أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
3881
التاريخ: 13-3-2019
3498
التاريخ: 18-10-2015
3821
التاريخ: 1-5-2016
3371
|
حرب صفين المشتملة على وقائع يضطرب لها فؤاد الجليد و يشيب لهولها فواد الوليد و يذوب لتسعر بأسها زبر الحديد و يجب منها قلب البطل الصنديد و يذهب بها عناد المريد و تمرد العنيد فإنها أسفرت عن نفوس آساد مختطفه باللهازم و رؤوس أجلاد مقتطفه بالصوارم و أرواح فرسان طائره عن أوكارها و أشباح شجعان قد نبذت بالعراء دون إدراك أوتارها و فراخ هام قد أنهضت عن مجاثمها و ترائيب دوام أباح حرمتها من أمر بحفظ محارمها فأصبحت فرائس الوحوش في السباسب و طعمة الكواسر و الكواسب قد ارتوت الأرض من دمائها المطلولة و غصت البيداء بأشلائها المقتولة و رغمت أنوف حماتها و دنت حتوف, كماتها بأيدي رجالات بني هاشم الأخيار وسيوف سروات المهاجرين والأنصار في طاعة سيدها وإمامها وحامي حقيقتها من خلفها وأمامها مفرق جموع الكفر بعد التيامها ومشتت طواغيت النفاق بعد انتظامها شيخ الحرب و فتاها وسيد العرب ومولاها ذي النسب السامي و العرق النامي و الجود الهامي و السيف الدامي و الشجاع المحامي و البحر الطامي مزيل الضيم ري الظامي مقتحم اللجج صاحب البراهين و الحجج أكرم من دب بعد المصطفى و درج الذي ما حوكم إلا و فلج فارس الخيل و سابق السيل و راكب النهار و الليل تولى (عليه السلام) الحرب بنفسه النفيسة فخاض غمارها و اصطلى نارها و أزكى أوارها ودوخ أعوانها و أنصارها وأجرى بالدماء أنهارها وحكم في مهج القاسطين بسيفه فعجل بوارها فصارت الفرسان تتحاماه إذا بدر و الشجعان تلوذ بالهزيمة إذا زأر عالمة أنه ما صافحت صفحة سيفه مهجة إلا فارقت جسدها ولا كافح كتيبة إلا افترس ثعلب رمحه أسدها و هذا حكم ثبت له بطريق الإجمال و حال اتصف به بعموم الاستدلال و لا بد من ذكر بعض مواقفه في صفين فكثرتها توجب الاقتصار على يسيرها و كأين من حادثة يستغنى عن ثبوت طويلها بقصيرها.
فمنها أنه خرج من عسكر معاوية المخراق بن عبد الرحمن و طلب البراز فخرج إليه من عسكر علي (عليه السلام) المؤمل بن عبيد الله المرادي فقتله الشامي و نزل فجز رأسه و حك بوجهه الأرض و كبه على وجهه فخرج إليه فتى من الأزد اسمه مسلم بن عبد الله فقتله الشامي و فعل به كما فعل فلما رأى علي (عليه السلام) ذلك تنكر و الشامي واقف يطلب البراز فخرج إليه و هو لا يعرفه فطلبه فبدره علي (عليه السلام) بضربة على عاتقه فرمى بشقه فنزل فاجتز رأسه و قلب وجهه إلى السماء وركب و نادى هل من مبارز فخرج إليه فارس فقتله و فعل به كما فعل وركب و نادى هل من مبارز فخرج إليه فارس فقتله و فعل به كما فعل كذا إلى أن قتل سبعة فأحجم عنه الناس و لم يعرفوه و كان لمعاوية عبد يسمى حربا و كان شجاعا فقال له معاوية ويلك يا حرب اخرج إلى هذا الفارس فاكفني أمره فقد قتل من أصحابي ما قد رأيت فقال له حرب و الله إني أرى مقام فارس لو برز إليه أهل عسكرك لأفناهم عن آخرهم فإن شئت برزت إليه و أعلم أنه قاتلي و إن شئت فاستبقني لغيره فقال معاوية لا و الله ما أحب أن تقتل فقف مكانك حتى يخرج إليه غيرك و جعل علي (عليه السلام) يناديهم و لا يخرج إليه أحد فرفع المغفر عن رأسه و رجع إلى عسكره فخرج رجل من أبطال الشام يقال له كريب بن الصباح و طلب البراز فخرج إليه المبرقع الخولاني فقتله الشامي و خرج إليه آخر فقتله أيضا فرأى علي (عليه السلام) فارسا بطلا فخرج إليه علي (عليه السلام) بنفسه فوقف قبالته و قال له من أنت قال أنا كريب بن الصباح الحميري فقال له علي ويحك يا كريب إني أحذرك الله في نفسك و أدعوك إلى كتابه و سنة نبيه فقال له كريب من أنت فقال أنا علي بن أبي طالب فالله الله في نفسك فإني أراك فارسا بطلا فيكون لك ما لنا و عليك ما علينا و تصون نفسك من عذاب الله و لا يدخلنك معاوية نار جهنم فقال كريب ادن مني إن شئت و جعل يلوح بسيفه فمشى إليه علي (عليه السلام) فالتقيا ضربتين بدره علي فقتله فخرج إليه (عليه السلام) الحارث الحميري فقتله و آخر فقتله حتى قتل أربعة و هو يقول {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة: 194] ثم صاح علي (عليه السلام) يا معاوية هلم إلى مبارزتي و لا تفنين العرب بيننا فقال معاوية لا حاجة لي في ذلك فقد قتلت أربعة من سباع العرب فحسبك فصاح شخص من أصحاب معاوية اسمه عروة بن داود يا علي إن كان معاوية قد كره مبارزتك فهلم إلى مبارزتي فذهب علي نحوه فبدره عروة بضربة فلم تعمل شيئا فضربه علي فأسقطه قتيلا ثم قال انطلق إلى النار و كبر على أهل الشام عند قتل عروة و جاء الليل و خرج علي (عليه السلام) في يوم آخر متنكرا و طلب البراز فخرج إليه عمرو بن العاص و هو لا يعرف أنه علي و عرفه علي (عليه السلام) فاطرد بين يديه ليبعده عن عسكره فتبعه عمرو مرتجزا:
يا قادة الكوفة من أهل الفتن أضربكم و لا أرى أبا الحسن
فرجع إليه علي (عليه السلام) و هو يقول:
أبو الحسين فاعلمن و الحسن جاءك يقتاد العنان و الرسن
فعرفه عمرو فولى ركضا و لحقه علي (عليه السلام) فطعنه طعنة وقع الرمح في فصول درعه فسقط إلى الأرض و خشي أن يقتله علي فرفع رجليه فبدت سوأته فصرف علي (عليه السلام) وجهه وانصرف إلى عسكره.
وجاء عمرو و معاوية يضحك منه فقال مما تضحك و الله لو بدا لعلي من صفحتك ما بدا له من صفحتي إذا لأوجع قذالك و أيتم عيالك وأنهب مالك فقال معاوية لو كنت تحتمل مزاحا لمازحتك فقال عمرو و ما أحملني للمزاح و لكن إذا لقي الرجل رجلا فصد عنه و لم يقتله أتقطر السماء دما فقال معاوية لا ولكنها تعقب فضيحة الأبد حينا أما و الله لو عرفته لما أقدمت عليه قلت قد أجاد القائل ما شاء و أظنه أبا فراس بن حمدان:
ولا خير في دفع الردى بمذلة كما ردها يوما بسوأته عمرو
وكان في أصحاب معاوية فارس مشهور بالشجاعة اسمه بسر بن أرطاة.
قلت هذا بسر بن أرطاة لعنه الله هو صاحب جيش معاوية إلى اليمن و كان من شر الناس و أقدمهم على معاصي الله تعالى و سفك الدماء المحرمة و أشد العالمين عداوة لله و لرسوله و لآل بيته و أقلهم دينا و أكثرهم عنادا للحق و أقربهم إلى مساوئ الأخلاق و أبعدهم من خير و أعظمهم تمردا و كفرا و تسلطا لا يميز بين حق و باطل جاهل فاسق فظ غليظ متمرد لئيم سيئ الملكة قتال.
قال ابن الأثير في تاريخه ما هذا ملخصه قال بعث معاوية بسر بن أرطاة في سنة أربعين في ثلاثة آلاف فارس إلى الحجاز و اليمن فأتى المدينة و فيها أبو أيوب الأنصاري عامل علي عليها فهرب و أتى عليا بالكوفة و دخل بسر المدينة و لم يقاتله أحد و نادى الأنصار شيخي عهدته هنا فما فعل يعني عثمان ثم قال و الله لو لا ما عهد إلي معاوية ما تركت بها محتلما و طلب جابر بن عبد الله ليبايع فهرب إلى أم سلمة رضي الله عنها فأشارت عليه بالمبايعة و خرج بسر إلى مكة فخاف أبو موسى الأشعري أن يقتله فهرب و أكره الناس إلى البيعة و سار إلى اليمن و عاملها من قبل علي (عليه السلام) عبيد الله بن العباس فهرب إلى علي بالكوفة و استخلف على اليمن عبد الله بن عبد المدان الحارثي فأتاه بسر فقتله و قتل ابنه و قتل ابنين لعبيد الله بن العباس وكانا مقيمين عند شخص بالبادية فقال أي ذنب لهما إن كنت لا بد قاتلهما فاقتلني فقتله و قيل إنه حارب دونهما حتى قتل و كان ينشد:
الليث من يمنع حافات الدار ولا يزال مصلتا دون الجار
وخرجت امرأة فقالت قتلت الرجال فعلام تقتل الذرية و الله ما كانوا يقتلون في جاهلية و لا إسلام والله يا ابن أرطاة إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبي الصغير و الشيخ الكبير و نزع الرحمة و عقوق الأرحام لسلطان سوء.
قتل بسر في مسيره ذلك جماعة من شيعة علي باليمن و بلغ عليا الخبر فأرسل حارثة بن قدامة في ألفي فارس ووهب بن مسعود في ألفين فسمع بهما الملعون بسر فهرب.
وكانت أم الصبيين المقتولين جويرية بنت قارظ, و قيل عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان قد ولهت لما قتل ولداها فلا تعقل و لا تصغي و لا تزال تنشدهما في المواسم و تقول.
يا من أحس بابني اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف
يا من أحس بابني اللذين هما * قلبي و سمعي فقلبي اليوم مختطف
و هي أبيات مشهورة و لما سمع أمير المؤمنين بقتلهما جزع جزعا شديدا و دعا على بسر فقال اللهم اسلبه دينه و عقله فأصابه ذلك و فقد عقله و كان يهدي بالسيف و يطلبه فيؤتى بسيف من خشب و يجعل بين يديه زق منفوخ فلا يزال يضربه فلم يزل كذلك حتى مات.
ولما استقر الأمر لمعاوية دخل عليه عبيد الله بن العباس وعنده بسر بن أرطاة فقال وددت أن الأرض أنبتتني عندك حين قتلت ولدي فقال بسر هاك سيفي فأهوى عبيد الله يتناوله فأخذه معاوية و قال لبسر أخزاك الله شيخا قد خرفت و الله لو تمكن منه لبدأ بي قال عبيد الله أجل ثم ثنيت به و قيل إن مسير بسر إلى الحجاز كان سنة اثنتين و أربعين.
رجع الحديث فلما سمع بسر عليا يدعو معاوية إلى البراز و معاوية يمتنع قال قد عزمت على مبارزه علي فلعلي أقتله فأذهب في العرب بشهرته و شاور غلاما يقال له لاحق فقال إن كنت واثقا من نفسك فافعل و إلا فلا تبرز إليه فإنه والله الشجاع المطرق:
فأنت له يا بسر إن كنت مثله وإلا فإن الليث للضبع آكل
متى تلقه فالموت في رأس رمحه وفي سيفه شغل لنفسك شاغل
يكف بها عنه علي سنانه ويضحك منه في الخلاء معاوية
فقولا لعمرو و ابن أرطاة أبصرا سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية
ولا تحمدا إلا الحيا و خصاكما هما كانتا و الله للنفس واقية
فلولاهما لم تنجوا من سنانه وتلك بما فيها من العود ثانية
فقال ((يا بني إن لأبيك يوما لن يعدوه و لا يبطئ به عنه السعي و لا يعجل به إليه المشي و إن أباك و الله لا يبالي أ وقع على الموت أم وقع الموت عليه)).
وكان لمعاوية عبد اسمه حريث و كان فارسا بطلا فحذره معاوية من التعرض لعلي (عليه السلام) فخرج و تنكر له علي فقال عمرو بن العاص لحريث لا يفوتك هذا الفارس وعرف عمرو أنه علي فحمل حريث فداخله علي وضربه ضربة أطار بها قحف رأسه فسقط قتيلا و اغتم معاوية عليه غما شديدا و قال لعمرو أنت قتلت حريثا و غررته.
وخرج العباس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي فأبلى و خرج فارس من أصحاب معاوية فتنازلا و تضاربا و نظر العباس إلى وهن في درع الشامي فضربه العباس على ذلك الوهن فقده باثنين فكبر جيش علي (عليه السلام) وركب العباس فرسه فقال معاوية من يخرج إلى هذا فقتله فله كذا و كذا فوثب رجلان من لخم من اليمن فقالا نحن نخرج إليه فقال اخرجا فأيكما سبق إلى قتله فله من المال ما ذكرت و للآخر مثل ذلك فخرجا إلى مقر المبارزة و صاحا بالعباس و دعواه إلى المبارزة فقال أستأذن صاحبي و أعود إليكما و جاء إلى علي (عليه السلام) ليستأذنه فقال له أعطني ثيابك و سلاحك و فرسك فلبسها علي (عليه السلام) وركب الفرس .
وخرج إليهما على أنه العباس فقالا استأذنت صاحبك فتحرج من الكذب فقرأ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]
فتقدم إليه أحد الرجلين فالتقيا ضربتين ضربه علي على مراق بطنه فقطعه باثنين فظن أنه أخطأه فلما تحرك الفرس سقط قطعتين و صار فرسه إلى عسكر علي و تقدم الآخر فضربه علي (عليه السلام) فألحقه بصاحبه ثم جال عليهم جولة و رجع إلى موضعه و علم معاوية أنه:
علي فقال قبح الله اللجاج إنه لقعود ما ركبته إلا خذلت فقال له عمرو بن العاص المخذول و الله اللخميان لا أنت فقال له معاوية اسكت أيها الإنسان ليس هذه الساعة من ساعاتك فقال عمرو فإن لم تكن من ساعاتي فرحم الله اللخميين و لا أظنه يفعل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|