تعد السریة من أهم الخصائص الممیزة للجریمة المنظمة العابرة للحدود، إذ تعمد الجماعات التي تضلع بهذا النوع من الإجرام إلى إخفاء أنشطتها غیر المشروعة مع حرصها  الشدید على إحاطة هیاكلها بالسریة التامة، وتطبیقا لذلك یقع على عاتق أي عضو فیها، إذا ما تم القبض علیه، التقلیل بكل الوسائل من أهمیة دوره في الجرائم المرتكبة. على العكس من ذلك، الإرهاب والتغطیة الإعلامیة تربطهما علاقة وثیقة، باعتبارهما عملیا متلازمین ضمن حدود تلك العلاقة، إذ یغذي كل منهما الأخر لتحقیق دوافع سیاسیة وٕایدیولوجیة، فنشاطات الإرهاب تجتذب الإعلام، وتحتل موقعا بارزا ضمن اهتمامات وسائل الاتصال الجماهیري(1)، ویرجع سبب هذه العلاقة بالدرجة الأولى إلى الجماعات الإرهابیة ورغبتها بالاعتراف في الغالب بجرائمها وٕاعلانها لمسؤولیتها(2)، وبالتالي تستغل هذه الجماعات الإعلام لتحقیق أكبر قدر من الدعایة لنشر القضیة التي تؤمن بها(3)، والتي شكلت دافعا في ارتكاب الأنشطة الإجرامیة. ولا تقتصر الجماعات الإرهابیة على وسائل الإعلام في الدعایة، بل تلجأ أیضا إلى تسخیر وسائل التكنولوجیا وتوظیفها، فنجد أن هذه الجماعات تعمد إلى قرصنة الأفلام وٕانتاج الوسائط المتعددة لتجنید الأنصار والمؤیدین( 4)، وهو ما نجحت فیه العدید من الحركات المتشددة التي تستغل عنفوان الشباب بإثارة أحلام البطولة الانتحاریة التي ستدخلهم الجنة حسب زعمهم(5)، ومن ثم دفعهم إلى الانغماس في الأنشطة الإرهابیة. وبالتالي تختلف الجریمة المنظمة العابرة للحدود عن الإرهاب من حیث خاصیة السریة فإذا كانت هذه الخاصیة مطلوبة ومشروطة في مجال الجریمة المنظمة العابرة للحدود، وهي سبب وجودها وبقائها واستمرارها، فإنه على العكس من ذلك تشكل الدعایة خاصیة من الخصائص التي یتمیز بها الإرهاب التي من شأنها تحقیق الأهداف المرجوة من ارتكاب أنشطة إرهابیة. لكن على الرغم من الاختلاف الموجود بین الجریمة المنظمة العابرة للحدود والإرهاب إلا أن التعاون بین الجماعات الإجرامیة المنظمة والجماعات الإرهابیة یبقى واضحا، على اعتبار أن ما یجمعهما أكثر مما یفرقهما، فكلا النوعان من الجماعات یعملان خارج إطار الشرعیة الدولیة والوطنیة، ویعادیان الدول والشعوب على السواء، ویتجلى تعاونهما في إعادة  تجنید الأعضاء لضمان استمرار تنفیذ أنشطتها الإجرامیة(6) والواقع یثبت أن الروابط القائمة بین الجماعات الإجرامیة المنظمة والجماعات الإرهابیة مستمدة من فكرة التكافل التي تظهر في الأصل بین التحالفات الإستراتیجیة التي تقوم بین الجماعات المشابهة(7)، وقد برزت الفكرة بشكل واضح بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 حیث اتضح أن أفغانستان خلال حقبة التسعینات، وبوقوعها تحت حكم طالبان، تحولت إلى مركز عالمي لإنتاج الأفیون وملاذا آمنا للتخطیط للأنشطة الإرهابیة من قبل تنظیم القاعدة  فأصبحت بذلك دولة أفغانستان دولة راعیة للمخدرات وراعیة للإرهاب آنذاك(8) تظهر مظاهر التعاون بین الجریمة المنظمة العابرة للحدود والإرهاب، أیضا، في تلاقي الإرهابیین مع رجال المافیا في مناسبات معینة وفي مواعید دقیقة، حیث تلجأ، على سبیل المثال الجماعات الإرهابیة إلى اقتناء الأسلحة والأوراق المزورة من خلال الاستعانة بالجماعات الإجرامیة المنظمة، كما كان علیه الحال بالنسبة لما یسمى بالجماعة السلفیة  للدعوى والقتال( 9)، التي كانت تنشط في الجزائر(10) أیضا أدت العلاقة المتواجدة بین الجریمة المنظمة العابرة للحدود والإرهاب إلى تشجیع تجارة الأسلحة والمتفجرات وغیرها من أسلحة الحرب والدمار، لما أضحت تجنیه الجماعات الإرهابیة المنظمة من أرباح طائلة، في مقابل تقویة شوكة الجماعات الإرهابیة في تحقیق  أغرضها ومدها بالقوة اللازمة لمقاومة جهود المكافحة التي تبدلها أجهزة إنفاذ القوانین(11) لكن تأثیر الجریمة المنظمة العابرة للحدود على الإرهاب، والعكس، لا یقتصر عند هذا الحد، بل یجب دائما الأخذ بعین الاعتبار فكرة أن هناك نقطة معینة قد تتخطاها جماعة  إجرامیة معینة، فتكسب بذلك صفات جدیدة تجعلها تنتقل من طائفة إلى طائفة أخرى(12) على هذا الأساس قد تتحول جماعة إرهابیة إلى جماعة إجرامیة منظمة والعكس، كذلك أن عالم الإجرام یشهد انتقالا بین عناصره، فكم من إرهابیین انتقلوا إلى صفوف جماعات  الجریمة المنظمة والعكس(13) یترتب عن ذلك أن السیاسة الجزائیة الواجب اتخاذها للقضاء على كل من الجریمة المنظمة العابرة للحدود والإرهاب تتناسب فیما بینها، نظرا للأخطار الهائلة المترتبة عنهما  وامتداد آثارهما لجمیع مناحي الحیاة، لاسیما الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة(14) .

_____________

1- انتصار إبراهیم عبد الرزاق وصفد حسام الساموك، ص 14.

2- حسام محمد السید أفندي، التشكیلات العصابیة في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، دار النهضة العربیة، القاهرة مصر، سنة 2011. ص 256 .

3- محمد سامي الشوا، الجریمة المنظمة وصداها على الأنظمة العقابیة، دار النهضة العربیة، القاهرة مصر، سنة  1998 ص 42 .

4-  حسام محمد السید أفندي، مرجع نفسه. ص 257 .

5-  الأخضر عمر الدهیمي، ص 17 .

6- الجریمة المنظمة والإرهاب نحو مقاربة شمولیة

7- هالة غالب، مقال بعنوان: المواجهة الدولیة لج ا رئم تهریب المهاجرین، المجلة الجنائیة القومیة، یصدرها المركز  القومي للبحوث الاجتماعیة والجنائیة، القاهرة مصر، المجلد الحادي والخمسون، ع الأول، مارس 2008 . ص 109

8- عبد القادر دندن، مقال بعنوان: خطر التحالف بین الإرهاب والجریمة المنظمة العلاقة بین التنظیمات المسلحة وشبكة الاتجار بالمخد ا رت، شمال أفریقیا نموذجا، مجلة سیاسات عربیة، ع 8، أبریل 2014 ص 87.

9- هي عبارة عن جماعة إسلامیة مسلحة، صنفت من بین الجماعات الإرهابیة، وهي الآن تنشط تحت عنوان القاعدة  في بلاد المغرب الإسلامي.

10- Jean-François GAYRAUD. Op.cit. P. 09.

11- عبد الفتاح مصطفى الصیفي، مصطفى عبد المجید كاره وأحمد محمد النكلاوي الجریمة المنظمة (التعریف والأنماط  . والاتجاهات)، ط الأولى، مركز الدراسات والبحوث، أكادیمیة نایف العربیة للعلوم الأمنیة، الریاض السعودیة، سنة 1999 ص 68 و 69.

12- محمود شریف بسیوني، الجریمة المنظمة عبر الوطنیة (ماهیتها ووسائل مكافحتها دولیا ووطنیا)، ط الأولى، دار   الشروق، القاهرة مصر، سنة 2004 ص 39.

13- حسام محمد السید أفندي، مرجع سابق. ص 260 .

14- Frédéric DESPORTES et Francis LE GUNEHEC. Op.cit. .P. 128.