تذاكر علقمة والأسود وأبي أيّوب الأنصاري في خلافة عليّ عليه السّلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص243-246
2025-10-22
106
لقاء علقمة والأسود عند أبي أيّوب الأنصاري والمذاكرة في خلافة علي عليه السلام: يروي ابراهيم بن محمّد الحمويني بإسناده المتّصل عن الأعمش، عن ابراهيم، عن علقمة والأسود قال: قالا: أتَيْنَا أبَا أيّوبَ الأنْصَارِيّ وقُلْنَا لَهُ: يَا أبَا أيُّوبَ! إنَّ اللهَ تبارَكَ وتعالى أكْرَمَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم وصَفَا لَكَ مِنْ فَضْلِهِ مِنَ اللهِ فَضَّلَكَ بها! أخْبِرْنَا بِمَخْرِجِكَ مَعَ عليّ عليه السّلامُ تُقَاتِلُ أهْلَ لا إلَهَ إلّا اللهُ! (يقصدان حربه مع أصحاب معاوية المسلمين ظاهراً).
فقال (أبو أيّوب): اقسِمُ لَكُمَا بِاللهِ، لَقَدْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلّم في هَذَا الْبَيْتِ الذي أنْتما فِيهِ مَعِي، ومَا في الْبَيْتِ غير رَسُولِ الله صلى الله عليه [و آله] وسلم وعليّ جَالِسٌ عَنْ يمينهِ وأنَا جَالِسٌ عَن يسارِهِ، وأنَسٌ قَائِمٌ بين يَدَيْهِ، إذ حرَّكَ البابَ، فَقالَ رسولُ الله صلى الله عليه واله وسلّم: "إفْتَح لِعَمَّارِ الطَيِّبِ المطَيَّبِ".
فَفَتَحَ النَّاسُ البَابَ ودَخَلَ عَمَّار، فَسَلّم عَلَى رَسُولِ اللهِ فَرَحَّبَ بِهِ؛ ثم قَالَ لِعَمَّارٍ، "إنَّهُ سَيَكُونُ في امَّتِي بَعدِي هُنَاة، حتى يَخْتَلِفَ السَّيفُ فِيما بينهم، وحَتَّى يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً، فَإذَا رَأيْتَ ذَلِكَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الأصْلَع عَنْ يميني، يَعني عليّ بْنَ أبي طالبٍ. فَإن سَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَادِياً وسَلَكَ عليّ وَادِياً، فَاسْلُك وَادِيَ عليّ عليه السَّلامُ وخَلِّ عَنِ النَّاسِ. يَا عَمَّارُ! إنّ عَليّاً لا يَرُدُّكَ عَنْ هُدَى ولَا يَدُلُّكَ عَلى رَدَى. يَا عَمَّارُ! طَاعَةُ عَلي طَاعَتِي، وطَاعَتِي طَاعَةُ الله عَزَّ وجَلَّ".
الموفّق بن أحمد الخوارزمي، بإسناده المتّصل عن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه [و آله] وسلّم: "سَتَكُونُ مِنْ بَعْدِي فِتْنَةٌ، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْزَمُوا عليّ بنَ أبي طَالِبٍ، فَإنَّهُ الْفَارُوقُ الأكْبَرُ الْفَاصِلُ بين الحق والْبَاطِلِ"[1].
الحمويني بإسناده عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حُذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه [و آله] وسلم: "عليّ طَاعَتُهُ طَاعَتِي ومَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَتِي".
عن كتاب (الفردوس) بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه [و آله] وسلم: "تَفْتَرِقُ امَّتِي فِرقَتَينِ، فَيَمْرُقُ بينهما فِرقَةٌ مَارِقَةٌ، يَقْتُلها أوْلي الطَّائِفَتَيْنِ بِالحق".
يروي عامر الشعبي، وهو من النواصب والمنحرفين عن أمير المؤمنين، عن عروة بن الزبير، عن أبي بكر قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: الحق مَعَ عليّ وعليّ مَعَ الحقُّ.
كانت هذه هي الروايات التي ذُكرت في (غاية المرام) عن طريق أهل السنّة، ولقد نُقلتْ احدى عشرة رواية عن طريق الشيعة، نكتفي بذكر إحداها: عيادة عطا لعبد الله بن عبّاس والتذاكر في خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام: ينقل ابن بابويه بإسناده المتّصل عن عبد الحميد الأعرج، عن عطا قال: دخلنا على عبد الله بن العبّاس وهو عليل بالطائف وقد ضعف، فسلمنا عليه وجلسنا، فقال لي: يا عطا، مَن القوم؟ فقلت: يا سيّدي شيوخ هذا البلد، منهم عبد الله بن سلمة بن هرم، وعمارة بن الأجلح، وثابت بن مالك، فما زلتُ أذكر له واحداً بعد واحد، ثم تقدّموا اليه وقالوا: يا بن عمّ رسول الله! انّك رأيتَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسمعتُ منه ما سمعتَ، فأخبرنا عن اختلاف هذه الأمّة، فقومٌ قدّموا علياً على غيره، وقومٌ جعلوه بعد ثلاثة! قالَ: فَتَنَفَّسَ ابنُ عَبَّاس فقال: سَمعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله يقول: عليّ "مَعَ الحقِّ والحقُّ مَعَ عليّ، وهُوَ الإمَامُ والْخَليفَةُ بَعْدِي، فَمَنْ تمسَّكَ بِهِ فَازَ ونَجَا، ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَ ضَلَّ وغَوَى، يَلِى تَكْفِيني وغَسلي ويَقْضِي دَيني وأبُو سِبْطَي الْحَسَنِ والحسين، ومِنْ صُلْبِ الحسين تَخْرُجُ الأئِمّةُ التِّسعَةُ، ومِنَّا مَهدِيّ هَذِهِ الأمَّةِ".
فقال له عبد الله بن سلمة الحضرمي: يا بن عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله، فهل لا كنت تعرفنا قبلُ؟! فقال: قد والله أدّيتُ ما سمعتُ ونَصَحْتُ لَكُمْ ولَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحين.
ثم قال: اتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ تَقِيَّةَ مَنِ اعْتَبَرَ تمهِيدًا، وأبقَى في وَجَلٍ، وكَمَشَ في مَهَلٍ، ورَغِبَ في طَلَبٍ، وهَرَبَ في هَرَبٍ، فَاعْمَلُوا لآخِرَتِكُمْ قَبْلَ حُلُولِ آجَالِكُمْ، وتَمَسَّكُوا بِالْعُروَةِ الْوُثْقَى مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكُمْ، فَإني سَمِعْتُهُ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: مَن تمسَّكَ بِعِتْرَتِي مِنْ بَعْدِي كَانَ مِنَ الْفَائِزِينَ.
ثم بكى بكاءً شديداً، فقال له القوم: أ تبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه وآله مكانك؟! فقال لي: يا عطا انّما أبكي لخصلتين لهولِ المطّلعِ وفِرَاقِ الأحِبَّةِ.
ثم تفرّق القوم فقال: يا عطا خُذ بيدي واحملني إلى صحن الدار، فأخذنا بيده أنا وسعيد وحملناه إلى صحن الدار، ثم رفع يديه إلى السماء وقال: اللَهُمَّ إني أتَقَرَّبُ إليكَ بِمحمّد وآلِ محمّد اللَهُمَّ إني أتَقَرَّبُ إليكَ بِوِلأيَةِ الشَّيخِ عليّ بنِ أبي طَالِبٍ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حتى وَقَعَ عَلَى الأرْضِ، فَصَبَرنَا عَليهِ سَاعَةً ثم أقَمْنَاهُ فَإذَا هُوَ مَيَّتٌ رحمة اللهِ عليه[2].
[1] روي هذه الرواية في (ينابيع المودّة)، ص 82 عن (الإصابة) بأدني تغيير، ويقول: وفي كتاب (الإصابة)، أبو ليلي الغفاري قال: سمعتُ رسول الله صلّي الله عليه [ وآله] وسلّم يقول: "تكون من بعدي فتنة، فاذا كان ذلك فالزموا على بن أبي طالب، فانّه أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهو الصدّيق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمّة، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين".
[2] (غاية المرام)، ص 541؛ وقد أورد في كتاب (على والوصيّة) من ص 61 إلى 65 أحاديثاً باسناد مختلفة في معيّة أمير المؤمنين للحقّ والقرآن.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة