أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2022
1936
التاريخ: 26-10-2015
24334
التاريخ: 29-3-2017
2807
التاريخ: 26-3-2017
2324
|
تعد الأمم المتحدة منظمة ذات صبغة عالمية سواء من حيث تكوينها العددي أو من حيث المشاكل التي تعرض عليها، وأنشئت الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وساهمت في إيجاد الحلول لكثير من النزاعات الدولية (1) . إلا أن ما يهمنا في هذا الصدد، هو التناقض الواضح بين مبادئ ميثاق هيئة الأمم المتحدة، والمتجسد في عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السيادة الداخلية للدولة (2) وبين التدخل الفعلي لهذه الهيئة في تعديل الدساتير الوطنية، خاصة أن هذه المسألة هي جوهر الشؤون الداخلية لأي دولة. بمعنى الشؤون الداخلية لأي دولة يمكن أن تكون النظام السياسي للدولة النظام الاقتصادي، النظام الاجتماعي، التصرف في الأموال...الخ. وهذا يتوقف على درجة تطور المجتمع الدولي، لأن تحديد المسائل التي تعد من الشؤون الداخلية لا يمكن أن يكون نهائيا. الأساس هو أن أي دولة لها الحق الغير قابل للتصرف في اختيار أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، دون أي تدخل من جانب أي دولة أخرى (3) ، والشؤون التي لا يجوز للمنظمة التدخل فيها، هي كل الشؤون التي يتدخل في صميم السلطان الداخلي للدولة سواء كانت شؤون سياسية أو اقتصادية، تعليمية... الخ. مبدأ عدم التدخل يرتبط ارتباطا جوهريا بفكرة سيادة الدولة، فعلى كل دولة احترامه وعدم المساس به، باعتباره أحد المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية المعاصرة (4). إلا أن الهدف الحقيقية لعمليات هيئة الأمم المتحدة، متعدد الأبعاد، يرمي خاصة إلى تعزيز المعايير الغربية الديمقراطية التحررية، ولما كانت هذه العمليات تتم باسم " المساعدة في التحول إلى الديمقراطية"، حيث لم تقتصر على وضع قوانين انتخابية، بل أصبحت تشارك في إصلاح القوانين وأصول المحاكمات الجزائية (5) . وفي عدد من الحالات فرضت اطارا دستوريا على البلد الذي كانت تقدم له المساعدة بما في ذلك اعلانات للحقوق السياسية ووضع نظام دقيق للضوابط والتوازنات، وهكذا فقد اتضح أن ثمن المساعدة والحماية التي تقدمها الأمم المتحدة هو اضعاف السيادة الوطنية للدولة، لأن وضع الدستور المتجسد في اختيار نظام سياسي و تشريعي يلائم الدولة، هو أبرز تعبير عن استقلالية أي دولة (6) . ولا تقتصر الهندسة الدستورية للأمم المتحدة على تقديم المساعدة الفنية من أجل وضع النصوص القانونية، بل أنها تفرض معايير قانونية وقيما سياسية غريبة على الدول الأخرى، خاصة العربية منها، كما تجاوزت الهندسة الدستورية مجرد تسهيل السلام، فهي تريد أن تعمم نموذجا واحدا عبر العالم، هذا النموذج لا يراعي خصوصية الدولة، إذ أنه غير مكيف وملائم للاطار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدولة، التي تقدم لها المساعدة (7) . إن منطق الهندسة الدستورية المواكبة للانتقالات الديمقراطية، هو ترسيم التوازنات المتوصل إليها في السياق الانتقالي، والتقليص من عدم اليقين الذي يرافقه. وعلى ضوء ذلك، يمكن فهم القرار الواعي للنخب أطراف الانتقال بالاتفاق حول قواعد الذين خاصة، ودسترة الانتقال كجزء من مرحلة التثبيت التي تتسم بقبول العمل السياسي في اطار نظام دستوري ديمقراطي (8).
وتعرف "الدسترة" " Constitutionnalisation "، على أنها عملية سياسية تواكب سياقات الخروج من السلطوية والانتقال نحو الديمقراطية، وتحديد سلطة الحاكمين والمحكومين في ظل النظام السياسي المزمع الخروج منه خلال التصورات الدستورية المعيارية المعتادة، ووضع شرعية جديدة تتزامن مع بروز حدود النسق القانوني الذي يضفي الشرعية للنظام السياسي "(9) وهناك أمثلة كثيرة على الهندسة الدستورية الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة لدول مختلفة (10). أي أن تدخل الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية للدول في المسائل الدستورية، لا تقف عند حد تقديم المساعدات الفنية، بل يتعدى ذلك وتصل إلى فرض قيم معينة، سواء قانونية أو سياسية.
___________
1- أحمد أبو الوفا، الوسيط في قانون المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الخامسة، د.س.ط ، ص 325
2- ابراهيم أحمد الشلبي، التنظيم الدولي، دراسة في النظرية العامة والمنظمات الدولية، الدار الجامعية للطباعة و النشر، بيروت، 1984 ، ص 190.
3- يوسف حسن يوسف، الدولة وسيادتها وفق معايير القانون الدولي المعاصر، المكتبة الجامعية الحديثة، 2014 ، ص 345
4- ابراهيم أحمد شلبي، المرجع نفسه، ص 187
5- الكثير من المشاكل التي تعد من صميم الشؤون الداخلية للدولة أدرجت في جدول أعمال المنظمة، ونوقشت عبر أجهزتها، تطبيقا للمبدأ القائل: " المناقشة لا تعد تدخلا "، لمزيد من التفاصيل، راجع، أحمد أبو الوفا، المرجع نفسه، ص326
6- ابراهيم أحمد شلبي، المرجع السابق، ص286
7- أحمد أبو الوفاء، المرجع السابق، ص 326
8- خاموش عمر عبد الله، الاطار الدستوري لمساهمة الشعب في تعديل الدستور، دراسة تحليلية مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى ،2013 ص 215
9- فتحي العفيفي، الدسترة والفدرلة، الدستور في الوطن العربي، عوامل الثبات وأسس التغيرات، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 2006 ، ص 80
10- مثلا دولة ناميبيا، حيث أن المبادئ الدستورية الصادرة عام 1982 وبموجب قرار من مجلس الأمن، جاء متعلقا بالمجلس التأسيسي، واشتمل على بعض الشروط كالتمثيل النسبي واشتراط أكثرية الثلتين من لأجل تبني الدستور...الخ،. راجع، فتحي العفيفي، المرجع السابق، ص 86.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|