أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-19
1104
التاريخ: 17-12-2020
2168
التاريخ: 25-2-2019
1877
التاريخ: 11-10-2016
3196
|
الوجه في حبهما بالعرض وفي حب قدر ما يضطر إليهما في المعيشة وضرورة البدن ظاهر فما الوجه في حبهما باعيانهما وفي حب الزائد عن قدر الضرورة منهما؟ , كحب جمع المال ، و كنز الكنوز، و ادخار الذخائر، واستكثار الخزائن وراء جميع الحاجات ، وحب اتساع الجاه و انتشار الصيت إلى اقاصي البلاد التي يعلم قطعا أنه قط لا يطؤها و لا يشاهد أهلها ليعظموه و يعينوه على غرض من اغراضه ، فانه مع ذلك يلتذ به غاية الالتذاذ و يسر به غاية السرور حتى لا يجد في نفسه لذة أقوى منه ، ويراه فوق جميع لذاته و ابتهاجاته.
قلنا : الوجه في ذلك أمران :
الأول - دفع ألم الخوف الناشئ من سوء الظن و طول الأمل.
فان الإنسان و إن كان له من المال ما يكفيه في الحال ، إلا أنه لطول أمله قد يخطر بباله أن المال الذي فيه كفايته ربما يتلف فيحتاج إلى غيره ، فإذا خطر ذلك بباله ، هاج الخوف في قلبه ولا يزول ألم الخوف إلا بالأمن الحاصل من وجود مال آخر يفزع إليه إن أصابت هذا المال آفة فهو أبدا لحبه للحياة و شفقته على نفسه يقدر طول الحياة و هجوم الحاجات ، و يقدر إمكان تطرق الآفات إلى الأموال و يستشعر الخوف من ذلك ، فيطلب ما يدفع خوفه ، وهو كثرة المال حتى ان أصيب بطائفة من ماله يفزع الى الأخرى , وهذا خوف لا موقف له عند مقدار مخصوص من المال ، و لذلك لم يكن لميله موقف إلى أن يملك جميع ما في الدنيا ، ولذلك قال (صلى اللّه عليه و آله) : «منهومان لا يشبعان : منهوم العلم ، و منهوم المال» ومثل هذه العلة تطرد في حب قيام المنزلة والجاه في قلوب الاباعد عن وطنه و بلده ، فانه لا يخلو عن تقدير سبب يزعجه عن الوطن ، أو يزعج أولئك عن أوطانهم إلى وطنهم إلى وطنه ، ويحتاج إلى الاستعانة بهم و مهما كان ذلك ممكنا ، كان للنفس لذة و سرور بقيام المنزلة في قلوبهم ، لما فيه من الأمن من هذا الخوف.
الثاني - أن الإنسان مركب من أصول مختلفة : هي القوة الشهوية ، و القوة السبعية ، والقوة الشيطانية ، والروح الذي هو أمر رباني ، ولذلك له ميل إلى صفات بهيمية ، كالأكل و الوقاع وإلى صفات سبعية ، كالقتل و الإيذاء ، و إلى صفات شيطانية ، كالمكر و الخديعة و الاغواء و إلى صفات ربوبية ، كالعلم و القدرة والكبر و العز و الفخر و الاستعلاء , فهو لما فيه من الأمر الرباني يحب الربوبية بالطبع ، ومعنى الربوبية التوحد بالكمال ، والتفرد بالوجود على سبيل الاستقلال ، والاستيلاء على جميع الاشباء بالغلبة ، واستناد الكل إليه بالصدور منه و المعلولية.
