هو ابْنُ الإمامِ الكاظمِ، وحفيدُ الإمامِ الصّادقِ، وأخو الإمامِ الرضا، وعمُّ الإمامِ الجوادِ (عليهم السّلام).
كانَ القاسمُ (عليه السّلام) عالماً جليلَ القَدْرِ رفيعَ المنزلةِ، فقد نشأ في بيتِ الوحي وترعرعَ في أحضانِ الإمامةِ، وكانَ أبوهُ (عليه السّلام) يُحبِّهُ حُبًّا جمًّا.
عذَّبَ هارونُ العبّاسيّ (عليه اللعنة) العلويّينَ تعذيبًا شديدًا، فكان يأمرُ بتقطيعِ أيديهِم وتسميلِ أعينِهِم، وقتَلَ منهم الكثيرَ، حتَّى شرَّدَهُم في البلدانِ، ومِن جُملتِهِم القاسمُ (عليه السّلام) الذي توارى عن أعينِ السّلطةِ الظالمةِ الجائرةِ واختفى في منطقةِ (سورا)، وتُعرَفُ اليومَ بمدينةِ القاسِمِ في محافظةِ بابل، فعاشَ هناكَ زمناً مُتخفِّياً مُتنكِّراً لا يُعرَفُ نسبُهُ، حتَّى أباحَ بتعريفِ نفسِهِ عِندَ احتضارِهِ؛ ليُعرَفَ نسبُ ابنتِهِ، فتُؤخَذ إلى بيتِ جدَّتِهَا في المدينةِ المنوَّرةِ.
قد أوردَ الشيخُ محمد مهدي الحائريّ قصّته (عليه السّلام) في كتابِهِ (شجرة طوبى)(1).
نُسِبَ إلى الإمام الرضا (عليه السّلام) أنَّه قال: مَن لم يقدر على زيارتِي فليزر أخِي القاسم. وهذا القولُ مشهورٌ على الألسنة إلا أنَّهُ لم يرد في مصادرِ الحديثِ.
قرنَ السيِّدُ ابنُ طاووس (قدّس سرّه) في كتابِهِ (مصباح الزائر) زيارةَ القاسمِ (عليه السّلام) بزيارةِ أبِي الفضلِ العبّاسِ وعلي الأكبرِ (عليهما السّلام)، حيثُ قالَ: «ذِكْرُ زِيَارَةِ قُبُورِ أَوْلَادِ الْأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ، إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ أَحَدٍ مِنْهُمْ كَالْقَاسِمِ بْنِ الْكَاظِمِ (عليه السّلام)، أَوِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السّلام)، أَوْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السّلام) المَقْتُولِ بِالطَّفِّ، وَمَنْ جَرَى فِي الْحُكْمِ مَجْرَاهُمْ…»(2).
تُوفِّيَ (عليه السّلام) في أواخرِ القرنِ الثاني الهجريّ.
وقد قالَ السيّدُ محمّد جمال الهاشميّ الكَلبايكَانيّ (رحمه الله) في حقِّهِ (عليه السّلام):
إنْ رُمْتَ أنْ تَحيَا وعَيشُك نَاعمُ *** فَاقْصِدْ ضَريحاً فيهِ حَلَّ القاسمُ
تُقضَى به الحاجاتُ وهي عَويصةٌ *** ويُرَدُّ عَنكَ السُّوءُ وهُوَ مُهاجِمُ
فِيهِ تُحَلُّ المُشْكِلاتُ فَقَبرُهُ *** كالبيتِ في زُوَّارِهِ مُتزاحِمُ
مَنْ كَابْنِ مُوسى نَالَ مَجداً في الوَرى *** كالفَجْرِ في أنوارِهِ مُتلاطِمُ
مَن جَدُّهُ خَيرُ الأنامِ مُحمَّدٌ *** مَن أُمُّهُ أُمُّ الكواكبِ فَاطمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شجرة طوبى، الشيخ محمد مهدي الحائريّ، ج1، ص 171 ـ 172.
(2) بحار الأنوار: ج99، ص 272، نقلاً عن مصباح الزائر.