أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2017
18135
التاريخ: 12-10-2017
3849
التاريخ: 9-4-2017
29220
التاريخ: 12-6-2016
5917
|
فإن للإدارة سلطة تقديرية في اتخاذ قراراه وبما أن الضبط الإداري يصدر في شكل قرارات، فيعني ذلك أن تدابير الضبط الإداري كذلك يصدق عليها من سلطة تقديرية في اتخاذها من طرف سلطات الضبط الإداري. إن السلطة التقديرية في تدابير الضبط الإداري تكمن في بعض العناصر والعوامل التي تتحكم في تقرير هذه التدابير قبل اتخاذها وتكمن كذلك في عناصر القرار الإداري الضبطي المتخذ.
الفقرة الأولى : العوامل المتحكمة في سلطة التقدير
تكمن هذه العوامل في النصوص القانونية وظروف الزمان والمكان.
أ- النصوص القانونية :
إن السلطة التقديرية تستمد من النصوص القانونية فإذا قيد النص القانوني التصرف فلا مجال للحديث في سلطة تقديرية، أما إذا كان العكس فالسلطة التقديرية جائزة، ولا شك أن وجود النصوص القانونية المنظمة لممارسة الحرية من شأنه أن يحد م سلطة الإدارة في التعامل مع هذه الحرية، فامنح الترخيص مثلا بالشروط والأوضاع والقيود التي حددتها القوانين، يجعل كل إجراء تتخذه سلطة الضبط متجاوز تلك النصوص القانونية، يعتبر منطويا على تجاوز السلطة (1) إلى جانب التقييد فيحدث أن تترك النصوص القانونية قدرا من التقرير لسلطات الضبط الإداري باعتبارها مسؤولة عن المحافظة على النظام العام. فأول عامل يتحكم في السلطة التقديرية في مجال الضبط الإداري هو النص القانوني فكلما كان النص وارد على سبيل التقييد كلما انعدمت السلطة التقديرية وكلما أجاز النص ذلك كلما كان لسلطة الضبط الإداري مجال التقدير.
ب- عامل الزمان والمكان :
يعتبر عامل الزمان والمكان ومن العوامل التي تتحكم في السلطة التقديرية لسلطات الضبط الإداري فبالنسبة لظروف المكان فتختلف مدى سلطة الضبط وما تورده من قيود على الحريات تبعا للمكان فلا تتفاوت بحسب الأوضاع الخاصة بالإقليم الذي تمارس فيه وما يتعرض له من اضطراب أو تهديد للنظام العام. فنجد سلطات الضبط الإداري تتدخل في المناطق التي يكون فيها اضطراب مثلا في عنصر الأمن، فتصبح فيها الحريات العامة تمارس بأكثر من تقييد مثل التجمعات والمسيرات حيث تصبح سلطات الضبط الإداري تخضع لهذه الحريات لتقييد أكبر مما هو موجود في مناطق أخرى. كذلك بالنسبة للأنشطة التي تتم في الطريق العام، فالطرق والميادين العامة تحتاج أكثر من غيرها للمحافظة على النظام العام، فمقتضات النظام العام تكون أكثر عرضة للاضطرابات من جراء ما يقع في الطرق والأماكن العامة (2) مما يبدر التوسع في سلطة الضبط إلا أن هذا التوسع يتوقف من ناحية أخرى على نوع النشاط أو الحرية التي تمارس في الطريق العامة وما يترتب على ممارستها من تهديد للنظام العام، فحرية التنقل تختلف عن حرية التجمع. أما بالنسبة لظروف الزمان فنجد أنه في الظروف الاستثنائية تسبح التدابير الغير شرعية في الحالات العادية شرعية في هذه الظروف وتعطي الظروف الاستثنائية لسلطات الضبط متسع من التقدير للمحافظة على النظام العام، وخاصة الجانب الأمني منه. حتى في الظروف العادية فالسلطة التقديرية تتأثر بعامل الزمان، فسلطة الضبط تتسع ليلا لأن ما يحدث فيه من اضطراب يكون أكثر ترويجا للأمن أو إقلاقا للراحة والسكينة، ولكن قد يختلف الأمر في النهار ويدخل كذلك في عامل الزمن المدى الزمني للإجراء أو التدبير، فالتدبير يمكن ن يكون منشودا، لأنه قد دعت إليه ظروف خاصة مؤقتة لأن السبب لذلك قد يزول بعد مدة وجيزة، أما إذا كان لتدبير صفة الدوام والاستقرار وجب أن يكون أقل شدة لأنه ينطوي على تهديد دائم للحريات (3)
ج- عامل طبيعة النشاط :
يتدخل عامل طبيعة النشاط الممارس من طرف الأفراد في تحديد السلطة التقديرية لسلطة الضبط الإداري، فمن الأنشطة الخاصة ما لا يعتبر حرية من الحريات الفردية المعترف بها وإنما لا يعدو أن يكون ممارسة لرخص أذن بها القانون للأفراد، كما أن من الأنشطة ما يكون غير مشروع بحيث لا تجوز ممارسته قانونا، وأخيرا من الأنشطة ما يعتبر ممارسة لحرية من الحريات العامة. فبالنسبة لنشاط الغير مشروع فيكون محروسا قانونا قد يصل إلى حد تجريمه جنائيا، ومن ثم لا يمكن أن تعتبر للإفراد حرية ارتكاب الجرائم ولسلطة الضبط الإداري أن تمنع مثل هذه الأعمال، فالسلطة هنا لا تتمتع بأي سلطة تقديرية في تكيف هذا النشاط الغير مشروع، ودورها هنا هو منع هذا النشاط وعدم الاكتفاء بالتذكير بما يمنعه القانون. بالنسبة لنشاط الممارسة برخص أو أذن دون أن ينص الدستور أو القانون على أنها من الحريات الفردية فتكون سلطة الضبط هنا واسعة إزاء هذا النشاط، بحيث يمكن أو يجوز لها أن تكتفي بتنظيم هذا النشاط، كما يمكن لها أن تقيد ممارسته باشتراط الحصول على إذن سابق، أو أن تمنعه إذا اقتضى الحال ذلك. أما بالنسبة للنشاطات التي تمارس على أساس الحريات العامة المعترف بها إذا السلطة التقديرية لسلطة الضبط الإداري في عنصر السبب تكمن في تقدير السبب أي تقديرها لتوفير السبب أو عدم توفره، فسبب أو أسباب القرار منصوص عليها، ولا يمكن للإدارة أن تقدر سبب آخر، ولكن مجال التقدير تكمن فقط في توفر السبب من عدمه. ويأتي عنصر المحل بدرجة أقل من السبب في مجال السلطة التقديرية لسلطة الضبط في اتخاذ قراراتها فإذا كانت القواعد القانونية تفرض على سلطة الضبط اختصاص مقيدا بأن لم تترك لها إمكانية الاختيار بين عدة حلول فإنها تلتزم بمطابقة محل قرارها مع هذه القواعد القانونية أما إذا كانت تلك القواعد تتيح فدار من التقدير بحيث تترك لسلطة الضبط الاختيار بين عدة حلول، فتستطيع بذلك أن تحدد بحرية محل القرار الذي خول لها القانون حق إصداره على أساس أن كافة الحلول المتاحة تعتبر شرعية. فعندما تقرر النصوص القانونية أن لسلطة الضبط أن تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية النظام العام وحفظه إذا ما تعرض لأي تهديد فإنه بذلك تركت سلطة تقديرية كاملة في تحديد محل القرار الذي تتخذه سلطة الضبط.
