام فيما إذا كان اللفظ الدال على العموم في الجزاء مذكورا كما في قولنا: إن جاءك زيد فأكرم العلماء أو كلّ عالم.
هذا مضافا إلى أنّ المثال الذي صار محلا للبحث من قوله عليه السلام: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» لو سلّمنا خلوّه عن الأداة المفيدة للعموم وكون النكرة الواقعة في سياق النفي غير مفيدة له بالوضع، بل إنّما حال العموم فيه حال وصف الإطلاق في كونه من لوازم توجّه النفس إلى نفس الطبيعة المتوقّف على نفي جميع الأفراد وسلّمنا في طرف الإطلاق سرايته إلى المنطوق والمفهوم على حدّ سواء، ولكنّه بعد ذلك يكون المفهوم في المثال موجبة جزئيّة؛ وذلك لأنّ لازم وقوع الإطلاق في حيّز النفي كما في منطوق المثال هو العموم والاستغراق، ولازم وقوعه في حيّز الإثبات كما في مفهومه أعني قولنا: إذا لم يكن الماء قدر كرّ ينجّسه شيء هو الجزئيّة، فإنّ الاستغراق هو مقتضى نفس النفي دون إطلاق الدخول، فإذا تبدّل بالإثبات في جانب المفهوم تبدّل الاستغراق بالجزئيّة للاكتفاء في وجود الطبيعة بوجود فرد واحد منها.
الثاني من الوجهين لطرفي هذا البحث أن يقال: بعد فرض تسليم الطرفين كون مقتضى ظاهر القضيّة إناطة العموم، أو استفادة ذلك من الإطلاق ووضوح عدم اقتضاء إناطة العموم نفي الإيجاب الكلّي في طرف المفهوم وكون التعبير بالإيجاب الجزئي لأنّه القدر المعلوم أنّ المدّعى للإيجاب الكلّي مدّعي وجود معيّن له من الخارج وهو عموم العليّة بدليل النقل.
وبيانه أنّ المستفاد من القضيّة الشرطيّة شيئان، العليّة التامّة لتالي الأداة، وكون العلّة منحصرة فيه، فيكون مفاد قوله عليه السلام: «إذا كان الماء الخ» كون عموم السلب المذكور منوطا بكريّة الماء ومعلولا لها، ولازم ذلك عقلا ثبوت العليّة للكريّة بالنسبة إلى كلّ فرد من أفراد العموم المذكور، وإلّا فلو كان العلّة في بعضها شيئا آخر لزم أن لا تكون الكريّة علّة تامّة للتمام بل للإتمام، وأن يكون العموم المذكور حاصلا من أشياء عديدة من جملتها الكرّية، فيكون نسبته إليها نسبة المعلول إلى جزء علّته، وقد كان مفاد القضيّة كونها تمام علّة بالنسبة إلى العموم.
وحينئذ فحيث إنّ مفاد القضيّة هو الانحصار أيضا، كما هو المبنى للقول بالمفهوم فيصير المحصّل ثبوت العليّة المنحصرة للكريّة بالنسبة إلى كلّ فرد من العموم، فيلزم من انتفائها انتفاء جميع الأفراد لانتفاء علّتها المنحصرة، فينتفي بانتفاء الكرّية عدم التنجيس بالنسبة إلى جميع النجاسات، فيصير الجميع منجّسا، والمدّعي للإيجاب الجزئي له أن يمنع ما ذكر من استفادة العليّة التامة المستقلّة من القضيّة الشرطيّة ويقول بأنّ استفادة أصل الترتّب وإن كان حقّا كاستفادة الانحصار، إلّا أنّ الترتّب المستفاد أعمّ من أن يكون على نحو الترتّب على العلّة التامّة أو على الجزء الأخير منها؛ وذلك لأنّ المستفاد منها ليس إلّا مجرّد أنّه متى وجد الشرط فليس لترتّب ما هو الجزاء وهو عموم السلب في المثال المذكور حالة منتظرة، وهذا أعمّ من كون الشرط علّة تامّة للعموم المذكور وكونه علّة متمّمة له، وحينئذ فيكون القدر المتيقّن عند انتفاء الشرط انتفاء الحكم عن بعض أجزاء العموم فلا يفيد المثال المذكور في طرف المفهوم أزيد من الإيجاب الجزئي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|