بقلم: الشيخ صالح الكرباسيّ.
إنّ لدراسة ما جرى على حبيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد ارتحال أبيها تأثيرات عظيمة على حياتنا الفردية والاجتماعية من جوانب شتّى، وبنظرة سريعة وعابرة إلى الأحداث التي تلت ارتحال النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) يجد المتلهف لمعرفة الحقيقة أنّ ما حدث ليس من قبيل القضايا التاريخية التي مضت عليها سنين ولا مساس لها بعقيدتنا كما لا مساس لها بالأحكام والتكاليف الشرعية، بل هي من الأحداث التي لها تأثيرات مصيرية على واقع الأمة الإسلامية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وتتأثر بها أسس عقائدية وشرعية، ولها مساس مباشر بأصول العقيدة والشريعة ، فلا يجوز التغافل عنها أبداً.
تفصيل الجواب يقع في محورين:
المحور الأول: إنّ دراسة قضية الزهراء (عليها السلام) ومعرفة ما جرى عليها هي المفتاح لمعرفة الحقائق المهمة التي تمكننا من التمييز بين الحق والباطل والصحيح والخطأ، فهي قضية مصيرية لها مساس وصلة قوية بمسألة الإمامة. وأيضاً بوجوب مودة أهل البيت (عليهم السلام) وموالاتهم والفرح لفرحهم والحزن لحزنهم والبراءة من أعدائهم، الأمر الذي يدعونا إلى إحياء هذه المظلومية والتنديد بظالمي الزهراء (عليها السلام) والمعتدين عليها والمحرّقين لدارها وهي بضعة رسول الله وحبيبته!
ونحن على ثقة بأنّ المسلمين لو بذلوا شيئاً من الوقت لدراسة تاريخ وسيرة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) وما جرى بعد ارتحال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسبّبت تحولاً فكرياً عظيماً لديهم، ولتعرّفوا على حقائق كبيرة كانوا يجهلونها بسبب التعتيم المهيمن على الأمة الإسلامية قديماً وحديثاً.
وممّا تجدر الاشارة اليه أنّ دراسة فاحصة من هذا النوع للتاريخ الإسلامي هي التي أدت بالكاتب السوداني المستبصر السيد عبد المنعم حسن أن يكتب كتابه الذي أسماه "بنور فاطمة اهتديت" وشقّ طريقه إلى النور.
المحور الثاني: إنّ منزلة فاطمة الزهراء (عليها السلام) عند الله (عَزَّ وجَلَّ) وعند رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزلة خاصة وفريدة ومميزة، وبنظرة سريعة إلى كتب الحديث يتبيّن لنا وجوب معرفة الزهراء (عليها السلام) وبمجرّد البدء بدراسة حياتها تصطف أسئلة كثيرة في أذهاننا عن هذه السيدة الفريدة وعمّا جرى عليها من الظلم؟!
فمن هي الزهراء الذي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها؟!
ومن هي الزهراء التي أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بها في عشرات الأحاديث الصحيحة؟!
ولماذا ماتت الزهراء في ريعان شبابها مظلومة ومضطهدة وغاضبة على الذين تعمّدوا ظلما؟!
ولماذا أوصت فاطمة (عليها السلام) لزوجها علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يدفنها سراً وفي الليل، وهي الابنة الوحيدة للنبي المصطفى وحبيبته، وهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين؟!