علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
عدم استيعاب البخاري ومسلم لجميع الأحاديث الصحيحة
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 133 ـ 140
2025-05-14
10
ثم إنّهما لم يستوعبا الصحيح في كتابيهما، فنقل عن الإمام البخاري أنّه قال: "ما أدخلت في كتاب الجامع إلّا ما صحّ، وتركت من الصحاح لحال الطول" (1).
وروي عن مسلم أنَّهُ قال: "ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته ههنا، يعني في كتابه الصحيح، إنّما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه (2)".
فشرط صحيحهِ مُجمعٌ عليه.
وقال الحافظ أبو عبد الله بن أخرم (3): "قلَّ ما يفوت البخاريَّ ومسلمًا ممّا ثبت من الحديث الصحيح" (4)، يعني: في كتابيهما.
وقال الإمام الحافظ تقي الدين ابن الصلاح: "ليس ذلك بالقليل؛ فإنّ "المستدرك على الصحيحين" للحاكم أبي عبد الله كتاب كبير شمل ممّا فاتهما على شيء كثير" (5).
قلت: هذا لا يرد على الحافظ أبي عبد الله بن أَخْرم؛ لأنّه قال: قلَّ ما يفوت البخاري ومسلمًا ممّا ثبت من الحديث الصحيح، ولم ينصّ في كتابيهما (6).
ويعضده ما روي عن الإمام البخاري أنّه قال: "أحفظ مئة ألف حديث صحيح، ومئتي ألف حديث غير صحيح" (7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: "تاريخ بغداد" (2/ 8 - 9)، "تاريخ دمشق" (52/ 73)، "تهذيب الكمال" (24/ 442)، "فتح الباري" (7/ 1، 19)، وقال الحافظ في معنى: ما صحّ": "أي ممّا سقت إسناده والله تعالى أعلم"، واعترض مُغُلْطاي في "إصلاح ابن الصلاح" (ق 1/ 7) على هذه العبارة، بأنّها في: شروط الأئمّة الخمسة" للحازمي (ص 50) هكذا: "لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحًا، وما تركت من الصحاح أكثر".
(2) صحيح مسلم (1/ 304) بعد (63) ونقلها عنه الحاكم في "تسمية من أخرجه البخاري ومسلم" (281) واختلف المحدّثون والباحثون - قديمًا وحديثًا - في معنى قوله: "إنّما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه"؛ فمَن هم الذين أجمعوا على صحّة ما في "صحيح مسلم"؛ وتحصّل من مجموع اختلافهم أربعة أقوال:
الأول: مشايخه عامّة.
قال الدهلوي في "حجّة الله البالغة" (1/ 282) والديوبندي في "فتح الملهم" (1/ 104): " … ولكن الشيخين لا يذكران إلّا حديثًا قد تناظر فيه مشايخهما، وأجمعوا على القول به والتصحيح له، كما أشار مسلم حيث قال: لم أذكر ههنا إلا ما أجمعوا عليه". وإليه ذهب الكوثري في تعليقه على "شروط الأئمّة الستّة" (ص 13) والكاندهلويّ في تعليقه على "الحلّ المفهم" (73).
الثاني: أئمّة الحديث وإنْ كانوا من غير مشايخه.
وإلى هذا ذهب الميانجي، فقال في "ما لا يسع المحدّث جهله" (44): "ورُوي عن مسلم أنّه قال: لم أدخل في كتابي هذا إلا ما أجمعوا على صحّته، يعني: أئمّة الحديث؛ كمالكٍ، والثوريّ، وشعبة، وأحمد بن حنبل، وابن مهدي، وغيرهم".
الثالث: أراد إجماع أربعة من مشايخه الحفّاظ خاصّة، والأربعة هم: يحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وعثمان بن أبي شيبة، وسعيد بن منصور الخراساني، نقله مُغُلْطاي في: إصلاح كتاب ابن الصلاح" عن بعض "التواريخ الحديثيّة" قال: "ولا يحضرني الآن ذكره"، وبهذا قال شيخ الإسلام البُلْقيني في "محاسن الاصطلاح" (91)، وعنه موفّق الدين أبو ذر أحمد ابن الشيخ برهان الدين أبي الوفاء محمد بن خليل سبط بن العجمي في كتابه "تنبيه المعلّم بمبهمات صحيح مسلم" (رقم 231 - بتحقيقي)، والسيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 98)، وأما في "الديباج" (ق 4/ 1) فقال: "أراد إجماع أربعة من الحفّاظ خاصّة… " ولم يُبيِّن أسماءهم.
الرابع: أراد إجماع أربعة من مشايخه الحفاظ خاصّة، والأربعة على هذا القول هم: يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي.
كذا نقله الديوبندي في "فتح الملهم" (1/ 104) ولم يعزه لأحد!!
وصواب هذه المقولة أنّها للبُلقيني على النحو المذكور في القول الثالث، وقد نقلها عنه جماعة، ونسبوها له، كما قدّمنا.
وأيًّا كان المراد بمقولته السابقة؛ فهي "مُشْكلة جدًّا، فإنّه قد وضع فيه أحاديث قد اختلفوا في صحّتها"، قاله ابن الصلاح في "الصيانة" (74 - 75)، فكما أنّهم اختلفوا في لفظ: "وإذا قرأ فأنصتوا" التي قال الإِمام مسلم مقولته على إثرها؛ فقد روى البيهقي (2/ 156) عن أبي داود (1/ 331) أنّه قال فيها: "هذه اللفظة ليست بمحفوظة، وليست بشيء"، وكذا رواه عن ابن معين وأبي حاتم كما في "العلل" لابنه (1/ 164) والدارقطني (1/ 331) وأبي علي النيسابوري؛ فإنّا نجد فيه أحاديث استنكرها أحمد كما تراه في "علل أحاديث مسلم" لابن عمار الشهيد (رقم 12، 30)، "السير" (6/ 10)، "المعتبر" (169) للزركشي، "شرح النووي على صحيح مسلم" (2/ 36 - ط قرطبة)، وتكلّم على بعض حروفها أبو زرعة الرازي وسيأتي مثالان على ذلك، ورجّح إرسالها أبو حاتم الرازي كما تجده في "النكت الظراف" (1/ 85) وضعّف بعضها كما تراه في "علل ابنه" (1/ 438) و"المعتبر" (144) للزركشي، وأعلَّ بعضها يحيى بن معين كما في "تاريخ الدوري" (3462).
ومقصدي من تخصيص هؤلاء إيضاح أنّ الأشكال قائم حتّى على القول بأنّ المراد من كلام مسلم السابق أربعة من الحفّاظ خاصّة، سواء كان معهم أبو زرعة وأبو حاتم أم لا! هذا مع ملاحظة: عرض الإِمام مسلم "صحيحه" على أبي زُرعة الرازي.
ثبت عن الإِمام مسلم قوله: "عرضتُ كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكلّ ما أشار أنّ له علّة تركتُهُ، وكل ما قال إنّه صحيح وليس له علّة خرّجتُهُ"، نقله الحاكم في "تسمية مَن أخرجهم البخاري ومسلم" (281)، وابن الصلاح في "الصيانة" (68، 98) والذهبي في "السير" (12/ 568) وغيرهم.
فهذا يدلّ بوضوح لا لبس فيه إقرار أبي زرعة في صحّة منهج الإِمام مسلم في "صحيحه" ورضاه عنه، ويدلّ أيضًا على أنّ الفضل له في خلوّ "صحيح مسلم" من الأحاديث المنتقدة والمعلّلة، وعلى أنّه يصحّح جميع الأحاديث التي فيه! بعد أن نبذ مسلم ما أشار أنّ له علّة.
ولكن هذا القول مشكل أيضًا كسابقه؛ إذ نجد أحاديث قد ذكرها مسلم في "صحيحه"، وسكت عليها، محتجًّا بها مع أنّ أبا زرعة قد عقلها، وأكتفي هنا بذكر مثالين:
الأوّل: أخرج مسلم في "صحيحه" (كتاب الذكر) (2699) بعد (38) بسنده إلى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم: "مَن نفّسَ عن مؤمن كُرْبة من كرب الدّنيا؛ نَفَّسَ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة…".
وأشار أبو زرعة إلى أنّ بعضهم رواه من طريق الأعمش عن رجل عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، وأنّه ليس لأبي صالح ذكر فيه، وقال عقب ذلك: "والصحيح عن رجل عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم ، كذا في "العلل" (2/ 162) لابن أبي حاتم.
الثاني: أخرج مسلم في "صحيحه" في (كتاب الطهارة) رقم (240) من طريق عكرمة بن عمّار؛ قال: حدثني يحيى بن أبر كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني سالم مولى المهري؛ قال: وذكر عن عائشة حديث: "ويلٌ للأعقاب من النار".
وقد رواه جمع من أصحاب يحيى عن سالم مولى المهري عن عائشة، من غير ذكر أبي سلمة بن عبد الرحمن، منهم الأوزاعي وحسين المعلم، وقد صحّح أبو زرعة روايتهما، وأعلَّ الرواية التي فيها ذكر لأبي سلمة بن عبد الرحمن، وقال: "والصحيح كما رواه الأوزاعي وحسين المعلّم"، انظر: "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 57 - 58، 67 - 68). فهذان مثالان ذكرهما مسلم في "صحيحه"، ولم يتكلّم عليهما بشيء، بينما أعلَّ أبو زرعة بعض الحروف التي في إسنادهما، على الرغم من أنّه نظر في "صحيح مسلم" بطلبٍ من مؤلّفه، وأشار له على ما فيه من علل، وقد ترك مسلم ذلك ونبذه من "صحيحه"؛ فهل ذهل أبو زرعة عن أمثال هذين الحديثين؟! أم أنّ مسلمًا زاد على كتابه بعد أن نظر فيه أبو زرعة؟ أم أنّ أمثال هذه العلل غير مؤثّرة عند مسلم على صحّة الحديث؟ أم أنّها في رأيه ليست بعلل على الحقيقة، وأنّ الصواب ليس مع أبي زرعة فيها؟ ترد جميع هذه الاحتمالات على البال، وتسنح في الخيال، مع أنّ التحقيق يرُّد بعضها، لا سيما الأخيرة منها؛ إذ أطلق مسلم، فقال: "فكلّ ما أشار إنّ له علّة تركته"؛ فهو لم يناقشه، ولم يردُّ له قولًا، ربّما كان ذلك حتّى يكون ما في "صحيحه" جميعه قد أجمعوا عليه، وتقبّلوه بالرضا والتسليم، وفي الإِلماحات الآتية زيادة كشف وبيان حول هذا الموضوع.
دفع الاستشكالَيْن:
أجاب العلماء على ما استشكل على مقولة مسلم: "وإنّما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه" عامّة، وعلى وجود أحاديث في "صحيح مسلم" تكلّم عليها أبو زرعة خاصّة بجوابين:
أحدهما: أنّه أراد بهذا الكلام - والله أعلم - أنّه لم يضع في كتابه إلا الأحاديث التي وجد عنده فيها شرائط المجمع عليه، وإنْ لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم.
وإلى هذا نحا واضعو "الموسوعة البريطانيّة" (8/ 538)؛ ففيها: "وهذا "الصحيح" - "صحيح مسلم" - يعتبر مميزًا لإطلاقه العنان للموافقة الجماعيّة على مسائل الإسناد".
والآخر: أنّه أراد أنّه ما وضع فيه ما اختلف الثقات فيه في نفس الحديث متنًا أو إسنادًا، ولم يرد ما كان اختلافهم إنّما هو في توثيق بعض رواته، وهذا هو الظاهر من كلامه؛ فإنّه ذكر ذلك لمّا سُئِلَ عن حديث أبي هريرة: "وإذا قرأ فأنصتوا"؛ هل هو صحيح؟ فقال: "هو عندي صحيح". فقيل له: لِمَ لَم تضعه ههنا؟ فأجاب بالكلام المذكور.
ويتأيَّد هذا إذا علمنا أنّ انتقادات أبي زرعة في المثالين السّابقين إنّما هو في الطرق لا في متون معروفة متّفق عليها.
وهذا كله يفسّر لنا بعض ما في مقولة الإِمام مسلم السّابقة من الفوائد، ويلقي الضوء أيضًا على ما ورد عنه أنّه قال: "ما وضعتُ شيئًا في هذا المسند إلا بحجّة، وما أسقطتُ منه شيئًا إلا بحجّة"، لا سيما الشطر الأول من مقولته هذه؛ إذ يلتقي قوله: "وإنّما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه" مع قوله: "ما وضعتُ شيئًا في هذا المسند إلا بحجّة". وانظر: "مقدمة ابن الصلاح" (92 - ط بنت الشاطئ)، "صيانة صحيح مسلم" (75، 98)، "المنهل الروي" (123)، "شرح النووي على صحيح مسلم" (1/ 16)، "تدريب الراوي" (1/ 98)، كتابي "الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح" (2/ 407 - 412).
(3) هو محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني النيسابوري، شيخ الحاكم. المتوفى سنة أربع وأربعين وثلاث مئة، ترجمته في "تذكرة الحفاظ" (3/ 864 - 866).
(4) "مقدمة ابن الصلاح" (16)، "فتح المغيث" (1/ 31)، "تدريب الراوي" (1/ 99).
(5) "مقدمة ابن الصلاح" (ص 20)، فقد نقل كلمة أبي عبد الله بن أخرم، وذكر ردّها، وكذا فعل النووي في "الإرشاد" (ص 60) فقال: "والصحيح قولُ غير ابن الأخرم: إنّه فاتهما كثير، ويدلّ عليه المشاهدة"، ونقله السخاوي في "فتح المغيث" (1/ 55) وزاد: "قلت: والصواب قول من قال: لم يفت الكتب الخمسة أصول الإسلام وهي: الصحيحان والسنن الثلاثة إلا النزر، يعني: القليل"، وينظر ما سيأتي.
(6) نقل هذه العبارة عن المصنّف: ابن حجر في "هدي الساري" (ص 477) و"النكت على ابن الصلاح" (1/ 298) وعبارته: "والظاهر أنّ ابن الأخرم إنّما أراد ممّا عرفاه وأطّلعا عليه مما يبلغ شرطهما، لا بقيد كتابيهما، كما فهمه ابن الصلاح". وقال في "الهدي": "ويتأيّد بعدم موافقة التاج التبريزي على التقييد بكتابيهما". ونقله عنه السخاوي في "فتح المغيث" (1/ 59 ط المنهاج)، وأقرَّه. وانظر "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 6/ ب - 7/ أ)، "توضيح الأفكار" (1/ 54 - 55).
ثم ظفرت بعد تدوين ما سبق بكتاب المصنّف "المعيار في علل الأخبار" (1/ 12 - 13) ووجدته يقول على إثر كلام ابن الصلاح السابق:
"قلت: في قوله هذا إشكال؛ وذلك لأنّ مراده بالصحيح إن كان صحيحًا مطلقًا سواءٌ كان على شرط الإِمامين أو لم يكن، فمن الضرورة أنّه فات الأصول الخمسة شيءٌ كثير كثير، لما نُقل عن البخاري أنّه يحفظ مئة ألف حديث صحيح، وعن مسلم أنّه ليس كلّ صحيح عندي وضعته ههنا - يعني في كتابه الصحيح - إنّما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه - أي على شرط صحّته -، ومعلوم أنّ أحاديث الكتب الخمسة بجملتها لا تبلغ ثلث ذلك إذا كان مراده بالصحيح ما هو على شرط البخاري ومسلم، فلا يرد إشكاله على الحافظ أبي عبد الله بن أخرم إذ مراده بالفائت من هذا القسم، وفوته حينئذٍ عن كتابه قليل.
وأمّا "المستدرك" لأبي عبد الله ففيه بحث؛ إذ خرَّج للضعفاء والمتروكين وأدرج فيه من المنكر والضعيف ما لا يخفى على أهل هذا الشأن، ويلزمه أيضًا أن يكون أصول الخمسة على شرط "المستدرك" ليصح استدراكه؛ وهو بعيد جدًّا على أنّ في "المستدرك" من الصحيح ما لم يورداه في كتابيهما، وفيه ما هو على شرطهما لا على ما التزم أبو عبد الله الحاكم لهما من أنّ المتّفق عليه أن يرويه الصحابي المشهور عن رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - وله راويان ثقتان، ثم يروي عنه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابي وله راويان ثقتان، ثم يروي عنه من أتباع التابعي الحافظ المتقن المشهور وله رواة من الطبقة الرابعة يكون شيخ البخاري ومسلم، فإن هذا الشرط ليس بمطّرد في كتابيهما، إذ في "الصحيحين" ممّا لا يروي إلّا شخصٌ واحدٌ وليس له إلا راوٍ واحد، وباعتبار هذا الشرط على زعمه أنّ ما في "المستدرك" على شرط البخاري ومسلم، وهذا شرطه يلزم أن يكون أعلى مرتبة في الصحّة لما هنا، إنَّ في "الصحيحين" بعض ما لم يوجد فيه هذا، وهذا معوّل من التحقيق، إذ في "المستدرك" من الأحاديث الضعيفة، قال صاحب "الميزان": صحَّح في "مستدركه" أحاديث ساقطة ويُكثر من ذلك، …".
(7) انظر: "تاريخ بغداد" (2/ 25)، "تهذيب الكمال" (24/ 461)، "تذكرة الحفّاظ" (2/ 556).