الغرباء والطائفة الثابتة حتى يظهر المهدي عليه السلام
روت مصادر السنيين أن النبي صلى الله عليه وآله أخبر أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً ، وأنه سيبقى من المسلمين عصابة أو طائفة ثابتة على الحق ، لا يضرهم تكذيب من كذَّبهم حتى تقوم الساعة ، وفي بعضها حتى يخرج الدجال ، وفي بعضها حتى يأتي أمر الله ، وحتى ينزل عيسى بن مريم عليه السلام ، وحتى يظهر إمامهم المهدي عليه السلام .
وقد اهتم معاوية بهذه الأحاديث ، وأضاف لها صفاتٍ لهؤلاء الغرباء لتنطبق على أهل الشام ! ثم وضع رواته أحاديث تصرح بأنهم أهل الشام ، وإمامهم معاوية !
وفي عصرنا ، حاول الإخوان المسلمون أن يطبقوا أحاديث الغرباء على حركتهم ، لأنهم أمة وطائفة من الأمة ، ثابتة على الحق تدعو إلى الإسلام .
كما حاول الفلسطينيون تطبيقها عليهم ، لأنه في بعض رواياتها أن الفئة الظاهرة في بيت المقدس وأكنافه ، وفي بعضها أنهم يقاتلون فهي تنطبق على المقاومين لإسرائيل .
كما حاول الوهابيون أن يطبقوها عليهم ، لأنها تصف الثابتين من الأمة بأنهم طائفة أو عصابة أي فئة قليلة وهم فئة قليلة . وفي السنوات الأخيرة حَفَّظوا جماعتهم الطالبان هذه الأحاديث ، وسموا أنفسهم الطائفة المنصورة التي وصفها النبي صلى الله عليه وآله !
أما مصادرنا فروت أن النبي صلى الله عليه وآله لم يترك حديثه مهملاً ، بل سمى هؤلاء الغرباء الظاهرين بالحجة ، وأنهم الأئمة من عترته عليهم السلام وشيعتهم ، فهم الذين أوصى بهم أمته وقال : « إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما » . « مسند أحمد : 3 / 17 » . فهم الذين بَشَّر بإمامتهم الربانية ، وأخبر أن الأمة ستضطهدهم وتكذبهم وتقتلهم ولا يضرهم تكذيب من كذبهم وعداء من عاداهم ، حتى يظهر الإمام المهدي الموعود منهم عليهم السلام فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .
فقد روى الطبراني في الكبير : 2 / 213 ، عن جابر بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيِّماً لا يضرهم من خذلهم » . وفي : 2 / 265 ، عن جابر بن سمرة قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يخطب على المنبر ويقول : اثنا عشر قيما من قريش لا يضرهم عداوة من عاداهم » .
وقال في الزوائد : 5 / 191 : « رواه البزار عن جابر بن سمرة وحده ، وزاد فيه : ثم رجع النبي إلى بيته فأتيته فقلت : ثم يكون ماذا ؟ قال : ثم يكون الهرج . ورجاله ثقات » .
لذلك نعتقد أن رواة الخلافة القرشية حذفوا صفات هؤلاء الثابتين الغرباء ، وجردوها من القرائن التي تدل عليهم . وإليك مجموعة أحاديثهم :
من أحاديث المخالفين في الطائفة الظاهرة أو المنصورة
نورد أولاً الأحاديث التي وصفتها بأنها ظاهرة ولم تعين أنه ظهور بالحجة أو بالقتال ، فيصح تفسيره بالأعم .
ففي مسند الطيالسي / 9 ، عن سليمان بن الربيع العدوي قال : « لقينا عمر فقلنا له : إن عبد الله بن عمرو حدثنا بكذا وكذا ، فقال عمر : عبد الله بن عمرو أعلم بما يقول قالها ثلاثاً ! ثم نودي بالصلاة جامعة فاجتمع إليه الناس فخطبهم عمر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله » .
ورواه سعيد بن منصور : 2 / 144 ، عن ثوبان ، وفيه : ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم . وأحمد : 2 / 321 ، عن أبي هريرة ، وفيه : عصابة على الحق ولا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله . وفي صحيح بخاري : 4 / 252 ، عن مغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : لا يزال ناسٌ من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون .
ونحوه مسلم : 6 / 53 ، عن المغيرة ، والجواهر الحسان : 2 / 279 ، عن ابن مسعود وفيه : حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون . والمسند الجامع : 14 / 14 . وابن حبان : 8 / 294 ، عن أبي هريرة : لا يزال على هذا الأمر عصابة على الحق لا يضرهم خلاف من خالفهم .
وفي مسلم : 6 / 54 ، عن ابن عمرو : « لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم ، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك . فقال عبد الله : أجل ، ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك ، مسها مس الحرير فلا تترك نفساً في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته ، ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة » .
لاحظ أن ابن عمرو لم يذكر القتال ، وفسر أمر الله بالساعة ، على مذهب أستاذه كعب بأن قيام الساعة بعد فتح القسطنطينية بسنوات قليلة !
وفي جمع الفوائد : 3 / 157 ، عن ثوبان رفعه : « ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ! وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كل يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي . ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله » وتذكرة القرطبي : 2 / 638 .
فهذه الأحاديث جعلت وجود هؤلاء الثابتين إلى أن « يأتي أمر الله » وهو يشير إلى ظهور المهدي عليه السلام وليس إلى أن تقوم الساعة ، ولم تصفهم بأنهم مقاتلون .
الأحاديث التي وصفتهم بأنهم يقاتلون وينتصرون
قال ابن منصور : 2 / 145 ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لا تبرح عصابة من أمتي ظاهرين على الحق لا يبالون من خالفهم ، حتى يخرج المسيح الدجال فيقاتلونه » .
وفي مسند أحمد : 4 / 434 : « قال لي عمران : واعلم أنه لن تزال طائفة من أهل الإسلام يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناواهم ، حتى يقاتلوا الدجال » .
وفي طبقات ابن سعد : 2 / 167 : « عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال » . وفي تهذيب ابن عساكر : 1 / 65 : وفي لفظ : إذا هلك أهل الشام فلا خير في أمتي ، ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يقاتلوا الدجال . . . الخ . وفي أحمد : 3 / 345 ، يقول : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمير ليكرم الله هذه الأمة » .
ونحوه في أحمد : 3 / 384 ، وفيه : تكرمة الله عز وجل . ومثله مسلم : 1 / 95 . وأبو يعلى : 4 / 59 ، وفيه : فيقول إمامهم : تقدم فيقول : أنتم أحق بعضكم أمراء بعض ، أمر أكرم الله به هذه الأمة . ونحوه جامع المسانيد : 25 / 26 . وفي سنن الداني / 43 : « تقدم يا نبي الله فصل لنا فيقول : إن هذه الأمة أمير بعضهم على بعض لكرامتهم على الله عز وجل » .
اهتم معاوية بتطبيق أحاديثهم على نفسه وأهل الشام !
في مسند أحمد : 4 / 97 و 101 ، عن عمير بن هاني قال : « سمعت معاوية بن أبي سفيان على هذا المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، ولن تزال من هذه الأمة أمة قائمة على أمر الله ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس . وفي أخرى : فقام مالك بن يخامر السكسكي فقال : يا أمير المؤمنين سمعت معاذ بن جبل يقول : وهم أهل الشام ، فقال معاوية ورفع صوته : هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول وهم أهل الشام » . وفي مسند الشاميين للطبراني : 1 / 315 ، وسعيد بن منصور : 2 / 369 ، عن أبي عبد الله الشامي ، قال : « سمعت معاوية يخطب يقول : يا أهل الشام حدثني الأنصاري قال : قال شعبة يعني زيد بن أرقم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال . . وفيه : وإني لأرجو أن تكونوا هم يا أهل الشام » .
ورواه بخاري : 9 / 167 كرواية أحمد الأولى . ومسلم : 6 / 53 ، كالثانية . وفي تاريخ بخاري : 7 / 327 ، وعلل الدارقطني : 7 / 61 ، ومسند الشاميين لجماز : 1 / 109 و / 135 و 96 و 101 و 103 و 118 و 129 و 131 و 133 و 144 و 149 ح 31 و 49 و 63 و 7 و 69 و 83 و 92 .
وكلها عن معاوية ، وفي عدد منها أنه كان يخطب بها على المنبر ! وهدفه مدح نفسه وأهل الشام في مقابل مخالفيه أهل العراق والحجاز . وهذا كافٍ لسقوط رواياتها !
