المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05



مناقشة الاحتمالات الواردة حول آية المودَّة  
  
1822   03:19 مساءاً   التاريخ: 2-02-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : مفاهيم القران
الجزء والصفحة : ج9 ، ص72-80.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / سيرة النبي والائمة / مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-4-2016 2121
التاريخ: 16-1-2023 1361
التاريخ: 2023-02-05 1705
التاريخ: 7-12-2015 1921

قد عرفت في المقام الأوّل (ص36) أنّ المفهوم من المودة في القربى هو موالاة أقرباء النبي (صلى الله عليه واله ) ، ولم يفهم صحابة النبي ولا جمهور المفسرين إلاّ هذا المعنى ، وقدّمنا لك أسماء الذين رووا هذا المعنى (ص81) عن النبي الأكرم (صلى الله عليه واله ) عند البحث عن الحديث الوارد حول الآية.

غير أنّ بعض المفسّرين أضاف إلى المعنى المختار محتملات أُخر ، يأباها الذوق السليم ، ولا يرتضيها العارف بأساليب الكلام البليغ ، ولأجل ذلك ليست تلك المحتملات إلاّ مجرد احتمالات فارغة ، ودونك بيانها :

الأوّل : لم يكن بطن من بطون قريش إلاّ وبين رسول الله وبينهم قربى ، فلمّا كذّبوه وأبوا أن يبايعوه نزلت الآية ، والمعنى إلاّ أن تودوني في القربى أي في حق القربى ، ومن أجلها كما تقول : الحب في الله ، والبغض في الله بمعنى في حقه ومن أجله ، يعني انّكم قومي وأحق من أجابني ، وأطاعني ، فإذ قد أبيتم ذلك فاحفظوا حق القربى ، ولا تؤذوني ، ولا تهيجوا عليّ (1). وعلى ذلك يكون « في » للسببية ، ومفاد الآية إلاّ مودتي لسبب القرابة.

ولا يخفى على العارف البصير أنّ سؤال الأجر ممن يكذبونه ولا يؤمنون به ويبغضونه ودعوته ، ويرونه خطراً على كيانهم ، لا يصدر من عاقل ، فضلاً عن النبي الأكرم (صلى الله عليه واله) ، فإنّ الاستثناء سواء أكان متصلاً أم منفصلاً ، إمّا أجر حقيقي للنبي ، أو شبيه له ، وطلب الأجر بكلا المعنيين لا يصح إلاّ ممن أسدى إليه طالبه شيئاً من الخدمة المادية أو المعنوية ، فيصح عندئذ أن يطلب منه شيئاً تجاه ما قدّم له ، وأمّا طلبه ممن لا يؤمن به ولا يراه أسدى له خدمة ، فلا يصح في منطق العقل والعقلاء ، فطلب الأجر على فرض البغض والعداء لا يصح ، وعلى فرض الإيمان به فالمودّة حاصلة لا حاجة لطلبها.

الثاني : أتت الأنصار رسول الله (صلى الله عليه واله ) بمال جمعوه فقالوا : يا رسول الله قد هدانا الله بك وأنت ابن اختنا وتعروك نوائب وحقوق ومالك سعة ، فاستعن بهذا على ما ينوبك. فنزلت الآية ، وردّه (2).

وهذا المحتمل كسابقه من الضعف ، فانّ مودة الأنصار للنبي (صلى الله عليه واله) كان أمراً حاصلاً فلم يكن النبي في حاجة إلى طلبها منهم ، كيف وهم الذين بذلوا دون النبي (صلى الله عليه واله ) النفس والنفيس ، وآووه ونصروه ، وفدوه بشبّانهم في طريق دعوته ، فإذا كانت الحالة هذه ، فلا وجه لطلب المودّة منهم.

على أنّ الوشيجة التي كانت تربطهم بالنبي (صلى الله عليه واله) لم تكن قوية بل ضئيلة جداً ، إذ كانت العرب لا تعتني بالقرابة من ناحية النساء وكان منطقهم :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا                      بنوهن أولاد الرجال الأباعد

 ومنهم من يقول :

وإنّما أُمّهات الناس أوعية                  مستودعات وللأنساب آباء

 وإنّما أدخل الإسلام القرابة من جانب النساء وساوى بين البنات والبنين ، واعتنى بكل وشيجة حصلت بينهم سواء أكانت من جانب الرجال أم من جانب النساء ، وكان النبي (صلى الله عليه واله ) يرتبط بالأنصار من جانب النساء ، فإنّ هاشماً تزوج ببنت « عمرو الخزرجي » فولدت له عبد المطلب وهو جد النبي الأكرم ، وما كان عرب الجاهلية يقيمون وزناً للقرابة الناشئة من جانب البنت.

الثالث : انّ الخطاب لقريش ، والمقصود مودّة النبي إيّاهم ، والمعنى لا أطلب منكم أجراً ولا جزاء ولكن حبي لكم بسبب ما تربطني بكم من قرابة هو الذي دفعني إلى الاعتناء بكم وبهدايتكم.

وهذا المعنى اختاره روزبهان حيث قال : لكن المودة في القربى حاصل بيني وبينكم ، فلهذا أسعى واجتهد في هدايتكم وتبليغ الرسالة إليكم (3).

ولا يخفى أنّ لفظ الآية لا يحتمل ذاك المعنى ، ودلالتها عليه تحتاج إلى تقدير أُمور كثيرة ، وما حمله على تفسير الآية بما ذكر إلاّ مخالفته للعلاّمة الحلي في الاستدلال بالآية على عصمة من وجبت محبتهم ، ولو كان القائل مجرداً عن جميع الميول والأغراض لم يحمل الآية على هذا المعنى ، فإنّ الذي دفع النبي إلى الاهتمام بأمر قريش هو امتثال أمر الله حيث قال : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء : 214] {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر : 94، 95].

أضف إلى ذلك أنّ حرص النبي على إنقاذ المجتمع الإنساني من الضلالة لم يكن منحصراً بقريش بل هم وغيرهم في هذا الاهتمام سواسية ، وقال سبحانه حاكياً عن اهتمام النبي بهداية المؤمنين : {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [يوسف : 103].

على أنّ إرادة هذا المعنى تحوجنا إلى التصرّف في الآية بجعل « إلاّ » بمعنى « لكن » والقول بأنّ الخبر محذوف ، وتقدير الآية هكذا ، ولكن المودّة في القربى دفعتني إلى دعوتكم وهدايتكم. وهذا تكلّف واضح في تفسير الآية.

الرابع : أنّ المقصود مودّة كل واحد من المسلمين لأقربائه ، وهو عبارة أُخرى عن صلة الرحم التي دعا إليها الإسلام (4).

ولا يخفى أنّ هذا الاحتمال لا يساعده اللفظ ولا الذوق القرآني ، فإنّ عد مودّة الناس لأقربائهم أجراً للنبي (صلى الله عليه واله ) لا يستحسنه الذوق السليم ، فإنّ المودّة إمّا أجر حقيقي أو أجر غير حقيقي ( أي حكمي ) أخرج بصورة الأجر ، وعلى كلا التقديرين إنّما يصح الاستثناء إذا كان المستثنى عائداً إلى النبي إمّا حقيقة ، أو مجازاً ، ومودّة كل مسلم لأقربائه وإن كان أمراً مطلوباً بذاته في الشرع الأقدس ، لكنّه لا يصح أن يعد أجراً ، أو يخرج بصورة الأجر ، فإنّ الاستثناء كما أوقفناك على حقيقته هو إخراج ما لولاه لدخل ، والإخراج حقيقة أو حكماً فرع الدخول كذلك ، وقد قلنا إنّ المستثنى المنقطع ، منقطع حقيقة لا ظاهراً وحكماً ، وانّ المستثنى منه شامل للمستثنى المنقطع شمولاً حكمياً ولو في وهم المخاطب فإذا قال القائل : جاء القوم إلاّ مراكبهم ومواشيهم ، إنّما يصح هذا القول لإجل توهم شمول الحكم ( أعني المجيء ) لمراكبهم ومواشيهم ، أو خدّامهم ، فإنّ القبيلة إذا ارتحلت من مكان إلى مكان آخر فإنّما ترتحل مع مواشيها وما يتعلّق بها ، فالحكم بالمجيء على القوم كأنّه حكم على توابعهم ولوازمهم بالمجيء ، ولأجل ذلك لا يصح أنّ يقال : جاءني القوم إلاّ الشجر.

وعلى ذلك فالمصحح لاستثناء المودّة في القربى هو دخولها في المستثنى منه بنحو من أنحاء الدخول إمّا حقيقياً أو حكمياً ، وحينئذ فلو قلنا : إنّ أجر النبي (صلى الله عليه واله ) هو مودّة أقربائه بما هي هي ، وبما أنّها مطلوبة بذاتها ، لصح الاستثناء لدخولها في الأجر دخولاً حقيقياً ، ويصح أن يطلق عليه الأجر على نحو الحقيقة.

وإن قلنا : بأنّ أجر النبي هو مودة أقربائه بما أنّها ذريعة لتكامل الأمّة في مرحلتي الفكر والعمل ، لصح الاستثناء أيضاً ، لكونها داخلة في الأجر دخولاً حكمياً ، وعلى كلا التقديرين يصح أن يطلق عليه الأجر ، وبتبعه يصح الاستثناء والاستدراك.

وأمّا لو قلنا : بأنّ المراد هو مودة كل ذي رحم لرحمه كمودة المسلم الأفريقي لأخيه والآسيوية لأختها ، فذلك وإن كان أمراً مطلوباً لكن لا يشمله لفظ الأجر لا حقيقة ولا عناية حتى يصح الاستثناء والاستدراك. وعلى الجملة فالأجر الوارد في الآية إنّما يراد منه ما يرجع إلى الإنسان الطالب للأجر رجوعاً واقعياً أو ظاهرياً ، وهو لا يحصل إلاّ أنّ تفسر المودة ، بمودة أقرباء ذلك الرجل الطالب.

وأمّا إذا أُريد منه مودة كل بعيد لرحمه ، فذلك لا يعد أجراً حتى بصورة الظاهر ، ليصح الاستثناء ، وإن شئت قلت : إنّ الأجر هو المكافأة والإثابة على العمل ، ولا يطلق إلاّ على الشيء الذي تعود نتيجته إلى العامل بنحو من الأنحاء ، وعلى ذلك فالمستثنى يجب أن يكون من جنس المستثنى منه ، أو مرتبطاً به بنحو من الارتباط لا أجنبياً عنه ، فعندئذٍ لو أُريد مودة نفسه وأقربائه ، لصح أن يستثنى من الأجر المنفي لدخوله في المستثنى منه ، وأمّا إذا أُريد مودة كل رجل لرحمه فلا يشمله لفظ الأجر حتى بنحو العناية والمجاز ، ليصح الاستثناء ، ولا يتوجه ذهن السامع عند سماع كلمة الأجر إلى مثل ذاك الأمر حتى يصح الاستدراك ، بخلاف مودّة أهل بيته وعترته ، فإنّها ممّا يسعه اللفظ بعموم معناه.

على أنّه لم يعهد من القرآن حث الأفراد على موالاة ومودة أقربائهم بما هم أقرباؤهم ، وإنّما أمر بموالاة المؤمنين وموادّتهم ، نعم للقرآن اهتمام شديد بصلة الرحم ، ودفع عيلة ذوي القربى وحاجاتهم وهو غير موالاتهم القبلية.

أضف إلى ذلك أنّه سبحانه حينما يأمر بصلة الرحم جعل الغاية من هذا الأمر وجه الله وحده لا بعنوان الأجر للرسالة حيث قال :

{وَآتَى المَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ( حب الله ) ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ...} [البقرة : 177].

وقال سبحانه : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان : 8] . (5)

ثم إنّ جعل الآية كناية عن صلة الرحم وإسداء الخدمة إلى ذوي القربى لا يتحمله اللفظ ولا يقوم به ظاهر الآية.

الخامس : انّ المقصود أنّني لا أطلب منكم أجراً فإنّما هدفي هو إيجاد التآلف والتحابب وحسن المعاشرة بين أفراد البشر ، فكل ما أطلبه هو أن أزيل بهذا القرآن كل الضغائن والعداوات من بينكم ، وأحلّ محلها المودة بين قبائلكم.

ولا يخفى أنّه لو كان المراد هو توحيد الأمّة وجمع شملهم لكان ينبغي أن يعبّر عنه بأسدّ العبارات وأتقنها ، كأن يقول : لا أسألكم عليه أجراً إلاّ الاعتصام بحبل الوحدة وصيانة الاخوة الإسلامية ، وما يفيد هذا المعنى.

على أنّه يستلزم أن يكون لفظ القربى ـ على هذا المعنى ـ حشواً ، بل كان اللازم أن يقول : إلاّ المودّة بينكم.

السادس : انّ المقصود هو لا أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجراً إلاّ أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح (6).

وحاصل هذا الوجه : أنّ حبكم لله ورسوله يتجسّم في تقرّبكم إليه بالطاعة والعمل الصالح ، فيكون « في » للسببية. وكأنّه يدعو الناس إلى حب الله ورسوله بتجسيد هذا الحب في قالب الطاعة والعمل الصالح.

وهذا الوجه من أبعد الوجوه عن مراد الآية ، إذ هو مبني على تفسير القربى بالمقرِّب : أي ما يقرِّب العبد إلى الله سبحانه ، من الطاعة والعمل الصالح ، مع أنّ أهل اللغة والاستعمال قد اتفقوا على حصر معناها في الوشيجة الرحمية ، والرابطة النسبية ، وقد قدمنا لك نصوصاً في هذا المجال في المقام الأوّل.

السابع : لا أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجراً إلاّ التوادّ والتحابّ فيما يقرِّب إلى الله تعالى من العمل الصالح. روي هذا المعنى عن الحسن والجبائي ، وأبي مسلم.

وهذا الاحتمال مبهم لا يعلم مراد القائل منه إلاّ بطرح جميع محتملاته ، وإليك بيانها :

1. انّ المقصود أنّي لا أسألكم أجراً إلاّ أن تودّوا وتحبوا ما يقرِّبكم إلى الله سبحانه ، كالأعمال الصالحة.

وفيه : مضافاً إلى ما عرفت من عدم صحّة تفسير القربى بالمقرّب ، إنّه يكون الغرض الأقصى عندئذ هو إطاعة الله سبحانه والإتيان بما يقرب العبد منه ، وحينئذ يكون لفظ المودّة زائداً ومخلاًّ بالفصاحة ، وكان الأولى أن يقول : إطاعة الله سبحانه والعمل بما أمركم به ، والإتيان بما يقرّبكم.

وكأنّ القائل بهذا التفسير أعطى القيمة لنفس المودّة ، لا لنفس العمل ، مع أنّ المهم هو العمل لا مجرّد المودّة ، إذ كل تارك للواجبات ربّما يود العمل الصالح وإن لم يقم بالإتيان بها.

2. انّ المقصود من المودّة في القربى هو إظهار الحب والتودد إليه تعالى بالطاعة ، والمعنى إلاّ أن تتودّدوا إلى الله بالتقرّب إليه والإتيان بما يقرّبكم إليه (7).

وفيه : مضافاً إلى ما عرفت ما في تفسير القربى بالمقرِّب ، إنّه لم يرد في كلامه تعالى إطلاق المودة على حب العباد لله سبحانه ، وإن ورد العكس كما في قوله سبحانه : {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود : 90] وقوله : {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج : 14].

