أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-19
788
التاريخ: 2024-01-06
1324
التاريخ: 2024-03-21
932
التاريخ: 2024-03-02
1186
|
تنطلق نظرية مراتب الفهم من أفق يفيد أنّ للقرآن الكريم معاني مترتبة
بعضها على بعض ولهذه المعاني المتكثّرة حقائق يرجع إليها ، إلى أن يعود الجميع إلى
حقيقة غيبية ما ورائية واحدة.
قد يمثّل لهذا المعنى بأمثلة سمعية وحسية ، من
قبيل أنّ القرآن مأدبة تضمّ أغذية متنوّعة أو أنّه يتألف من قشور ولباب ، أو ظاهر
وباطن وحدّ ومطّلع وهكذا.
تعكس هذه الحقيقة آثارها على العالم
الإنساني ، حيث يكون للإنسان إدراك متفاوت لمعاني القرآن وحقائقه تبعا لاستعداده
الوجودي وسعته النفسية وطاقاته الفكرية ، وبذلك تتعدد مراتب الفهم الإنساني للقرآن
من الفهم الظاهري وأوائل المفهومات كحد أدنى ، إلى أن ترتقي على خط متصاعد لتبلغ
الذروة مع المطهرين كحد أقصى ، حيث يعكس الإنسان الكامل متمثّلا بالنبي صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السّلام آخر مراتب الفهم وأقصاها ، قبل أن ينحدر
الخط البياني باتجاه نازل وهو يستوعب من يلي اولئك الكرام من الخاصة والأولياء وأهل
اللّه ، ثمّ من يليهم وهكذا.
لهذه النظرية ثلاثة أنماط من الاستدلال ، هي
الأدلّة الوجودية التي تقوم على أساس تعدّد مراتب الواقع ، ومن ثمّ وجود تشابه بل
تماثل بين القرآن والإنسان والعالم ، فكما أنّ للقرآن مراتب ، فكذلك الإنسان والعالم
. الإنسان في نطاق هذه الرؤية كون مطوي ، والعالم إنسان مفتوح :
أتزعم أنّك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
كما أنّ الوجود كتاب- قرآن- تكويني ، والقرآن
وجود تدويني. والقرآن والإنسان الكامل لهما حقيقة واحدة في عالم البساطة قبل
التنزّل ، ثمّ افترقا في عالم الكثرة والظاهر بعد التنزّل.
والثلاثة أي الإنسان والقرآن والعالم ، هي
مظاهر لأسماء اللّه وتجليات للألوهية.
هذا التماثل الوجودي بين الإنسان والقرآن والعالم
هو روح النظرية في وجهها وتفسيرها العرفاني ، وما نظرية تعدد مراتب الفهم إلّا أثر
معرفي مترتب على تعدّد مراتبها.
في اتجاه ثان ترتكز النظرية إلى مجموعة من
الأدلة المعرفية والإدراكية ، وهي تفيد أنّ طبيعة المعرفة والإدراك الإنساني تقوم
على أساس وجود مراتب متعددة. فلا الإدراك الإنساني ينحصر في مرتبة واحدة بطبعه وذاته
، ولا المعرفة تجمد بطبعها وذاتها عند مرتبة واحدة ، فمن ذاتيّات الإدراك الإنساني
أنّه مقولة مشككة ذات مراتب ، وكذلك الحال في المعرفة نفسها.
كما هناك نمط ثالث من الاستدلال ، تقدم فيه
النظرية حشدا من الأدلة النقلية والسمعية من القرآن والسنة على صحة محتواها.
الحقيقة إذا استثنينا بعض الآراء الظاهرية
المتشنجة التي لا يعبأ بها ، فلا نكاد نجد من يشذ عن هذه النظرية وينكر أنّ لفهم
القرآن مراتب. إنّما يعود الاختلاف في
طبيعة التعبير عن النظرية ، وفي طبيعة
المرتكز الذي تستند إليه والتفسير الذي يساق لها. فمن لا يأنس بالرؤية العرفانية
يتمسّك بالأدلّة المعرفية والنقلية وهكذا.
من النتائج المترتبة على النظرية هي تقديم
تفسير للغة الوحي ، ولما ذا انصبّت ألفاظ القرآن في إطار لغة المثال وكثر أسلوب
التمثيل في الكتاب العزيز. كما تبرز نتائج اخرى من قبيل وجود حدّ أدنى للفهم يشترك
فيه الجميع وهو حق مطلق لهم ، وحد أقصى يختصّ بالمطهرين أو بالإنسان الكامل أو
بالنبي وآله. يلتحق بهذه النتيجة ويتمّها الإقرار المنطقي بضرورة وجود الظاهر والباطن
في القرآن ، على كلا التفسيرين المعرفي والوجودي ، وسواء أ كان الظاهر والباطن من
المفاهيم والمقولات اللفظية أو كان من الحقائق والأعيان.
على أفق هذه النظرية يكون بمقدور الفكر
القرآني بل الفكر الإسلامي أن يقدم تفسيرا منطقيا متماسكا لعمق القرآن ، ولم أنّه
لا يبلى على مرّ الأيام ، بل يزداد غضاضة على مدى الزمان ، لتنحل على الأرضية
ذاتها إشكالية المعاصرة وقدرة النص القرآني الثابت على مواكبة متغيرات الحياة ومتجدداتها.
وكذلك قضية التاريخية والاستمرارية التي تشير إلى نزول القرآن في إطار بيئة
اجتماعية وثقافية وتاريخية خاصة أو في إطار زمان ومكان خاصّين ، ثمّ استمراره في
أداء دوره خارج نطاق تلك البيئة التأريخية وبعيدا عن مكوّناتها الخاصّة ، بحيث
يكون صالحا لكلّ زمان ومكان ، وذلك إلى بقية الآثار والنتائج.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|