أحاديث مكذوبة ومحرفة لمدح معاوية وأهل الشام
قال الطيالسي / 145 : « حدثنا معاوية بن قرة ، عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة » . لكن ابن منصور : 2 / 145 ، وأحمد : 3 / 436 ، وابن ماجة : 1 / 45 ، وغيرهم ، رووه بدون ذكر أهل الشام ، فهي زيادة لمصلحة بني أمية تُسقط الرواية .
ففي مسند أحمد : 4 / 429 ، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : « لا تزال طائفة من أمتي على الحق ، ظاهرين على من ناواهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وينزل عيسى بن مريم عليه السلام » .
وفي تهذيب ابن عساكر : 1 / 56 : « قال أبو عمرو : فحدثت قتادة بهذا الحديث فقال : لا أعلم أولئك إلا أهل الشام » ! ثم صار تفسير قتادة حديثاً نبوياً في حلية الأولياء : 9 / 307 ، عن أبي هريرة : « لا تزال طائفة من أمتي قائمة على أمر الله لا يضرها من خالفها تقاتل أعداءها . . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هم أهل الشام » !
وروى نحوه الطبراني في الشاميين : 1 / 56 ، عن الجرشي ، وفيه : « والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وعقر دار المؤمنين بالشام » .
ونحوه مسند الشاميين لجماز : 1 / 191 ، والمعجم الكبير : 7 / 61 ، وابن ماجة : 2 / 1369 ، والحاكم : 4 / 548 ، فاتضح لك أنهم زادوا اسم أهل الشام على لسان النبي صلى الله عليه وآله !
ومثلها في مدح سكان بيت المقدس وحوله
في أحمد : 5 / 269 ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء ، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ، قالوا : يا رسول الله وأين هم ؟ قال : ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس » .
ونحوه في تهذيب الآثار ، مسند عمر : 2 / 823 .
وفي مسند أبي يعلى : 11 / 302 ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله ، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله ، لا يضرهم خذلان من خذلهم ، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة » .
ومثلها في مدح أهل الطالقان !
في تهذيب ابن عساكر : 1 / 55 ، عن تاريخ داريا وقال : وفي لفظ آخر : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على أبواب بيت المقدس وما حولها ، وعلى أبواب أنطاكية وما حولها ، وعلى باب دمشق وما حولها ، وعلى أبواب الطالقان وما حولها ، ظاهرين على الحق ، لا يبالون بمن خذلهم ولا من نصرهم ، حتى يخرج الله كنزه من الطالقان فيحيي به دينه كما أميت من قبل » .
ونحوه عقد الدرر / 122 ، وبعضه 283 .
وفي مشارق الأشواق : 1 / 407 : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على أبواب بيت المقدس وما حولها ، وعلى أبواب أنطاكية وما حولها ، وعلى أبواب دمشق وما حولها ، وعلى أبواب الطالقان وما حولها ، ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ولا من نصرهم ، حتى يخرج الله كنزه من الطالقان فيحيي به دينه » .
أقول : جبال الطالقان جزء من سلسلة جبال آلبرز في إيران ، ويراد بها في الأحاديث منطقة إيران ، فقد عرفت باسم بلاد المشرق أو خراسان أو جبال الطالقان كما يأتي .
والإشكال على تطبيق الفئة الظاهرة على أهل الشام ، يشمل تطبيقها على أهل الطالقان ، فرواته الأمويون أوالفرس أرادوا مدح مناطقهم ! نعم وردت أحاديث صحيحة في أنصار المهدي عليه السلام أهل المشرق ، ولا يرد عليها هذا الإشكال .
وستعرف أن السنيين أكثروا من أحاديث مدح الفرس ، وهذا ليس عجيباً ، لأن الفرس أسسوا لهم مذاهبهم ، وكتبوا لهم مصادرهم في الحديث والفقه والتفسير !
مكذوبات اليهود في تفضيل بلاد الشام !
وضع اليهود وأتباعهم أحاديث مغالية في مدح الشام وفلسطين ، تُفضلهما على الحجاز والعراق ، وتُفضل بيت المقدس على مكة ، وصخرتها على الكعبة ، وتنتقص من الحجاز والعراق وأهلهما ! وقد تبناها معاوية وبنو أمية ، وأتباع الخلافة ، وتلقاها عوام المسلمين على أنها جزء من الدين ، لأن عدداً منها جعلت له الحكومات سنداً صحيحاً !
1 - أشاع كعب أن النبي الخاتم صلى الله عليه وآله يبعث في الحجاز ، لكن عاصمته وملكه يكون في الشام لا في الحجاز ولا العراق ! ففي الدارمي 1 / 4 : « قال كعب : نجده مكتوباً : محمد رسول الله ، لا فظٌّ ولا غليظٌ ولا صخَّابٌ بالأسواق ، ولا يُجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر . . . ومولده بمكة ، ومهاجره بطيبة ، وملكه بالشام » .
وقوله : « وملكه بالشام » زيادة منه ، كما قال ابن حجر في فتح الباري : 8 / 450 : « زاد في رواية كعب : مولده بمكة ومهاجره طيبة وملكه بالشام » . انتهى .
فهي زيادة يهودية لتكون الخلافة لأحبائهم بني أمية في الشام ، بعيداً عن الحجاز والعراق ، لأن أهلهما لا يحبون اليهود كأهل الشام ! لكن مصادرهم روت هذه الزيادة وصححتها مع الأسف !
كابن سعد : 1 / 360 ، وحلية الأولياء : 5 / 387 ، وتفسير البغوي : 2 / 205 ، وخصائص السيوطي : 1 / 19 ، وفيض القدير : 3 / 768 ، ودلائل الأصبهاني : 4 / 1332 ، وتفسير ابن كثير : 4 / 383 ، والدر المنثور : 3 / 132 ، وتاريخ دمشق : 1 / 186 . وغيرها !
كما وجد رواة الخلافة يهودياً اسمه جريجرة أكد قول صاحبه كعب فشكروه !
« المستدرك : 2 / 622 ، وتاريخ دمشق : 1 / 184 ، وخصائص السيوطي : 1 / 23 » .
وبذلك تعرف أن اليهود كانوا يخططون لنقل عاصمة الإسلام إلى الشام بدل الحجاز أو العراق ! ولذلك طلب معاوية من عثمان أن ينتقل إلى الشام ، ليكون ضيفاً عليه ، ويرتب له الأمر بعده كما رتبه أبو بكر لعمر ! « راجع جواهر التاريخ / ج 2 » .
2 - جاء كعب الأحبار من اليمن إلى المدينة وهو حاخام ، فخرج عمر لاستقباله ، واحترمه كاحترام الأنبياء عليهم السلام ، وجعله مستشار الخليفة الثقافي والمقدم في مجلسه ! وبقي كعب على يهوديته وسكن في حمص ، وكان يتردد على المدينة ويمضي فيها مدة طويلة ، وبعد مدة أعلن إسلامه ، فطلب منه عمر أن يسكن في المدينة فقال : « إني أجد في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله في الأرض ، وبها كنزه من عباده » ! « تاريخ دمشق : 1 / 122 » .
3 - روى ابن حماد : 1 / 236 : « عن كعب قال : رأس الأرض الشام وجناحاها ، مصر والعراق ، والذنباء أي الحجاز ! وعلى الذنباء يسلح الباز » ! والذنباء : المؤخرة ! وهذا ذم يهودي خبيث للحجاز بل لمصر والعراق ، والعجيب أن رواة الخلافة وعلماء المذاهب ، ومنهم عراقيون وحجازيون ، قبلوه ورووه ! وروى نحوه الدر المنثور : 3 / 113 ، عن وهب بن منبه ، وهو تلميذ كعب في اليهودية وفي بعض رواياته : وجناحاها مصر والعراق ، لكن وصف الذنباء ثابت للحجاز !
4 - « عن كعب قال : لا تقوم الساعة حتى يزفُّ البيت الحرام إلى بيت المقدس ، فينقادان إلى الجنة وفيهما أهلهما والعرض والحساب ببيت المقدس » « الدر المنثور : 1 / 136 » .