ووجهه واضح ، فقد فسّر الراغب المودّة بقوله : إنّ مودّة الله لعباده مراعاته لهم. وفيها إشعار بمراعاة حال المودود وتعاهده وتفقده ، ولا يناسب ذلك من العبد بالنسبة إلى الله سبحانه.

أضف إلى ذلك أنّه يرجع إلى الوجه السادس الذي نقلناه عن الكشاف.

3. لا أسألكم أجراً إلاّ أن تتواددوا بما يقرِّبكم إلى الله ، كأن يحسن بعضكم إلى بعض فيحصل التحابب والتوادد بما يقربكم إلى الله.

ولعل هذا الوجه أوفق لعبارة بعضهم حيث قال : لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجراً إلاّ التوادّ والتحابّ فيما يقربكم إلى الله من العمل الصالح.

وفيه أنّ تفسير المودّة بالتوادد والتحابب غير صحيح ، فإنّ المودّة تطلق على المحبّة وإن كانت من طرف واحد ، والوارد في القرآن هو لفظ المودّة لا التواد ولا التوادد.

أضف إلى ذلك أنّ حمل القربى على المقرِّب إلى الله غير مأنوس في اللغة العربية ، وهو خلاف ما اتفق عليه اللغويون.

4. المراد لا أسألكم أجراً إلاّ التقرب إلى الله والتودّد إلى الله بالطاعة. ذكره الطبرسي في تفسيره ، وهو أبعد الوجوه عن مراد الآية ، إذ هو جعل الأجر أمرين : أحدهما : التقرّب ، والثاني : التودّد. مع أنّ ظاهر الآية أنّ الأجر المستثنى شيء واحد.

وخلاصة هذه الوجوه المذكورة في السادس والسابع هي ما نأتي بها ـ ثانية ـ تسهيلاً للقارئ الكريم :

1. الأجر هو حب الله ورسوله بالطاعة والعمل الصالح.

2. الأجر حب المقربات إلى الله سبحانه.

3. الأجر إظهار الحب إلى الله بالطاعة (8).

4. الأجر حب بعضكم بعضاً بالعمل الصالح ، كالإحسان.

5. الأجر أمران : التقرّب إلى الله ، والتودّد إليه بالطاعة.

وغير خاف على القارئ الكريم أنّ هذه الوجوه تشبه التفسير بالرأي ، ولا مبرر لها في اللغة ومنطق التفسير ، وهي برمتها غير ما كان المسلمون الأوائل يفهمونه من ظاهر الآية. قال الكميت الأسدي شاعر أهل البيت :

وجدنا لكم في آل حاميم آية                تأولها منا تقي ومعرب

 __________________

(1) الكشاف : 3 / 82 ، ط مصر عام 1368 ه‍ ، المفاتيح للرازي : 7 / 389 وعلى هذا التفسير يكون « القربى » بمعنى الرحم.

(2) الكشاف : 3 / 89 ؛ مفاتيح الغيب : 7 / 389. ومعنى الآية على هذا التفسير « إلاّ أن تودوني لأجل قرابتي منكم ».

(3) إحقاق الحق : 3 / 20.

(4) مفاتيح الغيب : 7 / 390 ذكره في توجيه طلب الأجر للرسالة حيث قال : لأنّ حصول المودة بين المسلمين واجب وقال تعالى : { وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }.

(5) الاستدلال مبني في كلتا الآيتين على رجوع الضمير في « حبه » إلى الله لا إلى المال أو الطعام .

(6) الكشاف : 3 / 82 ، مجمع البيان : 5 / 28.

(7) ذكره الرازي وجهاً للآية راجع مفاتيح الغيب : 7 / 389.

(8) والفرق بينه وبين الوجه الأوّل انّ الأجر في الوجه الأوّل هو نفس الحب ، وفي هذا إظهاره.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .