ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﻟﻸﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻭﻋﻮﺍﻣﻠﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ (أزمـة الطاقـة والخامات) |
1305
02:54 صباحاً
التاريخ: 13-7-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2022
2204
التاريخ: 2023-02-21
1152
التاريخ: 16-1-2020
3284
التاريخ: 20-9-2019
2320
|
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﻟﻸﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻭﻋﻮﺍﻣﻠﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ :
ﺗﺸﻴﺮ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ إﻟﻰ أن اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ هـﻲ ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﺮكـﺒﺔ ، ﻓﺎﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﺑﺘﺪأ ﻣﻨﺬ ﻣﺪة ﺳﺒﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺜﻞ أزﻣﺔ اﻟﻐﺬاء وأزﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ، واﻟﺨﺎﻣﺎت ، وأزﻣﺔ اﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ، وأزﻣﺔ اﻟﻐﺬاء ، وأزﻣﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ ،وهي اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ كـﻠﻬﺎ أزﻣﺎت هـﻴﻜﻠﻴﺔ اﻣﺘﺪت ﻟﻤﺪد زﻣﻨﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ دون ﻧﻬﺎﻳﺔ وكـﻠﻬﺎ أزﻣﺎت ﻣﺮكـﺒﺔ ﺣﻴﺚ كـﻞ أزﻣﺔ ﻣﻦ هـﺬﻩ اﻷزﻣﺎت أﺧﺬت ﺑﻤﺮور اﻟﺰﻣﻦ ﺗﺨﻠﻖ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ أﺧﺮى دون إن ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ وﻗﺖ أوزﻣﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻟﺬﻟﻚ ازدادت ﺗﻌﻘﻴﺪًا وأﺻﺒﺤﺖ أزﻣﺎت دورﻳﺔ هـﻴﻜﻠﻴﺔ . واﻧﻌﻜﺴﺖ اﻷزﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺮكـﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﺑﺂﺛﺎر اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ، وﻳﺒﺪو ذﻟﻚ واﺿﺤًﺎ ﻓﻲ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮض اﻗﺘﺼﺎدهـﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 1985إﻟﻰ ﻋﺠﺰ ﺗﺠﺎري وﻣﺘﻔﺎﻗﻢ ﻣﺼﺤﻮب ﺑﺎرﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻀﺨﻢ واﻟﻌﺠﺰ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻮازﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻣﺼﺤﻮﺑًﺎ ﺑﺘﺮاﺟﻊ ﻧﺴﺒﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺘﻀﺨﻢ وأﺳﻌﺎر ﻓﺎﺋﺪة ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻊ اﺳﺘﺜﻤﺎرات رأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻓﻲ ﻋﺎم 1984 ، أذاً ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ ﻓﻬﻢ اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻣﻨﺬ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت أﻻ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ، ﻓﺎﻟﻈﺎهـﺮة اﻟﺒﺎرزة هـﻲ ﺗﺸﺎﺑﻚ اﻷزﻣﺔ اﻟﺪورﻳﺔ ﻣﻊ اﻷزﻣﺎت اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺤﺚ رأس اﻟﻤﺎل اﻟﺪوﻟﻲ ﻋﻦ ﻣﺨﺮج ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺮﺷﻴﺪ اﻹﻧﺘﺎج ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻨﺠﺰات اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺸﺎﺑﻜﺖ اﻟﻈﻮاهـﺮ ذات اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺪوري ﻣﻊ اﻷزﻣﺔ اﻟﻬﻴﻜﻠﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ واﻟﺮكـﻮد ﻓﻲ اﻟﻔﺮوع واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ .
وﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ اﺳﺘﻌﺮاض ﻷهـﻢ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺗﻌﺎﻗﺒﻬﺎ اﻟﺘأريخي (1) .
أولاً : أزمـة الطاقـة والخامات
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﺠﺮت أزﻣﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي ﻋﺎم 1970 ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄكـﺪت ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺘﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ﻣﺮﺗﻴﻦ ، أﺗﻴﺤﺖ ﻓﺮﺻﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻮﻗﻒ اﻻﻧﺨﻔﺎض ﻓﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ، وﺗﻌﻮﻳﻀﻪ ﺟﺰﺋﻴًﺎ ﺑﺎﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻤﻘﺒﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺗﻔﺎﻗﻴﺘﺎ ﻃﻬﺮان وﻃﺮاﺑﻠﺲ ﻓﻲ ﻋﺎم 1971 ، وﺗﻠﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻳﺘﻨﺎﺳﺎهـﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ أزﻣﺔ اﻟﻨﻔﻂ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ هـﻢ ﻳﺆكـﺪون ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ـ ﻏﻴﺮ اﻟﻜﺎﻓﻲ ـ ﺑﺄن اﻷوﺑﻚ كـﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة ﺑﻌﺪ ﺣﺮب أكـﺘﻮﺑﺮ 1973 ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺴـﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﺮر وﺣﺪهـﺎ وﺑﻼ ﻣﻘﺪﻣﺎت رﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ أﻣﺜﺎﻟﻬﺎ .
وﻻ ﺷﻚ ﻓﻲ أن اﻷزﻣﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﻗﺪ ﺳﺒﻘﺖ اﻷزﻣﺔ اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ وكـﺎﻧﺖ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻨﻬﺎ ، كـﻤﺎ أن ﺗﺒﺎﻃﺆ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ كـﺎن أﻣﺮًا واﻗﻌًﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 1973 ، ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻊ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻟﻤﺸﺎكـﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم .
وﻻ ﺷﻚ أﻳﻀًﺎ ﻓﻲ أن ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ أﺿﺎف ﻋﻨﺼﺮًا ﺟﺪﻳﺪًا إﻟﻰ أﺳﺒﺎب اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻧﻌﻜﺎﺳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ ، ﻟﻘﺪ أﺻﺎب اﻧﻔﺠﺎر أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ ﻋﺎم 1974 اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﺟﻤﻴﻌًﺎ وﺑﺎﻟﺬات أورﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎن ، وﺗﺪهـﻮرت ﺑﺼﻔﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﺷﺮوط اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ، وﺗﺪهـﻮرت اﻟﻤﻮازﻳﻦ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ أﻳﻀًﺎ ، فقد كان ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮق اﻷورﺑﻴﺔ ايضاً إن ﺗﺴﺘﻮرد 96 % ﻣﻦ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮد ، أﻣﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻓﻤﻀﻄﺮة ﻻن ﺗﺴﺘﻮرد 99% ﻣﻨﻬﺎ .
وﻋﻨﺪﺋﺬ ﺗﻔﺠﺮت أزﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻜﺸﻔﺖ ﻋﻦ أزﻣﺔ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻓﺄزﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺳﻮى أزﻣﺔ هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﺑﻴﻦ أﺳﻠﻮب ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻘﻮى اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﺤﺪد ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ وﺑﻴﻦ أﺳﻠﻮب ﺗﺮاكـﻢ رأس اﻟﻤﺎل ﻓﻲ ﻗﻄﺎع اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺬي ﻳﺤﺪد ﻋﺮض اﻟﻄﺎﻗﺔ عـﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ (2) .
وكـﺎن ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻘﺪرة ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮازن واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻷزﻣﺔ ﻏﻴﺮ اﻧﻪ ﻇﻬﺮت هـﻨﺎك ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺟﻮهـﺮﻳﺔ هـﻲ إن ﺣﺼﺔ اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ كـﺎﻧﺖ ﻗﺮاﺑﺔ58% عام 1980 ﻟﻦ ﺗﻬﺒﻂ ﻋﻦ 55 % ﻓﻲ ﻋﺎم 2000 وان ﺗﻄﻮﻳﺮ أﻧﻮاع ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ أﻣﺮ ﻏﻴﺮ ﻳﺴﻴﺮ ، إذ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺒﺐ ذﻟﻚ ﻣﺸﺎكـﻞ ﺑﻴﺌﻴﺔ ﺧﻄﻴﺮة ﻣﺜﻞ أﺛﺎر ﺛﺎﻧﻲ أوآﺴﻴﺪ اﻟﻜﺮﺑﻮن اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻣﻦ ﺣﺮق اﻟﻮﻗﻮد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎخ واﺛآر ﺗﻌﺪﻳﻦ اﻟﻔﺤﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﺌﺔ وﺧﻄﺮ اﻟﺘﻠﻮث ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﻨﻮوﻳﺔ ، ﻓﻀًﻼ ﻋﻦ أن ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﺼﺎدر ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﺑﺎهـﻆ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﻻﺳﻴﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﺴﺘﻮى ، ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ .
اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت المتـﺤﺪة إن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻂ ﻷﻣﺪ ﻃﻮﻳﻞ ﺑﺜﻤﻦ ﺑﺨﺲ ﻧﺘﻴﺠﺔ إﺑﻘﺎء ﺳﻌﺮ ﺗﻌﺎدل اﻟﺪوﻻر ﻣﻊ اﻟﺬهـﺐ ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﺣﺘﻰ ﻋﺎم 1971 وذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﺪوﻻر ﻣﺮﺗﻴﻦ ، وﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ اﻹﺳﺘﺮﻟﻴﻨﻲ واﻟﻔﺮﻧﻚ ، وهـﻲ اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺳﺎس ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ، ﺗﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ أﻣﺮان :
اﻷول : ـ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻓﻌﻠﻲ ﻟﻘﻴﻤﺔ ﻣﺪﺧﺮات اﻟﺪول اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ
اﻟﺜﺎﻧﻲ : ـ ﺗﺨﻔﻴﺾ واﻗﻌﻲ ﻷﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ .
وﻣﻦ هـﻨﺎ كـﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ هـﺬﻩ اﻷﺳﻌﺎر ، وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻓﻠﻘﺪ كـﺎﻧﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ دون اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺬي ﺗﻔﺮﺿﻪ اﻋﺘﺒﺎرات اﻟﻌﺮض واﻟﻄﻠﺐ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ، وﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺣﺮب أكـﺘﻮﺑﺮ كـﺎﻧﺖ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺎرﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ وازدﻳﺎد ﺗﺮاكـﻢ ﻋﺎﺋﺪاﺗﻪ ، وﻟﻘﺪ ﺳﺒﻖ اﻟﺤﺮب ﺑﺸﻬﺮ واﺣﺪ اﺟﺘﻤﺎع ﻓﻲ ﻧﻴﺮوﺑﻲ ﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﻟﻲ كـﺎن ﻣﺨﺼﺼﺎ ـ ﺑﻴﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت أﺧﺮى ـ ﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻴﻌﺎب هـﺬﻩ اﻟﻔﻮاﺋﺪ وإﻋﺎدﺗﻬـا ﺑﺼﻮرة أو ﺑﺄﺧﺮى إﻟﻰ اﻟﺴﻮق اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ(3).
وﻟﻘﺪ أدت ﻋﻤﻠﻴﺔ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ إﻟﻰ ﺗﻤﺘﻊ اﻟﺪوﻻر ﺑﻤﻴﺰة ﻧﺴﺒﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻤﻼت ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻮﺿﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ كـﻞ ﻣﻦ ﺳﻮق اﻟﻨﻔﻂ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ إﻧﺘﺎﺟﺎً واﺳﺘﻬﻼكـﺎً وﺳﻮق اﻟﺼﺮف اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻻر اﻷﺧﺮى ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻋﻤﺪت ﻓﺮﻧﺴﺎ إﻟﻰ ﺗﻌﻮﻳﻢ اﻟﻔﺮﻧﻚ اﻣﺘﺼﺎﺻًﺎ ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻻرﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ، وﻣﻦ ﺛﻢ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻮﺟﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎﺑﻖ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻮﻳﻢ ﺷﺎرك ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻴﻦ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ ، وكما ﺷﻬﺪت اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ﺗﺴﺎﺑﻖ اﻟﻌﻤﻼت إﻟﻰ اﻟﺘﺨﻔﻴﺾ ﺷﻬﺪت اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﺗﺴﺎﺑﻘًﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻮﻳﻢ ﺑﺄﻣﻞ كـﺴﺐ ﻣﻴزة ﻧﺴﺒﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺨﻔﻴﺾ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻘﻴﻤﺘﻬﺎ ، وكـﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ هـﻲ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻠﺐ ﻓﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﺼﺮف ﻟﻠﻌﻤﻼت اﻷﺳﺎس(4) .
أن اﻟﺘﺤﺪي اﻟﺬي أﻋﻠﻨﺘﻪ دول اﻷوﺑﻚ ﻟﻢ ﺗﻠﺒﺚ أن ردت ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺑﺈﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻀﺎدة ﻣﻦ ﺑﻨﺪﻳﻦ : اﻟﺘﻀﺨﻢ أﻟﺮكـﻮدي ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﺴﻌﻲ ﻟﻤﺼﺎدر ﺑﺪﻳﻠﺔ ، واﻟﻮاﻗﻊ إن اﻟﺘﻀﺨﻢ أﻟﺮكـﻮدي كـﺎن ﻟﻪ ﺟﺎﻧﺒﺎن : ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺮكـﻮد ﻓﺎﻧﻪ ﻳﻨﻘﺺ اﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻗﺔ ، وبـﺤﻜﻢ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻓﺎﻧﻪ ﻳﺨﻞ ﺑﻬﻴﺎكـﻞ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮردة ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ (5) .
وﻋﻨﺪﻣﺎ ارﺗﻔﻌﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 1979 ﺗﺒﻊ ذﻟﻚ ركـﻮد ﻋﺎﻟﻤﻲ أﻋﻤﻖ وأﻃﻮل ﻣﻦ ركـﻮد ﻋﺎم 1974 ، ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﻃﻠﺐ أﻗﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻂ ، واﻧﻬﺎرت أﺳﻌﺎرﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﻬﻴﺎرًا ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ ، ﻟﻜﻦ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺑﺬﻟﻚ إن ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮق اﻟﺪوﻟﻴﺔ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ﻓﺆاد ﻣﺮﺳﻲ ، ﻣﺸﻜﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ، ﻣﺼﺪر ﺳﺒﻖ ذكره ، 126 .
2ـ ﻓﺆاد ﻣﺮﺳﻲ ، أزﻣﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ العربية ، ﺑﻐﺪاد ، 1979 ، ص113 .
3ـ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺒﺤﻲ ، ﺑﻌﺾ اﻻﺗﺠﺎهـات الراهنة للتجارة الدولية، ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ،بـغداد، 1989 ، ص75-76 .
4ـ ﻓﺆاد ﻣﺮﺳﻲ ، مصدر سبق ذكره ، ص16 .
5ـ البنك الأهلي المصري ، النشرة الاقتصادية ، المجلد 39 ،ع2 ، القاهرة ، 1986 ، ص12-13 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|