وفي الكافي : 4 / 239 : « عن زرارة قال : كنت قاعداً إلى جنب أبي جعفر « الإمام الباقر عليه السلام » وهو مُحْتبٍ مستقبلَ الكعبة فقال : أمَا إن النظر إليها عبادة ، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر ، فقال لأبي جعفر : إن كعب الأحبار كان يقول : إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة ، فقال أبو جعفر : فما تقول فيما قال كعب ؟ فقال : صدق ، القول ما قال كعب ! فقال أبو جعفر : كذبت وكذب كعب الأحبار معك ! وغضب ! قال زرارة : ما رأيته استقبل أحداً بقول كذبت غيره ! ثم قال : ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها ، ثم أومأ بيده نحو الكعبة ولا أكرم على الله عز وجل منها ، لها حرَّم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ، ثلاثة متوالية للحج : شوال وذو القعدة وذو الحجة ، وشهر مفرد للعمرة ، وهو رجب » .
5 - في تاريخ دمشق : 1 / 152 : « قال كعب : ما شُرب ماء عذبٌ قط إلا ما يخرج من تحت هذه الصخرة ! حتى أن العين التي بدارِين ليخرج ماؤها من تحت هذه الصخرة » !
6 - ألفوا كتباً شحنوها بأحاديث مدح الشام والقدس ، وروى العجلوني في كشف الخفاء : 2 / 2 ، نصوصاً وأحاديث في فضل الشام ، ولم يوثق أياً منها !
7 - روى السيوطي في الدر المنثور : 3 / 111 ، غرائب في فضل الشام عن كعب وتلاميذه ، من مصادر متعددة ! وبعضها تحول بقدرة قادر إلى حديث نبوي ! منها ، عن كعب : مكتوب في التوراة أن الشام كنز الله عز وجل من أرضه بها كنز الله من عباده .
وعن كعب قال : أحب البلاد إلى الله الشام ، وأحب الشام إليه القدس ، وأحب القدس إليه جبل نابلس ، ليأتين على الناس زمان يتقاسمونه بالحبال بينهم !
وعن كعب قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل أن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاماً .
إني لأجد تردد الشام في الكتب ، حتى كأنه ليس لله حاجة إلا بالشام .
وعن ابن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : دخل إبليس العراق فقضى منها حاجته ، ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بيسان ، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ ، وبسط عبقريه . « أي بساطه » .
وعن وهب بن منبه قال : رأس الأرض الشام .
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال : اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ، قالوا : وفي نجدنا ؟ وفي لفظ وفي مشرقنا ؟ قال : هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان . زاد ابن عساكر في رواية : وبها تسعة أعشار الشر .
وعن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الخير عشرة أعشار ، تسعة بالشام وواحد في سائر البلدان . والشر عشرة أعشار واحد بالشام وتسعة في سائر البلدان ! وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم !
عن زيد بن ثابت : قال النبي صلى الله عليه وآله : طوبى للشام ! قيل له : ولم َ ؟ قال : إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم . وقال صححه الحاكم !
قال رجل : يا رسول الله خِرْ لي ، فقال صلى الله عليه وآله : عليك بالشام ، فإنها صفوة الله من بلاده فيها خيرة الله من عباده ! فمن رغب عن ذلك فليلحق بنجدة ، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله . . . ولفظ أحمد فإنه خيرة الله من أرضه . . . فإن أبيتم فعليكم بيمنكم ! عن واثلة بن الأسقع . . . فمن أبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره !
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن حوالة الأزدي عن رسولالله صلى الله عليه وآله : فمن أبى فليلحق بيمنه وليُسْقَ من غدره ! انتهى .
ولا يمكن قبول هذه الأحاديث ومنها ذم نجد وإن رواها البخاري ، لأن رواة الخلافة الأموية متهمون ، بعكس أهل البيت الصادقين الطاهرين عليهم السلام . .
قال الشيخ محمود أبو رية ، وهو من علماء الأزهر في كتابه : أضواء على السنة المحمدية / 176 ، بعد أن نقل طعن عدد من العلماء السنيين بكعب ووهب بن منبه وأمثالهما من أحبار اليهود : « إن الأئمة المحققين قد طعنوا في رواية هذين الكاهنين ، ولا يزال يوجد بيننا وا أسفاه من يثق بهما ويصدق ما يرويانه ، ولا يقبل أي كلام فيهما . . . نكشف لك عن جانب آخر من عمل دهاة اليهود ، ذلك هو الجانب السياسي ، فلقد كان كيدهم في محاربة الإسلام يتجه إلى ضربه من ناحيتين : ناحية دينية ، وأخرى سياسية . . . الخ » .
أحاديث الغرباء وغربة الإسلام في مصادر الطرفين
ابن حماد : 1 / 78 ، عن عبد الله بن عمرو العاص قال : « أحب شئ إلى الله تعالى الغرباء . قيل : أي شئ الغرباء ؟ قال : الذين يفرون بدينهم ، يجمعون إلى عيسى بن مريم عليه السلام » . وتاريخ بخاري : 4 / 130 ، وفيه : « فرَّارون بدينهم يجتمعون إلى عيسى بن مريم يوم القيامة » . وحلية الأولياء : 1 / 25 ، وفيه : « الفرَّارون بدينهم يبعثهم الله يوم القيامة مع عيسى بن مريم » . وفي مسند أحمد : 1 / 184 ، عن سعد بن أبي وقاص قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول : إن الإيمان بدأ غريباً وسيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء إذا فسد الناس . والذي نفس أبي القاسم بيده ليأزرنَّ الإيمان بين هذين المسجدين « مكة والمدينة » كما تأرز الحية في جحرها » .
وطوبى : شجرة مميزة في الجنة وتطلق على الجنة . يأرز : يجتمع بعضه إلى بعض .
وفي مسند أحمد : 1 / 398 ، عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « قيل : ومن الغرباء ؟ قال : النُّزَّاع من القبائل » . وفي : 2 / 177 ، عن ابن عمرو العاص ، وفيه : « قال : أناس صالحون في أناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم » . وفي أحمد : 4 / 73 ، عن عبد الرحمن بن سنة ، وفيه : « قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس ، والذي نفسي بيده ، لينحازن الإيمان إلى المدينة كما يحوز السيل . والذي نفسي بيده ليأرزنَّ الإسلام إلى ما بين المسجدين كما تأزر الحية إلى حجرها » . ورواه مسلم : 1 / 90 ، كرواية أحمد الخامسة عن أبي هريرة . وابن ماجة : 2 / 1319 ، كرواية مسلم الأولى ، والبزار : 1 / 314 ، والترمذي : 5 / 18 ، كرواية أحمد الثانية إلى قوله للغرباء ، وبآخر فيه : إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها ، وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل ، إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً ، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي . وقال : هذا حديث حسن .
ورواه في مشكل الآثار : 1 / 297 ، كرواية أحمد الثانية . وبنحوه المعجم الأوسط : 2 / 551 عن أنس . وفي : 5 / 478 ، و : 6 / 377 ، والمسند الجامع : 12 / 317 ، و : 6 / 155 ، عن ابن سعد بن أبي وقاص . وفي : 14 / 192 ، عن ابن عوف . . .
وروت مصادرنا أحاديث حول غربة الإسلام كما في الجعفريات / 192 ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، فقيل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس ، إنه لا وحشة ولا غربة على مؤمن ، وما من مؤمن يموت في غربة إلا بكت الملائكة رحمة له حيث قلت بواكيه ، وإلا فسح له في قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه » .
ورواه الصدوق في كمال الدين : 1 / 200 ، ثم قال : « فقد عاد الإسلام كما قال عليه السلام غريباً في هذا الزمان كما بدأ ، وسيقوى بظهور ولي الله وحجته كما قوي بظهور نبي الله ورسوله صلى الله عليه وآله ، وتقر بذلك أعين المنتظرين له والقائلين بإمامته كما قرت أعين المنتظرين لرسول الله صلى الله عليه وآله والعارفين به بعد ظهوره . وإن الله عز وجل لينجز لأوليائه ما وعدهم ويُعلي كلمته ، ويتم نوره ولو كره المشركون » .
وفي شرح الأخبار : 3 / 371 ، أن أبا بصير طلب من الإمام الصادق عليه السلام أن يشرح له هذا الحديث : « قال أبو بصير : فقلت له : إشرح لي هذا جعلت فداك يا ابن رسول الله . قال عليه السلام :
يستأنف الداعي منا دعاءً جديداً كما دعا رسول الله ، وكذلك المهدي يستأنف دعاء جديداً إلى الله لمَّا غُيِّرت السنن وكثرت البدع ، وتغلَّب أئمة الضلال ، واندرس ذكر أئمة الهدى ، الذين افترض الله طاعتهم على العباد ، وأقامهم للدعاء إليه والدلالة بآياته عليه ، ونُسي ذكرهم وانقطع خبرهم ، لغلبة أئمة الجور عليهم . فلما أنجز الله بالدعاء للأئمة ما وعدهم به من ظهور مهديهم ، احتاج أن يدعوهم دعاء جديداً ، كما ابتدأهم رسول الله بالدعاء أولاً » .
وفي الإرشاد / 364 ، محمد بن عجلان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلى الإسلام جديداً ، وهداهم إلى أمر قد دثر فضل عنه الجمهور ، وإنما سمي القائم مهدياً لأنه يهدى إلى أمر مضلول عنه ، وسمي بالقائم لقيامه بالحق » .
وفي النعماني / 230 ، عن ابن عطاء المكي : « عن شيخ من الفقهاء يعني أبا عبد الله قال : سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته ؟ فقال : يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله ، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله أمر الجاهلية ، ويستأنف الإسلام جديداً » .
وفي الكافي : 1 / 536 ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه سئل عن القائم فقال : « كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجئ صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان » .
أقول : المقصود بغربة الإسلام غربته عن التطبيق . وقد صرح بذلك الصدوق رحمه الله وربطه بظهور المهدي عليه السلام وقد حاولت مصادرهم توظيف الحديث للصراع بين أهل الحجاز وأهل الشام ، كما وظفوا حديث الفئة الظاهرة لمصلحة أهل الشام وبني أمية ! ومعنى : يأرز الإيمان أو العلم إلى المدينة ومكة : أن وعي الدين ينحسر من الأمة ، وتكون المدينة ومكة مركزاً لتجديد الإسلام وانطلاقته في آخر الزمان على يد الإمام المهدي عليه السلام ، كما كانتا مركزاً لانطلاقته على يد جده خاتم النبيين صلى الله عليه وآله .
من هم الغرباء والطائفة المنصورة ؟
ينبغي الالتفات إلى أن سبب كثرة طرق الحديث ورواته عندهم ، أن معاوية دخل في رواته ، وطبقه عليه وعلى أهل الشام ! ومحاولته تضعف صِيَغَ الحديث ولا تضعف أصله الذي رويناه عن أهل البيت عليهم السلام . . وهي شبيهة بمحاولة العباسيين تطبيق أحاديث الرايات السود على حركتهم ، وبمحاولة تطبيق صفات المهدي عليه السلام على ابن طلحة التيمي ، أو على حسني ، أو عباسي ، فهي لا تؤثر في قيمة أصل أحاديث المهدي عليه السلام لكن يجب معرفة صيغه التحريفية .
ويكفي دليلاً على بطلان تطبيقاتهم لحديث الغرباء على غير أهل البيت وشيعتهم ، أن الحديث نص على أنهم جماعة في كل جيل حتى يظهر إمامهم المهدي وينزل المسيح ، وأنهم أقلية ولهم أعداء ، وهذه صفة أئمة العترة وأتباعهم .
أحاديث مجددي الإسلام
روت المصادر السنية نصاً عن أبي هريرة ظن الراوي أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله ، قال أبو داود : 4 / 109 : « عن أبي هريرة ، فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها » .
ورواه البيهقي في المعرفة : 1 / 137 ، والخطيب البغدادي : 2 / 61 ، والجامع الصغير : 1 / 282 ، والمسند الجامع : 17 / 843 ، وصحيح بخاري بشرح الكرماني : 1 / 72 .
وروى الحاكم : 4 / 522 ، أن رجلاً قرأ هذا النص في مجلس القاضي أبي العباس بن شريح وقال له : « فأبشر أيها القاضي فإن الله بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز ، وبعث على رأس المأتين محمد بن إدريس الشافعي ، وأنت على رأس الثلاث مائة » .
ولو صح الحديث وكان يشمل غيرالعترة عليهم السلام ، فلا يمكن معرفة المجددين لكثرة ادعائه لحكام وعلماء !
