لُزُومُ وُجُود الإمَامِ الْحَيّ لِتَمَتُّعُ الْقُلُوبْ
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص197-199
2025-10-18
126
قال اللهُ الحكيم في كتابه الكريم: {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وإِقامَ الصَّلاةِ وإِيتاءَ الزَّكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ}[1].
أصل العلية والمعلولية: انّ كلّ واحد من الموجودات التي تُشاهد في العالم له أصل وعلّة يستند في نشأته اليها، كما انّ التغيرات والتبدّلات التي تحصل فيها لها عللها هي الأخرى.
فلو ضربنا زجاجةً بحجر لانكسرت، ولو أجرينا ماءً في جدول لجرى الماء إلى حيث ما أمكن له، ولبلّ النقاط التي يلامسها، حتى انّ الماء يجرى في خُلل الجبال وشقوقها ما وجد إلى ذلك سبيلًا.
وهذا هو أصلٌ عام في النشوء وفي التغيرات المشهودة في موجودات العالم.
تأثير المجالسة في الإنسان: كما انّ أخلاق وملكات وعقائد وروحيّات بنى الإنسان ليست مستثناةً من هذا الأصل العام، فقد ثبت بالتجربة انّ معاشرة الأبرار تؤثر على الإنسان، وانّ المعاشرة مع الأشرار تؤثر عليه هي الأخرى، وما أكثر ما حصل أن صاحب شخصٌ ذو فطرة طيبة وأعمال صالحة أصدقاءَ السوء فتلاشى صفاؤه الباطني، وأظلم قلبه واختنقت روحه.
وعلى العكس من ذلك، فما أكثر ما حصل انّ شخصاً ذا سيرة سيّئة غير اسلوبه ونهجه إثر معاشرته لشخص طيّب، فصلُحت نيته تدريجياً، وتبعتها أفعالُه فصارت صالحةً حسنة حميدة.
لذا ورد التأكيد كثيراً في التعاليم الإسلاميّة على مصاحبة الأبرار والمنع من الانس بالأشرار والتوادّ معهم، حتى انّ جلسةً واحدة قد تؤثّر على الانسان ولو أمضاها بالسكوت او المذاكرة، لأن تأثير الأرواح لا يحتاج إلى مذاكرة، وانّما الأرواح المؤتلفة تميل إلى بعضها وتتبادل التأثير مع بعضها.
ومن أجل أن يستطيع الإنسان تغيير أخلاقه وصفاته إلى اخلاق وصفات الإنسان الكامل، فانّ عليه أن يعرّف قلبه وروحه على أصل وعلّة الأخلاق والصفات الحسنة، لتؤثّر تلك المحامد في الإنسان بواسطة الاتّصال. وعليه أن يصل مركز قلبه بمنبع العلم والمعرفة والحياة، ليحصل منه على العلم والمعرفة والحياة قدر سعته واستعداده وقابليته.
وكما انّ هناك في شبكة المياه في المدن مخزناً عظيماً للماء متّصل بعدد كبير من البيوت، بحيث يصل اليها الماء حسب ظروفها وقابليّاتها، فكذلك الأمر في علّة ومنبع الحياة والمعرفة الذي يجب ان يروي ويُشبع القلوب بواسطة التسليم والانقياد والاتباع والخضوع، بقدر سعة تلك القلوب وظرفيّتها.
ولهذا الموضوع أمران ضروريّان:
الأول: وجود ذلك الأصل والعلّة، أي مبدأ إفاضة العلم والحياة.
والثاني: التسليم والتلقّي والخضوع؛ ليمكن لتلك العلّة ان تؤدّي وظيفتها، لأنّ التسليم له حكم الشروط لتلقّي العلم والمعارف، ومعتبر من المقدّمات المعِدّة.
[1] الآية 73، من السورة 21: الأنبياء.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة