مَعْنَى هِدَايَةَ الأئِمَّةَ وشَرَائِطِ الهَادِي إلى الحَقَ
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص253-255
2025-10-22
104
انّ الهادي إلى الحق يجب حتماً أن تكون هدايته بنفسه لا بغيره، وأنّ مَن كان مِن أهل الشرك والمعصية ومن اهتدى بغيره لا يمكن ان يكون إماماً ولا يمكنه هداية الناس إلى الحق، ويلزم هنا ذكر نكات عدّة:
الاولى: انّ المراد بالحق في الآية الشريفة المعنى الحقيقي وليس معنى الحق المبني بنحو ما على التساهلات العرفيّة في ألسنة الناس، كما يُشاهد انهم ينسبون الهداية للحقّ لكلّ من يتكلم بالحق، حتى لو كان معتقداً بذلك أو غير معتقد، وسواءً عمل بذلك الّا انّ نفسه لم تتحقّق به أو لم يعمل، وسواءً اهتدى بنفسه أم لم يهتدِ. فهذه بأجمعها ليست هدايةً للحقّ، بل انّها تدعي هداية إلى الحق من باب المسامحات العرفيّة، فالهداية إلى متن الحق هي الوصول إلى متن الواقع، وهي فقط لله وللواصلين اليه سُبحانه دون واسطة الغير.
الثانية: انّ المراد بالهداية إلى الحق في هذه الآية، هو الإيصال إلى المطلوب، لا بمعنى إراءة الطريق إلى الله، لأنّ من البديهي انّ إراءة الطريق أمرٌ سهل ممكن لكلّ شخص، سواءً كان إماماً أم لم يكن، وسواءً اهتدى بنفسه أم بغيره، وسواءً كان ضالّا غير مهتد أصلًا؛ فالهداية بمعنى إراءة الطريق ستكون على كلّ حال أمراً ممكناً لهم، ولكنّ الإيصال إلى متن الواقع والحق وكمال كلّ موجود أمرٌ مختصٌ بالمهتدين بأنفسهم والهادين إلى الحق.
الثالثة: انّ المراد بجملة {لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى} هو الذي لم يهتدِ بنفسه، وهو أعمّ من غير المهتدي أصلًا، أو المهتدي بالغير، والدليل على عموميّتها أنّ جملة (إلّا أن يُهْدَى) وهي استثناء من جملة (لَا يَهِدِّي) جاءت مع (أنْ المصدريّة). وهذه الجملة لا تدلّ على تحقّق الوقوع، خلافاً للمصدر المضاف.
وهناك فرق بين أن نقول (أعجبني ضربُك) أو أن نقول (أعجبني أن تضرب)، فالإعجاب من نفس الضرب في الصورة الاولى متحقّق في الخارج، بينما الإعجاب في الصورة الثانية من إمكان تحقّق الضرب، وقد نصّ على هذا المطلب الشيخ عبد القاهر الجرجاني في (دلائل الإعجاز).
وعلى ذلك فانّ جملة {إِلَّا أَنْ يُهْدى} لا تعني كونه الآن مهتدياً بالغير، بل تعني انّه (و لو أمكن أن تصل الهداية اليه من الغير). ومن الواضح انّ الهداية من الغير ستكون في حال قبول الهداية، وامّا إذا كان غير قابل للهداية فانّ الهداية من الغير لن تصل اليه، ولذلك فانّ جملة {لَا يَهِدِّي} باقية على عمومها وسيكون معناها: لم يهتدِ بنفسه، سواءً لم يجد الهداية أو كان قابلًا للهداية فاهتدى بغيره.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة