وانطلاقا من كل ما سبق يفرض نفسه السؤال الآتي:

كيف لنا أن نضع استراتيجية إعلامية وسياسة إعلامية فاعلة وخططا وبرامج نافذة؟

والجواب يقول:

إن التخطيط الإعلامي في وسائل الاتصال الجماهيري بصفة عامة إنما يقوم على أساس استراتيجية ثابتة لفترات زمنية طويلة أو متوسطة أو قصيرة، لكنها تتصف بالمرونة عند الضرورة كما سبق أن ذكرنا، استراتيجية تعتمد على مجموعة من المبادئ الاساسية التي توضع على أساسها سياسات الخطة الإعلامية التي تتحكم في البرامج التي يتم تنفيذها، والبداية دائما هي أن نعرف ونحدد ما نريد، وأن تكون لدينا رؤية واضحة تستقرئ التاريخ وتعي الحاضر وتصغ المستقبل. والعامل الاساسي الذي يعتمد عليه المشتركون في تحديد الاستراتيجية الإعلامية، هو وجود [فلسفة] أو وجهة نظر معينة، فالفلسفة التي نعنيها وطبقا للتوجه العام لهذه الدراسة، نجدها في أبسط تعريفاتها مجرد تصور للعالم يشمل كافة نواحي الحياة من خلال وجهة نظر محددة.

وعلى سبيل المثال نجد أن فلسفة الحزب النازي وهتلر في ألمانيا النازية كانت تقوم على أساس أن الجنس الآري الذي ينتمي إليه الشعب الالماني هو الافضل، بل هو شعب الله المختار، وعلى أساس هذه الفلسفة تم وضع الاستراتيجية الإعلامية في ألمانيا النازية التي روجت للقيام بتصفيات عرقية بشعة.

ولنا أن نذكر أن اليهود الصهاينة يرفعون نفس الشعار، ويؤمنون بذات الفلسفة، فهم يقولون عن أنفسهم أنهم [شعب الله المختار]، وأنهم الجنسالافضل، وعلى أساس هذا الفكر أو تلك الفلسفة تم وضع استراتيجية وسياسة إعلامية ذات طابع عنصري بغيض، وعلى أساسه يتحدث الإعلام الإسرائيلي الذي يحدد ويؤيد ويدعم ما نقوم به هذه الدولة العنصرية من فظائع وتصفيات عرقية، بدءا من عام النكبة عام ١٩٤٨، وما قبلها وصولا إلى عام ٢٠٠٩م التي شنت إسرائيل في مطلعها حرب إبادة على شعب غزة في فلسطين المحتلة وارتكب خلال هذه الحرب جرائم ضد الإنسانية حيث استهدفت الأطفال والنساء والمرضى والمستشفيات بل ومنشآت الامم المتحدة [الاونروا] من مدارس لجأ إليها المواطنون الآمنون طمعا في الحماية.

والصرب الذين تقوم فلسفنهم على أنهم الجنس الأفضل ويطمحون إلى قيام [صربيا الكبرى] وعلى هذه الفلسفة تم وضع استراتيجيتهم الإعلامية التي ساندت حروب الإبادة التي شوها على البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفا .

ولنا أن نقول أن وجهة النظر هذه المنبثقة عن فلسفة وثقافة شعب من الشعوب هي التي تقوم عليها الاستراتيجية والسياسة الإعلامية، والخطط والبرامج التنفيذية ونضيف إلى ذلك الالتزام بالهوية، أي الموروث الثقافي باعتبار أن الثقافة إنما تعني الهوية، والثقافة انطلاقا من هذا المفهوم الانثروبولوجي، عبارة عن أنساق القيم والعادات والتقاليد وأساليب الحياة في أي مجتمع(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عبد المجيد شكري - الاتصال الإعلامي والتنمية - آفاق المتقبل وتحديات قرن جديد، دار العربي للنشر، ١٩٩٥، القاهرة.