أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2014
4806
التاريخ: 13-3-2016
5364
التاريخ: 2023-04-20
1036
التاريخ: 9-06-2015
5142
|
الإيمان بالشيء ليس مجرد العلم الحاصل به كما يستفاد من أمثال قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} [محمد: 25] ، و قوله: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى } [محمد: 32] ، و قوله : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ } [النمل: 14] ، و قوله: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية : 23] ، فالآيات - كما ترى - تثبت الارتداد و الكفر و الجحود و الضلال مع العلم.
فمجرد العلم بالشيء و الجزم بكونه حقا لا يكفي في حصول الإيمان و اتصاف من حصل له به، بل لا بد من الالتزام بمقتضاه و عقد القلب على مؤداه بحيث يترتب عليه آثاره العملية و لو في الجملة، فالذي حصل له العلم بأن الله تعالى إله لا إله غيره فالتزم بمقتضاه و هو عبوديته و عبادته وحده كان مؤمنا و لو علم به و لم يلتزم فلم يأت بشيء من الأعمال المظهرة للعبودية كان عالما و ليس بمؤمن.
و من هنا يظهر بطلان ما قيل: إن الإيمان هو مجرد العلم و التصديق و ذلك لما مر أن العلم ربما يجامع الكفر.
و من هنا يظهر أيضا بطلان ما قيل : إن الإيمان هو العمل، و ذلك لأن العمل يجامع النفاق فالمنافق له عمل و ربما كان ممن ظهر له الحق ظهورا علميا و لا إيمان له على أي حال.
و إذ كان الإيمان هو العلم بالشيء مع الالتزام به بحيث يترتب عليه آثاره العملية، و كل من العلم و الالتزام مما يزداد و ينقص و يشتد و يضعف كان الإيمان المؤلف منهما قابلا للزيادة و النقيصة و الشدة و الضعف فاختلاف المراتب و تفاوت الدرجات من الضروريات التي لا يشك فيها قط.
هذا ما ذهب إليه الأكثر و هو الحق و يدل عليه من النقل قوله تعالى : { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } [الفتح : 4] و غيره من الآيات، و ما ورد من أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الدالة على أن الإيمان ذو مراتب.
و ذهب جمع منهم أبو حنيفة و إمام الحرمين و غيرهما إلى أن الإيمان لا يزيد و لا ينقص، و احتجوا عليه بأن الإيمان اسم للتصديق البالغ حد الجزم و القطع و هو مما لا يتصور فيه الزيادة و النقصان فالمصدق إذا ضم إلى تصديقه الطاعات أو ضم إليه المعاصي فتصديقه بحاله لم يتغير أصلا.
و أولوا ما دل من الآيات على قبوله الزيادة و النقصان بأن الإيمان عرض لا يبقى بشخصه بل بتجدد الأمثال فهو بحسب انطباقه على الزمان بأمثاله المتجددة يزيد و ينقص كوقوعه للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مثلا على التوالي من غير فترة متخللة و في غيره بفترات قليلة أو كثيرة فالمراد بزيادة الإيمان توالي أجزاء الإيمان من غير فترة أصلا أو بفترات قليلة.
و أيضا للإيمان كثرة بكثرة ما يؤمن به، و شرائع الدين لما كانت تنزل تدريجا و المؤمنون يؤمنون بما ينزل منها و كان يزيد عدد الأحكام حينا بعد حين كان إيمانهم أيضا يزيد تدريجا، و بالجملة المراد بزيادة الإيمان كثرته عددا.
و هو بين الضعف، أما الحجة ففيها أولا : أن قولهم : الإيمان اسم للتصديق الجازم ممنوع بل هو اسم للتصديق الجازم الذي معه الالتزام كما تقدم بيانه اللهم إلا أن يكون مرادهم بالتصديق العلم مع الالتزام.
وثانياً : أن قولهم : إن هذا التصديق لا يختلف بالزيادة و النقصان دعوى بلا دليل بل مصادرة على المطلوب و بناؤه على كون الإيمان عرضا و بقاء الأعراض على نحو تجدد الأمثال لا ينفعهم شيئا فإن من الإيمان ما لا تحركه العواصف و منه ما يزول بأدنى سبب يعترض و أوهن شبهة تطرأ، و هذا مما لا يعلل بتجدد الأمثال و قلة الفترات و كثرتها بل لا بد من استناده إلى قوة الإيمان و ضعفه سواء قلنا بتجدد الأمثال أم لا.
مضافا إلى بطلان تجدد الأمثال على ما بين في محله.