وبالجملة : مقتضى الربوبية التفرد بالوجود و الكمال و رجوع كل وجود وكمال إليه ، إذ هو التام فوق التمام ، و لا يتحقق ذلك إلا بالتفرد بالوجود و الكمال و القدرة و الاستيلاء على جميع ما عداه , إذ المشاركة في الوجود نقص لا محالة ، فكمال الشمس في أنها موجودة وحدها , فلو كانت معها شمس أخرى كان ذلك نقصانا في حقها ، إذ لم تكن متفردة بكمال معنى الشمسية فإذا كان معنى الربوبية هو التفرد بالوجود والكمال ، وكل انسان كان فيه أمر رباني ، فالتفرد بالوجود والكمال محبوب له بالطبع ، وضده - اعني العبودية - قهر على نفسه ، لأنه علم أن المتفرد بالوجود و الكمال هو اللّه تعالى ، اذ ليس معه موجود سواه ، فان ما سواه أثر من آثار قدرته لا قوام له بذاته ، بل هو قائم به ، و ليس له معية بالوجود بالنسبة اليه تعالى ، إذ المعية توجب المساواة في الرتبة ، وهي نقصان في الكمال إذ الكامل الحقيقي من لا نظير له في الوجود ، و الكمال بوجه من الوجوه و ان كان لغيره وجود و كمال بعد كونه صادرا منه معلولا له ، إذ تحقق الموجودات و ذوات الممكنات لا يوجب نقصانا في ذاته سبحانه بعد استنادها جميعها إليه ، و كونها أضعف منه بمراتب غير متناهية في الوجود و الكمال شدة و قوة ، فكما ان اشراق نور الشمس في أقطار الآفاق ليس نقصانا في الشمس ، بل هو من جملة كمالها ، و انما نقصانها بوجود شمس أخرى مساوية لها في الرتبة مستغنية عنها ، فكذلك وجود كل ما في العالم إذا كان من اشراق نور القدرة الإلهية تابعا لها ، لم يكن ذلك نقصانا في الواجب سبحانه بل كان كمالا له.
ولما علم ذلك ، و تيقن بأن التفرد بالوجود و الكمال و الاستيلاء التام على جميع الأشياء لا يليق به ، لأنه عبد مملوك مقهور تحت القدرة الإلهية ، عرف أنه عاجز عن درك منتهى الكمال الذي هو التفرد بالوجود و الاستيلاء أي كون وجود غيره منه , إلا أنه لم تسقط شهوته للكمال ، بل هو محب له ملتذ به لذاته لا لمعنى آخر وراء الكمال ، و طالب لتحصيل ما يتمكن منه , فمطلق الكمال محبوب عنده ، إلا أن طلبه إنما يتعلق بالكمال الممكن في حقه و من الكمال الممكن في حقه أن يحصل له نوع استيلاء على كل الموجودات ، فكان ذلك محبوبا عنده و مطلوبا له , و لما كانت الموجودات منقسمة إلى ما لا تحصى و لكن لا تستولى عليه قدرة الخلق بالتصرف كالأفلاك والكواكب وملكوت السماوات و نفوس الملائكة والجن و الشياطين والجبال والبحار و غير ذلك ، و إلى ما يقبل التغير و تستولى عليه قدرة العباد ، كالأرض وأجزائها وما عليها من المعادن والنبات و الحيوان ، و من جملتها قلوب الآدميين و نفوسهم لكونها قابلة للتغيير و التأثير مثل أجسادهم و اجساد سائر الحيوانات - فلم يكن للإنسان أن يتصور إمكان استيلائه على الكل بالتصرف فيه ، فلم يتعرض لطلب ذلك ، بل أحب في كل منها نوع الاستيلاء الذي يمكن في حقه و الاستيلاء الذي يمكنه في حقه بالنظر إلى القسمين الأولين هو الإحاطة عليه بالعلم و الاطلاع على أسراره ، لأن ذلك نوع استيلاء.
اذ المحاط به تحت القدرة ، و العالم كالمستولى عليه , و لذلك أحب الإنسان ان يعرف الواجب تعالى والملائكة والأفلاك والكواكب وعائب الملك والملكوت ، لأن ذلك نوع استيلاء ، و الاستيلاء نوع كمال.
وأما القسم الثالث ، فيمكنه أن يستولى عليه بالتصرف فيه كيف يريد فيقدر على الأراضي و الاملاك بأن يتصرف فيها بالحيازة و الضبط و الزرع و الغرس ، و على الأجساد الأرضية الحيوانية و النباتية و الجمادية بالركوب و الضبط و الحمل و الرفع و الوضع و التسليم و المنع وعلى نفوس الآدميين و قلوبهم بأن تكون مسخرة متصرفة تحت اشارته و إرادته و صيرورتها محبة له باعتقاد الكمال فيه , ولكون هذا النوع من الاستيلاء نوع كمال ، أحب الإنسان هذا الاستيلاء على الأموال و القلوب ، و إن كان لا يحتاج إليهما في ملبسه و مطعمه و في شهوات نفسه ، و لذلك طلب استرقاق العبيد و استعباد الأحرار و لو بالقهر و الغلبة , و قد ظهر مما ذكر: أن محبوب النفس بذاتها هو الكمال بالعلم و القدرة ، والمال و الجاه محبوب لكونه من أسباب القدرة و لما كانت المعلومات و المقدورات غير متناهية ، فلا يكاد أن تقف النفس الى حد من العلم و القدرة ، ولهما درجات غير متناهية ، فسرور كل نفس و لذتها بقدر الدرجة التي تدركها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|