كما أنه حديث مجملٌ ، فهل تحسب المئة من بعثة النبي صلى الله عليه وآله أو من هجرته أو وفاته ، وهل المقصود المئة السنة الأولى منها ، أم المعنى العرفي الذي يشمل عدة سنوات من الثانية ؟
وما معنى تجديد الدين للأمة ، هل هو التجديد النظري أو العملي ؟ وهل هو نفي التحريف عن عقائده ، أم نفي الانحرافات العملية عنه ؟
ثم ، ما معنى هذا المجدد ، هل هو مبعوث من ربه يعمل بالعلم الرباني ، أم مجتهد في الدين ، يدعو الناس إلى اجتهاد رأيه . وهل هو حاكم يقدر على تنفيذ تجديده للدين ، أم داعية يدعو المسلمين ، ويوصل صوته إليهم ؟
وقد اعتبر المودودي أن المهدي عليه السلام هو المجدد العالمي العام للإسلام ، في عداد المجددين على رأس كل مئة سنة ، مع أنه عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يحسب ظهوره بمقياس المصلحين العاديين ، بل بمقياس حياة البشرية كلها .
والذي أرجحه أن أصل الحديث عن دور العترة في حفظ الإسلام ، ونفي زيف المحرفين له ، فزادوا فيه ، وصادروه لمن يتولونهم ! فالقدر المتيقن أن أئمة العترة عليهم السلام والإمام المهدي عليه السلام هم المجددون للإسلام .
ونقل في إحقاق الحق عن ابن حنبل تخصيص المجدد بالعترة الطاهرة عليهم السلام ، ولعل ابن حنبل فهمه من قول النبي صلى الله عليه وآله عن عترته : ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض . فهو يدل على وجود إمام منهم في كل عصر .
وقد نصت أحاديثنا على أن الإمام المهدي عليه السلام يجدد الإسلام ، ويخرجه من غربته . ففي عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 / 200 ، عن الحسن بن الجهم قال : « حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة . . . فقال المأمون : يا أبا الحسن فما تقول في الرجعة ؟ فقال الرضا عليه السلام : إنها لَحَقٌّ قد كانت في الأمم السالفة ، ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة ، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة . وقال صلى الله عليه وآله : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السلام فصلى خلفه . وقال صلى الله عليه وآله : إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، قيل : يا رسول الله ثم يكون ماذا ؟ قال : ثم يرجع الحق إلى أهله » .
وفي تفسير فرات / 44 ، عن خيثمة الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام قال في تفسير قوله تعالى : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً : « يعني صفوتنا ونصرتنا . قلت : إنما قدر الله عنه باللسان واليدين والقلب ؟ قال : يا خيثمة ألم تكن نصرتنا باللسان كنصرتنا بالسيف ، ونصرتنا باليدين أفضل والقيام فيها . يا خثيمة إن القرآن نزل أثلاثاً ، فثلث فينا وثلث في عدونا وثلث فرائض وأحكام . ولو أن آية نزلت في قوم ثم ماتوا أولئك ماتت الآية إذا ما بقي من القرآن شئ . إن القرآن يجري من أوله إلى آخره وآخره إلى أوله ، ما قامت السماوات والأرض ، فلكل قوم آية يتلونها . يا خيثمة : إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ، وهذا في أيدي الناس فكل على هذا . يا خثيمة : سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله وما هو التوحيد ، حتى يكون خروج الدجال ، وحتى ينزل عيسى بن مريم من السماء ، ويقتل الله الدجال على يده ، ويصلي بهم رجل منا أهل البيت . ألا ترى أن عيسى يصلي خلفنا وهو نبي ، إلا ونحن أفضل منه » .
وفي غيبة النعماني / 320 ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : « إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء » .
وروى النعماني / 232 ، عن الإمام الباقر عليه السلام أيضاً أن عبد الله بن عطاء سأله : « إذا قام القائم بأي سيرة يسير في الناس ؟ فقال : يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله ويستأنف الإسلام جديداً . » وروى / 322 ، أن أبا بصير سأله عليه السلام : « أخبرني عن قول أمير المؤمنين عليه السلام : إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء ، فقال : يا أبا محمد ، إذا قام القائم استأنف دعاء جديداً كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله » .
حديث بعثت بين جاهليتين
في أمالي الشجري : 2 / 277 ، بسنده عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : بعثت بين جاهليتين لأخراهما شر من أولاهما » . ولم أجد لهذا الحديث المهم مصادر أخرى ، وهو يدل على أن الجاهلية الثانية التي تكون بعد النبي صلى الله عليه وآله أسوأ من الجاهلية الأولى التي كانت قبله . وهو مفاد قوله تعالى : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى . « الأحزاب : 33 » والجاهلية الثانية بعد النبي صلى الله عليه وآله تشمل الجاهلية المعاصرة .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة