المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



فاجعة كربلاء في ضمير كل انسان  
  
2436   01:27 صباحاً   التاريخ: 7-5-2019
المؤلف : آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين .
الكتاب أو المصدر : ثورة الحسين (عليه السلام) ظروفها الاجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة
الجزء والصفحة : ص187-191.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2016 3659
التاريخ: 29-3-2016 3009
التاريخ: 28-3-2016 3746
التاريخ: 8-04-2015 7657

... إنّ فاجعة كربلاء قد دخلت في الضمير الإسلامي آنذاك وانفعل بها المجتمع الإسلامي بصفة عامّة انفعالاً عميقاً . ولقد كان هذا كفيلاً بأن يبثّ في النفس ما يدفعها إلى الدفاع عن كرامتها وأن يبعث في الروح النضالية الهامدة جذوة جديدة وأن يرسل في الضمير الشلو هزّة تحييه ...

لقد درسنا بعض جوانب ثورة الحسين (عليه السّلام) على الحكم الاُموي فدرسنا ظروفها الاجتماعيّة والنفسية ودرسنا أسبابها وغاياتها وفي خلال حديثنا هذا صحبنا الحسين (عليه السّلام) وآله وصحبه في كثير من مراحل عملهم الثوري ولم نتحدّث عن عنصر المأساة حديثاً واسعاً ؛ لأنّ ذلك ليس من همّنا كما ذكرنا بين يدي هذه الفصول واكتفينا من ذلك بالإشارة التي يقتضيها سياق البحث والاستنتاج .

ونريد الآن أن نتحدّث عن نتائج هذه الثورة وعن عطائها الإنساني هل غيّرت هذه الثورة شيئاً من مواقع المجتمع الذي انفجرت فيه ؟ وهل حققت نصراً لصانعيها ؟ وهل حطّمت أعداءها ؟

هذه أسئلة تثور على شفتي كلّ مَنْ يقرأ أو يسمع عن ثورة من الثورات ويتوقّف الحكم على الثورة بالنجاح أو الفشل على ما تقدّمه الوثائق من أجوبة على هذا الأسئلة فهل كانت ثورة الحسين (عليه السّلام) ناجحة أو أنّها كانت ثورة فاشلة ككثير من الثورات التي تشتعل ثمّ تنطفئ ولا تخلف وراءها إلاّ ذكريات حزينة تراود بين الحين والحين أحبّاء صرعاها ؟

قد يُقال : إنّها ثورة فاشلة تماماً ؛ فهي لم تحقق نصراً سياسياً آنيّاً يُطوّر الواقع الإسلامي إلى حال أحسن من الحال التي كان عليها قبل هذه الثورة .

لقد بقي المسلمون بعد الثورة كما كانوا قبلها قطيعاً يُساق بالقوّة إلى حيث يُراد له لا إلى حيث يُريد ويُساس بالتجويع والإرهاب .

ولقد ازداد أعداء هذه الثورة قوّة على قوّتهم فلم تنل منهم شيئاً وأمّا صانعوها فقد أكلتهم نارها وشملت أعقابهم مئات من السنين ؛ فحملت إليهم الموت والذلّ والتشريد والحرمان فهي فاشلة على الصعيد الاجتماعي وهي فاشلة على الصعيد الفردي .

ولكنّ الحقّ غير ذلك في عين الباحث البصير فإنّ علينا لكي نفهم ثورة الحسين (عليه السّلام) أن نبحث عن أهدافها ونتائجها في غير النصر الآني الحاسم وفي غير الاستيلاء على مقاليد الحكم والسلطان فإنّ ما بين أيدينا من النصوص دالّ على أنّ الحسين (عليه السّلام) كان عالماً بالمصير الذي ينتظره وينتظر مَنْ معه .

قال لابن الزبير حين طلب منه إعلان الثورة في مكة : وأيم الله لو كنت في جُحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقضوا بي حاجتهم . والله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت  .

