أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
673
التاريخ: 23-8-2016
873
التاريخ: 14-5-2020
4023
التاريخ: 1-8-2016
911
|
هل الاستصحاب جار في ما إذا كان المستصحب حكما ثابتا بدليل العقل ، بمعنى أنّه لو أدرك العقل الحسن أو القبح في شيء ثمّ شكّ في حسن هذا الشيء أو قبحه في اللاحق، فهل يجرى الاستصحاب لإثبات الحسن أو القبح السابقين أو لا يجري؟.
ذهب شيخنا المرتضى أعلى اللّه مقامه الشريف إلى عدم الجريان مصرّا عليه، وحاصل ما أفاده في تقريب ذلك بطوله أنّ العقل يستقصي أوّلا جميع ما له الدخل في موضوع حكمه من الأوصاف والقيود والخصوصيات فيأخذ الجميع في الموضوع ثمّ يحكم بالحسن أو القبح.
مثلا إذا لا خط عنوان ضرب اليتيم لا يرى له في حدّ نفسه قبحا، بل يراه متّصفا به في بعض الأحوال وبالحسن في آخر، فيزيد عليه عنوان الإيذاء فيراه أيضا كذلك، فيضمّ إليه عنوان كونه صادرا لا عن غرض التأديب فيدرك فيه حينئذ القبح اللازم الثابت في جميع الأحوال.
وكذلك إذا لاحظ عنوان الصدق لا يرى له في حدّ ذاته حسنا، وإذا زيد عليه عنوان النافع يدرك فيه الحسن الفعلي الحاصل في جميع الحالات، وكذلك الحال في عنوان الكذب حيث إنّه من حيث هو لا يحكم العقل فيه بالقبح، ويحكم به بعد انضمام قيد الضارّ.
وحينئذ فنقول: ما دام هذا الموضوع المشتمل على جميع القيود الدخيلة باقيا لا يمكن أن يرتفع عنه حكم الحسن أو القبح، بل هو حسن دائما وفي جميع الأحوال، أو قبيح كذلك، فمع بقاء هذا الموضوع لا يمكن أن يشكّ العقل في الحسن والقبح.
نعم إذا زال بعض القيود يمكن أن يشكّ العقل حينئذ في الحكم من جهة الشكّ في دخل القيد الزائل وعدم دخله واحتمال خطائه في حكمه بدخله، ويمكن أيضا أن يعرض للعقل الشكّ في الحسن والقبح من جهة الشكّ في التطبيق، كما إذا كان الموضوع الخارجي منطبقا عليه عنوان الصدق النافع، فشكّ في اللاحق في انطباقه عليه وعدمه، فيحصل الشكّ في الحسن والقبح فيه من هذه الجهة.
فشكّ العقل في حكمه منحصر في قسمين، أحدهما: الشكّ في الكبرى وإن لم يكن شكّ في مقام التطبيق، والآخر: الشكّ في التطبيق وإن لم يكن شكّ في أصل الكبرى، والاستصحاب غير ممكن الجريان في كلا القسمين، أمّا في الأوّل، فلأنّه يعتبر في الاستصحاب بقاء الموضوع بلا شبهة، لتوقّف صدق نقض اليقين بالشكّ عليه، ومع فرض انتفاء بعض القيود يكون الموضوع بنظر العقل غير الموضوع السابق بلا شبهة، فلا يصدق عنوان نقض اليقين بالشكّ، وأمّا في الثاني فلفرض الشكّ في انطباق العنوان الذي هو الموضوع للحكم بنظر العقل، ومعه يكون المقام شبهة مصداقيّة لنقض اليقين بالشكّ، فلا يمكن التمسّك بعموم دليله.
فإن قلت: إنّا نرجع في تشخيص الموضوع في باب الاستصحاب إلى العرف دون العقل، ولا ينافي أن يكون موضوع الاستصحاب مأخوذا من العرف ونفس المستصحب مأخوذا من العقل، فإن جريان الاستصحاب دائر مدار صدق نقص اليقين بالشكّ، فيمكن أن يكون العقل حاكما بالحسن أو القبح في شيء، فشكّ في بقاء الحسن أو القبح فيه في اللاحق من جهة الشك في الانطباق أو الكبرى وكان الموضوع مع كونه مقطوع الانتفاء أو مشكوك البقاء في نظر العقل معلوم البقاء في نظر العرف، فيكون عنوان نقض اليقين بالشكّ صادقا،
مثلا عنوان الصدق وحده في نظر العرف موضوع للحسن وإن كان لعنوان النافع دخل في الموضوع بنظر العقل، فإذا شكّ في بقاء الحسن فيه في اللاحق مع القطع بحسنه في السابق من جهة الشكّ في التطبيق أو الكبرى، فيصدق على عدم ترتيب الحسن عليه أنّه نقض لليقين بالشك.
قلت: إذا كان الدليل على المستصحب لفظيّا واختلف الموضوع بنظر العرف باختلاف التعبيرات كاختلافه في قولنا: الماء إذا تغيّر نجس، وقولنا: الماء المتغيّر نجس، حيث إنّ الموضوع في الأوّل بنظر العرف هو الماء وحده، وفي الثاني هو الماء مع وصف التغيّر، فعند زوال التغيّر من قبل نفس الماء والشكّ في بقاء حكم النجاسة يكون الموضوع باقيا بنظر العرف على الأوّل، وغير باق على الثانى، كان ما ذكر حقّا، فنرجع في تشخيص كيفيّة الموضوع في الدليل إلى فهم العرف واستفادته من الدليل، هذا إذا كان الدليل على المستصحب لفظيّا.
وأمّا إذا كان لبيّا وعقليّا كما هو المفروض في محلّ الكلام فليس في البين موضوع مأخوذ من الشرع حتى نرجع في تشخيص كيفيّته إلى العرف؛ لعدم وجود الدليل اللفظي، فليس إلّا الموضوع المأخوذ من العقل الذي حكم العقل فيه بالحسن أو القبح، وقد فرضنا أنّ الموضوع العقلي إمّا مقطوع الارتفاع أو مشكوك البقاء.
ومن هنا يظهر أنّه كما لا مجرى للاستصحاب في حكم العقل لا مجرى له أيضا في حكم الشرع الذي يجيء بتبع حكم العقل، فإنّه ليس لهذا الحكم الشرعي موضوع مستقل وراء الموضوع المأخوذ من العقل، بل موضوعه وموضوع حكم العقل واحد، هذا ما ذكره قدّس سرّه.
والحقّ جريان الاستصحاب في الأحكام العقليّة، وتقريبه أنّ حكم العقل تارة يراد به نفس إدراكه لحسن شيء أو قبحه وجزمه بذلك، وحصول الشك للعقل في حكمه بهذا المعنى غير معقول، فلو كان موضوع إدراك العقل للحسن وجزمه به هو عنوان الصدق مع قيد النافع، فزال هذا القيد ينتفي لا محالة إدراك العقل وجزمه، ولا يعقل حصول الشكّ في بقائهما وعدمه للشكّ في دخالة القيد الزائل فيهما وعدمها؛ إذ لا يعقل أن يشكّ الحاكم في موضوع حكمه ويجهل الجازم بمحلّ جزمه.
واخرى يراد به ما هو ملاك الإدراك والجزم المذكورين، أعني نفس الحسن والقبح الكامنين في ذوات الأشياء الذين يكون بتبعهما الإدراك والجزم المذكوران، وحصول الشكّ في هذا المعنى للعقل الغير التام بمكان من الإمكان، فقد يصير هذا المعنى مشكوك التحقّق في العنوان ابتداء، وقد يصير مشكوكا بعد زوال بعض قيوده مع معلوميّته قبل زواله، فحينئذ وإن كان إدراك العقل وجزمه بعد زوال القيد معلوم العدم، كما كان معلوم التحقّق قبله، ولكن يمكن أن يصير ملاكه أعني الحسن والقبح الذاتيّين مشكوكا بأحد نحوين.
الأول: أن يكون منشأ الشكّ احتمال كون القيد غير دخيل في ملاك الحسن والقبح أصلا، ويكون ضمّه كضمّ الحجر إلى الإنسان.
والثاني: أن يكون منشؤه احتمال وجود الملاك اللزومي في المطلق مع القطع بدخالة القيد مردّدة بين دخالته في اصل اللزوم أو في الأكمليّة، مع قيام أصل اللزوم بالمطلق، ويمكن أيضا حصول الشكّ في الملاك في الخارجيّات من باب الشكّ في التطبيق مع عدم الشكّ فيه بحسب الكبرى، فهذه أنحاء ثلاثة للشكّ في الملاك، ولا إشكال في عدم جريان الاستصحاب في شيء من هذه الأنحاء بحسب نفس الملاك، فلا يمكن استصحاب الحسن والقبح الموجودين في السابق في شيء من هذه الصور.
وجهه أنّ المفسدة والمصلحة الكامنتين في ذوات الأشياء ليستا موضوعين للأثر الشرعي؛ إذ لم يرتّب الشارع عليهما حكما شرعيّا، والكشف عنهما وإن كان من وظيفة الشارع من حيث إنّه أعقل العقلاء، لكنّه خارج عن وظيفته من حيث إنّه شارع؛ لعدم انتهائهما إلى العمل، فليستا كالطهارة والنجاسة؛ لانتهاء هذين إلى العمل، وأمّا وجوب الإتيان بما فيه المصلحة، والتحرّز عمّا فيه المفسدة فهو حكم الشرع يستكشفه العقل من قاعدة الملازمة بين المفسدة والمصلحة وبين حكم الشرع، لا أنّه أثر لنفس المصلحة والمفسدة.
هذا هو الكلام في استصحاب الحسن والقبح العقليّين، وأمّا استصحاب حكم الشرع التابع لهما فلا مانع عنه سوى ما ذكره قدّس سرّه من أنّ الموضوع مقطوع العدم في بعض الصور ومشكوك البقاء في بعض آخر، فعنوان النقض غير صادق قطعا في الأوّل، ومشكوك الصدق في الثاني.
والحقّ عدم هذا المانع، بيانه أنّ في طريق تشخيص الموضوع في باب الاستصحاب أوجها ثلاثة: الرجوع إلى العقل، والرجوع إلى ما يستفاد من الدليل بحسب فهم العرف، والرجوع إلى العرف ابتداء مع قطع النظر عن الدليل، وحيث إنّ المختار كما يأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى هو الوجه الثالث- وحاصل وجهه أنّ الوجه الأوّل مستلزم لسدّ باب الاستصحاب كما هو واضح، وأمّا الثاني فلأنّا متعبّدون في باب الاستصحاب بصدق النقض والإبقاء وعدم صدقهما لا بغير ذلك- ففي كلّ موضع كان وجود الأثر والحكم السابق في اللاحق بقاء وعدمه ارتفاعا، والالتزام بوجوده إبقاء وبعدمه نقضا نحكم بمشموليّته لعموم «لا تنقض» وإن كان مقتضى الموضوع المأخوذ في الدليل عدم صدق النقض والإبقاء.
كما لو قال الشارع: الماء المتغيّر نجس، فإنّ العرف يرون الطهارة والنجاسة عارضتين على الجسم، وأمّا التغيّر وعدمه فيرونهما من حالات الموضوع وعوارضه دون معدّداته ومقوّماته، فالتغيّر على فرض قيديّته يكون عندهم قيدا للحكم دون الموضوع، وفي كلّ موضع كان وجود الأثر والحكم السابق في اللاحق حدوثا وعدمه انعداما بانعدام الموضوع يحكم بعدم مشموليّته للعموم المذكور.
وإن كان مقتضى الموضوع المأخوذ في الدليل صدق النقض والإبقاء كان المانع الذي ذكره قدّس سرّه مفقودا، فإنّ العقل وإن كان لا يلقي حكمه إلى العرف بدليل لفظي، لكن وصل إلى العرف خطاب «لا تنقض» فالعاقل عند حكم عقله بحسن الصدق النافع مثلا واستكشافه حكم الشرع بوجوب هذا العنوان يقطع النظر عن جنبة عاقليّته ويصير عرفا بحتا ويقول: الصدق النافع كان في السابق واجبا بحكم الشرع وشككت في حال زوال قيد نافعيته في ثبوت هذا الحكم فيه، وقد قال الشارع: «لا تنقض اليقين بالشكّ» فيجد من نفسه مشموليّة المقام لهذا الخطاب.
وبالجملة، إنّا لا نرى فرقا أصلا بين ما إذا قال الشارع: الماء المتغيّر نجس وبين حكم العقل بالنجاسة في موضوع الماء المتغيّر، فكما لو عرض على العرف في الأوّل حكم النجاسة المعلّقة على الموضوع المقيّد، وعرض عليه خطاب لا تنقض، يحكم عند زوال التغيّر من قبل نفس الماء بمشموليّة المورد للخطاب المذكور، كذلك لو عرض عليه في الثاني الحكم المعلّق على المقيّد مستكشفا من العقل وعرض عليه الخطاب المذكور يحكم بمشموليّة المورد المذكور لهذا الخطاب بلا فرق.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|