أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
![]()
التاريخ: 5-10-2014
![]()
التاريخ: 25-11-2014
![]()
التاريخ: 25-11-2014
![]() |
لا ريب أنّ القوانين الإسلاميّة التي شرّعها الله سبحانه للبشريّة وأنزلها عليهم ، وكذا ما يستنبطه الفقهاء والمجتهدون أو تقرّره السلطة التشريعيّة من برامج على ضوء التعاليم الإسلاميّة لم تكن إلاّ لإدارة المجتمع. فلم يكن تشريع كلّ تلك الشرائع ، ولا وضع جميع تلك البرامج عملاً اعتباطيّاً ، بل كانت لأجل التنفيذ والتطبيق ، وتنظيم الحياة الاجتماعيّة وفقها ، فالقانون مهما كان راقياً وصالحاً ليس بكاف وحده في إصلاح المجتمع وإصلاح شؤونه ، بل لا بدّ من إجرائه ، وتنفيذه في الصعيد العمليّ.
إنّ الكتاب والسنّة زاخران بأحكام حقوقيّة ومدنيّة وجزائيّة وسياسيّة كثيرة وواسعة الأطراف والأبعاد وهي غير خافية على كلّ من له أدنى إلمام بهذين المصدرين الإسلاميّين العظيمين.
ففيهما الأمر الصريح والأكيد بقطع يد السارق : {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } ( المائدة : 38 ) وجلد الزاني والزانية : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } ( النور : 2).
إلى غير ذلك من القوانين والحدود. ولقد حثّ الشارع الكريم على إجراء هذه الحدود وتنفيذ هذه القوانين ، والتعاليم حثّاً أكيداً لا يترك لمتعلّل عذراً فقد ورد عن الإمام عليّ )عليه السلام) أنّه قال : « سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول : لن تقدس اُمّة لا يؤخذ للضعيف فيها حقَّه من القوي غير متعتع » (1) .
وروى ابن أبي الحديد المعتزليّ أنَّه خرج رجل من أهل الشام في وقعة صفين فنادى بين الصفّين : يا عليّ ابرز أليّ ، فخرج إليه عليّ )عليه السلام) فقال : إنّ لك يا عليّ لقدماً في الإسلام والهجرة ، فهل لك في أمر أعرضه عليك يكون فيه حقن دماء المسلمين وتأخّر هذه الحروب حتّى ترى رأيك ؟ فقال )عليه السلام) : « وما هو ؟ » قال : ترجع إلى عراقك فنخلّي بينك وبين العراق ، ونرجع نحن إلى شامنا فتخلّي بيننا وبين الشام ؟ فقال عليّ )عليه السلام) : « قد عرفت ما عرضت إنّ هذه لنصيحة وشفقة ، ولقد أهمَّني هذا الأمر وأسهرني وضربت أنفه وعينه ، فلم أجد إلاَّ القتال أو الكفر بما أنزل الله على محمّد (صلى الله عليه واله وسلم) .
إنّ الله تعالى ذكره لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون ، لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر فوجدت القتال أهون عليَّ من معالجة في الأغلال في جهنَّم » (2)
ولمّا سرقت المرأة المخزوميّة ما سرقت ـ في عهد النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) ـ وأراد اُسامة بن زيد الشفاعة في حقّها ، فكلّم النبيّ في أمرها ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « أتشفع في حدّ من حدود الله » ؟!
ثمّ قام فخطب وقال : « أيّها الناسُ إنَّما هلك الَّذين من قبلكُم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحدَّ » (3)
وعن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : « ساعة إمام عادل أفضل من عبادة سبعين سنة وحدّ يقام لله في الأرض أفضل من مطر أربعين صباحاً » (4)
وفي حديث مفصّل وقضية مطوّلة قال الإمام عليّ (عليه السلام) : « اللّهمَّ إنّك قلت لنبيّك فيما أخبرته من دينك : يا محمّد من عطَّل حدَّاً من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادَّتي » (5)
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً : « لابدَّ للنَّاس من إمام يقوم بأمرهم وينهاهم ويقيم فيهم الحدود ويجاهد فيهم العدوَّ ، ويقسّم الغنائم ويفرض الفرائض أبواب ما فيه صلاحهم ويحذّرهم ما فيه مضارّهم ، إذا كان الأمر والنهي أحد أسباب بقاء الخلق وإلاّ سقطت الرغبة والرهبة ولم يرتدع ويفسد التدبير وكان ذلك سبباً لهلاك العباد فتمام أمر البقاء والحياة في الطَّعام والشَّراب والمساكن والنكاح من النّساء والحلال الأمر والنَّهي » (6)
وعن الإمام الباقر محمد بن عليّ )عليه السلام) : « إنّ الله تعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الاُمّةُ ـ إلى يوم القيامة ـ إلاَّ أنزله في كتابه ، وبيَّنه لرسوله. وجعل لمن تعدَّى الحدَّ حدَّاً » (7).
وعنه (عليه السلام) أيضاً أنّه قال : « حدّ يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين ليلة وأيّامها » (8)
وعنه )عليه السلام) أيضاً أنه قال : « لا تبطل حدود الله في خلقه ولا تبطل حقوق المسلمين بينهم » (9)
وقال الإمام الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام) : قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « إقامة حدّ خير من مطر أربعين صباحاً » (10)
وقال الإمام الكاظم موسى بن جعفر )عليه السلام) في تفسير قول الله عز وجل : { يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } ( الروم : 19 ) : « ليس يحييها بالقطر ، ولكن يبعث الله رجالاً فيحيون العدل فتحيا الأرض لأحياء العدل ، لإقامة الحدّ فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحاً » (11)
إلى غير ذلك من الأحاديث الصريحة التي تحث على إجراء الحدود ، مضافاً إلى الآيات القرآنيّة الكريمة التي تحثّ بدورها على العمل بأحكام الله سبحانه ، دون فرق بين ما تعلّق منها بالفرد أو المجتمع وتندّد بالذين يعلمون الكتاب ، ويعرفون ما فيه من التعاليم والأحكام ولا يعملون بها.
بيد أنّ تنفيذ الأحكام والقوانين المتعلّقة بالمجتمع ، وإجراء الحدود لا يمكن أن يفوّض إلى عامّة الناس وسوادهم فلا يعني ذلك إلاّ شيوع الفوضى ، وضياع الحقوق ، واضطراب الحدود بين الافراط والتفريط ، ولهذا لابدّ من جهاز تنفيذيّ خاصّ يتولّى هذه المهمّة الاجتماعيّة الحساسّة ... ويقوم بهذا الدور الخطير.
ومن العجيب أنّ موضوع الهيئة التنفيذيّة رغم كونه من أبرز ما أشار إليه الإسلام بل وصرّح به في نظام الحكومة الإسلاميّة ؛ قد تعرّض لتجاهل بعض الباحثين حول الإسلام بل وإنكارهم ؛ فقد أخذ بعض المستشرقين ـ فيما أخذ ـ على الإسلام فقدانه لجهاز تنفيذيّ ونظام حكوميّ يضمن تنفيذ القوانين ، ويضفي على الإسلام طابع المنهج الصالح لقيادة البشريّة حتّى في الصعيد السياسيّ فقال ما ملخّصه : « إنّ الإسلام مشتمل على قوانين وسنن رفيعة تتكفّل سعادة المجتمع فرديّاً واجتماعيّاً بيد أنّ ما جاء به الإسلام لا يتجاوز حدود التوصية الاخلاقيّة والإرشاد المعنويّ دون أن يكون لديه ما يضمن تنفيذها من سلطات وأجهزة ، فإنّنا لم نلمس في التعاليم الإسلاميّة الموجودة أي إشارة إلى هيئة تنفيذيّة تقوم بإجراء الأحكام ، وتنفيذ القوانين ولذلك تعتبر الشريعة الإسلاميّة غير كافية من هذه الناحية ، وعاجزةً عن التطبيق ».
هذا هو خلاصة ماقاله بعض المستشرقين ، ولكن لو رجع صاحب هذه المقالة إلى الكتاب والسنّة ، ولاحظ ما طفحت به الكتب الفقهيّة الإسلاميّة من سياسات اجتماعيّة ، وحقوق مدنيّة ، وتدابير جزائيّة عهد إجراؤها إلى الحاكم الإسلامي ؛ للمس وجود الهيئة التنفيذيّة في النظام الإسلاميّ بجوهره وحقيقته وإن لم يكن بتفصيله المتعارف الآن.
فأيّ تصريح بوجود الجهاز التنفيذيّ أكثر صراحةً من إيكال قسم كبير من القضايا الاجتماعيّة ، والاُمور الجزائيّة إلى ( الحاكم الشرعي ) حيث نجد الكتب الفقهيّة زاخرةً بعبارات : عزّره الحاكم ، أدّبه الحاكم ، نفاه الحاكم ، طلّق عنه الحاكم ، حبسه الحاكم ، خيّره الحاكم (12). وما شابه من الاُمور المخوّلة إلى الحاكم الإسلاميّ ، وهو يوحي بوجود جهاز تنفيذيّ في النظام الإسلاميّ ، لأنّ أكثر تلك المهام هي من صلاحيات السلطة التنفيذيّة المتعارفة الآن.
هذا مضافاً إلى أنّ موضوع ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) الذي يؤكّد عليهما الدين الإسلاميّ أشدّ تأكيد يعتبر من أوضح الأدلّة على لزوم مثل هذا الجهاز التنفيذيّ حتّى يمكن القول ـ بدون مبالغة ـ أنّ المقصود بالقائمين بهذه الفريضة الكبرى ، والوظيفة العظمى هو ( الهيئة التنفيذيّة ).
___________________
(1) نهج البلاغة : الرسالة (53)
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 207 ـ 208.
(3) صحيح مسلم 5 : 114.
(4) وسائل الشيعة 18 : 308 ، والخراج : 164.
(5) وسائل الشيعة 18 : 308.
(6) رسالة المحكم والمتشابه للسيد المرتضى نقلاً عن تفسير النعمانيّ : 50.
(7) وسائل الشيعة 18 : 311.
(8 و9) وسائل الشيعة 18 : 308 ، 315.
(10و11) نفس المصدر : 308.
(12) راجع هذا الجزء : 23 ـ 30.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
تضمنت إقامة صلاة العيد واستقبال المهنئين.. مركز دولي تابع للعتبة الحسينية يقيم دورات دينية وجولات تبليغية في إندونيسيا
|
|
|