أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2017
2569
التاريخ: 9-10-2017
2640
التاريخ: 18-10-2017
2752
التاريخ: 19-10-2017
2693
|
اجتمع أعضاء الشورى في بيت المال ، وقيل في بيت مسرور بن مخرمة ، وتداولوا الحديث عمّن أحقّ بأمر المسلمين ، وكثر الجدل فيما بينهم ، فانبرى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فحذّرهم من الخلاف والفتنة إن استجابوا لعواطفهم ، ولم يؤثروا المصلحة العامة للمسلمين ، قائلاً : لم يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ ، وصلة رحم ، وعائدة كرم ، فاسمعوا قولي وعوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتطي فيه السيوف ، وتخالف منه العهود ، حتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضلال ، وشيعة لأهل الجهالة .
ولم يعوا منطق الإمام ونصيحته ؛ فقد استجابوا لعواطفهم ، وكان الاُمويّون قد حفوا بأهل الشورى وهم يقدّمون لهم الوعود المعسولة إن انتخبوا عميدهم عثمان .
وانقضت الثلاثة أيام التي حدّدها عمر ولم ينتخب أعضاء الشورى أحداً منهم ، فحذّرهم أبو طلحة الأنصاري وجعل يتهدّهم ويتوعدّهم إن لم ينتخبوا أحداً منهم ، انبرى طلحة فوهب حقّه لعثمان ؛ لأنّه كان شديد الكراهية للإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ؛ لأنّه نافس ابن عمّه أبا بكر على الخلافة .
ووهب سعد بن أبي وقّاص حقّه لابن عمّه عبد الرحمن بن عوف ، وأصبح رأيه هو الفيصل ؛ لأنّ عمر وضع ثقته به ، وكان رأيه مع عثمان ؛ لأنّه صهره ، وقد زهّده القرشيون في الإمام وحرّضوه على انتخاب عثمان ؛ لأنّه يحقّق رغباتهم وأطماعهم .
وأمر عبد الرحمن مسوراً بإحضار أمير المؤمنين (عليه السّلام) وعثمان بن عفان ، فلمّا حضرا عنده في الجامع النبوي التفت إلى الحاضرين فقال لهم : أيّها الناس ، إنّ الناس قد اجتمعوا على أن يرجع أهل الأمصار إلى أمصارهم ، فأشيروا عليّ .
وانبرى الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر فأشار عليه بما يضمن للاُمّة مصالحها ويصونها من الاختلاف والفرقة قائلاً : إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع علياً .
وأيّد المقداد مقالة صاحبه عمّار ، فقال : صدق عمّار ، إن بايعت علياً سمعنا وأطعنا .
وشجبت الاُسر القرشيّة المعادية للإسلام والحاقدة عليه مقالة عمار ، ورشحّت عميد الاُمويِّين عثمان بن عفان ، وقد كان الممثل لها عبد الله بن أبي سرح فخاطب ابن عوف قائلاً : إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان .
وكأنّ شؤون الخلافة ومصير المسلمين موكول إلى قريش وهي التي حاربت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وناهضت دعوته ، وعذّبت أنصاره حتّى هرب منها ، وتابعته إلى يثرب
بجيوش مكثفة لاستئصال دعوته ومحو دينه ، ولكنّ الله تعالى ردّ كيدهم وأفشل خططهم ، ونصر نبيّه العظيم ، ولولا سماحة النبي (صلّى الله عليه وآله) ورأفته لأجرى عليهم حكم بني قريضة ، ولكنّه عفا عنهم وجعلهم من الطلقاء .
وعلى أيّ حال ، فقد اندفع عبد الله بن أبي ربيعة فأيّد مقالة ابن سرح قائلاً : إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا .
وانبرى الصحابي الجليل عمّار بن ياسر فردّ على ابن أبي سرح قائلاً : متى كنت تنصح للمسلمين ؟
وصدق عمّار ، فمتى كان ابن أبي سرح ينصح المسلمين وهو من ألدّ أعداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد أمر بقتله ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة ؟
واحتدم الجدال بين الهاشميين وخصومهم الاُمويِّين ، وانبرى ابن الإسلام البار عمّار بن ياسر فجعل يدعو لصالح المسلمين قائلاً : أيّها الناس ، إنّ الله أكرمنا بنبيّه ، وأعزّنا بدينه ، فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم ؟
وانبرى رجل من مخزوم فقطع على عمّار كلامه قائلاً : لقد عدوت طورك يابن سميّة ، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها !
وطفحت الروح الجاهليّة على هذه الكلمات ، فليس فيها إلاّ الدعوة إلى الباطل ؛ فقد اعتبر المخزومي أمر الخلافة وشؤونها إلى قريش التي ما آمنت بالله وكفرت بقيم الإسلام ، فأيّ حقّ لها في خلافة المسلمين ؟ وقبله أعلن أحد أعلام القرشيين : أبت قريش أن تجتمع النبوّة والإمامة في بيت واحد .
إنّ أمر الخلافة بيد جميع المسلمين يشترك فيه ابن سميّة وغيره من الضعفاء الذين أعزّهم الله بدينه ، وليس لأيّ قرشي الحقّ في التدخّل بشؤون المسلمين لو كان هناك منطق وحساب .
وعلى أيّ حال ، فقد احتدم النزاع بين القوى الإسلاميّة وبين القرشيّين ، فخاف سعد أن يفلت الأمر من أيديهم وتفوز الاُسرة النبويّة بالحكم فالتفت إلى عبد الرحمن قائلاً له : يا عبد الرحمن ، افرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس .
والتفت عبد الرحمن إلى الإمام (عليه السّلام) فقال له : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه ، وفعل أبي بكر وعمر ؟
فرمقه الإمام بطرفه وأجابه بمنطق الإسلام قائلاً : بل على كتاب الله وسنّة رسوله ، واجتهاد رأيي .
إنّ ابن عوف يعلم علماً جازماً أنّ الإمام لا يسوس المسلمين بسيرة الشيخين ، ولا يحفل بها ، وإنّما يسوسهم بكتاب الله وسنّة نبيّه ، ورأيه المشرق الذي هو امتداد ذاتي لرأي النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وإنّما شرط عليه ذلك لصرف الخلافة عنه .
ولو كان الإمام ممّن يبغي الحكم والسلطان لوافق على هذا الشرط ثمّ خالفه ، ولكنّه (سلام الله عليه) في جميع أدوار حياته واكب الصدق والحقّ ، ولم يحد عنهما مهما كانت الظروف .
وعلى أيّ حال ، فإنّ عبد الرحمن لمّا يئس من إجابة الإمام اتّجه صوب عثمان فعرض عليه شروطه فأجابه بلا تردّد ، فصفق بكفّه على يده وقال له : اللّهمّ إنّي قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان .
والتاع الإمام فخاطب ابن عوف : والله ، ما فعلتها إلاّ لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبها من صاحبه ، دقّ الله بينكما عطر منشم .
لقد رجا ابن عوف من بيعته لعثمان أن يكون خليفة من بعده كما كان ذلك بالنسبة للشيخين ، واتّجه الإمام صوب القرشيّين فقال لهم : ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون .
ولذع منطق الإمام ابن عوف فراح يهدّده : يا عليّ ، لا تجعل على نفسك سبيلاً . وغادر الإمام المظلوم قاعة الاجتماع وهو يقول : سيبلغ الكتاب أجله .
والتفت الصحابي العظيم عمّار بن ياسر فخاطب ابن عوف : يا عبد الرحمن ، أما والله لقد تركته ، وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه كانوا يعدلون .
وانبرى المقداد فرفع صوته قائلاً : تالله ، ما رأيت مثل ما أُتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم ! وا عجباً لقريش ! لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أنّ أحداً أقضى بالعدل ، ولا أعلم ولا ولا أتقى منه ! أما والله لو أجد أعواناً !
وصاح به عبد الرحمن : اتّق الله يا مقداد ؛ فإنّي خائف عليك الفتنة .
وانتهت بذلك مأساة الشورى التي وضعها عمر لصرف الخلافة عن أهل بيت النبوّة ومنحها لبني اُميّة ، وقد رأت عقيلة الوحي السيدة زينب (عليها السّلام) أضغان القرشيّين وحقدهم على أبيها ، وأنّهم قد عملوا جاهدين على إطفاء نور الله ، والإجهاز على رسالة الإسلام الهادفة لتطوير الوعي الاجتماعي ، وإشاعة الخير والهدى بين الناس .
لقد خلقت الشورى العمرية الفتن والضغائن بين المسلمين ، وحجبت الاُسرة النبويّة عن القيادة العامة للعالم الإسلامي ، وسلّطت عليهم شرار خلق الله ؛ فأمعنوا في ظلمهم والتنكيل بهم .
وما كارثة كربلاء وما عانته عقيلة بني هاشم السيّدة زينب (عليها السّلام) من صنوف الظلم والكوارث التي هي ـ من دون شك ـ من النتائج المباشرة لأحداث الشورى والسقيفة ، فإنّهما الأساس لكلّ ما لحق بآل النبي (صلّى الله عليه وآله) من الكوارث والخطوب .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|