1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

الأحاديث القدسيّة

علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : علم الحديث : علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة) :

مقدّمة المحقّق (مشهور بن حسن آل سلمان)

المؤلف:  أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي

المصدر:  الكافي في علوم الحديث

الجزء والصفحة:  ص 5 ـ 66

2025-05-10

64

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدِ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلَّا الله، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أمّا بعد:

فهذا تحقيق لكتاب مهم ومفيد في علم مصطلح الحديث، اختصر فيه صاحبه كتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح، وأعاد ترتيب مادته بدقة متناهية، وزاد عليه كثيرًا من الفروع، وكاد أن يستوعب زيادات النووي في "الإرشاد"، وابن دقيق العيد في "الاقتراح". ونكّت عليه تنكيتات بديعة، وحرر مباحثه بتقريرات دقيقة، احتفل بها العلماء، وتناقلوها في كتبهم، واعتنوا بدراستها وفحصها، وهي تنبئ عن إمامة في هذا الفن، ولعل كتابنا هذا هو من اللبنات الأولى في التنكيت على كتاب ابن الصلاح، وصاحبه هو الذي فتح - أو وسع - الباب لمن جاء بعده في هذا المضمار.

وكانت تمر بي فوائد فرائد، ودقائق وزوائد، في كثير من المباحث المطروقة في علم المصطلح، وكنت أستودعها كناشاتي تارة، وأضعها على بطون المراجع أُخري، أنتظر لمَّها وجمعها لتكون في مكان واحد، على حسب تيسير الله سبحانه وقضائه، مع حبِّي الشديد لتحقيق كتاب متفرد وفيه تميّز في هذا النوع من العلم.

فلما وقفت على "الكافي" لأبي الحسن التِّبْريزي؛ وجدتُ - ولله الحمد - بُغيتي، ورأيت أن أعتني به عنايةً جيّدةً، بتوضيح مباحثه، وتفريع مسائله، وتيسير فوائده، وتحرير دقائقه، وتدقيق تنكيتاته، وتنكيت غرائبه وتحقيق اعتراضاته، و "غرضي بذلك جمع ما تفرق من الفوائد، واقتناص ما لاح من الشوارد" (1).

وإمامنا أبو الحسن علي بن عبد اللّه التبريزي لم ينشر له شيء - فيما أعلم - قبل تدوين هذه السطور (2)، نعم، هو مسبوق بتلخيص واختصار "علوم الحديث"، وهذا ما وقفتُ عليه من ذلك (3):

* مختصرات "علوم الحديث" لابن الصلاح:

- " إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق"، طبع أكثر من مرّة، أحسنها بتحقيق صديقنا الشيخ عبد الباري فتح اللّه الهندي السَّلفي.

- "التقريب والتيسير في معرفة سنن البشير النذير"، طبع أكثر من مرّة، كلاهما للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي (676 هـ).

- "المنهج المبهج عند الاستماع لمن رغب في علوم الحديث على الاطلاع" (4)، لقطب الدين أبي بكر محمد بن أحمد بن أحمد القسطلاني (ت 686 هـ).

- "في أصول علم الحديث"، لعلاء الدين ابن النفيس الطبيب المصري (ت 689 هـ)، مطبوع.

- "الاقتراح (5) في بيان الاصطلاح وما أُضيف إلى ذلك من الأحاديث المعدودة من الصحاح"، لأبي الفتح محمد بن علي بن وهب، الشهير بـ"ابن دقيق العيد" (ت 702 هـ)، طبع أكثر من مرّة.

- "ملخص علوم الحديث" (6)، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري (ت 722 هـ).

- "مشكاة الأنوار في أنواع علوم السنن والآثار"، لعبد الرَّحمن بن عمر الأبهري (ت 730 هـ)، منه نسخة في مكتبة عارف حكمت (64 - أصول حديث)، وانظر "الفهرس الشامل" (1475 - حديث).

- "رسوم التحديث"، لأبي إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الجعبري (ت 732 هـ)، وكتابه مطبوع بتحقيق الأستاذ إبراهيم بن شريف الميلي، سنة 1421 هـ في (248) صفحة، عن دار ابن حزم.

- "المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي"، لبدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (ت 733 هـ)، طبع أكثر من مرّة، أحسنها وأقدمها (7) بتحقيق محيي الدين عبد الرَّحمن رمضان، عن دار الفكر، دمشق، سنة 1395 هـ، في (183) صفحة.

- "مشكاة الأنوار"، لأبي القاسم هبة اللَّه بن عبد الرحيم البارزي الجهني الحموي (ت 738 هـ).

- "الخلاصة في علوم الحديث"، للحسين بن عبد اللَّه بن محمد الطيبي (ت 743 هـ)، مطبوع أكثر من مرّة، ولخصه من اختصارات النووي وابن جماعة، وزاد عليه من "جامع الأصول" وغيره.

- "مختصر علوم الحديث"، لعلاء الدين علي بن عثمان المارديني (ت 745 هـ)، منه عدة نسخ خطية، وفرغت من تنضيده، ولعل يعمل به غيري بإشرافي ومراجعتي.

هذه هي (المختصرات) لـ "علوم الحديث" لابن الصلاح التي أُلِّفت قبل وفاة مؤلِّف كتابنا هذا (8)، وهنالك جهود أُخرى قامت حوله،

نجملها في المحاور الآتية:

* نظم "علوم الحديث" لابن الصلاح:

نظمه محمد بن أحمد بن خليل الخُوَيِّي القاضي (ت 693 هـ) في "أقصى الأمل والسول في علوم حديث الرسول"، منه عدة نسخ خطية؛ في برلين (1046)، ومكتبة البلدية، الإسكندرية (18 - حديث)، ودار الكتب المصرية (1/ 69)، و"متحف الجزائر" (545) (9).

وتجد نماذج منه في مقدمة محقق "التبصرة والتذكرة" (ص 18 - 19/ ط المنهاج) للعراقي، وهي سلسلة عذبة، يسهل حفظها وتردادها، ونظمها غير واحد بعد حياة المصنف (10).

* التنكيت والشرح على "علوم الحديث" لابن الصلاح:

لم أجد أحدًا ممَّن شرح ونكَّت على كتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح قبل المصنف في كتابه هذا، نعم؛ وجدت الزركشي في مواطن من "نكته" ينقل عن كتاب ابن أبي الدّم (إبراهيم بن عبد اللّه الحموي، ت 642 هـ) - وهو معاصر لابن الصلاح - واسمه "تدقيق العناية في تحقيق الرواية" (11) وفي بعض نقولاته منازعة لابن الصلاح، كما تراه - مثلًا - في "3/ 492 - 493 و 524 و 550 (12)، 586) وفي بعضها مما يشير إلى أن لكلامه صلة بما في "مقدمة ابن الصلاح" انظر - على سبيل المثال - (3/ 531، 546). أمّا مَنْ نكَّت أو شرح كتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح بعد المصنّف، فكثر، وهذا ما وقفت عليه من ذلك:

- محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الأسعردي الدمشقي، الشهير بـ (ابن اللبان) (ت 749 هـ) وكان نزيل القاهرة، وهو مفسر من علماء العربية، له "النكت على ابن الصلاح".

- علاء الدين مغلطاي بن قليج البكجري الحنفي (ت 762 هـ)، له "إصلاح كتاب ابن الصلاح"، فرغت من تنضيده على نسخة وحيدة، ونقلتُ منه كثيرًا في تعليقي على هذا الكتاب، ودفعتُه لبعض النبهاء من الطلبة، وكاد أن يفرغ من المحاكمة بينه وبين ابن الصلاح، وسيطبع قريبًا - إن شاء الله تعالى - بإشرافي وتقديمي عن الدار الأثرية، عمان.

- بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي (ت 794 هـ)، له "النكت على مقدمة ابن الصلاح"، طبع عن أضواء السلف، بتحقيق الدكتور زين العابدين بن محمد بلا فريج، في أربعة مجلدات.

- برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أيوب، الشهير بـ "الأنباسي" (ت 802 هـ) له "الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح"، له أكثر من نسخة خطية، وطبع أكثر من مرّة، أجودها في مجلدين، بتحقيق صلاح هلل عن مكتبة الرشد.

- عمر بن رسلان بن نصير البُلقيني (ت 805 هـ) له "محاسن الاصطلاح في تضمين ابن الصلاح" (13)، طبع بتحقيق عائشة عبد الرَّحمن بمصر، سنة 1396 هـ وفي بيروت مرات.

- عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806 هـ)، له "التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح" (14)، طبع أكثر من مرّة، أولها مع ذيل بعنوان "المصباح على مقدمة ابن الصلاح" لشيخ مشايخنا محمد راغب الطباخ، ثم تعليقات عبد الرَّحمن محمد عثمان، وآخرها وأجودها في مجلدين ضخمين بتحقيق الشيخ أسامة الخياط، عن دار البشائر.

- عز الدين محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن جماعة (ت 819 هـ)، ذكر السيوطي في ترجمته من "البغية" (1/ 63) أن له كتابين يتعلقان بـ "علوم الحديث" لابن الصلاح، هما: "شرح علوم الحديث" والآخر: "المنهج السوي شرح المنهل الروي"، والكتاب شرح لـ "مختصر ابن جماعة"، وهو جد المصنف، وسمى السيوطي في "البحر الذي زخر" (1/ 239 - 245) اختصارًا له، سماه "الإقناع"، وانظر "كشف الظنون" (1162).

"النكت على ابن الصلاح" لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ). ويسمى "الإيضاح لتكملة التنكيت على ابن الصلاح"، و "الإفصاح على نكت ابن الصلاح"، نشر بتحقيق الشيخ ربيع بن هادي المدخلي. ولم يكمله ابن حجر، وبلغ فيه إلى (النوع الثاني والعشرين) وهو (المقلوب).

هذه هي أسماء المؤلفات (15) التي تخصُّ "علوم الحديث" لابن الصلاح (16)، والملاحظ أن جلَّ المعتنين به تجمعهم أوصاف، هي:

أولًا: التفنُّن في العلم.

ثانيًا: كثرة التصنيف والتأليف.

ثالثًا: أنهم من مصر.

رابعًا: جلهم في القرن الثامن والتاسع.

ومن أوائل من جمع بين حسن الاختصار، ودقة التعقب، وكثرة التنكيت: الإمام أبو الحسن التبريزي في كتابه "الكافي" هذا، ولذا نقل منه كلّ من جاء بعده ممن نكَّت أو شرح "علوم الحديث" لابن الصلاح.

وبعد هذه الجولة السريعة في بيان الجهود المبذولة حول كتاب ابن الصلاح، نخص كتابنا "الكافي" بدراسة مستقلة، ونبدأ بـ:

* نسبة الكتاب لصاحبه:

هذا الكتاب صحيح النسبة لصاحبه على وجه اليقين، والأدلة على ذلك كثيرة، منها:

أولًا: ذكره المصنف في كتابه "المعيار" (1/ 11) فقد جعل (مقدمة) الكتاب لبيان أقسام الحديث وذكر (الحديث الصحيح) وأقسامه باختصار، ثم قال (1/ 11): "وقد بسطت الكلام في سائر أقسام الصحيح في كتابي المسمى "الكافي في علوم الحديث"، فليُطلب منه مَنْ أراده".

ثانيًا: ذكره له غير واحد من مترجميه، فقال - مثلًا - السيوطي في "بغية الوعاة" (2/ 171): "واختصر كتاب ابن الصلاح"، وهذه عبارة الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (3/ 73) إلَّا أنه زاد عليها زيادة حسنة، فقال: "واختصر "علوم الحديث" لابن الصلاح اختصارًا مفيدًا". ومثلها في "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة (3/ 189)، وبنحوها في "تاريخه" (1/ 468) ففيه "حسنًا" بدل "مفيدًا".

ونقل ابن، حجر عن ابن أيبك - وهو الصفدي، عصري المصنف - ذكره هذا الكتاب لصاحبنا أبي الحسن التبريزي، وعبارته: "واختصر علوم الحديث"، ولم أجدها في "أعيان العصر" ولا في "الوافي بالوفيات" من كتب الصفدي، وفيهما ترجمة حسنة للتبريزي.

وممن ذكره له: كحالة في "معجم المؤلفين" (7/ 134) وسماه "مختصر علوم الحديث" لابن الصلاح، والزِّرِكْليّ في "الأعلام" (4/ 306) وسماه: "الكافي في علوم الحديث".

ثالثًا: نقل منه غير واحد ممن ألَّف في المصطلح، ولا سيما ممّن له عناية بكتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح، مثل: العراقي (17) في "التقييد والإيضاح" (ص 44، 294) والزركشي في "نكته على ابن الصلاح" (1/ 305، 341 و 3/ 378، 426) وابن حجر في "نكته" (1/ 405، 445 و 2/ 696).

ونقل منه أيضًا السيوطي في مواطن من "البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر" منها: (3/ 950) وسماه فيه "الكافي"، وقال: "ومن خطه نقلت"، ومنها (3/ 952، 129) وسماه في (3/ 952): "المختصر" وسماه في (3/ 1218، 1226): "الكافي" وذكره أيضًا فيه (1/ 238) عند سرده (مختصرات) "علوم الحديث" لابن الصلاح، ونقل منه أيضًا السخاوي في مواطن من "فتح المغيث" (1/ 59، 117، 152 و 2/ 274 و 3/ 72 - ط/ المنهاج)، وبيّنت ذلك في تعليقي على مادة الكتاب، وذكرتُ من نقل كلام المصنف العلماء، وستأتي بعض النقول من ذلك عند الكلام على أهمية هذا الكتاب.

رابعًا: الموجود على طرة المخطوط، فقد نسبه له ناسخ الأصل وهو قريب عهد بالمصنف، بل من تلاميذه فقال: "كتاب" الكافي في علوم الحديث" مما اعتنى بجمعه سيدنا وشيخنا وإمامنا وفريد دهره، ونسيج وحده، الإمام العلّامة تاج الدين أبو الحسن علي بن أبي محمد عبد اللّه بن الحسين بن أبي بكر التبريزي، أحسن الله تعالى إليه، ولطف به، وغفر له ولوالديه، ولجميع المسلمين، آمين، رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".