فنأخذ على سبيل المثال المادة 25 من الأمر رقم 95-24 المتعلق بأمن المؤسسات فالوالي يسهر على تطبيق التدابير المقررة في مجال السلامة والأمن في كل المؤسسات الموجودة في ولايته، ويمكنه أن يقترح تدابير تكميلية تستلزمها الظروف. أما في عنصر الهدف، فسلطة الضبط الإداري مقيدة بهدف واحد لا تزيغ عنه هو حفظ النظام العام في عناصره الثلاثة : الأمن، السكينة والصحة، وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء، فلا يجوز لسلطات الضبط الإداري أن تتخذ إجراءات وتدابير تستهدف بها غاية أخرى تخرج عن حفظ النظام العام ولو كان ذلك الهدف يتعلق بمصلحة عامة. وكخلاصة لكل هذا يمكن القول أن سلطات الضبط الإداري تتمتع بما قدر من السلطة التقديرية تتحكم فيها عوامل تكمن في وجود النصوص القانونية وظروف الزمان والمكان وطبيعة النشاط وتتجلى كذلك هذه السلطة من خلال عنصر السبب والمحل في اتخاذ القرار الضبطي، وتنعدم هذه السلطة التقديرية في عنصر الهدف، وهذه العناصر التي تنصب عليها الرقابة القضائية . فمن الطبيعي أن نجد سلطة الضبط هنا مقيدة اتجاهها، مما يحتم الأمر إيجاد تناسب بين خطورة المساس بتلك الحرية أو النشاط وخطورة تهديد النظام العام، غير أن هذه الحريات العامة ليست كلها على قدم المساواة بل تتفاوت درجتها تبعا لأهميتها، فهناك الحريات التي ينصب الدستور بشنها فترد مطلقة دون نص الدستور على تنظيمات من طرف المشرع أو الإدارة وتارة نجد حريات عامة ولكنها منظمة من طرف المشرع أو الإدارة.
الفقرة الثانية : مجال السلطة التقديرية في قرارات الضبط الإداري
إن قرارات الضبط الإداري لا تخرج على الأساس العام للقرارات الإدارية من حيث الاختصاص، الشكل، السبب، المحل والهدف. فما هي العناصر التي تتمتع فيها سلطة الضبط الإداري بالسلطة التقديرية فيها ؟ إن أهم عنصر تتجلى فيه السلطة التقديرية لسلة الضبط هو عنصر السبب، فهذا الأخير يتمثل في الوقائع المادية القانونية التي تراها سلطة الضبط كافية لتدخلها أو إصدار قرارها الضبطي. فنأخذ قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ، فنص المادة تعتبر أن سبب إعلان حالة الطوارئ هو الحالة الملحة، فسبب القرار يخضع لسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية الذي يقدر الحالة الملحة التي تستدعي تقرير هذا التدبير. ونأخذ كذلك المادة 6 من القانون رقم 91-19 ، حيث تنص المادة على أنه يمكن للوالي أو من يفوضه منع اجتماع إذا تبين أنه يشكل خطرا حقيقيا على الأمن العمومي، أو إذا تبين جليا أن القصد الحقيقي من الاجتماع يشكل خطر على حفظ النظام العام. إن سبب المنع هنا يخضع للسلطة التقديرية لوالي، حيث يقدر ما إذا كان هناك خطر على النظام العام يستدعي منع الاجتماع أما لا وجود لهذا الخطر. إن مجال التقدير هنا المتاح لسلطات الضبط الإداري يتمثل في فيما إذا كان هناك تهديدا للنظام العام أم لا في حتى يمكن التدخل لمواجهته بالتدابير الضبطية، ومن ثم تبني سلطة الضبط قرارها على وقائع مادية وواقعية، وتكيف تلك الوقائع تكيفا قانونيا لتخرج بقرار يستند لوقائع حقيقية وجائز قانونا .
______________
1- محمد عاطف البنا، الوسیط في القانون الإداري، الطبعة الثامنة، دار الفكر العربي، القاھرة، سنة 1992 ،ص 44.
2- محمود عاطف البنا، المرجع السابق، ص 443
3- محمود عاطف البنا، (سلطة الضبط الإداري)، مجلة القانون والاقتصاد، مطبعة جامعة القاھرة، سنة 1980 ،ص 74-75a
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|