المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

حكم الزكاة في خلطة الأعيان أو الأوصاف
28-11-2015
اقتصاد المعرفة في الدول المتقدمة
10-6-2022
حديث الثقلين
2023-11-19
الصالحون ومالكية الجنة
2023-08-24
أبو أيوب الأنصاري ( ت/ 52 هـ )
22-12-2015
عدوى الباراتيفوئيد Paratyphoid Infection
30-9-2018


مناظرة شيخ من الإمامية مع بعض المعتزلة في الرجعة وكلام الشيخ المفيد في ذلك  
  
505   01:50 صباحاً   التاريخ: 16-9-2019
المؤلف : الشيخ عبد الله الحسن
الكتاب أو المصدر : مناظرات في العقائد
الجزء والصفحة : ج1 ، 417-427
القسم : العقائد الاسلامية / الحوار العقائدي / * الرجعة /

من كلام الشيخ أدام الله عزه في الرجعة وجواب سؤال فيها سأله المخالفون.

قال الشيخ: سأل بعض المعتزلة شيخا من أصحابنا الإمامية وأنا حاضر في مجلس قد ضم جماعة كثيرة من أهل النظر والمتفقهة فقال له: إذا كان من قولك أن الله جل اسمه يرد الأموات إلى دار الدنيا قبل الآخرة عند قيام القائم (1) (عليه السلام) ليشفي المؤمنين كما زعمتم من الكافرين وينتقم لهم منهم، كما فعل ببني إسرائيل فيما ذكرتم، حتى تتعلقون بقوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} [الإسراء: 6] فخبرني ما الذي يؤمنك أن يتوب يزيد وشمر وعبد الرحمان بن ملجم ويرجعوا عن كفرهم وضلالهم، ويصيروا في تلك الحال إلى طاعة الإمام (عليه السلام)، فيجب عليك ولايتهم، والقطع بالثواب لهم؟ وهذا نقض مذاهب الشيعة.

فقال الشيخ المسؤول: القول في الرجعة إنما قبلته من طريق التوقيف وليس للنظر فيه مجال، وأنا لا أجيب عن هذا السؤال، لأنه لا نص عندي فيه، وليس يجوز أن أتكلف من غير جهة النص الجواب، فشنع السائل وجماعة المعتزلة عليه بالعجز والانقطاع.

وقال الشيخ أدام الله عزه: فأقول أنا أبين في هذا السؤال جوابين:

أحدهما: أن العقل لا يمنع من وقوع الإيمان ممن ذكره السائل، لأنه يكون إذ ذاك قادرا عليه ومتمكنا منه، لكن السمع الوارد عن أئمة الهدى (عليهم السلام) بالقطع عليهم بالخلود في النار، والتدين بلعنهم، والبراءة منهم إلى آخر الزمان منع من الشك في حالهم، وأوجب القطع على سوء اختيارهم، فجروا في هذا الباب مجرى فرعون وهامان وقارون، ومجرى من قطع الله عز اسمه على خلوده في النار، ودل بالقطع على أنهم لا يختارون أبدا الإيمان ممن قال الله تعالى في جملتهم: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111] يريد إلا أن يلجئهم الله، والذين قال الله تعالى فيهم: { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: 22، 23] ثم قال جل من قائل في تفصيلهم وهو يوجه القول إلى إبليس: { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85]. وقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } [ص: 78] وقوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 1 - 3] فقطع عليه بالنار، وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب، وإذا كان الأمر على ما وصفناه بطل ما توهموه على هذا الجواب.

والجواب الآخر: أن الله سبحانه إذا رد الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة، وجروا في ذلك مجرى فرعون لما أدركه الغرق {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90] ، قال الله سبحانه: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91] فرد الله عليه إيمانه، ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه (2)، وكأهل الآخرة الذين لا تقبل لهم توبة ولا ينفعهم ندم، لأنهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل، ولأن الحكمة تمنع من قبول التوبة أبدا، وتوجب اختصاص بعض الأوقات بقبولها دون بعض.

وهذا هو الجواب الصحيح على مذهب أهل الإمامة، وقد جاءت به آثار متظاهرة عن آل محمد (عليهم السلام) حتى روي عنهم في قوله سبحانه: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ } [الأنعام: 158] فقالوا: إن هذه الآية هو القائم (3) (عليه السلام)، فإذا ظهر لن تقبل توبة المخالف، وهذا يسقط ما اعتمده السائل.

سؤال - فإن قالوا في هذا الجواب: ما أنكرتم أن يكون الله سبحانه على ما أصلتموه قد أغرى عباده بالعصيان، وأباحهم الهرج والمرج والطغيان، لأنهم إذا كانوا يقدرون على الكفر وأنواع الضلال وقد يئسوا من قبول التوبة، لم يدعهم داع إلى الكف عما في طباعهم، ولا انزجروا عن فعل قبيح يصلون به إلى النفع العاجل، ومن وصف الله سبحانه بإغراء خلقه بالمعاصي وإباحتهم الذنوب فقد أعظم الفرية عليه؟

جواب - قيل لهم: ليس الأمر على ما ظننتموه، وذلك أن الدواعي لهم إلى المعاصي ترتفع إذ ذاك ولا يحصل لهم داع إلى قبيح على وجه من الوجوه، ولا سبب من الأسباب، لأنهم يكونون قد علموا بما سلف لهم من العذاب إلى وقت الرجعة على خلاف أئمتهم (عليهم السلام)، ويعلمون في الحال أنهم معذبون على ما سبق لهم من العصيان، وأنهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب، ولا يكون لهم عند ذلك طبع يدعوهم إلى ما يتزايد عليهم به العذاب، بل تتوفر لهم دواعي الطباع والخواطر كلها إلى إظهار الطاعة والانتقال عن العصيان، وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الإسلام مثله في أهل الآخرة، وحالهم في إبطال توبتهم وكون توبتهم غير مقبولة منهم، فمهما أجاب به الموحدون لمن ألزمهم ذلك، فهو جوابنا بعينه.

سؤال آخر - وإن سألوا على المذهب الأول والجواب المتقدم فقالوا: كيف يتوهم من القوم الإقامة على العناد، والإصرار على الخلاف، وقد عاينوا فيما يزعمون عقاب القبور، وحل بهم عند الرجعة العذاب على ما يعلمون مما زعمتم أنهم مقيمون عليه، وكيف يصح أن تدعوهم الدواعي إلى ذلك، ويخطر لهم في فعله الخواطر، وما أنكرتم أن تكونوا في هذه الدعوى مكابرين؟

الجواب - قيل لهم: يصح ذلك على مذهب من أجاب بما حكيناه من أصحابنا بأن نقول: إن جميع ما عددتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف، لأن القوم يظنون أنهم إنما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم، وليلوا الدنيا كما كانوا يظنون أن ما اعتقدوه في العذاب السالف لهم كان غلطا منهم، وإذا حل بهم العقاب ثانية توهموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أن ذلك ليس من طريق الاستحقاق، وأنه من الله تعالى، لكنه كما تكون الدول وكما حل بالأنبياء.

ولأصحاب هذا الجواب أن يقولوا: ليس ما ذكرناه في هذا الباب بأعجب من كفر قوم موسى وعبادتهم العجل، وقد شاهدوا منه الآيات، وعاينوا ما حل بفرعون وملئه على الخلاف، ولا هو بأعجب من إقامة أهل الشرك على خلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يعلمون عجزهم عن مثل ما أتى به القرآن، ويشهدون معجزاته وآياته - عليه وآله السلام -، ويجدون مخبرات أخباره على حقائقها من قوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } [القمر: 45] وقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ } [الفتح: 27] ، وقوله: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 1 - 3] وما حل بهم من العقاب بسيفه - عليه وآله السلام - وهلاك كل من توعده بالهلاك، هذا وفيمن أظهر الإيمان به المنافقون ينضافون في خلافه إلى أهل الشرك والضلال.

على أن هذا السؤال لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة، لأنهم يزعمون أن أكثر المخالفين على الأنبياء كانوا من أهل العناد، وأن جمهور المظهرين للجهل بالله يعرفونه على الحقيقة ويعرفون أنبياءه وصدقهم، ولكنهم في الخلاف على اللجاجة والعناد، فلا يمنع أن يكون الحكم في الرجعة وأهلها على هذا الوصف الذي حكيناه، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 27-28]. فأخبر سبحانه أن أهل العقاب لو ردهم الله تعالى إلى الدنيا لعادوا إلى الكفر والعناد، مع ما شاهدوا في القبور وفي المحشر من الأهوال، وما ذاقوا من أليم العذاب (4).

_____________

(1) كما أفصحت بذلك الأخبار المتواترة، وأن الرجعة ليست بعامة وهي خاصة، لا يرجع إلا من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا، وإليك كلمات بعض الأعلام في هذه المسألة: قال السيد المرتضى (رحمه الله): إن الذي تذهب الشيعة الإمامية إليه إن الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي (عليه السلام) قوما ممن كان قد تقدم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم فيلتذوا بما يشاهدون من ظهور الحق، وعلو كلمة أهله، والدلالة على صحة هذا المذهب أن الذي ذهبوا إليه مما لا شبهة على عاقل في أنه مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، فإنا نرى كثيرا من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة، وإذا ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور فالطريق إلى إثباتها إجماع الإمامية على وقوعها، فإنهم لا يختلفون في ذلك، وإجماعهم قد بينا في مواضع من كتبنا أنه حجة لدخول قول الإمام (عليه السلام) فيه. وقال العلامة المجلسي (رحمه الله): إعلم يا أخي إني لا أظنك ترتاب بعدما شهدت وأوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار، واشتهرت بينهم كالشمس في رائعة النهار حتى نظموها في أشعارهم واحتجوا بها على المخالفين في جميع أعصارهم، وشنع المخالفون عليهم في ذلك وأثبتوه في كتبهم وأسفارهم، منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما، ولولا مخافة التطويل من غير طائل لأوردت كثيرا من كلامهم في ذلك، وكيف يشك مؤمن بحقيقة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم، ثم عد منهم المشايخ الثلاثة، والمفيد والمرتضى والنجاشي والكشي والعياشي والقمي وابن قولويه والكراجكي والصفار والفضل بن شاذان والنعماني وابن شهرآشوب والراوندي والطبرسي والعلامة والشيخ الشهيد وغير ذلك - رضوان الله عليهم أجمعين - ثم قال: وإذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أي شيء يمكن دعوى التواتر مع ما روته كافة الشيعة خلفا عن سلف؟! وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمة الدين ولا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين فيحتال في تخريب الملة القويمة بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين وتشكيكات الملحدين: { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].

راجع: سفينة البحار للقمي: ج 1 ص 511 - 512. وقال الشيخ الطبرسي (رحمه الله): وقد تظافرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد (صلى الله عليه وآله) في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب في القتل على أيدي شيعته والذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته، ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل: قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه، وصح عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله: سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه. على أن جماعة من الإمامية تأولوا ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، وأولوا الأخبار الواردة في ذلك لما ظنوا أن الرجعة تنافي التكليف، وليس كذلك لأنه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب، والامتناع من القبيح والتكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر، وقلب العصا ثعبانا، وما أشبه ذلك، ولأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيتطرق التأويل عليها، وإنما المعول في ذلك على إجماع الشيعة الإمامية، وإن كانت الأخبار تعضده وتؤيده. راجع: مجمع البيان للطبرسي: ج 7 ص 367. وقال الشيخ المظفر (رحمه الله) في كتابه عقائد الإمامية: ص 338: إن الذي تذهب إليه الإمامية - أخذا بما جاء عن آل البيت (عليهم السلام) إن الله تعالى يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر، ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد (صلى الله عليه وآله)، ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان، أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين - الذين لم يصلحوا بالارتجاع فنالوا مقت الله - أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غافر: 11].

(2) روي عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: قلت للرضا (عليه السلام): لأي علة أغرق الله فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال: لأنه آمن عند رؤية البأس، والإيمان عند رؤية البأس غير مقبول، وذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف والخلف، قال الله عز وجل: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 84، 85] وقال عز وجل: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } [الأنعام: 158] وهكذا فرعون لما أدركه الغرق قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90] فقيل له: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91]. بحار الأنوار: ج 6 ص 23 ح 25. ومما يدل أيضا على عدم قبول التوبة ممن رأى البأس - كفرعون الذي آمن حينما عاين العذاب - هو ما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) وذلك أنه أتي المأمون بنصراني قد فجر بهاشمية فلما رآه أسلم فغاظه ذلك، وسأل الفقهاء فقالوا: هدر الإسلام ما قبله فسأل الرضا (عليه السلام) فقال: اقتله لأنه أسلم حين رأى البأس، قال الله عز وجل: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [غافر: 84] (بحار الأنوار: ج 49 ص 172 ح 9)، ومثل هذه الواقعة حصلت أيضا في زمن الإمام الهادي (عليه السلام) فأجاب بنفس الجواب السابق. راجع: بحار الأنوار: ج 50 ص 172 ح 51.

(3) كما جاء في رواية ابن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: في قول الله عز وجل: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام: 158] فقال: الآيات هم الأئمة (عليهم السلام) والآية المنتظر هو القائم (عليه السلام) فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدمه من آبائه (عليهم السلام) (بحار الأنوار: ج 51 ص 51 ح 25). ومثله أيضا جاء عن أبي بصير قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) في قول الله عز وجل: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } [الأنعام: 158] قال (عليه السلام): يعني يوم خروج القائم المنتظر منا (بحار الأنوار: ج 52 ص 149 ح 76). وجاء أيضا عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } قال: نزل *(أو كسبت في إيمانها خيرا)* *(قل انتظروا إنا منتظرون)* قال: إذا طلعت الشمس من مغربها فكل من آمن في ذلك اليوم لا ينفعه إيمانه. (بحار الأنوار: ج 6 ص 313 ح 18). وجاء أيضا في كنز العمال: ج 6 ص 153 - 154 ح 15203: من حديث روي عنه (صلى الله عليه وآله) - إلى أن قال -: فيقال لها: ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتدرون متى ذاكم؟ ذاك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } .

(4) الفصول المختارة للمفيد: ص 153 - 157.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.