أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2016
1337
التاريخ: 18-10-2017
1730
التاريخ: 17-9-2017
1728
التاريخ: 20-8-2016
1502
|
أبو الحسين زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع.
ولد سنة 57 كما اخطب خوارزم أو 78 كما عن رواية أبي داود واستشهد يوم الاثنين وفي رواية المقاتل يوم الجمعة لليلتين خلتا من صفر سنة 120 وله 42 سنة كما في الارشاد والمحكي عن مصعب الزبيري والزبير بن بكار أو 121 كما عن الواقدي ورواية المقاتل وكما في الرياض في عمدة الطالب روى أنه قتل في النصف من صفر سنة 121 وفيه عن ابن خرداد انه قتل وهو ابن 48 سنة وعن محمد بن إسحاق بن موسى انه قتل على رأس 120 سنة وشهر و 15 يوما وقال ابن الأثير قتل سنة 121 وقيل سنة 122 أقول وكلها لا تنطبق على أن يكون عمره 42 أو 48 بل 44 أو 45 أو 46 أو 47 الا القول بأنه ولد سنة 78 واستشهد سنة 120 فيكون عمره 42.
أمه :
أم ولد اسمها حورية أو حوراء اشتراها المختار بن أبي عبيدة الثقفي وأهداها إلى علي بن الحسين ع في مقاتل الطالبيين: فولدت له زيدا وعمر وعليا وخديجة ثم روى بسنده عن زياد بن المنذر ان المختار بن أبي عبيدة اشترى جارية بثلاثين ألفا فقال لها ادبري فأدبرت ثم قال لها اقبلي فأقبلت ثم قال ما أرى أحدا أحق بها من علي بن الحسين ع فبعث بها إليه وهي أم زيد بن علي ع ويأتي ان هشام بن عبد الملك عيره بأنه ابن أمة فاجابه ان إسماعيل بن أمة وكان نبيا مرسلا وخرج من صلبه سيد ولد أدم وانه لا يقصر برجل جده رسول الله ص ان يكون ابن أمة.
صفته :
في مقاتل الطالبيين بسنده عن محمد بن الفرات رأيت زيد بن علي وقد اثر السجود بوجهه اثرا خفيفا.
نقش خاتمه روى أبو الفرج في المقاتل بسنده عن أبي خالد كان في خاتم زيد بن علي اصبر تؤجر وتوق تنج.
أقوال العلماء فيه :
هو جدنا الذي ينتهي نسبنا إلى ولده الحسين ذي الدمعة ثم إليه ومجمل القول فيه انه كان عالما عابدا تقيا أبيا جامعا لصفات الكمال وهو أحد أباة الضيم البارزين تهضمه أهل الملك العضوض أعداء الرسول وذريته وأعداء بني هاشم في الجاهلية والاسلام.
حسدوهم لفضلهم وأخو الفضل * كثير الأعداء والحساد
وقاتلوهم في الاسلام حتى دخلوا فيه مكرهين وعاملوه بما لا تتحمله نفس أبية من أنواع الجفاء والاهتضام في الحجاز والشام فأبت نفسه القرار على الذل وخرج لما بذل له أهل العراق النصرة موطنا نفسه على أحد أمرين اما القتل أو عيش العز وان لم يكن واثقا بوفاء أهل العراق لكنه رأى أنه ان لم يستطع ان يعيش عزيزا استطاع ان يموت عزيزا وقد اتفق علماء الاسلام على فضله ونبله وسمو مقامه كما اتفقت معظم الروايات على ذلك سوى روايات قليلة لا تصلح للمعارضة وسيأتي نقل الجميع انشاء الله تعالى وعده ابن شهرآشوب في المناقب في شعراء أهل البيت المقتصدين من السادات.
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 1 ص 315: وممن تقبل مذاهب الأسلاف في إباء الضيم وكراهية الذل واختار القتل على ذلك وان يموت كريما أبو الحسين زيد بن علي بن أبي طالب ع اه وهو امام الزيدية الذين ينسبون إليه لاجتماع شروط الإمامة عندهم فيه وهو ان يكون من ولد علي وفاطمة عالما شجاعا كريما ويخرج بالسيف قال الشيخ في رجاله في أصحاب علي بن الحسين ع زيد بن علي بن أبي طالب وفي أصحاب الباقر ع زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو الحسين وفي أصحاب الصادق ع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسين مدني تابعي قتل سنة 131 وله 42 سنة وفي تكملة نقد الرجال زيد بن علي بن الحسن ع قد اتفق علماء الاسلام على جلالته وثقته وورعه وعلمه وفضله وقد روي في ذلك اخبار كثيرة حتى عقد ابن بابويه في العيون بابا لذلك وعن الشهيد في قواعده في بحث الامر بالمعروف والنهي عن المنكر انه صرح بان خروجه كان باذن الامام ع.
وقال المفيد في الارشاد: كان زيد بن علي بن الحسين ع عين اخوته بعد أبي جعفر ع وأفضلهم وكان عابدا ورعا فقيها سخيا شجاعا وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويأخذ بثار الحسين ع ثم روى بسنده عن أبي الجارود زياد بن المنذر قدمت المدينة فجعلت كلما سالت عن زيد بن علي قيل لي ذاك حليف القرآن وروى هشام هشيم بن هشام ابن ميثم قال سالت خالد بن صفوان أحد الرواة عن زيد عن زيد بن علي وكان يحدثنا عنه فقلت أين لقيته قال بالرصافة رصافة هشام في الكوفة فقلت اي رجل كان فقال كان كما علمت يبكي من خشية الله حتى تختلط دموعه بمخاطه واعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد ص فظنوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريدها له لمعرفته باستحقاق أخيه للإمامة من قبله ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد الله ع اه اي وصية أخيه الباقر إلى ولده الصادق ع.
وقال السيد علي خان الشيرازي في أوائل شرحه على الصحيفة الكاملة: في رياض السالكين هو أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع أمه أم ولد كان جم الفضائل عظيم المناقب وكان يقال له حليف القرآن روى أبو نصر البخاري عن أبي الجارود قال قدمت المدينة فجعلت كلما سالت عن زيد بن علي قيل لي ذلك حليف القرآن ذاك أسطوانة المسجد من كثرة صلاته اه.
وفي عمدة الطالب ص 227 زيد الشهيد بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع ويكنى أبا الحسين وأمه أم ولد ومناقبه اجل من أن تحصى وفضله أكثر من أن يوصف ويقال له حليف القرآن.
وفي الرياض السيد الجليل الشهيد أبو الحسن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع امام الزيدية كان سيدا كبيرا عظيما في أهله وعند شيعة أبيه والروايات في فضله كثيرة وقد ألف جماعة من متأخري علماء الشيعة ومتقدميهم كتبا عديدة مقصورة على ذكر اخبار فضائله كما يظهر من مطاوي كتب الرجال ومن غيرها ومن المتأخرين الميرزا محمد الاسترآبادي صاحب الرجال فله رسالة في أحواله أورد فيها كلام المفيد في الارشاد بتمامه ونقل فيها أيضا ما رواه الطبرسي في إعلام الورى وما رواه ابن طاوس في ربيع الشيعة وأورد روايات كثيرة في مدحه وعن أبي المؤيد موفق بن أحمد المكي اخطب خوارزم انه روى في مقتله عن خالد أبي صفوان قال انتهت الفصاحة والخطابة والزهادة والعبادة في بني هاشم إلى زيد بن علي رضي الله عنه رأيته عند هشام بن عبد الملك يخاطبه وقد تضايق مجلسه اه وقال أبو إسحاق السبيعي رأيت زيد بن علي بن الحسين فلم أر في أهله مثله ولا أفضل وكان أفصحهم لسانا وأكثرهم زهدا وبيانا قال أبو حنيفة شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله فما رأيت في زمانه أفقه منه ولا اعلم ولا أسرع جوابا ولا أبين قولا لقد كان منقطع القرين وقال الأعمش ما كان في أهل زيد بن علي مثل زيد ولا رأيت فيهم أفضل منه ولا أفصح ولا اعلم ولا أشجع ولو وفى له من تابعه لأقامهم على المنهج الواضح وقال أبو إسحاق إبراهيم بن علي المعروف بالحصري القيرواني المالكي في زهر الآداب وثمر الباب كان زيد بن علي رضي الله عنه دينا شجاعا من أحسن بني هاشم عبارة وأجملهم إشارة وكانت ملوك بني أمية تكتب إلى صاحب العراق ان امنع أهل الكوفة من حضور زيد بن علي فان له لسانا اقطع من ظبة السيف واحد من شبا الأسنة وأبلغ من السحر والكهانة ومن كل نفث في عقدة.
وعن السيد علي خان الحويزي انه قال في نكت البيان: كان زيد بن الحسين عليه الرحمة من خيرة أولاد الأئمة المعصومين وكان فيه من الفضل والتقى والزهد والورع ما يتفوق به على غيره ولم يكن يفضله الا الأئمة المعصومون واما شجاعته وكرمه فهما أظهر من أن يوصفا وهو من رؤوس - مؤلف - أباة الضيم فكأنه سلك طريق جده الحسين ع واختار قتلة الكرام على ميتة اللئام واحتساء المنية على طيب العيشة في كرب الدنية.
شربوا الموت في الكريهة حلوا خوف ان يشربوا من الذل مرا شمخ بأنفه عن أن يجلس بين يدي عدوه مجلس ذليل وان يحط من قدره الرفيع الجليل وما حداه على خوض غمار المنايا وتقحم أهوال البلايا والرزايا الا استطالة أعداء الله وأعداء الرسول عليه وبغضهم لجده وأبيه فقام على أن يجلي ظلمة الظلم بنور حسامه أو يفوز من كأس الشهادة باحتساء حمامه نحاول ملكا أو نموت فنعذرا ولم يكن في قيامه معتقدا كمعتقد الذين يزعمون أنهم تبعوا اثاره واستناروا مناره من فرق الزيدية بل كان عزمه على ما يظهر من حزن الصادق ع عليه ومن ترحمه عليه وعلى أصحابه ومن اعطاء أولاد الذين قتلوا بين يديه من الصدقة كما ورد في الاخبار انه ان ظفر بالامر وأزال أهل الضلال يرجع الامر إلى الامام المعصوم من آل محمد ص اه.
وعن الشيخ البهائي في اخر رسالته المعمولة في اثبات وجود القائم ع الا انه قال: انا معشر الامامية لا نقول في زيد الا خيرا وكان جعفر الصادق ع يقول كثيرا رحم الله عمي زيدا وروي عن الرضا ع انه قال لأصحابه ان زيدا يتخطى يوم القيامة باهل المحشر حتى يدخل الجنة والروايات عن أئمتنا ع في هذا المعنى كثيرة وعن الشيخ حسن بن علي الطبرسي في اخر كتاب أسرار الإمامة انه أورد فصلا في أحوال زيد بن علي ذكر فيه الأخبار الواردة في فضائله وعن عاصم بن عمر بن الخطاب انه قال بعد شهادة زيد مخاطبا أهل الكوفة لقد أصيب عندكم رجل ما كان في زمانه مثله ولا أرى يكون بعده مثله وقد رأيته وهو غلام حدث وانه ليسمع الشئ من ذكر الله فيغشى عليه حتى يقول القائل ما هو عائد إلى الدنيا. وقال الشعبي والله ما ولد النساء أفضل من زيد بن علي ولا أفقه ولا أشجع ولا أزهد.
وعن كتاب زينة المجالس ان زيدا ذهب يوما إلى خالد بن عبد الله القسري أمير الكوفة فقام له خالد وعظمه وسال شخصا كان حاضرا في المجلس لأي شئ تعظمك اليهود وتقدمك عليها فقال لأنني من نسل داود النبي فقال خالد كم بينك وبين داود قال بضعة وأربعون واسطة فقال خالد هذا زيد بن علي بن رسول الله يتصل به بثلاث وسائط فقال اليهودي عظم شخصا جعله الله تعالى عظيما بواسطته فقال خالد اني أرى احترامه وتوقيره واجبا علي قال اليهودي كذبت لو كنت تعتقد تعظيمه لأجلسته مكانك فقال خالد انا لا آبي ذلك لكن هشام بن عبد الملك لا يرضى به قال اليهودي ان هشاما لا يقدر ان يمنعك عن رضا الله تعالى قال خالد اهدأ واخرج من المجلس سالما قال اليهودي إذا لم يرد الله تعالى لم يقدر أهل الدنيا على ايصال ضرر إلى أحد فلما وصل الكلام إلى هنا قام زيد وقال إن اعتقاد اليهود بالرسول ص أكثر من اعتقاد هؤلاء اه.
وروى أبو الفرج في المقاتل بسنده عن خصيب الوابشي كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه. وبسنده عن عاصم بن عبيد الله العمري انه ذكر عنده زيد بن علي فقال رأيته بالمدينة وهو شاب يذكر الله عنده فيغشى عليه حتى يقول القائل ما يرجع إلى الدنيا. وبسنده عن محمد بن أيوب الرافقي كانت البراجم وأهل النسك لا يعدلون بزيد أحدا. وفي تهذيب التهذيب ذكره ابن حيان في الثقات وقال رأى جماعة من أصحاب رسول الله ص وأعاد ذكره في طبقة اتباع التابعين وقال روى عن أبيه واليه تنسب الزيدية من طوائف الشيعة.
ما ورد في حقه من الاخبار في الرياض اختلفت الاخبار وتعارضت الآثار بل كلام العلماء الأخيار في مدحه والروايات في فضله كثيرة اه. أقول بل العلماء مطبقون على فضله وان وجد من يخالفهم فشاذ.
ما رواه الكشي في مدحه روى عن محمد بن مسعود حدثني الفضل حدثني أبي حدثنا أبو يعقوب المقري وكان من كبار الزيدية قال كنت عند أبي جعفر جالسا إذ اقبل زيد بن علي فلما نظر إليه أبو جعفر قال هذا سيد أهل بيتي والطالب بأوتارهم. وروى الكشي في ترجمة الحميري عن نصر بن الصباح عن إسحاق بن محمد البصري عن علي بن إسماعيل عن فضيل الرسان دخلت على أبي عبد الله ع بعد ما قتل زيد بن علي فأدخلت بيتا جوف بيت فقال لي يا فضيل قتل عمي زيد قلت نعم جعلت فداكم قال رحمه الله اما انه كان مؤمنا وكان عارفا وكان عالما صدوقا اما انه لو ظفر لوفى اما انه لو ملك لعرف كيف يضعها. وفي ترجمة سليمان بن خالد عن محمد بن الحسن وعثمان بن حامد قالا حدثنا محمد بن يزداد عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان بن مسلم عن عمار الساباطي كان سليمان بن خالد خرج مع زيد بن علي حين خرج فقال له رجل ونحن وقوف في ناحية وزيد واقف في ناحية ما تقول سليمان قلت والله ليوم من جعفر خير من زيد أيام الدنيا فحرك دابته واتى زيدا وقص عليه القصة ومضيت نحوه فانتهيت إلى زيد وهو يقول جعفر امامنا في الحلال والحرام.
