الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أهداف تربوية / الايمان العميق والتخلق بالأخلاق الاسلامية
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 75 ــ 77
2025-08-11
61
إن (التربية) عبارة عن هيكل واحد وتعمل جوانبها المختلفة، مرتبطة بنسيج واحد، كما هو شأن الجسم، والفصل بين تلك الجوانب لا يمكن أن يكون دقيقاً؛ وعجز الإنسان عن استيعاب المعرفة من دون تنظيم وتقسيم، يلزمنا بذلك؛ ولذا فإن نوعاً من التداخل والتكرار لا بد من حصوله؛ فوجود العقل المفتوح لدى الناشئة هدف، وعملية التكوين قابلة لأن نتحدث عنها عند الحديث عن المبادئ أو الأساليب أو مهمات المربين أو أزمة التربية. لكن سنحاول أن نتلافى ذلك ما وجدنا إليه سبيلاً.
إن الهدف النهائي لكل مسلم، هو الفوز برضوان الله - تعالى - ولذا فإن كل الأهداف الصغرى، يجب أن تخدم هذا الهدف على نحو مباشر، أو غير مباشر. وإن كل هدف صغير هو وسيلة إلى هدف أكبر، وينبغي أن يستمد شرعيته وأدبياته من شرعية الهدف الأكبر وأدبياته.
أن الهدف - أي هدف - يجب أن يكون واضحاً محدداً، يمكن قياسه، وأن يكون مرناً يتمكن عدد كبير من الناس من الاشتغال به، كما ينبغي أن يكون منسجماً مع الطبيعة البشرية.
إن هدف الأهداف - كما ذكرنا - هو الفوز برضوان الله - تعالى - ولذا فإن كل الأهداف، يجب أن تخدمه، وتوصل إليه، وإن أساس كل خير وكل نشاط صالح، هو الإيمان بالله - تعالى - والتحلي بالأخلاق والقيم الإسلامية الكريمة. علاقة المسلم بالخالق - جل وعلا - ليست علاقة علم، ولا علاقة إحساس بقوة عظمى تدير الكون، وإنما علاقة عبودية ومحبة ورجاء وخوف وإيمان بذاته وأسمائه وصفاته وهذا الإيمان هو الأساس الصلب الذي يشكل الإطار المرجعي لكل الأخلاق والمبادئ التي يؤمن بها المسلم.
إن مستقبل الإنسان على المدى البعيد لن يعتمد على الاختراع والتقدم العلمي - مهما تكن درجة أهميته - ولكنه سيكون منوطاً بمدى قدرة الإيمان والمثل العليا على تشكيل سلوكنا، وبلورة مواقفنا والخطر الذي يلاحق العالم اليوم، لا يعود إلى الافتقار إلى النجاح والسيطرة على الطبيعة، وإنما مرده إلى الزيغ والضلال والمسخ والتشويه العامد للمثل العليا، والتحريف للقيم عن مواضعها (1).
إن من المؤسف أن كثيراً من بيوت المسلمين، وأكثر المناهج الدراسية، لا تغرس في نفوس الناشئة حب الله - تعالى - وتعظيمه، وضرورة الالتزام بأمره؛ وكثير مما يقال للطلاب جاف أو قاصر أو مشوه!. وعلى أي شيء يدل سؤال أحد الأطفال لوالده: هل الله أكبر أم (جرانديزر)؟!!.
إن مهمة الإيمان والمثل العليا لا تقتصر على توجيه السلوك وضبطه، بل إنها سفينة نوح عند تردي الأحوال، واستفحال السوء؛ حيث يلجأ الناس إلى مذخورهم الإيماني ليكون أداة تخليص، ومنار وحياة جديدة؛ وذلك بسبب أن الناس يتبلور إحساسهم بقيمة العدل حين يتعرضون للظلم، ويشتد شوقهم للأمانة، حين يتعرضون للخيانة وهكذا.
إن معضلة تنمية القيم والأخلاق لدى الناشئة، تتمثل في ضالة معارفنا وخبراتنا بالقدر الملائم من الظروف والأحوال التي بوساطتها تصبح القيم حقيقة واقعة في الحياة (2)؛ فنحن لا نعرف على وجه التحديد القدر الملائم من الحرية أو النظام أو الفقر أو الغنى أو المعرفة... لنمو المثل العليا في النفوس. وربما جاز القول: إن الالتزام بأصول الحياة الإسلامية الصحيحة قد يوفر نوعاً من المناخ المطلوب لذلك.
إن مما ينمي الإيمان الإكثار من العبادات والقربات. وإن الذي ينمي المبادئ والمثل العليا هو التضحية ببعض المصالح في سبيل جعل حياتنا عبارة عن مواقف تشهد على تمسكنا بتلك المبادئ. وكما تندرس معالم أشياء كثيرة، فإن من المألوف أن ينحط السلوك عن مستوى قاعدته القيمية؛ وإن من واجبنا أن نجعل قيمنا أكثر حيوية، وأكثر نقاء ووضوحاً؛ حتى نتمكن من نقلها إلى الأجيال الجديدة ولا سبيل إلى ذلك سوى التضحية.
ستظل ذواتنا ممزقة، وستظل أعمالنا مشتتة ومتناقضة، ما لم نوحدها عن طريق الولاء المطلق لدين الله - تعالى - وتعاليمه، وما لم يتحول إيماننا إلى قوة قادرة على إنارة كل أنشطتنا الحياتية.
نحن جميعاً نعرف أثر ضغوط الواقع السيئ على تجانس حياتنا، وتجسد قيمنا، إلا أن ذلك وحده هو الذي يمنحنا الفارق بين أقوام اختلطت مبادئهم بدمائهم ولحومهم، وبين أقوام لا تمثل القيم بالنسبة لهم أكثر من تكميل شكلي لبشريتهم المتأسنة!.
حين تستهدف كل أنشطتنا التربوية ومناهجنا ترسيخ الإيمان والأخلاق النبيلة؛ فإن حياة أخلاقية رائعة ستظللنا من جديد!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ انظر: لماذا نعلم: 322.
2ـ قاموس جون ديوي للتربية: 175.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
