مصبا- مزته ميزا من باب باع : عزلته وفصلته من غيره , والتثقيل مبالغة.
وذلك يكون في المشتبهات نحو ليميز اللّٰه الخبيث من الطيّب. وفي المختلطات‌ نحو وامتازوا اليوم أيّها المجرمون. وتميّز الشي‌ء : انفصل عن غيره. والفقهاء يقولون : سنّ التمييز : والمراد سنّ إذا انتهى اليها عرف مضارّه ومنافعه , وكأنّه مأخوذ من ميّزت الأشياء.
مقا- ميز : أصل صحيح يدلّ على تزيّل شي‌ء من شي‌ء وتزييله. وميّزته تمييزا ومزته ميزا. وامتازوا : تميّز بعضهم من بعض. ويكاد يتميّز غيظا , أي يتقطّع. وانماز : انفصل.
والتحقيق‌
أنّ الأصل الواحد في المادّة : هو تعيين خصوصيّات شي‌ء وإبانته عما بين الأشياء المشتركة والمتشابهة في جهات , مادّيّا أو معنويّا. والفرق بينها وبين موادّ - الفرق , الفصل , القطع , العزل , التزيّل , الانفراج , الشقّ :
فيلاحظ في الفصل : مقابلته بالوصل وتحقّقه بعده.
«و في الفرق : مقابلته بالجمع ويتحقّق بعده.
«و في القطع : مطلق إيجاد حيلولة وفصل بين الأجزاء.
«و في العزل : تنحية شخص عن أمر كان في جريانه.
«و في التزيّل : تنحىّ شي‌ء عن نقطة كان ثابتا فيه.
«و في الانفراج : حصول فرجة بين الشيئين.
«و في الشقّ : حصول انفراج في الجملة سواء حصل تفرّق أم لا.
فالتمييز في المادّىّ المحسوس : كما في {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران : 179] يراد تعيّن الخبيث من جهة خصوصيّات الخبث وآثاره فيه.
والتمييز في عالم الآخرة بما يناسبها- كما في {إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا} [الأنفال : 36، 37]. {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } [يس : 59]. {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ } [الملك : 7، 8] فأهل جهنّم والمجرمون ونفس جهنّم ليست بمادّية , بل جسمانيّة لطيفة تناسب عالم الآخرة.
والمراد ظهور آثار الخبث وتعيّن خصوصيّات الجرم , وكذلك ظهور آثار الغيظ وتشخّصها بتلك الآثار بحيث تعرف بها مشاهدة.
فظهر لطف التعبير بالمادّة دون سائر مترادفاتها المذكورة.
_____________________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
‏- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ ‏مجلدات ، طبع مصر . ١٣٩ ‏هـ.