وفي ترجمة سودة بن كليب بسنده عن سودة بن كليب قال لي زيد بن علي يا سودة كيف علمتم ان صاحبكم على ما تذكرونه فقلت على الخبير سقطت كنا ناتي أخاك محمد بن علي ع نسأله فيقول قال رسول الله ص وقال الله عز وجل في كتابه حتى مضى أخوك فأتيناكم آل محمد وأنت فيمن اتينا فتخبرونا ببعض ولا تخبرونا بكل الذي نسألكم عنه حتى اتينا ابن أخيك جعفرا فقال لنا كل ما قال أبوه قال رسول الله ص وقال الله تعالى فتبسم وقال اما والله ان قلت بذا فان كتب علي صلوات الله عليه عنده.
ومن كانت كتب علي عنده فهو وارثه في العلم وهو الامام وهذا اعتراف ضمني منه بامامة الصادق ع ويأتي في ترجمة ابنه يحيى ما له تعلق بالمقام.
ما جاء عن أئمة أهل البيت وغيرهم في مدح زيد :
ما رواه الصدوق في العيون في مدحه فروى بسنده عن محمد بن يزيد النحوي عن ابن أبي عبدون عن أبيه قال لما حمل زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون وكان قد خرج بالبصرة واحرق دور بني العباس وهب المأمون جرمه لأخيه علي بن موسى الرضا ع وقال يا أبا الحسن لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج من قبله زيد بن علي فقتل ولولا مكانك لقتلته فليس ما اتاه بصغير فقال الرضا يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيدا على زيد بن علي فإنه كان من علماء آل محمد غضب الله عز وجل فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر انه سمع أباه جعفر بن محمد يقول رحم الله عمي زيدا انه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ولقد استشارني في خروجه فقلت له يا عمي ان رضيت ان تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك فلما ولى قال جعفر بن محمد ويل لمن سمع داعيته فلم يجبه فقال المأمون يا أبا الحسن أليس قد جاء فيمن ادعى الإمامة بغير حقها ما جاء فقال الرضا ان زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق وانه كان اتقى الله من ذاك انه قال أدعوكم إلى الرضا من آل محمد وانما جاء فيمن يدعي ان الله نص عليه ثم يدعو إلى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم وكان زيد بن علي والله ممن خوطب بهذه الآية وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم ثم قال: قال محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتاب لزيد بن علي فضائل كثيرة عن غير الرضا ع أحببت ايراد بعضها على اثر هذا الحديث ليعلم من ينظر في كتابنا هذا اعتقاد الامامية فيه.
فمن ذلك ما رواه محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن علوان عن عمرو بن ثابت عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن علي ع قال رسول الله ص للحسين يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بغير حساب. وما رواه عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق عن علي بن الحسين العباسي العلوي عن الحسن بن علي الناصر عن أحمد بن رشيد عن عمير عمر بن سعيد عن أخيه معمر وفي نسخة عن أحمد بن رشد عن عمه أبي معمر بن خثيم عن أخيه معمر كنت جالسا عند الصادق ع فجاء زيد بن علي بن الحسين ع فاخذ بعضادتي الباب فقال له الصادق ع يا عمي أعيذك بالله ان تكون المصلوب بالكناسة فقالت أم زيد ما يحملك على هذا القول غير الحسد لابني فقال ع يا ليته حسد ثلاث مرات حدثني أبي عن جدي انه قال يخرج من ولدي رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة يخرج من قبره حين ينشر تفتح له أبواب السماء يبتهج به أهل السماوات والأرض الحديث.
وما رواه عن أحمد بن الحسن القطان عن الحسن بن علي السكري عن محمد أحمد ابن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن عمرو بن خالد عن عبد الله بن سيابة قال خرجنا ونحن سبعة نفر فاتينا المدينة فدخلنا على أبي عبد الله ع فقال أعندكم خبر من عمي زيد فقلنا خرج أو هو خارج قال فان أتاكم خبر فأخبروني فاتى رسول بسام الصيرفي بكتاب فيه اما بعد فان زيد بن علي قد خرج يوم الأربعاء غرة صفر ومكث الأربعاء والخميس وقتل يوم الجمعة وقتل معه فلان وفلان فدخلنا على الصادق ع فدفعنا إليه الكتاب فقرأه وبكى ثم قال إنا لله وإنا إليه راجعون عند الله احتسب عمي انه كان نعم العم ان عمي كان رجلا لدنيانا وآخرتنا مضى والله عمي شهيدا كشهداء استشهدوا مع النبي وعلي والحسن والحسين ع.
وما رواه عن محمد بن الحسين الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن شمون عن عبد الله بن سنان عن الفضيل بن يسار انتهيت إلى زيد بن علي صبيحة يوم خرج بالكوفة فسمعته يقول من يعينني منكم على أنباط أهل الشام فوالذي بعث محمدا ص بالحق بشيرا ونذيرا لا يعينني على قتالهم منكم أحد الا اخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجنة بإذن الله عز وجل فلما قتل اكتريت راحلة وتوجهت نحو المدينة فدخلت على أبي عبد الله ع فقلت في نفسي والله لا أخبرته بقتل زيد بن علي فيجزع عليه فلما دخلت عليه قال ما فعل عمي زيد فخنقتني العبرة فقال قتلوه قلت أي والله فقال صلبوه فقلت اي والله صلبوه فاقبل يبكي ودموعه تنحدر على ديباجتي خده كأنها الجمان ثم قال يا فضيل شهدت مع عمي زيد قتال أهل الشام إلى أن قال مضى والله عمي زيد وأصحابه شهداء مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه. ورواه الصدوق في الأمالي في المجلس 59 الحديث الأول مثله سندا ومتنا.
ما رواه الصدوق في الأمالي والكليني في الروضة روى الصدوق في الأمالي والكليني في روضة الكافي بالاسناد عن الصادق ع انه قال لا تقولوا خرج زيد فان زيدا كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه انما دعا إلى الرضا من آل محمد ص ولو ظفر لوفى بما دعاكم إليه انما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه.
ما روي في مقاتل الطالبيين روى أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين بسنده عن أبي قرة قال لي زيد والذي يعلم ما تحت وريد زيد بن علي ان زيد بن علي لم يهتك لله محرما منذ عرف يمينه من شماله وبسنده عن عبد الله بن جرير أو ابن حرب رأيت جعفر بن محمد يمسك لزيد بن علي بالركاب ويسوي ثيابه على السرج قال المؤلف في هذا الحديث نظر فان الصادق بحسن خلقه وتواضعه وكمال أدبه يجوز ان يفعل ذلك مع عمه زيد فزيد لم يكن ليدعه يفعل ذلك مع اعترافه بإمامته عليه كما يأتي. وبسنده عن سعيد بن خيثم: كان بين زيد بن علي وعبد الله بن الحسن مناظرة في صدقات علي ع فكانا يتحاكمان إلى قاض فإذا قاما من عنده أسرع عبد الله إلى دابة زيد فامسك له بالركاب.
ما رواه المرتضى في مدحه عن المسائل الناصرية للشريف المرتضى عن أبي الجارود زياد بن المنذر قيل لأبي جعفر الباقر اي اخوتك أحب إليك وأفضل قال اما عبد الله فيدي التي أبطش بها واما عمر فبصري الذي أبصر به واما زيد فلساني الذي انطق به واما الحسين فحليم يمشي على الأرض هونا.
