الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أهداف تربوية / اللمسة الجمالية
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 102 ــ 104
2025-08-10
60
كثيراً ما يلتقي الإتقان بالجمال؛ حيث إن الإتقان يتجلى دائماً في السمات والأعمال فائقة الجودة.
والأشياء الجميلة هي أيضاً أشياء متفوقة، تجاوزت المستويات المألوفة، وآفاقها المنتظرة، وتميزت عن نظرائها.
إن الإتقان يكاد يكون شيئاً (وظيفياً)؛ فالأشياء المتقنة دائماً تؤدي وظائفها على نحو متفوق، لكن لا يشترط في كل شيء متقن أن يكون جميلاً، كما أنه ليس كل جميل متقناً، وهذا معروف لا يحتاج إلى شرح.
بعيداً عن التفلسف في تحديد طبيعة الجمال ونوعيته ومقاييسه نقول: إن كل ظاهرة جمالية، تشتمل على عناصر ذاتية، تجعل كثيراً من الناس ينجذب إليها، كما أن لكل إنسان بعض الخصوصيات عند قراءته لتلك الظاهرة وتفاعله معها. ويمكن القول: إنه مهما اختلفنا في المقاييس الجمالية، ومهما تنوعت الذائقة الجمالية لدى الناس، فإن هناك خطوطاً عريضة مشتركة في الإحساس بالجمال بين كل أولئك الذين تتشكل خبراتهم الثقافية على خلفية واحدة. إن درجة الانبهار بأي شيء جميل، تتحدد من خلال ما يتفاجأ به الناظر من انزياح (الشيء الجميل) عن المعايير والمدركات المكتسبة لديه عبر خبرته بالأشياء المماثلة، أي مدى اتساع (المسافة الجمالية) بين المختزن في الخبرة، وبين المستوى الذي يشعه الشيء الجميل.
إن الجمال هو الحيوية التي بإمكانها أن تتغلغل في كل الأشياء، وإن أشد الأشياء قسوة ومرارة، يظل قابلاً لإضفاء المسحة الجمالية عليه. في نصوص عديدة أمر القرآن الكريم بإضفاء الجمال على أشياء هي موضع معاناة لبني الإنسان، حيث قال - سبحانه -: {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا} [المعارج: 5]، والصبر شاق على النفوس، ومع هذا فينبغي أن يكون جميلاً. ومصدر جماله الا تصحبه شكوى لغير الله وقال - سبحانه -: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10]، قالوا: الهجر الجميل هو الذي لا جزع معه.
إن حاجتنا الشخصية والاجتماعية إلى وجود الظواهر الجمالية، ليست حاجة هامشية يمكن التغاضي عنها، فحين يلبي الإنسان متطلبات وجوده المادي والمعنوي فإنه يحس بأنه ما زال في حياته فراغ، لا يملأ إلا بالجماليات. إن مرتبة الأشياء الجميلة تأتي بعد مرتبة الأشياء الضرورية والحاجية، لكن عندما يحين وقتها فإنه لا يغني عنها أي شيء آخر.
إن الحس الجمالي يتكون في المنزل منذ الشهور الأولى للطفل حيث يربي من خلال الابتسامة والنظرة والهمة والقصة، وحيث تشيع في المنزل كلمات تحمل معنى اللطف والجمال، مثل الأحسن والأجمل والألطف والأروع. ومن المهم في هذا السياق أن يقوم الأبوان بتنظيم البيئة من حول الطفل؛ فالبيئة المضطربة وغير النظيفة، لا تساعد على تكوين الإحساس بالجمال، ولا تساعد على تكوين مهارة إضفائه على الأشياء والأفعال.
في المدرسة يرى الطفل النظام والنظافة، ويتلقى ثقافة منهجية وتوجيهية تكمل وتنمي ما قام به المنزل وهكذا يكون للمسجد وظيفته كما يكون للإعلام مهمته في ترسيخ القيم الجمالية لدى الطفل.
لا ينبغي أن نكتفي بكتابة الطفل لواجبه واصطحابه لكتابه، بل لا بد أن تكون ثيابه ودفاتره وكتبه جميعاً تدل على النظافة والتنظيم والأناقة.
إن مما لا يخفى أنه من الصعب إضفاء الجمال على الأشياء والمواقف في مجتمع مضطرب متوتر، كما لا يمكن أن تفعل ذلك في مجتمع يفشو فيه التحلل والفساد؛ حيث إن كل أشكال القبح هي على مستوى ما موصولة بمعنى من معاني (المعصية)، فالجهل والظلم والكسل والفوضى والاستبداد وقطع الأرحام والقذارة، وما شاكلها - عبارة عن بقع سوداء تشوه مرآة حياتنا، وتحول دون انعكاس المظاهر الجمالية عليها، وواجبنا إقصاؤها عن مجتمعاتنا إلى أبعد حد ممكن. والله الهادي إلى الصواب.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
