ذم حكام السوء وعلماء آخر الزمان
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص 129-134
2025-05-27
1104
علماء السوء أتباع الأئمة المضلين !
روى الجميع أن النبي صلى الله عليه وآله أخبر الأمة بأنها ستبتلى بحكام جور ، وعلماء سوء يبررون لهم أعمالهم ! وحاول بعضهم إبعاد وقتهم عن الصحابة ويجعلهم في آخر الزمان قرب قيام الساعة ! لكن بعضها ذكر أن زمنهم بعد النبي صلى الله عليه وآله مباشرة ، وأن ذلك البلاء يستمر حتى ظهور المهدي عليه السلام !
على أن عدداً من الصحابة كانوا يتصورون أن عصرهم آخر الزمان ، فقد فسروا قوله صلى الله عليه وآله : « بعثت أنا والساعة كهاتين وجمع بين إصبعيه » « بخاري : 6 / 177 » بأنهم في قرن القيامة ، وكذا فهموا صفة النبي صلى الله عليه وآله بأنه نبي آخر الزمان . « كمال الدين / 190 » .
والصحيح أن آخر الزمان وصف نسبي فيصح إطلاقه على مرحلة ما بعد النبي صلى الله عليه وآله كلها أو بعض أجزائها ، وأن يسمى علماؤه : علماء آخر الزمان . والأحاديث في ذمهم كثيرة ، لكن غرضنا منها ما يرتبط بظهور الإمام عليه السلام : ففي مجمع الزوائد : 5 / 233 : « عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تقوم الساعة حتى يبعث الله أمراء كذبة ، ووزراء فجرة ، وأمناء خونة ، وقراء فسقة سمتهم سمة الرهبان وليس لهم رعية أو قال رعة ، فيلبسهم الله فتنة غبراء مظلمة يتهوكون فيها تهوك اليهود في الظلم . رواه البزار وفيه حبيب بن عمران كلاعي ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح » .
والقراء الفسقة : حملة القرآن من الرواة والعلماء . سمتهم : أي هيئتهم المعنوية الظاهرة مثل الرهبان . والرِّعْيَة : بمعنى ورع عن المحارم . يتهوكون فيها : أي يقعون في الفتنة ويتخبطون كاليهود . والتهوك مصطلح نبوي لمن تأثر باليهود من أصحابه . وتعبير : لا تقوم الساعة حتى . . يدل على حتميته فقط ، ولا يدل على أنه سيكون قرب الساعة !
أما رواية ابن أبي شيبة : 8 / 698 ، « في آخر هذا الزمان قراء فسقة » فتدل على أنهم عند ظهور المهدي عليه السلام ، ومثله تاريخ بخاري : 4 / 330 ، والزهد لابن عاصم : 1 / 212 .
وفي الدر المنثور : 6 / 53 : « وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : حج النبي صلى الله عليه وآله حجة الوداع ثم أخذ بحلقة باب الكعبة فقال : أيها الناس ألا أخبركم بأشراط الساعة ؟ فقام إليه سلمان فقال : أخبرنا فداك أبي وأمي يا رسول الله . قال : إن من أشراط الساعة إضاعة الصلاة والميل مع الهوى وتعظيم رب المال . فقال سلمان : ويكون هذا يا رسول الله ؟
قال : نعم والذي نفس محمد بيده ، فعند ذلك يا سلمان تكون الزكاة مغرماً والفئ مغنماً ، ويُصَدَّقُ الكاذب ويُكذَّب الصادق ، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ، ويتكلم الرويبضة . قال : وما الرويبضة ؟ قال : يتكلم في الناس من لم يتكلم . وينكر الحق تسعة أعشارهم ، ويذهب الإسلام فلا يبقى إلا اسمه ، ويذهب القرآن فلا يبقى إلا رسمه ، وتحلى المصاحف بالذهب ، وتتسمن ذكور أمتي وتكون المشورة للإماء ! ويخطب على المنابر الصبيان ، وتكون المخاطبة للنساء ! فعند ذلك تزخرف المساجد كما تزخرف الكنائس والبيَع ، وتطوَّل المنائر ، وتكثر الصفوف مع قلوب متباغضة ، وألسن مختلفة ، وأهواء جمة !
قال سلمان : ويكون ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفس محمد بيده ، عند ذلك يا سلمان يكون المؤمن فيهم أذل من الأمة ، يذوب قلبه في جوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره . ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية البكر ! فعند ذلك يا سلمان يكون أمراء فسقة ووزراء فجرة وأمناء خونة ، يضيعون الصلوات ويتبعون الشهوات ، فإن أدركتموهم فصلوا صلاتكم لوقتها . عند ذلك يا سلمان يجئ شئ من المشرق وشئ من المغرب جثاؤهم جثاء الناس وقلوبهم قلوب الشياطين ، لا يرحمون صغيراً ولا يوقرون كبيراً . عند ذلك يا سلمان يحج الناس إلى هذا البيت الحرام ، تحج ملوكهم لهواً وتنزهاً ، وأغنياؤهم للتجارة ومساكينهم للمسألة ، وقراؤهم رياءً وسمعة !
قال : ويكون ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده ، عند ذلك يا سلمان يفشو الكذب ويظهر الكوكب له الذنب ، وتشارك المرأة زوجها في التجارة ، وتتقارب الأسواق ! قال : وما تقاربها ؟ قال كسادها وقلة أرباحها .
عند ذلك يا سلمان يبعث الله ريحاً فيها حيات صفر فتلقط رؤساء العلماء لما رأوا المنكر فلم يغيروه ! قال : ويكون ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي بعث محمداً بالحق » . ونحوه عدد من مصادر السنيين ، ورواه في البحار : 52 / 262 ، عن جامع الأخبار لتاج الدين الشعيري / 72 ، عن جابر ، وليس فيه ذكر أشراط الساعة .
وفي تاريخ دمشق : 36 / 282 : « عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « إن في جهنم رحى تطحن علماء السوء طحناً » . وفي المستطرف : 1 / 47 : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « ويل لأمتي من علماء السوء يتخذون العلم تجارة يبيعونها لا أربح الله تجارتهم » .
وفي فيض القدير : 1 / 183 ، أن النبي صلى الله عليه وآله سئل عن أشر الخلق على الإطلاق ، فأجاب : « هم علماء السوء » . وفي : 6 / 478 : « ويل لأمتي من علماء السوء » .
وهي أحاديث مطلقة من حيث الزمان . وهي كثيرة جداً في مصادر الطرفين . وقد روت مصادرنا أحاديث في ذم علماء السوء تدل على أن زمنهم بعد النبي صلى الله عليه وآله إلى ظهور الإمام المهدي عليه السلام . وهذه نماذج منها :
في الكافي : 8 / 307 ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه ، يُسمَّوْنَ به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء ! منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود » . ومثله ثواب الأعمال / 301 ، وأعلام الدين / 406 . ورسم القرآن : خطه . منهم خرجت الفتنة : لأنهم يؤيدون حكام الجوْر ويحرفون الإسلام لأجلهم .
وفي جامع الأخبار / 129 : « علماؤهم شر خلق الله على وجه الأرض ، حينئذ ابتلاهم الله بأربع خصال : جور من السلطان ، وقحط من الزمان ، وظلم من الولاة ، والحكام فتعجب الصحابة وقالوا : يا رسول الله أيعبدون الأصنام ؟ قال : نعم كل درهم عندهم صنم » .
وأورد في البحار : 2 / 107 ، آيات ذم علماء السوء وأحاديثه تحت عنوان : « ذم علماء السوء ولزوم التحرز عنهم » ، وهي 25 حديثاً ، منها : عن النبي صلى الله عليه وآله : « الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا . قيل : يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا ؟ قال : اتباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم » .
وقوله صلى الله عليه وآله : « ألا إن شر الشر شرار العلماء ، وإن خير الخير خيار العلماء » . وقوله صلى الله عليه وآله : « أوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتوناً بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي ، فإن أولئك قطاع طريق عبادي المريدين » .
وعن الإمام الباقر عليه السلام في قول الله عز وجل : وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ، قال : هل رأيت شاعراً يتبعه أحد ؟ إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين فضلوا وأضلوا » . انتهى .
وفي الإحتجاج : 2 / 262 : « فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء ، فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم . فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه ، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم . فإن من ركب من القبايح والفواحش مراكب فَسَقة العامة فلا تقبلوا منا عنه شيئاً ولا كرامة . . » .
وفي تفسير الإمام العسكري عليه السلام / 344 ، عن الإمام الهادي عليه السلام في مدح العلماء المتقين : « لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ، ومن فخاخ النواصب ، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله ! ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها ، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل » .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة