شرح (يا إلٰهي وَرَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلاي ... لألِيمِ العَذابِ وَشِدَّتِهِ، أوْ لِطُولِ البَلاءِ وَمُدَّتِهِ). |
1169
11:56 صباحاً
التاريخ: 2023-08-06
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2016
2269
التاريخ: 18-10-2016
1279
التاريخ: 2024-05-01
670
التاريخ: 2024-09-14
249
|
(يا إلٰهي وَرَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلاي، لأيِّ الاُمورِ إليكَ أشْكُو، ولِما مِنْها أضِجُّ وَأبْكِي):
في القاموس: «شكا أمره إلىٰ الله شكوى ـ وينوّن وشكاة وشكاوة وشكية وشِكاية ـ بالكسر ـ إذا أخبر عنه بالسوء» (1).
فالعارف الخبير ينبغي ألا يشكو إلىٰ غيره تعالى، مقتفياً بالأنبياء والأولياء، كما قال تعالى حكاية عن يعقوب النبي عليهالسلام: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ}.
والشكوى المذمومة هي التي جاءت بها الرواية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إنّما الشكوى أن تقول: لقد ابتليت بما لم يبتلَ به أحد، أو تقول: لقد أصابني ما لم يصب أحداً، وليس الشكوى أن تقول: سهرت البارحة وحُممت اليوم) (2).
(و) عاطفة، وكلمة (ما) في قوله: (لما) للاستفهام، وقيامه سقوط الألف إذا دخلت عليه الحاء، ومثل «لِمَ» و «بِمَ» و «إلى مَا» وغيرها، ولكن لمّا كان بعدها حرف من جنسها، وهي الميم في (منها)، ولم يكن محل الإدغام، فلم يسقط ألفها. والضمير راجع إلىٰ (الاُمور). والضجّة: الفزع.
سبب البكاء:
وسبب البكاء ـ كما قيل ـ هو إدراك ما لا يلائم الطبيعة، فإنّه إذا أدرك أحدٌ الأمر غير الملائم له تحرّك روحه البخاريّ من الظاهر إلىٰ الباطن، هرباً منه، فتتمدّد الأعصاب نحو الباطن، ويضيّق أفضية الدماغ والعصبتين والصدر، وينعصر منافذها، ويحدث شكل البكاء، ويخرج حينئذٍ بالضرورة ما في الدماغ من الرطبات الرقيقة بالدمع والمخاط، كما يخرج الماء من الإسفنجة المغموسة فيه عند غمز اليد عليها.
وحصول تلك الرطبات واجتماعها في الدماغ بسبب أنّ الألم الموجب للبكاء يسخّن القلب عند توجّه الدم والروح إليه، وحينئذٍ ترتفع منه ومن نواحيه أبخرة حارة إلى الدماغ، تذيب الرطبات التي فيه وترقّقها وتسيّلها، ثمّ تبرد هي بنفسها، وتغلظ حين وقوفها فيه، فتصير رطبات، فيدفعها الدماغ بالعصر إلىٰ جهة العين، لاتصال [...] (3) بها، وكلّما كان الموجب أقوى كان الدمع أحرّ.
(لألِيمِ العَذابِ وَشِدَّتِهِ، أوْ لِطُولِ البَلاءِ وَمُدَّتِهِ):
أليم: فعيل من الألم. وهو إدراك المناقر، كما أنّ اللذة إدراك الملائم.
معنى الشر والألم:
ومن قواعد الحكماء (4) أنَّ الشرّ عدمُ ذاتٍ أو عدمُ كمالٍ لذات، ونوقضت هذه القاعدة بالألم، حيث إنّه شرّ مع كونه وجودياً. فقد ذكروا في التفصّي عن نقض القاعدة أقوالاً. والحقّ ما حقّقه صدر المتألهين السبزواري (5)، من أنّ الألم معدود من الخيرات؛ لأنّه وجودي، ولكنّه شرّ بالعرض بواسطتين:
إحداهما: تفرّق الاتصال.
والثانية: عدم الطاقة.
وقاعدة الحكماء غير منقوضة، وهي أنّ كلّ ما هو شرّ بالذات فهو من أفراد العدم البتة. ثم إنّ الناس اختلفوا في سبب الألم: هل هو تفرّق الاتصال أو سوء المزاج، أو قد يكون هذا وقد يكون ذلك؟
فأكثر الأطباء ـ تبعاً لجالينوس ـ علىٰ الأول، والإمام الرازي مع جماعة علىٰ الثاني، والشيخ الرئيس علىٰ الثالث (6).
ثمّ إنّ استعمال «المدّة» لبلاء الآخرة، كسائر أسماء الزمان الذي استعمل في ثوابها وعقابها، علىٰ سبيل المجاز؛ لأنّها من الأسماء المبهمة للزمان، والزمان ـ كما قرّر في محلّه ـ مقدار الحركة القطعية التي كانت للفلك الأقصى (7).
ودار الآخرة في باطن العالم الجسماني كذلك ثوابها وعقابها من سنخها، وهي دار الصور الصرفة الغير الواغل في المادة، إذ عالم الصورة غير منحصر في هذا العالم، بل الصورة صورتان:
صورة منطبعة وواغله في المواد، وهي داثرة زائلة غير باقية.
وصورة صرفه مجردّة عن الموادّ قائمة بذاتها، ودائمة باقية لا تتغيّر من حال إلىٰ حال، وعذابها وثوابها أيضاً صورية صرفه لا تنقطع، فلا وقت ومدّة هناك.
فالمراد بالمدّة ما نزلت منزلتها، وهو الدوام والبقاء الدهري؛ إذ كما مرّ جارٍ مجرى الوعاء للثابتات هو الدهر.
وما ورد في القرآن الكريم، كقوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ} وقوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} ـ وغير ذلك من أسماء الزمان التي ذكرت في القرآن ـ من ذلك القبيل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «القاموس المحيط» ج 4، ص 505.
(2) «بحار الأنوار» ج 78، ص 202، ح 1.
(3) كلمة غير مقروءة في المخلوط.
(4) انظر «القبسات» ص 430 ـ 431.
(5) «شرح الأسماء» ص 683 ـ 689.
(6) انظر «شرح الأسماء» ص 687.
(7) انظر «شرح حكمة الإشراق» ص 428.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|