وكان يقول : والله لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي فإذا فعلوا سلّط الله عليهم مَنْ يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من فرام المرأة  .

وأجمع نصحاؤه ـ حين شاع نبأ عزمه على المسير إلى العراق ـ على أنّه فاشل حتماً في الوصول إلى نتيجة سريعة من ثورته فقد كانت قوى المال والسلاح مُتّحدة ضدّه فكيف ينتصر ؟ وفزعوا إليه ينصحونه بالمكوث في مكة أو الخروج عنها إلى غير العراق من بلاد الله ؛ من هؤلاء عمر بن عبد الرحمن المخزومي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ومحمد بن الحنفيّة وعبد الله بن جعفر .

ولكنّه أبى عليهم ما أشاروا به فقال لعبد الرحمن بن الحرث : جزاك الله خيراً يابن عمّ فقد والله علمت أنّك مشيت بنصح وتكلّمت بعقل ومهما يقضِ الله من أمر يكن أخذتُ برأيك أو تركته فأنت عندي أحمد مُشير وأنصح ناصح  .

وقال لعبد الله بن عباس : يابن عمّ إنّي والله لأعلم أنّك ناصح مُشفق ولكنّي قد أزمعت وأجمعت على المسير  .

وقال في موقف آخر : لأن اُقتل بمكان كذا أو كذا أحبّ إليّ من أن تُستحلّ حرمتها بي ـ يعني الحرم ـ  .

وقال لعبد الله بن عمر وقد نصحه بالصلح والمهادنة مع يزيد : يا أبا عبد الرحمن أما علمت أنّ من هوان الدنيا على الله أنّ رأس يحيى بن زكريّا اُهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ؟ اتّق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعَن نصرتي  .

وأجاب الفرزدق حين قال له : قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني اُميّة : صدقت لله الأمر والله يفعل ما يشاء وكلّ يوم ربّنا في شأن . إن نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد مَنْ كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته  .

وورد إليه كتاب عمر بن سعيد بن العاص عامل المدينة يُمنّيه في الأمان والصلة والبرّ وحسن الجوار وأرسله إليه مع أخيه يحيى بن سعيد وعبد الله بن جعفر فجهدا أن يرجع فلم يفعل ومضى وهو يقول : قد غسلت يدي من الحياة وعزمت على تنفيذ أمر الله  .

وهكذا ما نزل منزلاً إلاّ ولقي مَنْ ينصحه بعدم الخروج إلى العراق ويذكر له من أنباء أهله ما يكشف عن خذلانهم له وانكفائهم عليه حتّى أتاه خبر قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وهو بالثعلبية فأهاب به بعض أصحابه بالرجوع فأبى فلمّا كان بزُبالة أتاه خبر قتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر فخرج حينذاك إلى مَنْ صحبه من الناس وقال : أمّا بعد فإنّه قد أتاني خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا فمَنْ أحبّ منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه منّا ذمام  .

فتفرّق عنه الناس تفرّقاً فأخذوا يميناً وشمالاً حتّى بقي في أصحابه الذي جاؤوا معه من المدينة وإنّما فعل ذلك لأنّه ظنّ إنّما اتّبعه الأعراب لأنّهم ظنّوا أنّه يأتي بلداً قد استقامت طاعة أهله فكره أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون علامَ يقدمون . وقد علم أنّهم إذا بيّن لهم لم يصحبه إلاّ مَنْ يريد مواساته والموت معه .

وأجاب مَنْ نصحه بالرجوع إلى مأمنه من منزله ذاك بعد أن تبيّن له الأمر فقال له : يا عبد الله إنّه ليس يخفى عليّ أنّ الرأي ما رأيت ولكنّ الله لا يُغلب على أمره  .