خامسًا: ذكره ممن اعتنى بذكر الجهود التي بذلت على "علوم الحديث "لابن الصلاح، انظر "جامع الشروح والحواشي" (2/ 1419).

* اسم الكتاب:

سبق أن تبين معنا أن "الكافي في علوم الحديث" هو الذي ارتضاه المصنف لكتابه، وهو الذي تحمله النسخة الوحيدة منه، وهكذا سماه السيوطي في "البحر الذي زخر" (1218/ 3، 1226) وهو الذي نص عليه المصنف في "ديباجة" كتابه، لما قال: "وسميته "كافيًا" لكفاية من أقبل عليه بقراءته في درايته".

* الباعث على تأليف الكتاب:

أفصح المصنف عن هدفه من تأليف الكتاب بقوله في (ديباجته): "فإني رأيتُ جماعة من أئمة السلف، وأمناء الخلف، وناصري الملّة، ومنتخبي الأمة، صنفوا في علوم الحديث، ومهدوا أساس قواعده، ورصنوا معاقد شواهده، ورصفوا بذلك بُنيان السُّنَّة، محرسًا عن ثلمهِ بحصائد الالسنة، وجعلوه معيارًا لصحيحه وسقيمه، ومسبارًا لمعلله وسليمه"، قال: "أردتُ أن أتشبَّث بأهداب تصنيفهم وتحقيقهم، وأتعمّق بأذيال تفسيرهم وتحديثهم، متشبِّهًا بهم؛ لأُعدَّ منهم، وأحشر في زمرتهم؛ تصنيف مختصر في علوم الحديث … ".

فباعثه أمران:

الأول: الثواب والأجر من الله، بأن يحشر يوم القيامة مع أهل الحديث.

والآخر: أن يكون في الحياة متعلِّقًا بأذيال وأهداب هذه الطائفة المباركة، وأن يتشبّه بأعلامها، بحيث يصبح واحدًا منهم، ويسلك في زمرتهم، وأنعم بهما من غاية! وحشرنا اللّه معهم، ومَنّ علينا بفضله أن نكون منهم، ونذب عنهم.

* متى ألف الكتاب؟

لم يذكر المصنف تاريخ تأليفه للكتاب، إلا أني أُرجح أنه كان في مصر (18)، وبعد قراءته لمختصر شيخه ابن جماعة لكتاب ابن الصلاح، وهو المسمى بـ "المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي"، وكان ذلك في العشر الأواخر من ذي الحجة، سنة اثنتين وعشرين وسبع مئة، كما تراه بخط المصنف عند ترجمتنا له في هذا الكتاب.

والذي أراه - واللّه أعلم - أن فكرة هذا الكتاب نمت مع المؤلِّف، وأُعجب بمادة ابن الصلاح، وترتيب شيخه ابن جماعة في "المنهل الروي" لها، وحصل له مع انكبابه على القراءة والتحصيل فوائد فرائد، وتنكيات وتعقبات، فكانت حصيلتها هذا الكتاب، وكان ذلك، قبل سنة (733 هـ) تاريخ وفاة شيخه ابن جماعة (بدر الدين محمد بن إبراهيم)؛ لأنه ذكره فيه في آخر فقرة فيه فقرة (99)، وقال عنه: "أبقاه اللّه تعالى"، فكان عند تأليفه حيًّا.

* طريقة اختصاره للكتاب ومنهجه فيه:

مشى أبو الحسن التبريزي في كتابه هذا على منهج رسمه لنفسه، وذكر معالمه في (ديباجته) له، ونستطيع بعد رحلتنا معه أن نخلص إلى الأمور الآتية:

أولًا: اشتمل هذا المختصر جميع مادة كتاب ابن الصلاح "علوم الحديث "الذي اشتهر بـ "المقدمة" قال في (الديباجة): "اختصرتُ حسب ما أردتُ، محافظًا على مسائل جميع الأنواع وأضرابه، محترزًا عما يخل بغرض في مرامه".

ثانيًا: غيَّر المصنف طريقة ترتيب ابن الصلاح لمادته، بأن قدم وأخَّر في أنواعه، واستفاد في ذلك من مختصر شيخه ابن جماعة، وسيأتي إبراز ذلك لاحقًا، تحت، عنوان (منهج المؤلف في ترتيب مادة الكتاب).

ثالثًا: حذف المكرر (19) تجنُّبًا للإطناب، وأشار إلى ذلك في محله.

* زيادات أبي الحسن التبريزي على كتاب ابن الصلاح:

رابعًا: زاد على كتاب ابن الصلاح بعض المباحث وكثيرًا من الفروع، ويمكن إجمال الكلام على الزيادات على النحو الآتي:

1 - أراد المصنف في كتابه استيعاب جميع مباحث علوم الحديث، والتعرض لجلّ تفصيلاته، على وجه يغني ويكفي بنوع من الاختصار دون إطناب أو إسهاب.

قال في (ديباجة) الكتاب: " … تصنيف مختصر في علوم الحديث، حاويًا لجميع مقاصدها، كافلًا لإبراز محاسنها، كافيًا فيما يحتاج إليه فيها".

2 - الإضافات والزيادات التي ذكرها أبو الحسن التبريزي على كتاب ابن الصلاح أنواع، فجلها فروع لها صلة بمباحث، وبعضها أمثلة واستطرادات وشروحات تدل على إدمان نظر، وحضور فكر، وحُسن ربط، وبعضها تعقبات واستدراكات (20)، تدل على دقة فهم، وحصول ملكة.

3 - جعل أبو الحسن هذه الزيادات في أماكنها، قال في (ديباجة) الكتاب: "وإضافة ما لا بد للطالب منه كلّ في بابه".

4 - اعتمد التبريزي في زياداته كثيرًا على محيي الدين النووي في كتابه "إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق" وعلى ابن دقيق العيد في كتابه "الاقتراح" وكلاهما مختصر لكتاب ابن الصلاح، ونص على ذلك في الديباجة أيضًا، قال أبو الحسن التبريزي عقب النقل السابق عنه: "مع زيادة مما ذكره قاضي القضاة العلَّامة الحافظ تقي الدين، ابن دقيق العيد، والشيخ الإمام الجليل الحافظ محيي الدين النووي - تغمَّدهما اللّه بغفرانه - في "مختصريهما" … ".

وينقل المصنف كثيرًا عنهما، ويقول (21) قبل ذلك: "قال تقي الدين" أو "قال محيي الدين"، وينقل كلامهما بالحرف.

5 - يشير المصنف إلى زياداته بطرق شتّى، فتارة يقول: "لم يذكره" كما في (الدرجة الخامسة) من (ألفاظ التعديل) (22)، وتارة يقول: "لم يورده"، كما في (الفصل الثالث) من (الباب الرابع) وهو (في أتباع التابعين) قال: "ولم يورده الشيخ تقي الدين، وفيه أبحاث" (23)، وأورد أربعة منها.

وأغلب المواطن التي زاد فيها المصنف مسبوقة بقوله: "قلت" (24)، وإن كان الكثير منها في التعقبات، كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى، وقد يزيد دون أي إشارة لذلك.

* نماذج من زيادات المصنف على "علوم الحديث" لابن الصلاح:

6 - هذه نماذج (25) من زيادات المصنف على ما عند ابن الصلاح:

1 - زيادة نفي النكارة في حد الصحيح، انظر فقرة (15).

2 - زيادة كلام ابن طاهر في بيان شروط الأئمة الخمسة في كتبهم، ونقل مذهب الحاكم ورده، انظر فقرة رقم (42).

3 - زاد بيتين (26) في ذكر المعمّرين من الوضاعين، انظر آخر فقرة (67).

4 - زاد كلامًا للحافظ المقدسي في أقسام الغريب والمفرد، انظر فقرة (79).

5 - ثبوت التعديل بقول العبد والمرأة، انظر فقرة (86).

6 - تحرير مذهب الشافعية في تقديم الجرح على التعديل، انظر فقرة (90).

7 - زيادة المرتبة الخامسة من ألفاظ التعديل، انظر فقرة (98).

8 - زاد بعض صور المسلسل، انظر فقرة (99).

9 - زاد شرطًا في قبول تدليس الشيوخ، انظر فقرة (102).

10 - زاد كلامًا فيه دفاع عن الحاكم، وأورد نصًا من "مستدركه"، انظر فقرة (111).

11 - زاد تعريفًا بكعب الأحبار في فقرة (112) قال: "وهو كعب بن ماتع يدعى أبا إسحاق، أورده ابن الأثير".

12 - زاد مثالا على صحة التحمل حال الكفر، وبيانًا لحال عبد اللّه بن سَرْجِس، انظر فقرة (113).

13 - زاد قصة النسائي مع الحارث بن مسكين، انظر فقرة (116).

14 - زاد دليلًا على أن السماع من لفظ الشيخ أرجح من القراءة عليه، انظر فقرة (117).

15 - زاد احتمالًا على آخر طرق ثبوت الصُّحبة، انظر فقرة (204).

16 - زاد فصلًا كاملًا في أتباع التابعين، انظر الفقرات (214، 215، 216)، وختمه بقوله: "وهذا باب واسع، ومحلُّ استيعابه غيرُ ما نحن فيه" (27).

17 - زاد (النوع الخامس) من (الفصل الخامس) من (الباب الرابع)، انظر فقرة (225).

18 - زاد ذكر كتاب ابن نقطة "الإكمال" ومن ذيَّل عليه، وذلك في خلال فقرة (233).

19 - زاد أمثلة كثيرة في (المؤتلف والمختلف) في فقرة (233)، وسبقت بقوله: "قلت"، مثل (عمرو بن أبي سفيان)، ومن اسمه (خازم) (28) في "الصحيحين"، وزاد: (رياح بن عبيدة) و (عبيدة بن عمرو الحذاء) و (بشر بن ثابت البزار)، و (ابن السلماني)، وزاد في غير الرواة (عبد المطلب).

20 - زاد في التمثيل حديث عائشة المذكور آخر فقرة (250).

21 - زاد في (الفصل الثامن) من (الباب الرابع) معنى كلمة (التاريخ) انظر فقرة (254).

22 - وزاد في الفصل نفسه فقرة رقم (257) جماعة ممن عاشوا مئة وعشرين سنة، وقال عقب سردهم: "فعلى هذا هؤلاء جماعة كثيرة زائدة على ما ذكره الشيخ تقي الدين من اثنين" ثم زاد فائدة عن عمر سلمان رضي اللّه عنه، نقلها من النووي في "تهذيب الأسماء واللغات".

23 - زاد في فقرة (258) جماعة من أعيان العلماء من الفقهاء خير الذين سماهم ابن الصلاح.

24 - زاد في فقرة (260) على (الحفاظ الذين أحسنوا التصنيف، وعظم به الانتفاع)(29).

25 - زاد في آخر فقرة (262) كلامًا للنسائي في "الضعفاء".

26 - زاد جميع أسماء رواة البلدان، المذكورين في فقرة رقم (269).

27 - الخاتمة، وهي آخر الكتاب، وجعلها على حد قوله: "في أحوال سيد المرسلين ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ على سبيل الإجمال" وهي من فقرة (269) إلى آخر الكتاب فقرة (290)، وجميع ما فيها زيادة من عند المصنف.

* اعتماد المصنف على النووي وابن جماعة:

من الأمور المنهجية التي يستحق ذكرها، والإشارة إليها، والدندنة حولها: أن أبا الحسن التبريزي في اختصاره لكتاب ابن الصلاح اعتمد على كتاب النووي "الإرشاد"، ولم يقتصر اعتماده عليه بنقل الزيادات التي أضافها على مادة ابن الصلاح فحسب، وإنما نقل كثيرًا من عباراته، وصرح بذلك تارة، وأدرجها ضمن كتابه (30) بشيء من التصرف تارة أخرى، وهكذا فعل ابن الملقن في كتابه: "المقنع" أيضًا.

ومن الجدير بالذكر أن للمصنف تعقبات على النووي من جهة، ونقولات من كتبه الأخرى (31) من جهة ثانية، وأن النقل عنه يفوق كثيرًا ما صنعه أبو الحسن التبريزي مع ابن دقيق العيد في "الاقتراح".

ولا ينسى في هذا المقام أيضًا شيخه بدر ابن جماعة، الذي تدرب ونشأ في علم الحديث عليه، وقرأ اختصاره كتاب ابن الصلاح في مجالس عليه (32)، ولذا ضمن أيضًا عباراته وزياداته في كتابه هذا، وأكثر ما تظهر الاستفادة من ابن جماعة في ترتيب المصنف لمادة كتاب ابن الصلاح، فإنه قدّم فيه وأخَّر وتلاشى نقدًا وجِّه إليه في هذا، وسنفرد الحديث عنه في:

[منهج المؤلف في ترتيب مادة الكتاب]

اعتنى أبو الحسن التبريزي في كتابه "الكافي" هذا عناية مميزة، وأَتى على جُلّ ما عند ابن الصلاح في كتابه "علوم الحديث"، وأعاد ترتيبه، وزاد عليه فروعًا عديدة، ونكّت عليه تنكياتٍ مفيدةً، مما جعل الحافظ ابن حجر يقول في ترجمته له: "اختصر "علوم الحديث" لابن الصلاح اختصارًا مفيدًا" (33).

وقال ابن قاضي شهبة: "اختصر "علوم الحديث" اختصارًا حسنًا" (34).

واستفاد أبو الحسن التبريزي في ترتيب اختصاره لمادة كتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح من كتاب شيخه بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (ت 733 هـ) المسمى "المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي" (35) فجعل الكتاب في مقدمتين، وأربعة أبواب، وخاتمة.

فجعل المقدمة الأولى في مناقب الحديث وأصحابه، والمقدمة الثانية في بيان ألفاظ مستعملة على اصطلاح هذا الشأن.

بينما اكتفى ابن جماعة بالمقدمة الثانية، وجعل الأبواب أربعة أيضًا ولكنّه سمّاها (أطراف)، قال في (ديباجة) كتابه (ص 26): "ورتبته على مقدمة، وأربعة أطراف".

وهذه الأبواب الأربعة عند أبي الحسن التبريزي مقارنًا بما في "المنهل الروي":

الباب الأول: في متن الحديث، وقسمه التبريزي إلى ثلاثة فصول:

الفصل الأول: في أقسامه: الصحيح، والحسن، والضعيف.

وتعرّض فيه للحديث الحسن عند الترمذي، وأنواع التركيب التي استخدمها معه، والفرق بين الحسن والصحيح.

ثم أتى للضعيف، وأنه على أصناف، وذكر أنواعه من حيث عدم الاتصال ومحال الانقطاع، وبدأ بالمعلَّق، وذكر المعلقات في "الصحيحين"، ثم انتقل إلى ما سقط من آخره - وهو ذكر الصحابي - ثم ما سقط منه التابعي، وفرع فروعًا؛ تعرض فيها إلى ما رواه بعضهم مرسلًا وبعضهم متصلًا، وجرَّه هذا إلى الحديث عن زيادة الثقة، ثم ذكر المرسل الخفي.

ثم ذكر أنواع الضعيف لا من جهة عدم اتصال إسناده، وجعله ستة أصناف:

1 - الموضوع، وذكر فيه: أسباب الوضع، وأصناف الوضّاعين - وجعلهم خمسة -، وطرق معرفة الحديث الموضوع، وجعلها ثلاثة.

2 - المقلوب.

3 - المضطرب.

4 - المدرج، وجعله على ثلاثة أقسام.

5 - في بيان المعلّل والشاذ والمنكر.

6 - في بيان الغريب والعزيز وضدهما، وقسمه إلى قسمين، وبحث تحته: المشهور، والمتواتر.

وجرّه هذا إلى الكلام على:

الفصل الثاني: الاعتبار والمتابعات والشواهد، وما يدخل فيها، ثم رجع إلى تقسيم الغريب والمفرد إلى خمسة أقسام على حسب الاعتبارات والشواهد.

ثم ختم هذا الباب بقوله:

الفصل الثالث: بقية ما يتعلَّق بالمتن، وجعله ثلاثة أنواع:

الأول: في مختلف الحديث، وجعله على قسمين، وجعل القسم الثاني على ضربين.

الثاني: في ناسخ الحديث ومنسوخه، وذكر أهميته، والضرورة إليه، وعدَّد الأمور التي يعرف بها النسخ، وجعلها أربعة.

الثالث: المصحَّف، وبيَّن مكان وقوعه، ومثَّل عليه.

وبهذا ختم الباب الأول.

ونجد في "المنهل الروي" الذي قرأه أبو الحسن التبريزي على مؤلفه ابن جماعة نحوه، ففيه:

الطرف الأول: في الكلام على المتن وأقسامه، وأنواعه، قال: "فأقسامه ثلاثة: الصحيح، والحسن، والضعيف، وأنواعه ثلاثون: … وسردهم" (36)، وزاد فيه: (المسلسل) و (غريب الحديث)، بينما جعل التبريزي هذين النوعين في (الباب الثاني) كما سيأتي، فالملاحظ أن ابن جماعة في "المنهل الروي" سرد الأنواع سردًا، ولم يعمل على التقسيم والتنويع، بينما كان أبو الحسن التبريزي أكثر دقة منه، وأحسن تنويعًا، إذ ضمَّ كلَّ مجموعة من هذه الأنواع إلى فصل، ونوّع في كلّ فصل على وجه مليح، ح إذ العلاقة بين كلّ نوع متجانسة، وبينها رابط حسن.

وأمّا الباب الثاني عند صاحبنا أبي الحسن التبريزي فهو: في السند، وهو كذلك عند ابن جماعة في "المنهل الروي" قال فيه (ص 27): "الطرف الثاني: في السند وما يتعلق به، وهو أحد عشر نوعًا" وسردها.

بينما جمع التبريزي بين بعض هذه الأنواع في فصول، واشتركا فيمن تقبل روايته ومن ترد روايته، فهو (النوع) الأول من هذا (الطرف الثاني) عند ابن جماعة، بينما جعله التِّبريزيُّ (الفصلَ) الأول من (الباب) الثاني.

وجعل ابن جماعة تحت هذا النوع (ثلاثة عشر فصلًا) وسماها التبريزي (مسائل)، وبحثها فيه تحت (أربعة عشرة مسألة)، في تفريع وتنويع وبسط وتمثيل أوعب وأزيد.

والذي زاده هنا التبريزي:

المسألة الرابعة عشرة: في بيان ألفاظ مستعملة في هذا الشأن من الجرح والتعديل(37).

فتغيَّر التنويع عند التبريزي، ولم يتقيد بترتيب فصول شيوخه ابن جماعة في هذا (الطرف).

وأمّا (الفصل الثاني) من هذا الباب عند التبريزي فهو في تقسيم السند، قال: "وفيه ثلاثة أنواع" (38). وهي:

الأول: في المسلسل.

الثاني: المزيد في متصل الأسانيد.

الثالث: التدليس، وحكم المدلِّس.

وسبق أن موقع (المسلسل) عند ابن جماعة في "الطرف الأول: في الكلام على المتن! وافتتح التبريزي أبو الحسن قوله عنه: "وهو نعت للإسناد" (39). وأما النوعان الآخران فهما عند ابن جماعة في (الطرف) أو (الباب) نفسه.

ثم ذكر أبو الحسن من هذا الباب: (الفصل الثالث: فيما يقع في الإسناد من العُلوِّ والنُّزول) وفرَّعه إلى تسعة أنواع، وهي على وجه مبسوط فيه بالنسبة إلى ما في "المنهل الروي" (ص 69 - 71).

وأمّا النوع الأول فجعله طرفين- واستخدامه (الطرف) هنا غير استخدام شيخه ابن جماعة، إذ هي عند الأخير بمعنى (الباب) - وقسم الطرف الأول إلى خمسة أقسام، وهكذا أخذ يفرعِّ في سائر الأنواع الثمانية المتبقية؛ في تقسيم دقيق، وتفريع متسلسل سهل ينبئ عن حُسن ملكة في التأليف، وفهم جيد لهذا العلم، وارتباط مباحثه مع بعضها بعضًا.

وأمّا الباب الثالث: فهو (فيما يتعلّق بالسند والمتن) هكذا بوَّب عليه التبريزي، بينما قال ابن جماعة: (الطرف الثالث: في تحمل الحديث وطرق نقله وضبطه وروايته وآداب ذلك وما يتعلق به) (40) وجعله في ستة أنواع:

النوع الأول: في أهلية التحمّل.

النوع الثاني: في طرق تحمل الحديث، وهي ثمانية - على اتفاق في بعضها، واختلاف في بعض - وهي: السماع، القراءة على الشيخ - وذكر تحته ثمانية فروع -، الإجازة المجردة - وقسمها إلى ثمانية أنواع، وذكر بعد ذلك ثلاثة فروع -، المناولة - وجعلها نوعين، وذكر فرعًا - والكتابة، والإعلام، والوصية، والوجادة.

النوع الثالث: في كتابة الحديث وضبطه، وذكر تحته عشرة فصوله.

النوع الرابع: في رواية الحديث، وسرد تحته ستة عشر فصلًا.

النوع الخامس: في أدب الراوي، ووراءه خمسة فصول.

النوع السادس: في أدب طالب الحديث، ووراءه ستة فصول، ولم يشبع الكلام عليه، اكتفاءً بقوله: "وقد بسطت من الآداب في هذا النوع وفي الذي قبله في كتابي "في أدب العالم والمتعلم" ما لا يحتمله هذا المختصر، فمن أراده فعليه به، أو ما في فنّه" (41).

بينما بسط أبو الحسن التبريزي الكلام على هذا الباب المشترك بين السند والمتن، وخالف شيخه ابن جماعة ابتداءً في التسمية، إذ جعلها فيما يتعلق بالسند والمتن، وفصل في فحوى هذا الباب لما قال: "وذلك يشتمل على كيفية سماع الحديث، وتحمّله، وصفة ضبطه وروايته، وآداب رُواته وطالبيه" (42) وجعل هذا الباب فصولًا، ورتَّبها بطريقة علمية دقيقة، وتنويع سهل، وتقسيم بديع، وتفريع فيه حصر، على هذا النحو:

الفصل الأول: في أهلية التحمل، وبحث تحته: وقت التحمل، زمن كتابة الحديث، أول زمان يصح فيه سماع الصغير.

الفصل الثاني: في طرق تحمل الحديث من السماع والإجازة والمناولة وغيرها، وذكر الأنواع الثمانية المذكورة آنفًا في كلام ابن جماعة، ولكن في صنيع التبريزي تفصيل وتفريع أوعب، وتمثيل أكثر وأسهب، وهكذا يقال في جميع الأقسام والفروع المبحوثة تحت كلّ نوع من الأنواع الثمانية.

الفصل الثالث: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده، وذكر تحته اثني عشر فرعًا، فزاد في التفريع اثنين بالنسبة إلى ما عند شيخه ابن جماعة.

الفصل الرابع: في رواية الحديث وشروط أدائه، وزاد أيضًا فرعين بالنسبة إلى ما عند ابن جماعة، فختمه بـ (الفرع الثامن عشر).

الفصل الخامس: في آداب المحدث وطالب الحديث وما يتعلّق بهما (43)، وجعله طرفين:

الأول: في آداب المحدّث، وسرد جملة حسنة من ذلك.

الثاني: في آداب طالب الحديث، وسرد جملة حسنة من ذلك.

ثم ختمه ببيان طرق العلماء في تصنيف الحديث، وشيء من آداب التأليف، واستوعب تحته النوعين الخامس والسادس التي عند شيخه ابن جماعة، مع زيادة في الاختيار، واستطراد في بعض النقول.

وأما الباب الرابع: - وهو الأخير - فهو عند أبي الحسن التبريزي بعنوان (في أسماء الرجال، وطبقات الحفاظ، وما يتعلّق بها) (44) بينما عنون عليه ابن جماعة (الطرف الرابع: في أسماء الرجال وطبقات العلماء وما يتصل بذلك)، وقال: "والكلام فيه في أحد وعشرين نوعًا … " (45) وسردها.

بيد أنّك تجد عند أبي الحَسَن فصولًا، فذكر (الفصل الأول: في الصحابة) وفيه أنواع: النوع الأول: في الصحابي. الثاني: في عدالتهم. الثالث: أكثر الصحابة حديثًا. الرابع: جعله في عدد الصحابة وطبقاتهم وأولهم إسلامًا. الخامس: جعله في أفضلية الصحابة. السادس: جعله في آخر الصحابة موتًا.

وجعل الفصل الثاني في التابعين، وفيه أبحاث.

والفصل الثالث: في أتباع التابعين، قال: "ولم يورده الشيخ تقي الدين، وفيه أبحاث"(46) وهو ليس عند ابن جماعة، وهكذا يستفيد من حسن ترتيب كتاب شيخه ابن جماعة، ويزيد على مادته مادة إضافية تارةً، ومباحث وفروع في داخل الفصول والفروع والمسائل تارة أُخرى.

وأما الخاتمة؛ فهي عند أبي الحسن التبريزي بعنوان (في أحوال سيد المرسلين على سبيل الإجمال) (47) ولم يخل آخر كتاب ابن جماعة من شيء من ذلك مع زيادات في فوائد مختلفة، استفاد التبريزي منها، فضمَّها إلى أصل مادة الكتاب. فذكر ابن جماعة - مثلًا - في آخره (أصحاب المذاهب) (48) وهي في "الكافي".

وختم ابن جماعة كتابه بـ (سبعة من الحفاظ أحسنوا التصنيف، وعظم بهم (49) الانتفاع) وهي كذلك في "الكافي" ولكن في صلب الكتاب.

وإنْ كان السيوطي قد انتقد ترتيب كتاب ابن الصلاح بقوله في "تدريب الراوي" (1/ 60 - ط العاصمة): "لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب، بأن يذكر ما يتعلق بالمتن وحده، وما يتعلق بالسند وحده، وما يشتركان معًا، وما يختص بكيفيّة التحمل والأداء وحده، وما يختص بصفات الرواة وحده" (50)، فالمتأمل فيما صنع ابن جماعة - وتبعه المصنف - يجد أن السيوطي يرضى ترتيبهما، بل أُعجب بصنيعهما(51)، لدرجة أنه اعترض بفعلهما وحسن عرضهما، على ابن الصلاح، فاعتراض ابن جماعة والمصنف بالعمل، وترجمه السيوطي إلى القول، فحسب!

ولنترك المجال لمن رتب الكتاب، ولنقرأ عبارتي ابن جماعة والمصنف، ليتبيّن لنا الغرض من هذا الترتيب:

قال ابن جماعة في (ديباجة) "منهله": "ومنذ تكرر سماعي له، وبحثي وعكوفي على فوائده، وحثِّي؛ لم أزل حريصًا على تلخيص ألفاظه لنفسي، وتخليص خلاصة محصوله، لتقريب مراجعتي له ودرسي، وترتيبه على ما هو أسهل عندي وأولى، وأخلى من الاعتراض عليه، حتى قدّر الله وجود هذا المختصر" (52).

وأمّا المصنِّف أبو الحسن التبريزي، فقد أشار إلى هذا بقوله في (ديباجته) أيضًا، وعبارته بعد ذكره كتاب ابن الصلاح ومدحه لي: " … رأيت أن أختصره على ما رُئي لي أنه أيسر وأجمل، وأضبط لفوائد هذا الفن وأسهل، بحذف ما يرى كالمكرر في إطنابه، وإضافة ما لا بُدّ للطالب منه في كلّ بابه" (53).

فأشار ولم يفصح عن ترتيب مادته؛ لأنه مسبوق - كما قدمنا - بذلك، والمتأمل في عبارته: "على ما رُئي لي أنه أيسر وأجمل وأسهل إضافة ما لا بد للطالب منه في كلّ بابه"، يجد أنه يشير إلى ذلك، وكذا قوله - بعد -: "فاختصرتُ حسب ما أردتُ" (54).

* مصادر المصنف في كتابه هذا:

اعتمد المصنِّف في اختصاره لكتابه هذا وزياداته عليه على كثير من المصادر المهمة، وصرح بأسماء بعضها، ولم يصرح بكثير منها، واكتفى بالنقولات عن أصحابها، ومن أهم هذه المصادر:

* أولًا: كتب المصطلح:

* مختصرات سبقته لكتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح:

صرح المصنف - كما رأينا قبل - بمختصرين:

الأول: للنووي، واسمه "الإرشاد".

الثاني: لابن جماعة، واسمه "المنهل الروي".

وسبق بيان أثرهما في هذا الكتاب على وجه تفصيلي، وصرح المصنف في غير موطن بالنقل من أصحابهما، ولم يقع ذكر لعناوينهما.

ومن الكتب التي صرح المصنف بالنقل من أصحابها:

* كتب الحاكم النيسابوري:

- "معرفة علوم الحديث"، نقل منه أسماء رواة البلدان (الفقرة 268)، ولم يصرح باسمه، ولا عزى النقل له، إلَّا أن في آخره إشارة لذلك، وبعرض في ساقه المصنف عليه يظهر جليًّا أنه اعتمد في المادة المسوقة عليه.

ونقل منه أيضًا فيما زاده عن ابن الصلاح في مواطن أخرى وبعضها طويلة، انظر فقرة (207) و (210) و (211) و (214) و (215) و (216) و (255).

- "المستدرك على الصحيحين"، نقل منه ابن الصلاح، وتبعه المصنف، ولكن للمصنف نَقْلٌ منه زائدٌ على ما عند ابن الصلاح، ذكره في فقرة (111) وما فيها يدلُّ على عناية جيدة للمصنف بهذا الكتاب.

- "المدخل إلى كتاب الإكليل"، والنقل منه مشترك مع ابن الصلاح، وهو في فقرة(42).

- "الإكليل" نقل عنه (أصح الأسانيد) و (أوهى الأسانيد) في فقرة رقم (105)، قال: "نقلت هذه من "إكليل الحاكم" على ما أورده، وكذا أوهى الأسانيد، والله أعلم".

قلت: والنقل في "المعرفة" للحاكم أيضًا.

وأشار المصنف إلى هذا الكتاب في فقرة (211).

* كتب الخطيب البغدادي:

أكثر المصنف من النقل عن الخطيب البغدادي، فذكره في كتابنا هذا في ثمانية وخمسين موطنًا، وجلّها عند ابن الصلاح (55)، ولم يصرح المصنف باسم كتابه:

- "الكفاية"، وصرح به ابن الصلاح مرّة واحدة، ونقل منه التبريزي في زياداته على ابن الصلاح.

ولم يصرّح كلاهما بـ:

- "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، ومنه نَقْلٌ كثير، ولا سيما في (آداب المحدث) و (آداب طالب الحديث) وهما في (الفصل الخامس) من (الباب الثالث).

وصرّح كلاهما بـ:

- "السابق واللاحق"، نقل منه ابن الصلاح في (النوع السادس والأربعين: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدَّم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينًا شديدًا، فحصل بينهما أمد بعيد، وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته) (ص 286)، وهو في الموضع نفسه عند مصنفنا (الفقرة 106) في (الباب الثاني) فقدَّمهُ المصنف على كثير من المباحث التي عند ابن الصلاح، وهذا مثال على ما ذكرناه من التقديم والتأخير الذي ضمّ فيه أبو الحسن التبريزي النظير إلى النظير، وجمعهما بأبواب وفصول على وجه حسن مليح.

ومثله تمامًا:

- "الفصل للوصل المدرج في النقل"، وقع ذكره في آخر فقرة رقم (70) من كتابنا هذا تبعًا لتصريح ابن الصلاح به.

ومن الكتب التي نقل منها المصنف في زياداته على ابن الصلاح:

- "شروط الأئمة الستة" لابن طاهر المقدسي، نقل منه في فقرة (42) عبارة طويلة.

- "الاعتبار"، للحازمي أشار إليه المصنف في آخر فقرة (رقم 80).

ومن الكتب التي نقل منها وهي عند ابن الصلاح:

- "الإلماع"، للقاضي عياض، نقل منه في مواطن عديدة دون أن يسمي الكتاب، انظر الفقرات: (115، 116، 132، 151، 176).

- "المحدث الفاصل"، لابن خلاد الرامهرمزي، ولم يسم الكتاب، وإنما عزى الكلام لصاحبه في موطنين، انظر فقرتي (176، 240).

* دواوين السُّنَّة:

نقل المصنف من كثير من دواوين السُّنَّة (56)، مثل: "الصحيحين"، و"السنن"، كـ "سنن أبي داود" و"جامع الترمذي" و"سنن ابن ماجة" و"سنن الدارقطني"، و"موطأ مالك" و"مسند أحمد" و"مستدرك الحاكم" و"صحيح ابن خزيمة" و"صحيح ابن حبان" و"شرح السُّنَّة" للبغوي، ولم يصرح بأسماء الكتب أحيانًا، وإنما نقل منها، وعزى النقول لأصحابها، وجلَّ هذه النقول عند ابن الصلاح أيضًا، إلَّا أن المصنف نظر فيها، ونقل منها أشياء زائدة (57)، أو على نحو آخر.

ومن الكتب التي نقل منها المصنف زيادة على ما عند ابن الصلاح:

"مسند الشافعي"، كما تراه في فقرة (91)، ونقل من "مصابيح السُّنَّة" للبغوي أيضًا، انظر فقرة رقم (36).

 

* كتب العلل والموضوعات:

نقل المصنف من "العلل" لابن أبي حاتم الرازي، والنقل في "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص 259 - 260).

ونقل أيضًا من "الموضوعات" لابن الجوزي، وبعض المواطن في زياداته على ما عند ابن الصلاح، انظر الفقرات (67، 77، آخر 102).

وأحال في آخر فقرة رقم (67) على كتابه "المعيار في علل الأخبار" (58). قال عن الأبيات المنظومة في المعمّرين الكذابين: "وقد تكلمت في شرح الأبيات في كتابي .. " وذكره، قال:

"مع بسط في هذا النَّوع، فَلْيُطْلَب منه".

* بين (مقدمة) "المعيار في علل الأخبار" وكتابنا "الكافي" كلاهما للمصنف:

ألف أبو الحسن التبريزي كتابه "المعيار في علل الأخبار" بعد فراغه من تأليف كتابنا "الكافي" إذ أحال عليه فيه، وجعله في (مقدمة) و (جزئين) و (خاتمة).

وجعل (المقدمة): "لبيان أقسام الحديث وتحقيقه" (59) فهي في علم مصطلح الحديث، وبيان حدود اصطلاحه، مع بسط لبعض مباحثه، وزيادة يسيرة اقتضاها المقام والزمان على المذكور في كتابنا "الكافي"، وهذا عرض موجز لما فيها:

قال أبو الحسن في "المعيار" (1/ 5): "أما المقدمة، ففيها ثلاثة أنواع:

[النوع الأول: في بيان الصحيح".]

وساق ما في فقرة (15) من كتابنا "الكافي" من تعريف (الصحيح) لغة واصطلاحًا، ولم يذكر (قيود التعريف ومحترزاته)، ثم ذكر فقرة (16) و(17) ثم قال (1/ 10): "ثم الصحيح على ما بينتُه أقسام .. ".

ولخص ما في فقرة (25 - 30) من كتابنا هذا، وجعل الأقسام ثلاثة؛ وقال (1/ 11): "وقد بسطت الكلام في سائر أقسام الصحيح في كتابي المسمى "الكافي في علوم الحديث" فليطلب منه مَنْ أراده".

ثم ذكر مقولة ابن الأخرم في كتابنا فقرة (21) وأهمل عدد ما في "الصحيحين"، وتعرض لكلام ابن الصلاح في فوت الكتب الخمسة من الحديث الصحيح شيء، واستدرك عليه كلامًا طويلًا، نقلته في تعليقي على الفقرة نفسها.

ثم ذكر: (الحديث الحسن)، ابتدأ بتعريف الخطابي الذي ساقه المصنف في "الكافي" فقرة (31) مع ذكره محترزات التعريف على وجه أبسط، تراها في التعليق على المحل المذكور.

ثم نقل (1/ 13 - 14) تعريف الترمذي للحسن، المذكور في كتابنا فقرة (32)، وزاد عليه قوله: "فيعتضد بالمتابعة والشواهد، فيخرج به عن النكارة"، وأخذ هذا من كلام لابن الصلاح، نقله برمته في فقرة (33) من كتابنا هذا.

ثم تعرض في (1/ 14 - 15) لمصطلحات الترمذي: "حسن غريب"، و"حسن لا يعرف إلَّا من هذا الوجه، أو من حديث فلان"؛ وأنه ليس بمناقض لما ذكره من تعريفه الحسن، وساق فيه نحو المذكور عندنا في فقرة (40)، ثم ذكر (1/ 15) معنى قوله: "حسن صحيح" نقلًا عن ابن الصلاح، ثم تعرض إلى أن بيَّن (الصحيح) و (الحسن) عمومًا وخصوصًا، وهو الذي ذكره المصنف في كتابنا؛ الفقرات (37 - 39) على وجه أوعب، وعبارات أسهب.

ثم ذكر: غير الصحيح وغير الحسن، وذكر تحته ما له لقب خاص مثل: المعلق، المنقطع، المعضل، المقطوع، الموقوف، المرسل - وتكلَّم على حجّيّته -، والمعلّل والمضطرب، والمقلوب، وهذه بتمامها وكمالها ومباحثها موجودة في كتابنا هذا (60)؛ بينما اقتصر في مقدمة "المعيار" على تعريفها فحسب.

ثم أشار إلى بقية الأنواع، وذكر الفرق بين الضعيف والموضوع، بنحو ما في كتابنا فقرة (66).

ثم جعل القسم الثاني لـ (الموضوع) وبدأ بيان معناه، وذكر أقسامه باعتبار الوضع، وهذا من زياداته على كتابه هذا، وتراه في التعليق على آخر فقرة (66) منه، ثم ذكر سببَي الوضع، وهما المذكوران في كتابنا في فقرة (67)، مع زيادة في السبب الأول، وزيادة أمثلة في النوع الثاني من السبب الثاني، تراهما في التعليق على الفقرة المذكورة.

ثم ذكر (1/ 26 - 32) أصناف الوضاعين الخمسة، المذكورين في كتابنا في فقرة (67) أيضًا، وكلامه متطابق تمامًا في الكتابين، لكنه زاد في "المعيار" زيادتين طويلتين، أنقلهما هنا:

الأولى: بعد المصنف الرابع من الوضاعين، وآخره: "فهي تجول بين أيدي الناس"، قال في "المعيار" (1/ 28):

["ومن الواضعين للحديث]

مغيرة بن سعيد وكان ساحرًا، وبيان وكان زنديقًا، وقتلهما خالد بن عبد اللّه القسري وأحرقهما بالنار.

ومنهم عبد الكريم بن أبي العوجاء، وكان خالد بن معن بن زائدة قال ابن عدي: لما أُخذ ليُضربَ عنقه قال: وضعتُ فيكم أربعة آلاف حديث أُحرِّم فيها الحلال وأُحلِّل الحرام، قتله محمد بن سليمان العباسي بالبصرة، وربيب حماد بن سلمة كان يدسُّ الأحاديث في كتب حماد.

وقال النسائي في كتاب "الضعفاء": "الكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام".

وأما إثم واضع الحديث ففي الدنيا الفضيحة والخذلان والصلب والقتل والإحراق، وفي الآخرة ما يدلُّ عليه الحديث المتواتر لفظًا بالإجماع: "مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوأْ مَقْعدَهُ مِنَ النَّارِ" (61) يرويه عن رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ العشرة المشهود لهم بالجنة وغيرهم إلى أحد وستين نفسًا من الصحابة، وجمع أبو القاسم الطبراني جميع طرقه في جزء سمعناه، ثم أبو الفرج ابن الجوزي خرَّج لكل صحابيّ طرقًا في مصنّفه، وقيل: يرويه مئتان، وقيل: أكثر من ذلك".

 

ثم ذكر (1/ 29) حكم توبة الكاذب، وأورد كلام ابن الصلاح في ذلك، وتعقبه بكلام جيد، هو في كتابنا "الكافي" (فقرة رقم 94)، مع زيادة في "المعيار" تراه في التعليق على الفقرة المذكورة.

ثم رجع إلى ذكر المصنف الخامس من (الوضاعين) وهم (المعمّرون) أو (المدعين التعمير) وساق آخر ما في فقرة (67) مع بيتي أبي طاهر السِّلفي وبيت الوادي آشي وبيته الذي ألحقه بشعرهما حرفًا بحرف.

قال في "الكافي" عقب ذلك: (وقد تكلَّمتُ في شرح الأبيات في كتابي "المعيار في علل الأَخبار" مع بسط في هذا النوع، فلْيُطلب منه". قلت: وبسطه محصور في التعريف بالمعمِّرين العشرة الكذابين، قال في "المعيار" (1/ 33 - 37) - على إثر شعره هو -: "ولنتكلم في كلّ واحد (62) منهم ليتبين حاله:

أما الأول: فابن نُسطور: فهو جعفر بن نُسطور هالك أو لا وجود له بل اخترعوا أسماءً له للأكاذيب، روي أنه قال - بقلة حيائه -: كنت مع رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ في تبوك فسقط سوطه فناولته فقال: مدَّ الله في عمرك. فعاش ثلاث مئة وأربعين سنة، وروى عن جعفر نسخة مكذوبة سمعها أبو طاهر السِّلفي الحافظ ببغداد.

وأما الثاني: فَيُسر بن عبد اللّه؛ أتى عن النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ بطامات وبلايا، كان كذابًا مجسِّمًا، روي أنه كان بمصر وله ثلاث مئة سنة، وروى عنه الحسن بن خارجة ظلمات بعضها فوق بعض.

وأما الثالث: فَيَغْنَم بن سالم بن قنبر مولى علي، وأتى عن أنس بعجائب وأكاذيب وبقي إلى زمان مالك، وقال يونس: حدَّث عن أنس فكذب، قال الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد المصري في كتاب "المؤتلف" له: حدثني إبراهيم بن محمد الفسوي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى قال: قدم علينا يغنم بن سالم مصر فنَزل على فرج أبي حرملة، فجئت إليه فسمعته يقول: تزوجت امرأة من الجن. فلم أرجع إليه، وقال: يغنم ضعيف جدًّا له نسخه عن أنس رواها عبد الغني بن عقيل عنه.

وأما الرابع: فالأشج عثمان بن خطاب أبو عمرو البلوي المغربي أبو الدنيا، ويُقال ابن أبي الدنيا، ومات سنة سبع وعشرين وثلاث، قال المفيد: سمعته يقول: ولدت في خلافة الصديق وأخذت لعلي بركاب بغلته أيام الصفين، وذكر قصة طويلة، قال الخطيب: علماء النقل لا يُثبتون قوله.

وأما الخامس: فخِرَاش؛ ساقط هالك عدمٌ ما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب زعم أنه مولى أنس، قال الحسن بن علي العدوي: مررت بالبصرة وهم مجتمعون على رجل فملت إليه كما ينظر للغلمان فقال: هذا خراش خادم أنس، فقلت: كم كان؟ قالوا: مئة وثمانون سنة.

وأما السادس: فدينار أبو مِكيس الحبشي؛ عن أنس بألف متَّهم، محدِّث في حدود أربعين ومئة عن أنس بن مالك، قال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة، وقيل: له نسخة منها.

وأما السابع: أبو هُدْبَة إبراهيم بن هُدْبَة الفارسي البصري، حدَّث ببغداد وغيرها بالبواطيل، وقيل كان رقاصًا بالبصرة يُدعى إلى العرائس ويرقص لهم، حدَّث عن أنس بالعجائب والأكاذيب بعدُ ما يُشين، قال علي بن ثابت: هو أكذب من حماري، وقال ابن معين: كذاب خبيث قدم علينا جمع عليه الخلق فقالوا: أخرج رجلك، كانوا يخافون أن تكون رجله رجل حمار أو شيطان!

وأما الثامن: فَرَتَنٌ الهندي؛ شيخ دجال بلا ريب، ظهر بعد ست مئة من الهجرة فادَّعى الصحبة، والصحابة لا يكذبون وهو كذاب، وقيل مات سنة اثنين وثلاثين وست مئة، ومع كونه كذَّابًا كذب الناس عليه جملة وجعلوه إله الكذب.

وأما التاسع: فربيع بن محمود المارديني؛ دجال مفتري، ادعى الصحبة والتعمير في سنة تسع وتسعين وخمس مئة.

وأما العاشر؛ فأبو خالد السقا؛ طير غريب قال للناس في سنة تسع ومئتين: رأيت ابن عمر وسمعت من أنس كذا، فذكروا هذا الرجل عند الحافظ أبي نعيم فقال: ابن كم يزعم؟ قالوا: ابن مئة وخمس وعشرين، قال: فعلى زعمه ولد بعد موت ابن عمر بخمس سنين، هكذا نقله صاحب "الميزان"، وفيه بحث؛ فإن عبد الله بن عمر مات سنة أربع وسبعين على ما قاله الحافظ محمد بن طاهر المقدسي، وأبو خالد قال لهم في سنة تسع ومئتين: رأيت ابن عمر، فيلزم أن يكون ولادته بعد موت ابن عمر بعشر سنين لا بخمس، والله أعلم".

ثم ذكر على إثره (1/ 36 - 37) أن وضع الحديث واقع محقق لا حاجة في إثباته إلى الاستدلال، ولم يذكر هذا المبحث في كتابنا "الكافي"، ولذا نقلتُ كلامه من "المعيار" في محله؛ انظره في التعليق على آخر فقرة (67).

وذكر بعد ذلك (تنبيهين):

الأول: في العبارات المستعملة في الجرح والتعديل: وابتدأ بألفاظ التعديل، وجعلها على خمس مراتب؛ ثم ألفاظ التجريح؛ وجعلها على أربع (63) مراتب، وكلامه بالحرف في كتابنا "الكافي" فقرة رقم (98)، وتخلله زيادات عندنا.

ثم ذكر حكم رواية (المجهول) بكلام مختصرٍ لكنه مهم، تراه بحروفه في تعليقي على أول فقرة (92).

والتنبيه الثاني: في المرسل من الأحاديث الضعيفة.

وبدأ بتعريف المرسل فقال (1/ 41):

"اعلم أنّ الإرسال عبارة عن قول التابعي: قال رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ "، وعند الأصوليين أعمّ من هذا، كما بيّنّا، هكذا ذكروه".

وهذا كلام موجز، تفصيله في فقرة (45) من كتابنا هذا، إلَّا أن المصنف بعد ذلك أفاض وأضاف زيادات، وتدقيقات، وتمثيلات، وتنكيتات مهمات، وتحريرات بديعات، نسوقها برقتها هنا، ونحيل عليها هناك، ليرجع إليها من يبتغيها، فأقول وباللّه سبحانه وتعالى أصول وأجول:

صدر كلامه بعد ما نقلناه عنه من تعريف للمرسل بأنه منتقض، ولنرخي عنان القلم لصاحبنا أبي الحسن التبريزي في إيراد كلامه بتمامه، قال في "المعيار" (1/ 42 - 46): "قلت: وقد يكون مسندًا متصلًا مع أنه قول التابعي: قال رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ ، كرواية من أدرك رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وسمع منه وهو كافر ثم أسلم بعد وفاته ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ مثل عبد الرَّحمن (64) بن سرجس، فعلى هذا تعريف الإرسال منتقض.

ثم المرسل: إمّا مرسل مرفوع إلى النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ كرواية سعيد بن المسيّب، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وعروة بن الزبير، ومحمد بن المنكدر، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وقتادة، وغيرهم من التابعين عن رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ .

وإمّا مرسل موقوف؛ كرواية من لم يدرك الصحابي وروى عنه، كرواية الزهري عن أبي هريرة، وأبي سعيد، ولم يتجاوز عنهما، وكرواية زيد بن أسلم عن عمر أو عن أبي واقد الليثي، وكرواية سليمان بن بلال عن أبي واقد الليثي.

ثم المرسلات إن كان مرسلها مجهولًا كعبد ربه بن الحكم، أو فيه مقال كشهر بن حوشب، والضحاك بن مزاحم، وعيسى بن يزداد، وعكرمة مولى ابن عباس، أو أرفع حالًا فمن هؤلاء كعروة بن رويم، وأبي مخلد، وعمارة بن غزية، وأبي قلابة، وأمثالهم؛ فضعيفةٌ لا يصلُح الاحتجاجُ بها، وإن كان مرسلها عدلًا ثقة غير أنه لم يكن متساهلًا في الأخذ عن كلّ أحد، ووجدت مراسيله مساند من جهة أخرى بعد التحقيق فهي قوية يجوز الاحتجاج بها؛ كسعيد بن المسيب (65) ومثله، صيان كان متساهلًا في الأخذ عن كلّ أحد كالزهري، والحسن، وعطاء بن أبي رباح؛ فإنهم يأخذون عن كلّ أحد - على ما قاله الإمام الشافعي والخطيب - فلا اعتبار لها، وإن لم يكن متساهلًا في الأخذ عن كلّ أحد لكن لم يتحقق أن المرسل جاء من جهة أخرى مسندًا كبعض مرسلات عطاء بن السائب، وعروة بن الزبير، وعبد اللّه بن أبي بكر بن حزم، وعبد الرَّحمن بن سابط (66) الجمحي، وعطاء بن يسار، وخالد بن معدان، ففيها خلاف؛ فالجمهور على أنه لا يجوز الاحتجاج بها أيضًا، هذا ضبط المرسلات بقدر ما بلغ وسعي، ولعل غيري يضبط أحسن من هذا.

ومنه يُفهم قول الأئمة في بعض المراسيل، قال يحيى بن سعيد: مرسل الزهري شبه لا شيء، وقال الشافعي الإمام: إرسال الزهري ليس عندنا بشيء فإنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم، قلت: سليمان بن أرقم ضعيف جدًّا، قال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: ليس يسوى فلسًا، وقال البخاري: تركوه، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يُتابع عليه، وقال الترمذي وجماعة: متروك، والله أعلم.

وقال يحيى بن سعيد: مرسلات أبي خالد ليست بشيء، ومرسلات مجاهد أحبُّ إليّ من مرسلات عطاء بكثير؛ كان عطاء يأخذ من كلّ ضرب، ومرسلات طاووس وعطاء متقاربة، وقال: مرسلات أبي إسحاق شبه لا شيء، والأعمش والتيمي ويحيى بن كثير، وقال: وقع في يدي كتاب فيه مرسلات أبي مجلز لا أشتهيها وأنا غلام حينئذٍ، وقال: مرسلات ابن عُيينة شبه ريح، ثم قال: أي واللّه وسفيان بن سعيد، قال: وكان شعبة يضعف إبراهيم عن علي، قال: وإبراهيم عن علي أحب إليّ من مجاهد عن علي، وقال أحمد: مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس به، وعن يحيى بن معين: أصحُّ المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب، وكذا روي عن أحمد بن حنبل، وقال الشافعي: إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن، قال الحافظ أبو بكر البيهقي: ليس الشافعي يحتج بمراسيل سعيد فحسب ولا أنه يحتج بكل ما أرسله سعيد كذلك، والدليل عليه أنه لا يحتج ببعض مرسلاته إذ فقدَ الشرط المذكور ويحتج بمرسلات غيره إذا وجد الشرط، قلت: وكذلك يحتج بمرسل غير ما ذكر لكن إذا وجد موافقًا لفعل الصحابي أو فتوى أهل العلم أو أرسله غيره، ورجال هذا غير رجال ذاك، والإطناب فيه ليس مما نحن بصدده، قال يحيى بن سعيد: مرسل مالك أحب إليَّ من مرسل سفيان، ثم قال: ليس في القوم أصحُّ حديثًا من مالك، قلت: قد بيَّنَّا الإرسال عند أهل الحديث عبارة عن قول التابعي قال رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ ، ومالك بن أنس وسفيان بن سعيد الثوري ليسا من التابعين إذ لم يُدرِكا من الصحابة أحدًا، فيكون مراد الإمام يحيى بن سعيد إرسال من يرويان عنه أو إرسالهما للموقوف على الصحابي، والله أعلم".

قال أبو عبيدة: وبهذا ختم المصنّف مقدمته لكتابه "المعيار"، ويمكن أن نستخلص مما مضى الأمور الآتية:

أولًا: صنّف أبو الحسن التبريزي كتابه "المعيار" بعد "الكافي"، وأحال في كلّ منهما على الآخر.

ثانيًا: لخَّص أبو الحسن مقدمته على "المعيار" من كتابه "الكافي".

ثالثًا: الذي في مقدمة "المعيار" تعريفات ومباحث لأنواع محصورة تخص مادته من أقسام الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، ثم مراتب الجرح والتعديل، ثم الكلام على المرسل، وحجّيته، وهي - بالجملة - في "الكافي" مع ذكر لبقية مباحث علم المصطلح.

رابعًا: يلاحظ على المباحث المشتركة بين "الكافي" و"مقدمة" "المعيار" الآتي:

1 - اشتراك العبارات في المادة الغالبة.

2 - ظهور الاختصار وعدم التفريع والتطويل في مقدمة "المعيار" دون "الكافي".

3 - وجود بعض الزيادات والإفاضة في بعض المباحث التي تلزم استدلال الفقيه بالحديث في مقدمة "المعيار"، ولا وجود لها في "الكافي".

4 - وجود ترجمة لأفراد (المصنف الخامس) (67) من (الوضَّاعين) في مقدمة "المعيار" دون "الكافي"، وأحال فيه - كما قدمنا عبارته - على بسطهم في "المعيار"(68).

5 - تصرف المصنف في مقدمة "المعيار" في بعض العبارات، وزاد عليها بعض الفوائد، حرصتُ على إلحاقها في محالها بالهوامش، وإِن كانت فيها مباحث مستقلة، مع طول؛ ذكرتها في هذا الموطن من التقديم، وأحلت عليه في مكانه.

* عودة إلى مصادر المصنف في كتابه "الكافي"

* كتب الرجال والتراجم:

نقل المصنف من غير كتاب من كتب الرجال، مثل:

- "التاريخ الكبير"، للإمام البخاري.

نقل عنه في فقرة (106)، والنقل عند ابن الصلاح أيضًا، وانظر آخر فقرة (243) وتعليقي عليها.

- "المجروحين"، لابن حبان.

نقل عنه في زياداته على كتاب ابن الصلاح، انظر فقرة (67).

- "الضعفاء" للنسائي.

نقل عنه في زياداته على كتاب ابن الصلاح، انظر آخر فقرة (262).

- "الميزان"، للذهبي.

نقل عنه في زياداته وصرح باسمه عند كلامه على ألفاظ التعديل، انظر فقرة (98) ثم ذكر ألفاظ التجريح، وقال آخرها:

"وهذا الترتيب بعضه يوافق ما أورده الشيخ تقي الدين، وبعضه لما أورده الحفاظ في مصنفاتهم".

ويريد ما في أول "الميزان" (1/ 4)، فإن المصنف اعتمد عليه.

- "أسد الغابة"، لابن الأثير.

نقل منه فيما زاده على ابن الصلاح في أواخر فقرة (112)، ولم يسمّ الكتاب، وإنما عزى نقلًا لصاحبه، وسماه في فقرة (202) وعرف به تبعًا لابن الصلاح.

- "مراتب النحويين"، لأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي.

نقل منه فيما زاده على ابن الصلاح حديثًا وأثرًا، انظر فقرة (163).

- "تهذيب الأسماء واللغات"، للنووي.

نقل منه فيما زاده على ابن الصلاح في آخر فقرة (257).

- "الجمع بين رجال الصحيحين"، للكلاباذي.

نقل منه فيما زاده على ابن الصلاح في فقرة (215)، ولم يسمِّه.

- "تقييد المهمل وتمييز المشكل"، لأبي علي الغساني.

نقل منه فيما زاده على ابن الصلاح في موطنين من فقرة (233)، وسمى الكتاب مختصرًا "التقييد"، ثم نقل منه - بعد - في الفقرة نفسها في ثلاثة مواطن واكتفى بقوله: "وذكر أبو علي الغساني .. " و"ذكره الغساني" واستفاد منه في الفقرة نفسها، ولم يسمه، ونبهت على ذلك في الهامش، وفي فقرة (241، 247).

- "تهذيب الكمال"، للمزي.

نقل منه فيما زاده على ابن الصلاح في فقرة (233)، ولم يسمّه.

- "جزء فيه من عاش مئة وعشرين مشة من الصحابة" (69) لأبي زكريا يحيى بن منده.

نقل منه المصنف في فقرة (257) فيما زاده على ابن الصلاح.

- "التقييد لمعرفة الرواة والسنن والمسانيد".

نقل منه المصنف أسماء ثمانية من الحفاظ زادهم على ابن الصلاح في فقرة رقم (260).

* كتب السيرة:

زاد المصنّف في آخر كتابه هذا (خاتمة: في أحوال سيد المرسلين ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ على سبيل الإجمال)، ذكر فيها ملخصًا للسيرة، واعتمد فيه على ما نص في آخره على ثلاثة، قال في آخر الكتاب:

"هذا آخر ما أمكن من أحواله وسيرته، نقلته مما أورده الحافظ أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، وأبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجَزَري، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وغيرهم".

قلت: وهذه أسماء المصنفات التي اعتمد عليها:

- "أوجز السير لخير الشرط" لابن فارس.

- "الكامل" و (أول) "أسد الغابة" لابن الأثير.

- "السيرة النبوية" لابن إسحاق.

- "المختصر النّدي في سيرة النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ " لشيخه ابن جماعة.

* مصادر أخرى غير المذكورة:

ممّا صرّح المصنّف به مما اعتمد عليه في كتابه هذا: رؤيته لطباق السماع بخط الحافظ أبي طاهر السِّلَفيّ، والشيخ زكي الدين عبد العظيم، وهو المنذري.

قال هذا عند برهنته على ما قرّره ابن الصلاح أنّه لا بأس أن يكون سماعه بخط نفسه، إذا كان ثقةً، ونقله الثقات، كما تراه في فقرة (155).

* كتب أُخرى:

يجد الناظر في كتابنا هذا أسماء مؤلّفات أُخرى (70) غير المذكورة آنفًا، وهي عند ابن الصلاح أيضًا، مثل: "سمات الخط ورقومه" لعلي بن إبراهيم البغدادي، نقل منه المصنف في فقرة (143) ما عند ابن الصلاح - ولا أظن المصنف رآه -، ومثله: مجموعة من الكتب التي مثّل بها ابن الصلاح على بعض أنواع المصطلح، أو ما أفرد في بعض المواضيع، مثل: "الاستيعاب"، ولعل المصنف رجع إليه، ونقل منه، انظر الفقرات (202، 245) وتعليقي عليه، و"تاريخ خليفة بن خياط" انظر فقرة (231)، و"ورواية الآباء عن الأبناء" للخطيب، فإنه ذكر في (فقرة 109) هذا النوع، وقال: "وللخطيب فيه كتاب"، وكذا "المختلف والمؤتلف" لما ذكره في فقرة (233) قال: "وقد صنف فيه كتب، ومن أكملها "الإكمال" لابن ماكولا، على إعواز كان فيه، وتممه الحافظ أبو عبد الله بن نقطة البغدادي في نحو مجلدين" (71)، وذكره أكثر من مرة في هذه الفقرة، ولابن ماكولا أو كتابه ذكر في موطنين أُخريين: انظر الفقرات (198، 255).

ومثاله أيضًا ما ذكره في (فقرة 261) عند سرده من ألَّف في الثقات والضعفاء، فذكر "الضعفاء" للبخاري، و"الضعفاء [والمتروكين] " للنسائي، و"الثقات" لابن حبان، و"التاريخ الكبير" للبخاري، و"تاريخ ابن أبي خيثمة" و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، مع أنه نقل من بعض هذه الكتب، وانفرد بذلك عن ابن الصلاح، كما قدمناه سابقًا.

ومثاله أيضًا ما ذكره من جملة من دواوين السنن وكتب العلل ومعرفة الرجال وتواريخ المحدثين في فقرة رقم (198)، وهكذا بالنسبة إلى بعض المسانيد، كـ"مسند يعقوب بن شيبة" في فقرة (201) وورد أيضًا فيه ذكر لبعض الكتب اللغوية، وردت عرضًا كما حصل مع ابن الصلاح في ذكره لها، مثل: 

"الكتاب" لسيبويه، انظر فقرة (231).

"الكامل" للمبرِّد، انظر فقرة (233).

وهكذا وقع في النقولات من كتب لم يسمها كلاهما، كمتابعة المصنف ابن الصلاح في ذكره "كتاب أبي عبد الله الزاهد الشيرازي" انظر فقرة (213) وكبعض النقولات الموجودة عند ابن الصلاح وهي للمغاربة في الإجازة (72)، ونقلها بواسطة "الإلماع" للقاضي عياض.

ومثلها النقل من بعض كتب الفقه والأصول، كما فعلا في النقولات عن الماوردي، وصرح ابن الصلاح باسم كتابه "الحاوي" في موطنين من "علوم الحديث" (ص 135، 145 - ط. العتر) بينما نقل عنه أبو الحسن التبريزي دون تسميته، انظر الفقرات (127، 138).

واجتمعا في النقل عن أبي المظفر السمعاني، ولم يسم ابن الصلاح كتابه، وتبعه التبريزي، وهو "قواطع الأدلة"، وانظر ذكره في الفقرات (94، 138).

ووجدت صاحبنا أبا الحسن ينقل من "جزء من تخريج ابن مخلد الأندلسي"، في فقرة رقم (206)، وانفرد بذلك عن ابن الصلاح، فهو من زياداته عليه.

* الشعر في الكتاب:

الظاهر أنّ للمصنف عناية جيدة بالشعر، وأن له مشاركة في هذا الباب، ويدل على ذلك أكثر من موطن في الكتاب (73)، مثل:

1 - قوله في فقرة رقم (212) عن الفقهاء السبعة:

"وقد نظمتهم في بيت" وذكره، وهو:

سعيدٌ عبيد الله عروة قاسم … سليمان وأبو بكر وخارجة طرا

2 - وذكر في آخر فقرة (67) نظمًا لأبي الطاهر السِّلفي في المعمّرين الكذابين، وأنه ذكر أسماءهم في بيتين، قال:

حديثُ ابنِ نُسْطُورٍ ويُسْرٍ ويَغْنَمٍ … وإفكُ أَشَجِّ الغَرْبِ بعد خِراشِ

ونُسْخَةُ دينارٍ وأَخْبارُ تِرْبِهِ … أبي هُدْبَة البصريِّ مثلُ فراشِ

ثم قال المصنف على إثرهما:

"وألحق الوادي آشي بهما بيتًا آخر، وهو" وذكر:

رَتَنٌ والمارِدينيُّ تَاسِعٌ … رَبيعُ بن محمودٍ وذلكَ فَاشِي

ثم قال على إثره:

"وألحقت بيتًا آخر بها، وذلك .. " وذكر:

أبو خَالِدٍ السَّقَّا عاشِرُ تِسْعةٍ … هُمُ العَشْرُ طَرٌّ للميوز مياشِي

ونقل أبياتًا أخر ليست في "مقدمة ابن الصلاح"، مثل:

إنشاد أبي الطاهر السِّلفي بيتين في مجالس "الإملاء"، أوردهما في فقرة رقم (181)، وهما:

وَاظِبْ على كَتْبِ الأَمالي جَاهِدًا … مِنْ أَلْسُنِ الحُفَّاظ والفُضَلاء

فَأَجَلُّ أنواعِ الحديثِ بأسْرها … ما يَكْتُبُ الإنسانُ في الإِملاءِ

وذكر بيتين في نظم أفضل أصناف الصحابة، فقال في فقرة (208): "وقد جمعهم الشاعر في بيت، قال:

خيارَ عبادِ الله بعد نبيِّهم … هم الغُرُّ طَرًّا بشِّروا بِجِنَانِ

زُبَيرٌ وطلحٌ وابنُ عوفِ وعامرٌ … وسعدان والصِّهرانِ والخَتَنَانِ".

وأما الشعر الذي عند ابن الصلاح فنقل منه المصنف ما أنشده فارس بن الحسين في ضرورة عناية الطالب في فهم الحديث ومعرفته، قال في فقرة (197): "وأنشد فارس بن الحسين لنفسه .. " وذكر ثلاثة أبيات، هي عند ابن الصلاح في "علومه" (226)، ونصُّها:

يا طَالِبَ العِلمِ الذي … ذَهَبَتْ بمدَّتهِ الرِّوايهْ

كُنْ في الرِّواية ذا العِنا … يةِ بالرِّوايةِ والدِّرايهْ

وارْوِ القَليلَ ورَاعِهِ … فالعِلم ليس له نهايهْ

* أهمية الكتاب، وتعقباته، والتعقبات عليه، وأثره فيمن بعده:

لكتابنا هذا أهمية بالغة، وجمع محاسن (اختصارات) "علوم الحديث" لابن الصلاح التي قبله، فاعتمد ترتيب شيخه ابن جماعة، وهو بديع، وتلاشى مؤاخذةً على ابن الصلاح في ذلك (74)، وضمَّ إليه زيادات ابن دقيق العيد والنووي في اختصاريهما: الأول: في "الاقتراح"، والثاني: في "الإرشاد" (75)، وزاد إليهما ما جادت به قريحتُه من تفريعات وإضافات، وإفاضات وتنكيتات، وذكر فوائد بديعات، واستطرادات مليحات، "جمع فيها خلاصة محصوله، وأخلاه من حشو الكلام وطوله، وقد ينقل كلام بعض الأئمة الأعلام بنصه، ويحذف من بعض في حشو فصِّه" (76).

ومع هذا فقد ظهر أثر هذا الكتاب في كتب المصطلح التي جاءت بعده، وبعضها لأئمة أعلام، وهم فرسان في هذا الميدان، وهذه جولة سريعة تدلل على ذلك:

نقل منه ابن حجر في مواطن من كتابه العجيب "النكت على كتاب ابن الصلاح"، ورضي تعقبه على ابن الصلاح تارةً، ورده تارةً أُخرى، فرد تعقب أبي الحسن التبريزي على ابن دقيق العِيد لما قال: "إن الصحيح أخص من الحسن"، قال التبريزي في فقرة (31) على إثره: "وفيه بحث" قال: "ودخول الخاص في حد العام ضروري"، ونقل كلامه هذا جمع ممن ألف في المصطلح، واحتفلوا به، وبيان ما فيه من مؤاخذة، ابتداءً (77) من ابن حجر في "نكته" (1/ 405) وكذلك الزركشي في "نكته" أيضًا (1/ 305) والبقاعي في "النكت الوفية" (ق 60/ أ) والسخاوي في "فتح المغيث" (1/ 117 - ط. المنهاج) وجمع السخاوي أطراف كلام التبريزي في اعتراضه، وقبل كلامه.

وممَّن ساق كلام أبي الحسن التبريزي: العراقي في "التبصرة والتذكرة" (1/ 85) وفي "التقييد والإيضاح" (ص 44)، وقال على إثره: "وهو اعتراض متّجه"، وأقره السيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 222 - 223/ ط. العاصمة) وفي "البحر الذي زخر" (3/ 952 - 953) وقبله الأبناسي في "الشذا الفياح" (1/ 108).

فأنت ترى أثر كلام أبي الحسن التبريزي فيمن قارب عصره ومصره ومن بَعُد عنه، فقد تتابعت جهود العلماء في العناية به، ونقله، وفحصه، وعرضه على سائر كلامه، وتقويمه أو ردّه.

وهكذا حصل مع التبريزي لما تعقب ابن الصلاح -على الرغم من متابعة النووي له- في تعقبه البغوي في اصطلاحه (الحسن) من كتابه "المصابيح"، فنقل دفاع أبي الحسن التبريزي جمع ممن أَلَّف في المصطلح، مثل: ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" (1/ 445 - 446) وطوَّل في نصرة كلام صاحبنا في كتابنا هذا فقرة رقم (36)، وهكذا فعل الزركشي في "نكته" (1/ 343) فقال عن تعقب ابن الصلاح ومتابعة النووي له: "عجيب"! ورده بنحوه، إلا أنه لم يرد لصاحبنا أبي الحسن ذكر عنده! وكذا فعل -قبله- البُلقيني في "المحاسن" (111) والعراقي في "التقييد" (44) ومغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح"، (ق 14/ أ) إلا أن السخاوي في "فتح المغيث" (1/ 152 - ط. المنهاج) والسيوطي في "البحر الذي زخر" (3/ 1143 - 1145) نقلوا كلام التبريزي، وارتضوه، بينما اكتفى السيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 243 - ط. العاصمة) بقوله: "وكذا مشى عليه علماء العجم".

قلت: وصاحبنا التبريزي علي بن عبد الله منهم، كما سيأتي في ترجمتنا له.

ومن الجدير بالذكر أن عناية العلماء حافلة بكلام أبي الحسن التبريزي في هذا الكتاب حتى في المواطن التي لم يقبلوا فيها تعقّبه لابن الصلاح أو غيره، فنقلوا كلامه وأبهموا صاحبه تارة، كما يظهر لك بالمقارنة -مثلًا- ما في فقرة (37) من هذا الكتاب مع ما في "نكت ابن حجر" (1/ 474)، و"نكت الزركشي" (1/ 367)، إلا أني رأيت السيوطي يصرح بأن الكلام الذي ناقشه كلٌّ من ابن حجر والزركشي إنما هو للتاج التبريزي، وأقرهما.

وصرحوا بالنقل من صاحبنا والرد عليه تارة أُخرى، كما وقع لهم فيما أورده المصنف في آخر فقرة (63) من رده اعتراض النووي على ابن الصلاح، بينما انتصر للنووي: مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 25/ أ)، فأجمل اعتراض المصنف ولم يسمِّه، ولم يقبله، وانتصر للنووي، وكذلك فعل تلميذه ابن حجر في "نكته" (2/ 696) إلا أنّه صرح باسم المصنف، فقال: "وتعقب الشيخ تاج الدين التبريزي كلام الشيخ محيي الدين بقوله.. " ثم قال على إثره: "وهذا التعقّب غير مرضيٍّ".

ومن الجدير بالتنويه عليه في هذا الصدد أن مغلطاي نقل في كتابه "إصلاح كتاب ابن الصلاح" من كتابنا هذا فقرة طويلة بالحرف، ولم يعزها له، انظر (فقرة رقم 95) مع تعليقنا، وكذا صنع ابن الملقّن (78) يظهر لك هذا من مقارنة ما في (آخر فقرة 213، 216، 233) من كتابنا هذا مع ما في "المقنع" -على الترتيب- (2/ 515، 2/ 516، 2/ 606)، مع التنويه على اشتراكهما في نقل عبارة النووي من "الإرشاد" في بعض الأحايين.

وقد تفطن السيوطي لنقل العلماء من كتابنا "الكافي"، وصرح بذلك في موطنين من كتابه "البحر الذي زخر" قال فيه (3/ 1218) ونقل كلامًا للتبريزي، وصرح أنه في "الكافي" -وهو في فقرة رقم (39) من كتابنا هذا- قال: "وذكر مثله البُلقيني في "محاسن الاصطلاح" … " ونقل كلامه، وقال على إثره: "وقد اعتمد هذا الحافظ ابن حجر"، وقال أيضًا فيه (3/ 1226) بعد كلام طويل أورده للزركشي، قال: "وبعضه مأخوذ من كلام التبريزي فإنه قال في "الكافي" … " وأورد ما في كتابنا (فقرة رقم 38).

* نماذج من أسماء مَن تعقّبهم المصنّف:

وأخيرًا، يمكننا إجمال تعقبات المصنف على من سبقه من العلماء بالنماذج الآتية:

1 - تعقّبه الخطيب البغدادي، انظر فقرة (86).

2 - تعقبه الخطابي، انظر فقرة (31).

3 - تعقبه ابن الصلاح، انظر الفقرات (26، 33، 35، 37، 89، 92).

4 - تعقبه ابن دقيق العيد، انظر الفقرات (21، 38، 39).

5 - تعقبه النووي (انظر الفقرات 37، 94).

ويقول المصنف قبل كثير من التعقبات عبارة "قلت"، ولذا كثر ترداد هذه العبارة في الكتاب نحو ثمانين مرة -كما قدمناه-، وتارة يقول عقب الكلام المتعقَّب: "فيه بحث"، وكثر هذا في أول الكتاب، كما تراه في الفقرات (26، 31، 35، 37، 38، 39، 50، آخر 88، 89، 92، 94).

ولا بد أخيرًا من التنويه على أن كتابنا هذا لعالم أتقن علم الأصول قبل الخوض في غمار علم المصطلح، ويعتبر كتابه هذا تحولًا ظاهرًا في إدخال مادة الأصول في كتب المصطلح، فعلى الرغم من أن الخطيب البغدادي قد سبقه لذلك، ونقل دمجه ابنُ الصلاح في "علومه" إلا أنه لم يسترسل، وعمل على مدّ النفس فيما نقله: النووي وابن دقيق العيد، ورضي المصنف صنيعهما ونقل كلامهما، وزاد عليه على وجه ظاهر، وتابعه من جاء بعده، كما سبق أن بيّناه، وهذا محور مهم لكتابنا، وفائدة جديدة له، والمتتبع لتاريخ العلوم، والمستقرئ لدمج مباحثها المشتركة يجد أثرًا بارزًا لذلك، وهذا بحاجة إلى دراسة مفردة، وتتبع دقيق، واستقراء تام، وعسى أن يقوم بذلك بعض النبهاء من طلبة العلم، وتكفينا في هذا المقام هذه الإشارة، والله ولي التوفيق، لا ربَّ سواه، ولا معبود بحقٍّ إلا إيّاه.

* توصيف النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق:

اعتمدتُ في تحقيق هذا الكتاب على نسخة خطية وحيدة، وهي من محفوظات مكتبة متحف طوبقبوسراي (79) بتركيا، برقم (2/ 5 - 6/ M 9762184)، وتقع في (69) ورقة، وفي كل ورقة لوحتان.

وعلى طرة المخطوط ما نصه:

"كتاب الكافي في علوم الحديث، مما اعتنى بجمعه سيدنا وشيخنا وإمامنا، فريد دهره، ونسيج وحده، الإمام العلّامة، تاج الدين أبو الحسن علي بن أبي محمد عبد الله بن الحسين بن أبي بكر التبريزي، أحسن اللّهُ تعالى إليه، ولطف به، وغفر له، ولوالديه، ولجميع المسلمين، آمين، رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".

وفوق هذا العنوان وتحته وعلى جانبيه فوائد متنوّعة، بخطوط متعددة، بعضها أحاديث نبوية، وفيها فوائد حديثية عن ابن سيد الناس وابن دقيق العيد والسخاوي، وبعضها نقولات عن الترمذي والإمام أحمد والدارقطني وابن أبي خيثمة والخطيب والسِّلفي، وفيها أشعار لبعض الفضلاء، وتفسير بعض الكلمات عن "المجمل".

وعلى جانبه الأيسر جملة من التملكات، منها:

"من كتب العبدوسي في سنة 1015 هـ". ومنها:

"في نوبة العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد بن الحسن التّميمي" وأوله: "بسم الله الرحمن الرحيم، صَلِّ يا ربّ على سيدنا محمد وآله، ويسر. الحمد لله الذي أرسل الرسل مبشّرين ومنذرين، لعصمة الأمم عن طريق الضلالة … ".

وآخره: "تم كتاب "الكافي"، والحمد لله وحده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل".

وتحته فائدة عن "الشيخ الإمام العارف ولي الدين الدّيباجي الملوي (80)، وفوقها جهة الشمال "الكلام على حديث أبي ثعلبة الخشني".

والناسخ غير معروف، وكذا تأريخ النسخ، ولكنّه قريب عهد بالمصنف، بل نسخه في حياته، ولذا قال على طرته بعد ذكره لاسم مؤلفه: "أحسن الله تعالى إليه، ولطف به، وغفر له ولوالديه، ولجميع المسلمين". وسبق بيان ما على الطرة قريبًا.

ويؤكد ذلك ما جاء في هامش (الفصل الثالث) من (الباب الثاني) قبل فقرة (142)، ونصه: "بلغ سماعًا من لفظ مصنّفه رضي الله عنه إلى هنا، نفعه الله تعالى، ونفع به".

وعلى المخطوط حواشٍ علمية مفيدة، وجلها غير ظاهر، وجهدتُ في ترسُّمها، واستطعت -ولله الحمد- إثبات كثير منها في مواضعها، ووجدتُ بعضها منقولًا بالحرف من "مجمل اللغة" لابن فارس، وبعضها من "نكت ابن حجر على ابن الصلاح"، وهي بخط ناسخها، ويدل ذلك على أنه من طلبة العلم، ووجدته يصوب أشياء في الحاشية، فيقول - مثلًا- كما في آخر فقرة (158): "لعله: أن لا نخشى" وهو الصواب، وأثبت بدلها في الأصل: "الاعتبار"، وكذا في آخر فقرة (105): "وابن مليحة ونهشل خراسانيان" وأثبت في الحاشية: "نيسابوريان خ" مشيرًا إلى أنه في نسخة كذلك، وهو الموافق لما في "المعرفة" للحاكم، والفصل مأخوذ منه. وفي كثير من حواشي النسخة: "بلغ قراءة"، وفيها أيضًا تصويبات وإثبات السقط الذي وقع على الناسخ في محالِّه منها.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه قد وقع تحريف وتصحيف وسقط وغلط (81) للناسخ في عدة مواطن من الكتاب، ولعل سبب ذلك يعود للعجلة، أو لعدم وضوح (82) أو ضبط المؤلف، لعجمته، إذ لاحظت أن في بعض عباراته ركاكة وخللًا، ونبَّهت على جميع ذلك في تعليقي عليه.

ووجدتُ أيضًا في أكثر من موطن بياضات (83)، وجهدت في إثباتها من السياق والسباق، متأملًا عبارات كل من ابن الصلاح والنووي وابن جماعة، أو راجعًا إلى المصادر التي نقل منها المصنّف.

* عملي في التحقيق:

جهدتُ في ضبط نص الكتاب، من خلال التأمل الشديد في المخطوط (84)، والرجوع إلى الكتب التي نقل منها المصنف، ووثّقتُ جميع النقولات التي استطعتُ الوقوف عليها، وخرجت جميع النصوص التي فيه، ووجهتها على المعنى الذي ساقه المصنف من أجلها، وعلّقتُ على الكتاب بتعليقات فيها -إن شاء الله تعالى- تحقيقات، تعوز المشتغلين بعلم الحديث، وبعضها من المهمات، وفي غير واحد منها استقراء وتتبُّع، ومنها إيراد كلام المعتبرين من العلماء المشتغلين بعلم الحديث، وتعقّبتُ المصنف في بعض ما أورده بالحجة والبرهان (85)، وذكر الأقاويل والنصوص، وحرصتُ على بيان مَنْ نقل عنه، وإبراز ذلك، مع إظهار مخالفته أو موالفته، على وجه -أحسب- أن فيه إنصافًا، واتباعًا لقواعد أهل العلم في الاستنباط أو الإثبات.

ومما أوليته اهتمامًا، ووضعته بعين الاعتبار:

أولًا: تصويب ما نَدَّ به قلم الناسخ، وتتميم النقص الذي وقع في النسخة، وملء البياضات، مع بيان ذلك بالتنصيص في الهامش.

ثانيًا: تحرير المسائل المختلف فيها على وجه فيه فصلٌ للنزاع إن شاء الله تعالى.

ثالثًا: الاستطراد في ذكر ما أهمله المصنّف من فروع وفوائد مما له صلة وثيقة بما هو عنده، ليتحصَّل الناظر في الكتاب، أو القارئ له، أو الباحث فيه على (الكفاية) التي أرادها المصنف منه.

رابعًا: وضع عناوين فرعية، توضح مخبوء كنوزه، وتسهل الوقوف على مباحثه ومواضيعه.

خامسًا: تنزيل تنكيات العلماء على ابن الصلاح فيما تركه المصنف هملًا، مثل: "التقييد والإيضاح" للعراقي، و"محاسن الاصطلاح" للبلقيني، و"نكت ابن حجر"، و"نكت الزركشي"، و"إصلاح كتاب ابن الصلاح" لمغلطاي؛ على وجه يغني الباحث ويكفيه، ولعلي أنقل أبسط تعقب، أو أوضحه، أو أقواه حجة أو عبارة، وأحيل على باقي الكتب، وإن وقع تعقّب للعلماء فيما بينهم فيما يخص ما أورده المصنف في "كافيه" ذكرته ووضحته، وبيّنتُ الصواب فيه، والحمد لله على آلائه ونِعَمه (86).

ويمكن للقارئ أن يقدِّر جَهدي في هذا الكتاب إنْ عَلِمَ أنَّني جعلت مجموع مطالعاتي وما في كُنَّاشاتي، أوما مرَّ بي أثناء البحث أو الجرد، أو القراءة أو التدريس أو المباحثة مما له صلة بمادته فيه، ونزلتهُ في محلِّه: مطابقة أو تضمنًا أو تفريعًا أو تجميعًا، وقد يعثر القارئ فيه على فائدة مستحسنة من غير مظانها، أو على تحقيق وتدقيق من بحث متخصص في الجزئية المبحوثة، قلَّ أن يجدها -على هذا الوجه- في كتب المصطلح، وكان همِّي من ذلك كله أن يحقق هذا (الكافي) اسمه، ويكون له لنصيب الأوفر منه، بل يزاد عليه بأن يكون -إن شاء الله تعالى- فيما تراه من تعليقات وحواشٍ عليه (وافيًا)، ينفع المنتهي، ويلزم المبتدي، ويذكر الناسي، ويصلح للراسي، لعلّ الله -عز وجل- يبارك فيه، ويجعل له القبول، فيُعتَمد في حلقات الدرس، وينهل الطلبة والباحثون مما فيه من حق وصواب، ليكون وسيلة لنصرة السُّنَّة والكتاب، وما ذلك على الله بعزيز، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد وآله والأصحاب.

كتب: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

الأردن – عمان

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نكت ابن حجر (1/ 222).

(2) ثم علمت بعد فراغي من تحقيق هذا الكتاب أن كتابًا آخر له قد طبع حديثًا، وسيأتي بيان ذلك في ترجمته.

(3) انظرها في "البحر الذي زخر" (1/ 236 - 242)، "كشف الظنون" (1162)، "جامع الشروح الحواشي" (2/ 1417 - 1420).

(4) قواعد التحديث (41).

(5) هذبه وصاغه صياغة جديدة الإمام الذهبي في "الموقظة"، وهو مطبوع أكثر من مرّة، وجعله السيوطي في مطلع "البحر الذي زخر" (1/ 238) من مختصرات كتاب ابن الصلاح! وللعراقي "نظم الاقتراح" وهو مطبوع بعنايتي، ولي شرح مطبوع عليه، سميته "البيان والإيضاح" وكلاهما نشر المكتبة الأثرية، الأردن.

(6) مستفاد الرحلة (393) للتجيبي.

(7) أول ما ظهر في مجلة معهد المخطوطات "بجامعة الدول العربية"، مجلد (21) بالتحقيق المذكور نفسه.

(8) قلت هذا لاحتمال أن تكون المختصرات الأخيرة المذكورة ألفت بعد كتابنا هذا، وسيأتيك لاحقًا أن كتابنا هذا ألف قبل سنة 733 هـ وأما (مختصرات "علوم الحديث") التي ألِّفت بعد وفاة المصنف، فهي كثيرة، من مثل:

- "مختصر علوم الحديث"، لأبي عبد الله الحسين بن بدران بن داود البابصري البغدادي الحنبلي (ت 749 هـ)، انظر: "معجم مصنفات الحنابلة" (4/ 69).

- "مختصر علوم الحديث" لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن سعد بن عبد الله العسكري الأندرشي الأندلسي (ت 750 هـ).

- "مختصر علوم الحديث" لصلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي (ت 761 هـ).

- "مختصر علوم الحديث" لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت 774 هـ)، طبع أكثر من مرّة، وشرحه العلّامة أحمد شاكر في "الباعث الحثيث" مطبوع أكثر من مرّة أيضًا، ولبعض معاصرينا "فتح المغيث في التعليق على اختصار علوم الحديث"، منشور عن دار الضياء مصر.

- "المقنع في علوم الحديث"، لسراج الدين عمر بن علي بن الملقن (ت 804 هـ)، مطبوع في مجلدين، سنة 1413 هـ، بتحقيق عبد الله الجديع، واختصر "المقنع" في "التذكرة" وهو مطبوع أكثر من مرّة.

- "مختصر علوم الحديث" لعز الدين محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن جماعة (ت 819 هـ) وذكر السيوطي في "بغية الوعاة" (1/ 63) أن له شرحين على "مقدمة ابن الصلاح"، سيأتيان عند ذكر الشروح.

- "الاقتراح على علوم الحديث" لإسماعيل بن إبراهيم بن جماعة (ت 861 هـ) منه نسخة في مكتبة شستربتي (3149).

- "مختصر في علوم الحديث" لمحمد بن سليمان الكافيجيّ الحنفي (ت 879 هـ) ذكره له السيوطي في "البغية" (1/ 118) أيضًا.

(9) انظر: "تاريخ بروكلمان" (3/ 578) و "الفهرس الشامل" (1/ 215 - الحديث).

(10) مثل: أبي عثمان سعد بن أحمد التُّجيبي الأندلسي (ت 750 هـ)، قال أبو العباس التنبكتي في "نيل الابتهاج" (ص 123 - 124): "وحفظت بعض منظومته في الحديث". وأفاد السيوطي في "البحر الذي زخر" (2/ 607) أن اسمها "الخلاصة" أخذًا من ابن مالك، وذكر في آخرها أنه نظمها في سنة (720 هـ)، "لخص فيها كتاب ابن الصلاح مع زوائد لطيفة"، وتجد فيه (2/ 607، و 3/ 1061 - 1062) نماذج منها، وهي ألفية، ومثل عبد الرحيم بن الحسين العراقي في منظومته المسماة "التبصرة والتذكرة"، وهي مطبوعة، وشرحها العراقي وغيره، ومن أجمع وأشهر شروحها "فتح المغيث" للسخاوي. = = ونظم "علوم الحديث" لابن الصلاح أيضًا: محمد بن عبد الرَّحمن بن عبد الخالق البَرْشَنْسِيّ (ت 808 هـ)، واسم منظومته "المورد الأصفى في علم الحديث المصطفى" وله شرح عليها، انظر "الضوء اللامع" (7/ 290)، وأفاد السيوطي في "البحر الذي زخر" (3/ 958) أنَّها (الفية)، ومنه نسخة في برلين (1047) وعلى العنوان زيادة "في توضيح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح وكتاب الإرشاد للنووي"، ونظمه أيضًا ابن مرزوق الحفيد (محمد بن أحمد بن الخطيب التلمساني، ت 842 هـ) في عمل جمع بين ألفيتي العراقي والتَّجيبي، وسماه "روضة الإعلام بأنواع علم الحديث السّام"، ومنها نسخة في الأسكوريال، وتقع في (1700) بيت، وانظر "فهرس الفهارس" (1/ 542) للكتاني، واختصرها - بعد - في منظومة أخرى، اسمها "الحديقة"، وهي مخطوطة.

ونظمه أيضًا السيوطي (ت 911) في "ألفية الحديث" أعاد فيها ترتيب الأنواع على وجه آخر، رآه أكثر مناسبة، وهو مأخوذ من كتابنا هذا، ثم شرحه في "البحر الذي زخر" ثم شرح "الألفية" أكثر من واحد، منهم: محمد محفوظ بن عبد الله الترمسي المكي في "منهج ذوي النظر شرح منظومة الأثر" ومنهم صديقنا الشيخ محمد آدم الأثيوبي في "شرح ألفية الحديث".

(11) منه نسخة في مكتبة متحف الجزائر، برقم (544)، وهي ناقصة وفيها بياضات، فرغنا من تنضيدها يسر اللّه إخراجها والإفادة منها. ولم يسمِّه الزركشي ولا محقق كتابه.

(12) عبارته: "قال ابن أبي الدم رادًّا على ابن الصلاح، بعد أن نقل استبعاده … " وبنحوه في النقل الذي بعده، وانظر "نكت الزركشي" أيضًا (1/ 369).

(13) نظمه طاهر بن الحسن بن عمر بن حبيب الحلبي (ت 808 هـ)، ومن نظمه نسخة في دار الكتب المصرية (7 - حليم).

(14) ذكر العلَّامة الشيخ أحمد معبد - حفظه الله - في كتابه القيم "الحافظ العراقي وأثره في السنة" (3/ 966 - 967) عند حديثه عن مصادر العراقي في كتابه هذا: كتابنا "الكافي" وقال: "مختصر كتاب ابن الصلاح".

(15) ممّن طبع كتابه، وهم الأغلبية السابقة من المنكّتين على ابن الصلاح.

(16) في فهرس آل البيت (1631/ الحديث وعلومه): "الموارد العذبة في شرح معرفة أنواع الحديث" لابن الصلاح، وأفاد أنه لمجهول: وأن نسخة منه في مكتبة لالي (291). قلت: لم أظفر بها في "دفتر كتبخانة لا له لي" المطبوع بتركيا عن دار سعادت، سنة 1311 هـ، وهناك غير ما ذكرت، ورحم الله السيوطي القائل في "البحر الذي زخر" (1/ 235): "فلا يحصى كم ناظم له - أي لـ "علوم الحديث" "لابن الصلاح - ومختصر، ومنكِّت".

(17) بل وجدتُ التبريزي هو المراد - في كثير من الأحايين - عند قوله: "بعض المتأخّرين"، فاحفظ هذه فإنها مهمّة!

(18) دخلها مع الركب المصري بعد حجه، واستقر بها، وكان ذلك في سنة اثنتين وعشرين وسبع مئة ومن وقتها انشغل المصنف بعلم الحديث، وانكب على كتبه، كما سيأتي في ترجمته.

(19) إن رأى التكرار أضبط فعله، انظر آخر فقرة رقم (79).

(20) الكافي (147، 160، 161، 169).

(21) انظر الكافي (158، 159، 169، 171).

(22) ستأتي كلمة عنها عند كلامنا على أهمية الكتاب.

(23) قد يريد بذلك في بعض الأحايين ابن الصلاح.

(24) ذكر "قلت" في الكتاب نحو ثمانين مرّة، وهذا يدلك على كثرة زياداته وتعقباته.

(25) تجد أمثلة أخرى مسبوقة بـ (قلت) وبعضها دون ذلك، انظر - على سبيل المثال - (قلت) وما بعدها في آخر فقرة (68)، والكلام على حد الكبيرة والأمثلة على ذلك، ومفردات خوارم المروءة في آخر فقرة (85) وما بعد (قلت) في فقرة (87) وآخر فقرة (89) و (91) و (94).

(26) أحدهما من إنشائه.

(27) الكافي (734).

(28) استدرك فيه على ابن الصلاح والنووي، ولا يوجد هنا (قلت) قبل الزيادة ومثله في (ص 809، 812).

(29) المنهل الروي (143).

(30) اعتنيت بإبراز ذلك في تعليقاتي، انظر - على سبيل المثال - (555، 556، 622، 628، 680، 681، 710، 807).

(31) سيأتي بيانها لاحقًا، ووقع ذلك نادرًا، وجلَّ الاعتماد على "الإرشاد".

(32) كما تراه بخط أبي الحسن التبريزي، عند ترجمتنا له.

(33) الدرر الكامنة (3/ 73).

(34) تاريخ ابن قاضي شهبة (1/ 468).

(35) طبع مرتين، ويقوم أخونا الشيخ عبد الباري فتح الله السَّلفي - حفظه الله تعالى - الآن بتحقيقه على عدة نسخ خطية.

(36) المنهل الروي (ص 26 - ط دار الفكر).

(37) وهي في (الفصل السادس) من "المنهل الروي" (ص 65).

(38) الكافي قبل فقرة (100).

(39) الكافي فقرة (100).

(40) المنهل الروي (79).

(41) المنهل الروي (110).

(42) الكافي (ص 463).

(43) لاحظ جمع التبريزي لهما في فصل واحد، بينما فرقهما ابن جماعة، فجعل النوع الخامس خاصًّا في آداب الراوي، والنوع السادس في أدب طالب الحديث، وتقدم بيان ذلك عنه.

(44) الكافي (683).

(45) المنهل الروي (111).

(46) الكافي (729).

(47) الكافي (877).

(48) المنهل الروي (142 - 143).

(49) في مطبوع "المنهل": "به"!

(50) أصل هذا الكلام لابن حجر في "نكته" (1/ 94 - 95 - مكتبة الفرقان).

(51) سار عليه في "ألفيّته" التي نظم فيها "علوم الحديث" لابن الصلاح، فقدَّم وأخَّر في مباحثه اتِّباعًا للمصنف وشيخه ابن جماعة، وأخذ في "شرحها" المسمى "البحر الذي زخر" (1/ 242 - 243) على ابن الصلاح نحو ما تقدم عنه في "التدريب"، واعتذر عنه بقوله: "لأنه جمع متفرقات هذا الفن من كتب مطولة في هذا الحجم اللطيف، ورأى أن تحصيله وإلقاءَه إلى طالبيه أهم من تأخير ذلك إلى تحصيل العناية التامة بحسن ترتيبه".

(52) المنهل الروي (26).

(53) الكافي (105).

(54) الكافي (105).

(55) اعتمد ابن الصلاح كثيرًا على "الكفاية" للخطيب البغدادي، والخطيب ممن دمج علم الأصول بالمصطلح، فظهر أثر ذلك على "علوم الحديث" لابن الصلاح ومختصراته، وزاد النووي شيئًا يسيرًا.

(56) انظر ما سيأتي عنه في ترجمتنا للمصنف.

(57) تجد أماكنها في (فهرس الكتب) المرفق مع الفهارس، في آخر الكتاب.

(58) نقل عند كلامه على (طلب العلو سنة) في آخر فقرة (103) من "صحيح مسلم" مما لم يورده ابن الصلاح، إلَّا أني قابلت لفظه على ما في "صحيح مسلم" فوجدته مختلفًا، ثم وجدت المصنف ينقل لفظه من "معرفة علوم الحديث" للحاكم.

(59) المعيار (1/ 3).

(60) تعرف مواطنها فيه من الفهارس المرفقة في آخر الكتاب.

(61) انظر تخريجه في (ص 286 - 287).

(62) انظر ما علّقته على الشعر عند المصنِّف في آخر فقرة رقم (67)، فقد عرَّفت بكل واحد منهم، ومصادر ترجمته.

(63) كذا في مطبوع "المعيار" (1/ 40) وسقطت منه "والخامسة" قبل قوله: "وهي أدنى العبارات" كما في "الكافي" (آخر فقرة 98).

(64) في كتابنا (فقرة 203): "عبد الله" وهو الصواب وتعقبه العراقي، كما تراه في تعليقي عليه.

(65) انظر ما علقناه على (ص 205)، وما سيأتي قريبًا.

(66) في مطبوع "المعيار": "سلط"! وهو تحريف، والصواب المثبت، وهو من رجال مسلم وأصحاب "السنن" الأربعة.

(67) لم أقف على "المعيار" إلَّا بعد انتهائي من تحقيقي لهذا الكتاب، ولذا ترجمت لأفراد المعمرين الكذابين، ولما وقفت على كلام المصنف فيهم، أوردته برمته في التقديم، وأبقيت تعليقاتي في محالها.

(68) هم المعمرون أو مدّعو التعمير.

(69) طبع بتحقيقي سنة 1412 هـ -1992 م، ولي عليه زيادات، وسيظهر - إن شاء الله تعالى - مع غيره من الأجزاء في مجلدة، عن الدار الأثرية.

(70) تجد عناوينها في فهرس خاص آخر الكتاب.

(71) انظر تعليقي على هذا النص من الكتاب.

(72) ومثله ابن فارس في "مأخذ العلم" انظر فقرة (134) والتعليق عليها، ومثله: المعافى النهرواني في "الجليس الصالح" (انظر فقرة 141)، في أمثلة كثيرة جدًّا مبثوثة في الكتاب.

(73) انظر أشعارًا أخرى في: آخر (المقدمة الأولى) آخر فقرة رقم (4)، والفقرتان (9، 103)، وأول "المعيار" (1/ 2).

(74) نصّ على ذلك، كما بيّناه سابقًا (ص 32 - 33).

(75) انظر ما شق بيانه مفصلًا (ص 23 - 24).

(76) هذا الذي اعتمده شيخه ابن جماعة في "المنهل الروي" وما بين قوسين " " من (ديباجة) كتابه (26).

(77) بل قبله كما سيأتيك قريبًا.

(78) وهو تلميذ المصنّف، كما سيأتي في ترجمته.

(79) لم يذكر في "الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المحفوظ" (2/ 1277) غيرها، وسبقها نحو أربع مئة وثمانين نسخة لـ"الكافي" للكليني الرافضي، ولا يبعد أن يقع خلط بينه وبين كتابنا، ولا سيما أن المفهرسين -كما هو معلوم- غير مدقّقين -ويقوم به غالبًا - في (المكتبات الرسمية) من لا عمل له من الموظفين! وعملية الفرز والفتش تحتاج إلى جهد كبير!

(80) هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف الديباجي المنفلوطي الشيخ ولي الدين الملوي الشافعي، ترجمته في "إنباء الغُمر" (1/ 46 - 47)، "الدرر الكامنة" (3/ 722).

(81) انظر - على سبيل المثال - (ص 567، 572، 600، 601، 606، 610، 628، 710، 741، 742، 744، 758، 783، 807، 814) وهناك زيادات لا داعي لها، انظر (ص 615، 759، 790).

(82) هنالك عبارات غير واضحة في الأصل، انظر (ص 558، 612، 613).

(83) انظر (ص 603، 613، 621، 625، 626، 646، 663، 753، 772، 777) وفيه تقديم وتأخير، انظر (ص 736) والتعليق عليها.

(84) لا يعلم معاناة الباحث في التحقيق، ولا سيما إن لم يكن للكتاب إلا نسخة وحيدة إلا مَنْ تعنّى هذا العلم، واشتغل به.

(85) ظهر لي تناقضه في مسألتين، انظر الأولى في آخر فقرة (185) وقارنها بما في فقرة (246)، والثانية في فقرة (151) وقارنها بما في الفقرات (157 - 159)، وقد وضّحت ذلك في الهوامش.

(86) يلحق بما تقدم (سادسًا): المقارنة بين ما كتابنا "الكافي" وما وضعه المصنّف في (مقدّمة) كتابه "المعيار" من مباحث في علم المصطلح، ووضّحت هذا فيما تقدّم (ص 38).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

EN