يحصي السيد رعد عبد الصاحب، بدقة مجموعة من الكراسي المدولبة الخاصة بكبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة، موجهًا تعليماته إلى منتسبي وحدة (العربات) للتأكد من متانة كل واحد من تلك الكراسي وضمان نظافته وحسن مظهره. فالسيد عبد الصاحب رئيس قسم الشؤون الخدمية في العتبة العباسية المقدسة، يرى أنّ خدمة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة من أولويات أعمال القسم داخل الحرم الشريف وخارجه، فهو يجوب إحدى قاعات الحرم التي تضم مئات الكراسي المدولبة متفحصًا بنظرات ثاقبة مظهرها، ويتلمس بعضها للتأكد من متانتها. يقول عبد الصاحب، إنّ "كربلاء المقدسة على أبواب زيارة الأربعين وتحرص العتبة العباسية المقدسة على توفير الخدمات ومستلزمات الراحة كافة للزائرين، وخصوصًا كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة". ويضيف، "مسؤوليتنا مضاعفة أمام هذه الشريحة ويتوجب علينا إبداء الاهتمام والرعاية المناسبين لهم".
وتستعد مدينة كربلاء المقدسة لاستقبال زيارة الأربعين، إحدى أهم التجمعات البشرية حول العالم، التي تُعد من الزيارات المليونية التي يشارك في إحيائها شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من داخل العراق وخارجه. وترجح الجهات الرسمية في المدينة أن يشارك أكثر من خمسة عشر مليون زائر هذا العام 1446/ 2024. وتبذل العتبات المقدسة بالإضافة إلى آلاف المواكب الحسينية المقسّمة بين مواكب خدمية وعزائية، جهودًا لإنجاح هذه الزيارة وضمان انسيابيتها بالصورة المثلى أسوة بالأعوام السابقة. من جهته يصف السيد علي الخاصكي وهو أحد الزائرين الجهود المبذولة بـ"المباركة"، ويقول، "منذ أن وفرت العتبة العباسية المقدسة الكراسي المدولبة، استغنيت عن جلب الكرسي الخاص بي في كل مرة كنت أنوي به أداء الزيارة".
موضحًا، "كان في ذلك الأمر بعض المشقة، كوني كنت استعين بسائقي التكسي أو أحد من أبنائي لوضع الكرسي في السيارة أو إنزاله". ويضيف، "لقد انتهت تلك المعاناة، الآن بمجرد وصولي إلى مدخل المدينة القديمة، وقبل نزولي من السيارة يجلب لي أحد المنتسبين كرسيًّا مدولبًا استخدمه طوال مدة الزيارة". في الوقت نفسه أشار الزائر عبد الواحد حسين الفتلاوي إلى أنّ توفير العتبة العباسية المقدسة لتلك الكراسي، أسهم في التخفيف من التعب الذي كان يلحقه بسبب حمل ابنته وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيقول، "كنت اتجشم عناء حمل ابنتي ساعات طوال، وأنا أؤدي مراسم الزيارة في كل مرة أحضر إلى كربلاء المقدسة". ويتابع، "كنت أحاول في كل مرة اختصار الوقت نظرًا للجهد والتعب الذين يصيباني وأنا أحمل ابنتي بصورة مستمرة". لافتًا، "الآن أصبحت تلك الكراسي متوفرة، وهذا الأمر منحني الأريحية والوقت المفتوح لأداء الزيارة مع ابنتي في كل مرة نأتي". ومع اكتظاظ العتبة العباسية المقدسة بالحشود الزائرة، بادر قسم الشؤون الخدمية إلى تخصيص ممرات خاصة بالكراسي المدولبة، التي يستعين بها كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويبيّن رئيس القسم، "وُفّر أربع مئة كرسي مدولب لخدمة أفراد تلك الشريحة خلال زيارة الأربعين". ويضيف، "وجرى تحديد ممرات خاصة بها من جميع الأبواب وحتى الضريح الشريف". ويضمّ صحن العتبة العباسية المقدسة تسعة أبواب كبرى، أبرزها باب القبلة الذي يطل على الشارع الرئيس المؤدي إلى الحرم المطهر. وبحسب عبد الصاحب فإنّ هناك ممرات للكراسي المدولبة من باب القبلة، وباب الإمام الحسين (عليه السلام)، وباب الفرات، وباب الجواد (عليه السلام)، وباب موسى الكاظم (عليه السلام)، وباب علي الهادي (عليه السلام). ويوفر القسم محطات لتسليم الكراسي المدولبة لمن هم بحاجة إليها، تقع في مداخل المدينة القديمة. وتحرص الأمانة العامة للعتبة العباسية على توفير تلك الكراسي بشكل مستمر في جميع الأوقات، وتحظى باهتمام خاص، إذ تُجدد بصورة مستمرة ويحدد لمرافقة مستخدميها منتسبين مدربين على التعامل ورعاية أفراد تلك الشريحتين بصورة إنسانية رفيعة المستوى. ويشير رئيس قسم الشؤون الخدمية إلى، أنّ "هناك أكثر من ثلاثين منتسبًا مدربًا على خدمة مستخدمي تلك الكراسي ورعايتهم". موضحًا، "يجري تدريب المنتسب على كيفية مساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة عند استخدام الكرسي المدولب، إلى جانب حرصنا على تمتع هؤلاء المنتسبين بلياقة بدنية تناسب عملهم".
ويتابع، "في كثير من الأحيان يلازم المنتسب الشخص المستخدم للكرسي طوال مدة الزيارة، ابتداءً من زيارة الإمام الحسين وأبي الفضل (عليهما السلام)". ويختتم بالقول "نسعى إلى زيادة عدد منتسبينا خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى الاستعانة بمتطوعين بعد أن نخضعهم إلى اختبار بدني وسلوكي".