و قولهم : إن المصدق إذا ضم إليه الطاعات أو ضم إليه المعاصي لم يتغير حاله أصلا ممنوع فقوة الإيمان بمزاولة الطاعات و ضعفها بارتكاب المعاصي مما لا ينبغي الارتياب فيه، و قوة الأثر و ضعفه كاشفة عن قوة مبدإ الأثر و ضعفه، قال تعالى : {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [فاطر: 10] ، و قال : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} [الروم: 10].
و أما ما ذكروه من التأويل فأول التأويلين يوجب كون من لم يستكمل الإيمان و هو الذي في قلبه فترات خالية من أجزاء الإيمان على ما ذكروه مؤمنا و كافرا حقيقة و هذا مما لا يساعده و لا يشعر به شيء من كلامه تعالى.
و أما قوله تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] ، فهو إلى الدلالة على كون الإيمان مما يزيد و ينقص أقرب منه إلى الدلالة على نفيه فإن مدلوله أنهم مؤمنون في حال أنهم مشركون فإيمانهم إيمان بالنسبة إلى الشرك المحض و شرك بالنسبة إلى الإيمان المحض، و هذا معنى قبول الإيمان للزيادة و النقصان.
و ثاني التأويلين يفيد أن الزيادة في الإيمان و كثرته إنما هي بكثرة ما تعلق به و هو الأحكام و الشرائع المنزلة من عند الله فهي صفة للإيمان بحال متعلقه و السبب في اتصافه بها هو متعلقه، و لو كان هذه الزيادة هي المرادة من قوله : { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } كان الأنسب أن تجعل زيادة الإيمان في الآية غاية لتشريع الأحكام الكثيرة و إنزالها لا لإنزال السكينة في قلوب المؤمنين هذا.
و حمل بعضهم زيادة الإيمان في الآية على زيادة أثره و هو النور المشرق منه على القلب.
و فيه أن زيادة الأثر و قوته فرع زيادة المؤثر و قوته فلا معنى لاختصاص أحد الأمرين المتساويين من جميع الجهات بأثر يزيد على أثر الآخر.
و ذكر بعضهم أن الإيمان الذي هو مدخول مع في قوله : { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } الإيمان الفطري و الإيمان المذكور قبله هو الإيمان الاستدلالي، و المعنى: ليزدادوا إيمانا استدلاليا على إيمانهم الفطري.
و فيه أنه دعوى من غير دليل يدل عليه.
على أن الإيمان الفطري أيضا استدلالي فمتعلق العلم و الإيمان على أي حال أمر نظري لا بديهي.
و قال بعضهم كالإمام الرازي: إن النزاع في قبول الإيمان للزيادة و النقص و عدم قبوله نزاع لفظي فمراد النافين عدم قبول أصل الإيمان و هو التصديق ذلك و هو كذلك لعدم قبوله الزيادة و النقصان، و مراد المثبتين قبول ما به كمال الإيمان و هو الأعمال للزيادة و النقصان و هو كذلك بلا شك.
و فيه أولا : أن فيه خلطا بين التصديق و الإيمان فالإيمان تصديق مع الالتزام و ليس مجرد التصديق فقط كما تقدم بيانه.
و ثانيا : أن نسبة نفي الزيادة في أصل الإيمان إلى المثبتين غير صحيحة فهم إنما يثبتون الزيادة في أصل الإيمان، و يرون أن كلا من العلم و الالتزام المؤلف منهما الإيمان يقبل القوة و الضعف.
و ثالثا : أن إدخال الأعمال في محل النزاع غير صحيح لأن النزاع في شيء غير النزاع في أثره الذي به كماله و لا نزاع لأحد في أن الأعمال و الطاعات تقبل العد و تقل و تكثر بحسب تكرر الواحد.
و قوله : {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [الفتح: 4] أي منيعا جانبه لا يغلبه شيء متقنا في فعله لا يفعل إلا ما تقتضيه حكمته و الجملة بيان تعليلي لقوله : { وَلِلَّهِ جُنُودُ } إلخ، كما أنه بيان تعليلي لقوله : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ} إلخ، كأنه قيل : أنزل السكينة لكذا و له ذلك لأن له جميع الجنود و الأسباب لأنه العزيز على الإطلاق و الحكيم على الإطلاق.
قوله تعالى : {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } [الفتح : 5]إلى آخر الآية، تعليل آخر لقوله : {الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح : 4]على المعنى كما أن قوله : {ليزدادوا إيمانا} تعليل له بحسب اللفظ كأنه قيل : خص المؤمنين بإنزال السكينة و حرم على غيرهم ذلك ليزداد إيمان هؤلاء مع إيمانهم و حقيقة ذلك أن يدخل هؤلاء الجنة و يعذب أولئك فيكون قوله : { ليدخل } بدلا أو عطف بيان من قوله. { لِيَزْدَادُوا } إلخ.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|