هذه النُذر كلّها تشير إلى أنّه كان عالماً بالمصير الذي ينتظره . وإذاً فليس لنا أن نبحث عن أهداف ثورة الحسين (عليه السّلام) ونتائجها في الاستيلاء على مقاليد الحكم والسلطان ؛ لأنّه لم يستهدف من ثورته نصراً آنيّاً ولأنّه كان مُدركاً لاستحالة الحصول على نصر آني .

وقد يبدو لنا هذا غريباً جدّاً فكيف يسير إنسان إلى الموت مع طائفة من أخلص أصحابه طائعاً مختاراً وكيف يُحارب في سبيل قضية يعلم أنّها خاسرة وكيف يمكّن لعدوّه من نفسه هذا التمكين ؟ هذه علامات استفهام كثيرة نبحث عن أجوبتها .

والذي اعتقده هو أنّ وضع المجتمع الإسلامي إذ ذاك كان يتطلّب القيام بعمل انتحاري فاجع يلهب الروح النضالية في هذا المجتمع ويتضمّن أسمى مراتب التضحية ونكران الذات في سبيل المبدأ ؛ لكي يكون مناراً لجميع الثائرين حين تلوح لهم وعورة الطريق وتضمحلّ عندهم احتمالات الفوز وتُرجّح عندهم إمارات الفشل والخذلان .

لقد كان قادة المجتمع وعامّة أفراده إذ ذاك يقعدون عن أي عمل إيجابي لتطوير واقعهم السيِّئ بمجرد أن يلوح لهم ما قد يُعانون في سبيل ذلك من عذاب وما قد يضطّرون إلى بذله من تضحيات . وكانوا يقعدون عن القيام بأي عمل إيجابي بمجرد أن تُحقّق لهم السلطة الحاكمة بعض المنافع القريبة .

ولم يكن هذا خُلق السادة وحدهم بل كان خُلق عامّة الناس أيضاً ؛ لذا رأينا تخاذل مجتمع بأسره عن نصر قضيته حين أوقع ابن زياد بمسلم بن عقيل وكيف أخذت المرأة تخذّل ابنها وزوجها وأخاها وكيف أخذ الرجل يخذّل ابنه وأخاه وأباه .

لقد كان اُولئك الذين قالوا للحسين (عليه السّلام) : قلوبهم معك وسيوفهم عليك  صادقين في تصوير ذلك المجتمع ؛ فإنّ قلوب الناس كانت معه لأنّهم يحبّون أن يصيروا إلى حال أحسن من حالهم ولكنّهم حين علموا أنّ ذلك موقوف على بذل تضحيات قد تصل إلى بذل الحياة انكمشوا وسلّموا سيوفهم في خدمة الذين يدفعون لهم أجر قتالهم لهذا الذي جاء بدعوة منهم ليحرّرهم .

فحين استيقن ابن زياد أنّ الحسين (عليه السّلام) ماضٍ فيما اعتزمه جمع الناس في مسجد الكوفة وخطبهم ومدح يزيد وأباه وذكر حسن سيرتهما وجميل أثرهما ووعد الناس بتوفير العطاء لهم وزادهم في اُعطياتهم مئة مئة وأمرهم بالاستعداد والخروج لحرب الحسين (عليه السّلام) . هذا هو موقف الشعب من الحركات العامّة التي يتوقّف نجاحها على التضحيات وأمّا موقف الزعماء فقد عرفته .

وهذه صورة اُخرى منها قدّمها لنا عمر بن سعد أمير الجيش الاُموي ؛ فلقد دار أمره بين أن يُحارب الحسين (عليه السّلام) وبين أن يفقد إمرة الرّي فاختار الأولى على الثانية .

ولقد حاوره الحسين (عليه السّلام) في كربلاء فقال له : ويلك يابن سعد ! أما تتّقي الله الذي إليه معادك ؟ أتقاتلني وأنا ابن عمّك ؟ ذر هؤلاء القوم وكن معي ؛ فإنّه أقرب لك إلى الله  .

فقال ابن سعد : أخاف أن تُهدم داري .

فقال الحسين (عليه السّلام) : أنا أبنيها لك  .

فقال : أخاف أن تؤخذ ضيعتي .

فقال الحسين (عليه السّلام) : أنا أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز  .

فقال : لي عيال وأخاف عليهم .

وهنا اتّضح للحسين (عليه السّلام) أنّه رجل ميّت القلب ميّت الضمير ؛ فإنسان يقيس مصير مجتمعه بهذا اللون من القياس ليس إنساناً سوي التكوين النفسي فقال له الحسين (عليه السّلام) : ما لك ! ذبحك الله على فراشك عاجلاً ولا غفر لك يوم حشرك فوالله إنّي لأرجو ألاّ تأكل من بُرّ العراق إلاّ يسيراً  .

فقال مستهزئاً : في الشعير كفاية .

هذا هو المجتمع الإسلامي في أيام الحسين (عليه السّلام) . مجتمع مريض يُشترى ويُباع بقليل من المال وكثير من العذاب والإرهاب وما كان من الممكن أن تُردّ إلى هذا المجتمع إنسانيته وكرامته وما كان من الممكن أن يُنبّه إلى زيف وحقارة وجوده وما كان من الممكن أن تُوقظ فيه روحه النضالية الهامدة إلاّ بعمل انتحاري فاجع يتضمّن أسمى آيات التضحية والكرامة والدفاع عن المبدأ والموت في سبيله وهكذا كان .

إنّ الحسين (عليه السّلام) لم يكن ذا مال ليُنافس الاُمويِّين وبيدهم خزائن الأموال ولم يكن ليتجافى عن روح الإسلام وتعاليمه فيجلب الناس إليه بالعنف والإرهاب ؛ ولذا فليس من المعقول أن يطلب نصراً سياسياً آنيّاً في مجتمع لا يُحارب إلاّ في سبيل المال وبالمال أو بالقسر والإرهاب ولكن كان في وسعه أن يقوم بعمله الذي قام به ليهزّ أعماق هذا المجتمع وليُقدّم له مثلاً أعلى طُبع في ضمائر أفراده بدم ونار .

وإذا نحن تقصّينا أسماء مَنْ قُتل مع الحسين (عليه السّلام) في كربلاء وجدنا أصحابه ينتمون إلى معظم القبائل العربيّة فقلّ أن توجد قبيلة عربية لم يُقتل مع الحسين (عليه السّلام) منها واحد أو اثنان .

ومن هنا يمكن القول بأنّ فاجعة كربلاء دخلت في الضمير الإسلامي آنذاك وانفعل بها المجتمع الإسلامي بصفة عامّة انفعالاً عميقاً . ولقد كان هذا كفيلاً بأن يبعث في الروح النضالية الهامدة جذوة جديدة وأن يبعث في الضمير الشّلو هزّة تُحييه وأن يبعث في النفس ما يبعثها إلى الدّفاع عن كرامتها .

وهذه الملاحظات تجعل من المعيّن علينا ألاّ نبحث عن نتائج ثورة الحسين (عليه السّلام) فيما تعوّدناه في سائر الثورات وإنّما نلتمس نتائجها في الميادين التالية :

1 ـ تحطيم الإطار الديني المُزيّف الذي كان الاُمويّون وأعوانهم يُحيطون به سلطانهم وفضح الرّوح اللادنية الجاهليّة التي كانت تُوجّه الحكم الاُموي .

2 ـ بثّ الشعور بالإثم في نفس كلّ فرد وهذا الشعور الذي يتحوّل إلى نقد ذاتي من الشخص لنفسه يقوم على ضوئه موقفه من الحياة والمجتمع .

3 ـ خلق مناقبية جديدة للإنسان العربي المسلم وفتح عيني هذا الإنسان على عوالم مضيئة باهرة .

4 ـ بعث الرّوح النضالية في الإنسان المسلم من أجل إرسال المجتمع على قواعد جديدة ومن أجل ردّ اعتباره الإنساني إليه .

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.