ما رواه الحميري والصدوق في حقه عن الحميري في كتاب الدلائل انه روى عن عبد الرحمن بن سعيد عن رجل من بني هاشم قال كنا عند الامام أبي جعفر الباقر ع فدخل عليه رجل من أهل الكوفة فقال ع للكوفي أتروي شيئا من طرائف الشعر فأنشد:
لعمرك ما ان أبو مالك * بوان ولا بضعيف قواه
ولا بالألد له مازع * يماري أخاه إذا ما نهاه
ولكنه هين لين * كعالية الرمح عردنساه
إذا سدته سدت مطواعة * ومهما وكلت إليه كفاه
الا من ينادي أبا مالك * أفي أمرنا هو أم في سواه
أبو مالك قاصر فقره * على نفسه ومشيع غناه
فوضع الامام يده الشريفة على كتف أخيه زيد بن علي وكان جالسا بجنبه وقال هذه صفتك يا أخي وأعيذك بالله ان تكون قتيل أهل العراق.
وفي أمالي الصدوق في المجلس العاشر: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري حدثنا عبد العزيز بن يحيى حدثنا الأشعث بن محمد الضبي حدثني شعيب بن عمر عن أبيه عن جابر الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي ع وعنده زيد اخوه فدخل عليه معروف بن خربوذ المكي فقال له أبو جعفر ع يا معروف أنشدني من طرائف ما عندك فأنشده:
لعمرك ما ان أبو مالك * بوان ولا بضعيف قواه
ولا بالألد لدى قوله * يعادي الحكيم إذا ما نهاه
ولكنه سيد بارع * كريم الطبائع حلو ثناه
إذا سدته سدت مطواعة * ومهما وكلت إليه كفاه
قال فوضع محمد بن علي ع يده على كتفي زيد فقال هذه صفتك يا أبا الحسين ورواه الصدوق في الأمالي أيضا في الحديث 11 من المجلس 54 بسنده عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال إني لجالس عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر ع إذ اقبل زيد بن علي ع فلما نظر إليه أبو جعفر ع وهو مقبل قال هذا سيد من سادات أهل بيته والطالب بأوتارهم لقد أنجبت أم ولدتك يا زيد.
ما رواه أبو ولاد الكاهلي في الرياض ولم يتيسر لي معرفة مصدره ما صورته: عن أبي ولاد الكاهلي قال لي الصادق ع أرأيت عمي زيدا قلت نعم رأيته مصلوبا ورأيت الناس بين شامت حنق وبين محزون محترق قال اما الثاني فمعه في الجنة واما الشامت فشريك في دمه.
ما رواه الحسن بن راشد في الرياض أيضا ولم يتيسر لي معرفة مصدره: روى الحسن بن راشد قال ذكرت زيد بن علي فتنقصته عند أبي عبد الله ع فقال لا تفعل رحم الله عمي زيدا فإنه اتى إلى أبي فقال أريد الخروج على هذا الطاغية فقال لا تفعل يا زيد فاني أخاف ان تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة الحديث. فنهيه انما كان شفقة عليه ولذا لم يرض بتنقصه وترحم عليه.
ما روي مما يوهم القدح فيه قال الفاضل المازنداري في حاشية الكافي: اعلم أن الروايات في مدح زيد وذمه مختلفة وروايات المدح أكثر مع أن روايات الذم لا تخلو من علة اه. فمن الروايات التي توهم الذم ما رواه الكشي في رجاله بسنده عن أبي خالد القماط قال لي رجل من الزيدية أيام زيد ما منعك ان تخرج مع زيد قلت له ان كان أحد في الأرض مفروض الطاعة فالخارج قبله هالك وان كان ليس في الأرض مفروض الطاعة فالخارج والجالس موسع لهما فلم يرد علي بشئ فأخبرت أبا عبد الله ع بما قال لي وبما قلت له وكان متكئا فجلس ثم قال اخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ولم تجعل له مخرجا. والجواب عن هذا الحديث ان الخارج انما يكون هالكا إذا خرج مدعيا الإمامة لنفسه وزيد انما خرج للامر بالمعروف والنهي عن المنكر داعيا إلى الرضا من آل محمد.
وروى الكشي أيضا في ترجمة أبي بكر الحضرمي وعلقمة بسنده عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال دخل أبي وعلقمة على زيد بن علي وكان بلغهما انه قال ليس الامام منا من أرخى عليه ستره انما الامام من شهر سيفه فقال له أبو بكر يا أبا الحسين اخبرني عن علي بن أبي طالب أكان إماما وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن امامه حتى خرج وشهر سيفه قال وكان زيد يبصر الكلام فسكت ولم يجبه فرد عليه الكلام ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبه بشئ فقال له أبو بكر ان كان علي بن أبي طالب إماما فقد يجوز ان يكون بعده امام مرخ عليه ستره وان لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا فطلب إليه علقمة ان يكف عنه فكف عنه.
وفيه عن أبي مالك الأحمسي:
قال زيد بن علي لصاحب الطاق تزعم أن في آل محمد إماما مفترض الطاعة معروف بعينه قال نعم وكان أبوك أحدهم قال ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي فوالله لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول المضغة فيبردها ثم يلقمنيها أفتراه كان يشفق علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر النار فيقول لي إذا انا مت فاسمع وأطع لأخيك محمد الباقر ابني فإنه الحجة عليك ولا يدعني أموت ميتة جاهلية، فقال كره ان يقول لك فتكفر فيجب من الله عليك الوعيد ولا يكون له فيك شفاعة فتركك مرجئا لله فيك المشيئة وله فيك الشفاعة ثم قال: أنتم أفضل أم الأنبياء قال بل الأنبياء. قال: يقول يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا لم يخبرهم حتى لا يكيدوا له كيدا ولكن كتمهم وكذا أبوك كتمك لأنه خاف منك على محمد ان هو أخبرك بموضعه من قلبه وبما خصه الله فتكيد له كيدا كما خاف يعقوب على يوسف من اخوته الحديث وهذا الحديث مع فرض صحة سنده معارض بالاخبار الكثيرة المستفيضة المتقدمة الدالة على احترام زيد لأخيه الباقر واعترافه بإمامته وعلى احترامه لابن أخيه الصادق واعترافه بإمامته واحترام الصادق له وحزنه لقتله وتفريقه المال في عيال من قتل معه.
وفي الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل بسنده عن موسى بن بكر عمن حدثه ان زيد بن علي بن الحسين دخل على أبي جعفر محمد بن علي ع ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم (1) هذا الكلام لا يخلو من اغلاق ولعله لذلك لم يفسره المازندراني ولعله وقع فيه تحريف وان كان حاصله معلوما وهو انه إذا انتهت مدة الملك وقع فيه الخلل وأمكن للغير الاستيلاء عليه وأعقب في الملك والرعية الذل والصغار.
(2) هذا الكلام رد على من يجوز عدم عصمة الامام وعدم كونه اعلم رعيته.
(3) قال الفاضل المازندراني المراد النسبة المعنوية وهي النسبة في العلم والعمل ورياسة الدارين واما النسبة الصورية فالظاهر أنه لم ينكرها أحد.
(4) إشارة إلى الغلاة.
- المؤلف - ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج فقال له أبو جعفر هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه فقال به ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله عز وجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء فقال له أبو جعفر ع ان الطاعة مفروضة من الله عز وجل وسنة أمضاها في الأولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع وامر الله يجري لأوليائه بحكم موصول وقضاء مفصول وحتم مقضي وقدر مقدور وأجل مسمى لوقت معلوم فلا يستخفنك الذين لا يوقنون انهم لن يغنوا عنك من الله شيئا فلا تعجل ان الله لا يعجل لعجلة العباد ولا تستبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك فغضب زيد عند ذلك ثم قال ليس الامام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد ولكن الامام منا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه قال أبو جعفر هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجئ عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله ص أو يضرب به مثلا فان الله عز وجل أحل حلالا وحرم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الإمام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة ان يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله وقد قال الله عز وجل في الصيد ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله عز وجل فإذا حللتم فاصطادوا وقال عز وجل لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا انكم غير معجزي الله ثم قال تبارك وتعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم فجعل لذلك محلا وقال ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله فجعل لكل شئ محلا ولكل اجل كتابا فان كنت على بينة من ربك ويقين من امرك وتبيان من شأنك فشأنك والا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة ولا تتعاط زوال ملك لم ينقض الله ولم ينقطع مداه ولم يبلغ الكتاب اجله فلو قد بلغ مداه وانقطع اكله وبلغ الكتاب اجله لانقطع الفضل وتتابع النظام ولا عقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار أتريد يا أخي ان يحيى ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله وأعيذك بالله يا أخي ان تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه ثم قال الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا.
وهذا الحديث مع ضعف سنده ليس فيه الا ان زيدا قال إن الامام من خرج بالسيف ولم يرخ ستره ويقعد في بيته وهذه هي مقالة الزيدية وقد أقام عليه اخوه الباقر ع الحجة الواضحة والبرهان القاطع وفند ما قاله بما لا مزيد عليه ولم يظهر من زيد انه بقي مصرا على رأيه ولكنه مع ذلك خرج الا ان خروجه كما دلت عليه الروايات الأخرى لم يكن لدعواه الإمامة بل للامر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظالمين. وقد عرفت انه لم يدع إلى نفسه وانما أخرجه اهتضام بني أمية له فخرج ليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر وصورة مبايعته الآتية تدل على ذلك. ولنا جواب واحد عن جميع هذه الأخبار بعد تسليم سندها هو ان ما دل على مدحه أكثر وأشهر ومعتضد بقرائن اخر.
وفي المناقب سال زيدي الشيخ المفيد وأراد الفتنة فقال باي شئ نبا استجزت انكار امامة زيد فقال إنك قد ظننت علي ظنا باطلا وقولي في زيد لا يخالفني فيه أحد من الزيدية فقال وما مذهبك فيه قال أثبت في إمامته ما تثبته الزيدية وانفي عنه من ذلك ما تنفيه وأقول كان إماما في العلم والزهد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وانفي عنه الإمامة الموجبة لصاحبها العصمة والنص والمعجز فهذا ما لا يخالفني فيه أحد.
عبادته عن تفسير فرات بن إبراهيم انه روى عن سعيد بن جبير انه قال قلت لمحمد بن خالد كيف قلوب أهل العراق مع زيد بن علي فقال لا أحدثك عن أهل العراق لكن أحدثك عن رجل يسمى النازلي بالمدينة قال صحبت زيدا ما بين مكة والمدينة وكان يصلي الفريضة ثم يصل ما بين الصلاة إلى الصلاة ويصلي الليل كله ويكثر التسبيح ويكرر هذه الآية: وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد فصلى ليلة معي وقرأ هذه الآية إلى قريب نصف الليل فانتبهت من نومي فإذا انا به ماد يديه نحو السماء وهو يقول:
إلهي عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة ثم انتحب فقمت إليه وقلت يا ابن رسول الله لقد جزعت في ليلتك هذه جزعا ما كنت اعرفه فقال ويحك يا نازلي اني نمت هذه الليلة وانا ساجد فرأيت جماعة عليهم لباس لم أر أحسن منه فجلسوا حولي وانا ساجد فقال رئيسهم هل هو هذا فقالوا نعم فقال ابشر يا زيد فإنك مقتول في الله ومصلوب ومحروق بالنار ولا تمسك النار بعدها ابدا فانتبهت وانا فزع.
ومر قول يحيى بن زيد رحم الله أبي وكان والله أحد المتعبدين قائم ليله صائم نهاره.
وروى الخزاز في كفاية النصوص بسنده عن المتوكل بن هارون عن يحيى بن زيد انه قال له في حديث يا أبا عبد الله اني أخبرك عن أبي ع وزهده وعبادته انه كان يصلي في نهاره ما شاء الله فإذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء الله ثم يقوم قائما على قدميه يدعو الله تبارك وتعالى ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر سجد سجدة ثم يصلي الفجر ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار ثم يذهب لقضاء حوائجه فإذا كان قريب الزوال اتى وجلس في مصلاه واشتغل بالتسبيح والتمجيد للرب المجيد فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس ثم يصلي العصر ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة فإذا غربت الشمس صلى المغرب والعشاء فقلت هل كان يصوم دائما قال لا ولكنه يصوم في كل سنة ثلاثة أشهر وفي كل شهر ثلاثة أيام ثم اخرج إلي صحيفة كاملة فيها أدعية علي بن الحسين ع ومر قول عاصم رأيته يذكر الله عنده فيغشى عليه حتى يقول القائل ما يرجع إلى الدنيا وانه اثر السجود بوجهه.
قراءته لزيد قراءة مشهورة معروفة ألف فيها بعض العلماء مؤلفا ففي كشف الظنون ج 2 ص 624 كتاب النير الجلي في قراءة زيد بن علي لأبي علي الأهوازي المقري وفي عمدة الطالب كان الحسين ذو الدمعة يحفظ القرآن وكذا آباؤه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع وهذه فضيلة حسنة ورأيت بعض النسابين قد ذكر ان الأب كان يلقن الابن منه إلى أمير المؤمنين علي ع وهذا مشكل لأن الحسين ذا الدمعة كان يوم قتل أبوه ابن سبع سنين ويبعد ان يكون في هذا السن قد تلقن القرآن من أبيه زيد وأقول لا بعد فيه فان ابن سبع قابل لذلك بالتجارب وفي مسودة الكتاب: ولزيد قراءة جده أمير المؤمنين قال عمر بن موسى الرحبي الزيدي في كتاب قراءة زيد هذه القراءة سمعتها من زيد بن علي بن الحسين وما رأيت اعلم بكتاب الله منه الخ.
براءته من دعوى الإمامة مر عن المفيد انه اعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة لخروجه يدعو إلى الرضا من آل محمد ص فظنوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه الباقر ع للإمامة من قبله ووصية أخيه الباقر عند وفاته إلى ولده الصادق ع وعن رياض الجنة ما تعريبه ان زيد بن علي كان دائما في فكر الانتقام والاخذ بثار جده الحسين ع ومن هذه الجهة توهم بعضهم انه ادعى الإمامة وهذا الظن خطا لأنه كان عارفا برتبة أخيه وكان حاضرا في وقت وصية أبيه ووضع أخيه في مكانه وكان متيقنا ان الإمامة لأخيه وبعده للصادق ع وعن السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبد الحميد النيلي النجفي رضوان الله عليه في كتابه الأنوار المضيئة انه قال زعم طوائف ممن لا رشد لهم ان زيد بن علي بن الحسين ع خرج يدعو لنفسه وقد افتروا عليه الكذب وبهتوه بما لم يدعه لأنه كان عين اخوته بعد أبي جعفر ع وأفضلهم ورعا وفقها وسخاء وشجاعة وعلما وزهدا وكان يدعى حليف القرآن وحيث انه خرج بالسيف ودعا إلى الرضا من آل محمد زعم كثير من الناس لا سيما جهال أهل الكوفة هذا الزعم وتوهموا انه دعا إلى نفسه ولم يكن يردها له لمعرفته باستحقاق أخيه الإمامة من قبله وابن أخيه لوصية أخيه إليه بها من بعده إلى أن قال وقد انتشرت الزيدية فكثروا وهم الآن طوائف كثيرة في كل صقع أكثرهم باليمن ومكة وكيلان اه.
بعض النصوص الواردة عن زيد بامامة الأئمة الاثني عشر روى الصدوق في الأمالي في المجلس 181 عن عمرو بن خالد قال زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه وفي كفاية الأثر ص 86 عن محمد بن بكير في حديث يا ابن بكير بنا عرف الله وبنا عبد الله ونحن السبيل إلى الله ومنا المصطفى ومنا المرتضى ومنا يكون المهدي قائم هذه الأمة فقال ابن بكير يا ابن رسول الله هل عهد إليكم رسول الله متى يقوم قائمكم قال يا ابن بكير انك لن تلحقه وان هذا الامر يكون بعد ستة من الأوصياء بعد هذا ثم يجعل الله خروج قائمنا فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما قلت يا ابن رسول الله ألست صاحب هذا الأمر فقال انا من العترة ثم زارني فقلت يا ابن رسول الله هذا الذي قلته عن علم منك أو نقلته عن رسول الله فقال لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله ص ثم أنشأ يقول:
نحن سادات قريش * وقوام الحق فينا
نحن الأنوار التي * من قبل كون الخلق كنا
نحن منا المصطفى * المختار والمهدي منا
فبنا قد عرف الله * وبالحق أقمنا
سوف يصلاه سعيرا * من تولى اليوم عنا
وفي كفاية الأثر أيضا عن قاسم بن خليفة عن يحيى بن زيد انه قال سالت أبي عن الأئمة قال الأئمة اثنا عشر أربعة من الماضين وثمانية من الباقين فقلت سمهم يا أبا قال اما الماضون فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومن الباقين أخي الباقر وبعده جعفر الصادق وبعده موسى ابنه وبعده علي ابنه وبعده محمد ابنه وبعده علي ابنه وبعده الحسن ابنه وبعده المهدي فقلت له يا أبه ألست منهم قال لا ولكني من العترة قلت فمن أين عرفت أساميهم قال عهد معهود عهد إلينا رسول الله ص. ونسب إلى زيد هذه الأبيات وأوردها ابن شهرآشوب في المناقب:
ثوى باقر العلم في ملحد * امام الورى طيب المولد
فمن لي سوى جعفر بعده * امام الورى الأوحد الأمجد
أبا جعفر الخير أنت الامام * وأنت المرجى لبلوى غد
وفي كفاية الأثر عن المتوكل بن هارون في حديث قلت ليحيى بن زيد يا ابن رسول الله ان أباك قام بدعوى الإمامة وخرج مجاهدا في سبيل الله وقد جاء عن رسول الله ص انه ذم من خرج مدعيا للإمامة كاذبا فقال مه يا أبا عبد الله ان أبي كان أعقل من أن يدعي ما ليس له بحق وانما قال أدعوكم إلى الرضا من آل محمد عني بذلك ابن عمي جعفرا قلت فهو اليوم صاحب هذا الامر قال نعم هو أفقه بني هاشم وفيها أيضا بعد نقل النصوص الواردة عن زيد بن علي في امامة الأئمة ع قال فان قال قائل فزيد بن علي ع إذا سمع هذه الأحاديث من الثقات المعصومين وآمن بها واعتقدها فلم خرج بالسيف وادعى الإمامة لنفسه وأظهر الخلاف على جعفر بن محمد ع وهو بالمحل الشريف الجليل معروف بالسنن والصلاح مشهور عند الخاص والعام بالعلم والزهد وهذا لا يفعله الا معاند جاحد وحاشا زيدا ان يكون بهذا المحل فأقول في ذلك وبالله التوفيق ان زيد بن علي خرج على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا على سبيل المخالفة لابن أخيه جعفر بن محمد وانما وقع الخلاف من جهة الناس وذلك أن زيد بن علي لما خرج ولم يخرج جعفر بن محمد ع توهم قوم من الشيعة ان امتناع جعفر للمخالفة وانما كان لضرب من التدبير فلما رأى الذين صاروا للزيدية سلفا ذلك قالوا ليس الامام من جلس في بيته وأغلق بابه وأرخى ستره وانما الامام من خرج بسيفه يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فهذان سببا وقوع الخلاف بين الشيعة واما جعفر ع وزيد فما كان بينهما خلاف والدليل على صحة قولنا قول زيد بن علي من أراد الجهاد فإلي ومن أراد العلم فإلى ابن أخي جعفر ولو ادعى الإمامة لنفسه لم ينف كمال العلم عن نفسه إذا كان الامام اعلم من الرعية ومن مشهور قول جعفر بن محمد رحم الله عمي زيدا لو ظفر لوفى انما دعى إلى الرضا من آل محمد وانا الرضا قال السيد علي خان الحويزي في نكت البيان بعد نقل خبر فضيل بن يسار في شهادة زيد عليه الرحمة: وقد دل هذا الحديث على أن زيدا رحمه الله في أعلى المراتب من رضى الأئمة الطاهرين وانه من خلص المؤمنين وانه من الأعذق عند المعصومين وكذلك ما ورد في حقه ومدحه والتحزن عليه وعلى ما أصابه في غير هذا الحديث عن أهل البيت ع من أحاديث كثيرة ولا شك انه لم يحصل له من الامام ع نهي صريح عن الخروج كما ينبئ عن ذلك مدحهم له واظهار الرضا عنه وهو لم يخرج الا لما ناله من الضيم من عتات بني أمية ولا ريب ان قصده ونيته ان استقام له الامر ارجاع الحق إلى أهله ويدل على ذلك رضاهم عنه إلى آخر كلامه.
مفاخرته مع هشام بن عبد الملك :
عن اخطب خوارزم في مقتله ص 37 انه روى عن معمر بن خيثم قال لي زيد بن علي كنت أباري هشام بن عبد الملك وأكايده في الكلام فدخلت عليه يوما فذكر بني أمية فقال والله هم أشد قريش أركانا وأشيد قريش مكانا وأشد قريش سلطانا وأكثر قريش أعوانا كانوا رؤوس قريش في جاهليتها وملوكهم في اسلامها فقلت له على من تفخر أعلى بني هاشم أول من أطعم الطعام وضرب الهام وخضعت له قريش بارغام أم علي بني المطلب سيد مضر جميعا وان قلت معد كلها صدقت إذا ركب مشوا وإذا انتعل احتفوا وإذا تكلم سكتوا وكان يطعم الوحوش في رؤوس الجبال والطير والسباع والإنس في السهل حافر زمزم وساقي الحجيج أم على بنيه أشرف رجال أم على سيد ولد آدم ص حمله الله على البراق وجعل الجنة بيمينه والنار بشماله فمن تبعه دخل الجنة ومن تأخر عنه دخل النار أم على أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب ع أخي رسول الله وابن عمه المفرج الكرب عنه وأول من قال لا إله إلا الله بعد رسول الله لم يبارزه فارس قط الا قتله وقال فيه رسول الله ص ما لم يقله في أحد من أصحابه ولا لأحد من أهل بيته قال فاحمر وجهه.
تهالكه في حب الاصلاح بين الأمة في المقاتل بسنده عن البابكي واسمه عبد الله بن مسلم بن بابك خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل واستوت الثريا قال يا بابكي أما ترى هذه الثريا أترى أحدا ينالها قلت لا قال والله لوددت ان يدي ملصقة بها أقع إلى الأرض أو حيث أقع فانقطع قطعة قطعة وان الله أصلح بين أمة محمد ص هذا حرص زيد على الاصلاح بين أمة جده التي خذلته وأسلمته إلى بني أمية أعداء الله وأعداء جده رسول الله ص الذين لم يكتفوا بقتله حتى صلبوه أربع سنين على أشنع صورة ثم أحرقوه عدواة لدين الاسلام الذين دخلوا فيه كارهين مرغمين ولم يوجد في هذه الأمة من يغير بيد ولا لسان نعم وجد فيها حتى اليوم من يدافع عنهم ويلتمس لهم الاعذار.
هل كان زيد يفتي الناس سال المتوكل بن هارون يحي بن زيد فيما رواه الخزاز في كفاية الأثر هل كان أبوك يفتي الناس في معالم دينهم قال ما أذكر ذلك عنه.
فساد بعض النسب إليه من السخافة بمكان ما في فوات الوفيات عن ابن أبي الدم ان زيدا وأصحابه كانوا معتزلة وانه اخذ الاعتزال عن واصل بن عطاء وان أخاه الباقر كان يعيب عليه قراءته على واصل مع كونه يجوز الخطأ على جده علي بن أبي طالب في حرب الجمل والنهروان ولأن واصلا كان يتكلم في القضاء والقدر على خلاف مذهب أهل البيت إلى آخر ما تكلم به من هذا الهذيان فإنه لم يرد شئ من هذا عن أئمة أهل البيت في حق زيد بل ورد عنهم مدحه والثناء عليه ولو كان لشئ من ذلك اثر لحكاه عنهم أصحابهم واتباعهم ولما خفي ذلك عنهم وظهر لابن أبي الدم وانما تكلم فيه من تكلم من حيث احتمال دعواه الإمامة والأكثر بل الجميع على أنه لم يدعها فلو كان فيه مغمز غير ذلك لما سكتوا عنه لكن واصع هذا الكلام عن لسانه له غرض غير خفي على المتأمل.
ما نسب إليه فيمن لقبوا الرافضة ذكر كثير ممن تكلم على هذا اللقب من أخصام الشيعة وتلقفه الآخر عن الأول ان زيدا سئل لما كان يحارب جيش هشام عن الشيخين فقال هما صاحبا جدي وضجيعاه في قبره فرفضه جماعة فسموا الرافضة وذكرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب انه يجوز ان يكون قال ذلك استصلاحا لعسكره ومن الذي يشك ان لهما هاتين الصفتين وان المروي انه لما أصابه السهم طلب السائل فأراه السهم وقال هما أوقفاني هذا الموقف.
ما نسب إليه في امر فدك روى ابن عساكر عن زيد انه قال لو كنت مكان أبي بكر لحكمت بمثل ما حكم به في فدك اه والناظر بانصاف في قصة فدك يعلم أن هذا الحديث موضوع على زيد ويدل على ذلك ما في شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 ص 94 قال المرتضى أخبرنا أبو عبد الله المرزباني حدثني علي بن هارون اخبرني عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه قال ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كلام فاطمة عند منع أبي بكر إياها فدكا وقلت له ان هؤلاء يزعمون أنه مصنوع وانه من كلام أبي العيناء لان الكلام منسوق البلاغة فقال لي رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أولادهم وقد حدثني به أبي عن جدي يبلغ به فاطمة على هذه الحكاية وقد رواه مشايخ الشيعة وتدارسوه قبل ان يوجد جد أبي العيناء وقد حدث الحسين بن علوان عن عطية العوفي انه سمع عبد الله بن الحسن بن الحسن يذكر عن أبيه هذا الكلام ثم قال أبو الحسين زيد وكيف ينكرون هذا من كلام فاطمة وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة ويحفظونه لولا عداوتهم لنا أهل البيت اه.
حديث سد الأبواب في تاريخ دمشق لابن عساكر بسنده عن شعبة سمعت سيد الهاشميين زيد بن علي بالمدينة في الروضة يقول حدثني أخي محمد انه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله ص يقول سدوا الأبواب كلها الا باب علي وأوما بيده إلى باب علي.
قال مهذب تاريخ ابن عساكر: هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ورواه بمعناه الإمام أحمد في مسنده عن سعد بن مالك وعن ابن عمر ورواه النسائي في مناقب علي عن الحارث بن مالك وعن زيد بن أرقم ورواه أبو نعيم عن ابن عباس ورواه الحافظ بن حجر في كتابه القول المسدد في الرد على ابن الجوزي في جعله هذا الحديث موضوعا وأطال الكلام ثم قال هذا الحديث مشهور وله طرق متعددة كل طريق منها على انفراده لا يقصر عن رتبة الحسن ومجموعها ما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث اه قال وذكر الحافظ السيوطي أسانيده في كتابه اللآلئ المصنوعة وأطال في دفع الوضع عنه اه فظهر ان زعم الوضع فيه كبوة من ابن الجوزي.
حديث المعراج في تاريخ دمشق لابن عساكر عن أبيه عن جده عن علي صلى بنا رسول الله ص صلاة الفجر ذات يوم بغلس ثم التفت إلينا فقال أفيكم من رأى الليلة شيئا فقلنا لا يا رسول الله قال ولكني رأيت ملكين اتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى السماء الدنيا وذكر حديثا طويلا فيه عقاب من ينام عن صلاة العشاء والنمام وآكل الربا والزناة ومن يعملون عمل قوم لوط ثم قال فمضيت فإذا انا بروضة فيها شيخ جليل لا أجمل منه وحوله الولدان وإذا انا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء فقالا تلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهذه منازلك وأهل بيتك الحديث بطوله.
ما قاله في البترية مر في البترية ما رواه الكشي في ترجمة سلمة بن كهيل بسنده عن سدير دخلت على أبي جعفر ع ومعي سلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير النوا وجماعة معهم وعند أبي جعفر اخوه زيد بن علي فقالوا لأبي جعفر نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ من أعدائهم ونتولى غيرهم ونتبرأ من أعدائهم فالتفت إليهم زيد بن علي وقال لهم أتتبرأون من فاطمة بترتم أمرنا بتركم الله فيومئذ سموا البترية.
دلالته على قبر أمير المؤمنين ع عن فرحة الغري عن أبي حمزة الثمالي في حديث قال لما كانت ليلة النصف من شعبان اتيت إلى زيد بن علي وسلمت عليه وكان قد انتقل من دار معاوية بن إسحاق إلى دور بارق وبني هلال فلما جلست عنده قال يا أبا حمزة تقوم حتى نزور قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فقلت نعم جعلت فداك إلى أن قال أبو جمزة فاتينا الذكوات البيض فقال هذا قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبعد ان زرناه رجعنا اه وكان قبره ع قد أخفي خوفا من بني أمية ولم يكن يعرفه الا ولده وخواص شيعتهم إلى أن أظهر أيام الرشيد.
خروجه والسبب فيه ومقتله :
في مروج الذهب ج 2 ص 181 في أيام هشام بن عبد الملك استشهد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سنة 121 وقيل 122 وقد كان زيد بن علي شاور أخاه أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي فأشار عليه بان لا يركن إلى أهل الكوفة إذ كانوا أهل غدر ومكر وقال له بها قتل جدل علي وبها طعن عمك الحسن وبها قتل أبوك الحسين وفيها وفي أعمالها شتمنا أهل البيت وأخبره بما كان عنده من العلم في مدة ملك بني مروان وما يتعقبهم من الدولة العباسية فأبى الا ما عزم عليه من المطالبة بالحق فقال له اني أخاف عليك يا أخي ان تكون غدا المصلوب بكناسة الكوفة وودعه أبو جعفر واعلمه انهما لا يلتقيان اه وكان هذا مما اخذه الباقر عن آبائه ع عن جدهم الرسول ص وقال أبو بكر الخوارزمي في رسالته إلى شيعة نيسابور لما قصدهم واليها: واتصل البلاء مدة ملك المروانية إلى الأيام العباسية حتى إذا أراد الله ان يختم مدتهم بأكبر آثامهم ويجعل عظيم ذنوبهم في اخر أيامهم بعث عظيم ذنوبهم في اخر أيامهم بعث على بقية الحق المهمل والدين المعطل زيد بن علي فخذله منافقو أهل العراق وقتله أحزاب أهل الشام فلما انتهكوا ذلك الحريم واقترفوا ذلك الاثم العظيم غضب الله عليهم وانتزع الملك منهم.
سبب خروجه اختلفت الروايات والأقوال في سبب خروجه على وجوه أحدها ما عامله به هشام من الجفاء المفرط قال ابن عساكر في تاريخ دمشق وفد علي هشام بن عبد الملك فرأى منه جفوة فكان ذلك سبب خروجه وقال المفيد في الارشاد كان سبب خروج أبي الحسين زيد بن علي رضي الله عنه بعد الذي ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسين ع انه داخل على هشام بن عبد الملك وقد جمع هشام أهل الشام وامر ان يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه فقال له زيد انه ليس من عباد الله أحد فوق ان يوصي بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتقه فقال له هشام أنت ابن المؤهل نفسك للخلافة الراجي لها وما أنت وذاك لا أم لك وإنما أنت ابن أمة فقال له زيد أني لا اعلم أحدا أعظم منزلة عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم ع فالنبوة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة يا هشام وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول الله ص وهو ابن علي بن أبي طالب فوثب هشام عن مجلسه وزيد في عمدة الطالب ووثب الشاميون ودعا قهرمانه فقال لا يبيتن هذا في عسكري الليلة فخرج زيد وهو يقول إنه لم يكره قط أحد حد السيوف إلا ذلوا فلما وصل إلى الكوفة اجتمع إليه أهلها فلم يزالوا به حتى بايعوه على الحرب ثم نقضوا بيعته وأسلموه فقتل وصلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحد منهم ولا يغير بيد ولا بلسان اه.
وفي المناقب لما رأى هشام معرفته وقوة حجته وشاهد منه ما لم يكن في حسبانه داخله الخوف منه ان يفتتن به أهل الشام وقال لقهرمانه لا يبيتن هذا في عسكري الليلة. وفي كتاب مختار البيان والتبيين للجاحظ عند تعداد الخطباء: ومنهم زيد بن علي بن الحسين قال وكان قد وشي به إلى هشام فسأله عن ذلك فقال احلف لك قال هشام وإذا حلفت أفأصدقك قال اتق الله قال أومثلك يا زيد يأمر مثلي بتقوى الله قال لا أحد فوق ان يوصي بتقوى الله ولا أحد دون ان يوصي بتقوى الله قال هشام بلغني انك تريد الخلافة وأنت لا تصلح لها لأنك ابن أمة قال قد كان إسماعيل بن إبراهيم ابن أمة وإسحاق ابن حرة فاخرج الله من صلب إسماعيل النبي الكريم فعندها قال له هشام قم قال إذا لا تراني الا حيث تكره إلى أن قال ومن أخبار زيد بعد ذلك أنه لما رأى الأرض طبقت جورا ورأى قلة الأعوان وتخاذل الناس كانت الشهادة أحب المنيات إليه اه.
وفي عمدة الطالب أنه لما قال ما كره قوم حد السيوف إلا ذلوا حملت كلمته إلى هشام فعرف أنه يخرج عليه ثم قال هشام ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا ولعمري ما انقرض من مثل هذا خلفهم.
وفي المناقب عن عيون الأخبار وفي الرياض ان هشاما قال له ما فعل أو ما يصنع أخوك البقرة فغضب زيد حتى كاد يخرج من أهابه ثم قال سماه رسول الله ص الباقر وتسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار.
وفي الرياض فقال هشام خذوا بيد هذا الأحمق المائق فاخرجوه فاخرج زيد وأشخص إلى المدينة ومعه نفر يسير حتى طردوه عن حدود الشام فلما فارقوه عدل إلى العراق وفي تاريخ دمشق قال عبد الاعلى الشامي لما قدم زيد الشام كان حسن الخلق حلو اللسان فبلغ ذلك هشاما فاشتد عليه فشكا ذلك إلى مولى له فقال ائذن للناس إذنا عاما واحجب زيدا وائذن له في اخر الناس فدخل فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فلم يرد عليه فقال السلام عليك يا أحول فإنك ترى نفسك اهلا لهذا الاسم فقال له هشام أنت الطامع في الخلافة وأمك أمة فقال إن لكلامك جوابا فان شئت أجبت قال وما جوابك فقال لو كان في أم الولد تقصير لما بعث الله إسماعيل نبيا وأمه هاجر فالخلافة أعظم أم النبوة فافحم هشام فلما خرج قال لجلسائه أنتم القائلون ان رجالات بني هاشم هلكت والله ما هلك قوم هذا منهم فرده وقال يا زيد ما كانت أمك تصنع بالزوج ولها ابن مثلك قال أرادت اخر مثلي قال ارفع إلي حوائجك فقال اما وأنت الناظر في أمور المسلمين فلا حاجة لي ثم قام فخرج فاتبعه رسولا وقال اسمع ما يقول فتبعه فسمعه يقول من أحب الحياة ذل ثم أنشأ يقول:
مهلا بني عمنا عن نحت اثلثتنا * سيروا رويدا كما كنتم تسيرونا
لا تطمعوا ان تهينونا ونكرمكم * وان نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم انا لا نحبكم * ولا نلومكم ان لا تحبونا
كل امرئ مولع في بغض صاحبه * فنحمد الله نقلوكم وتقولنا
ثم حلف ان لا يلقى هشاما ولا يسأله صفراء ولا بيضاء الحديث وفي مروج الذهب قد كان زيد دخل على هشام بالرصافة فلم ير موضعا يجلس فيه فجلس حيث انتهى به مجلسه وقال يا أمير المؤمنين ليس أحد يكبر عن تقوى الله ولا يصغر دون تقوى الله فقال هشام اسكت لا أم لك أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة وأنت ابن أمة قال يا أمير المؤمنين ان لك جوابا إذا أحببت أجبتك به وان أحببت أمسكت عنه فقال بل أجب فقال إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات وقد كانت أم إسماعيل أمة لا أم إسحاق ص فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبيا وجعله للعرب أبا فخرج من صلبه خبر البشر محمد ص فتقول لي هذا وانا ابن فاطمة وابن علي وقام وهو يقول منخرق النعلين يشكو الوجى الأبيات الأربعة الآتية فمضى عنها إلى الكوفة وخرج فيها ومعه الفراء والأشراف فحاربه يوسف بن عمر الثقفي فلما قامت الحرب انهزم أصحاب زيد وبقي في جماعة يسيرة فقاتلهم أشد قتال وهو يقول متمثلا:
أذل الحياة وعز الممات * وكلا أراه طعاما وبيلا
فان كان لا بد من واحد * فسيري إلى الموت سيرا جميلا
وروى ابن عساكر ان زيدا دخل على هشام فقال له يا زيد بلغني ان نفسك لتسمو بك إلى الإمامة والإمامة لا تصلح لأولاد الإماء فاجابه زيد بما مر فقال هشام يا زيد ان الله لا يجمع النبوة والملك لأحد فقال زيد قال الله تعالى: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما.
وقال ابن عساكر قال عبد الله بن جعفر قال لي سالم مولى هشام دخل زيد على هشام فرفع دينا كثيرا وحوائج فلم يقض له هشام حاجة وتجهمه وأسمعه كلاما شديد فخرج من عنده وهو يأخذ شاربه ويفتله ويقول ما أحب الحياة أحد الا ذل ثم مضى فكان وجهه إلى الكوفة فخرج بها ثم قتل وصلب فأخبرت هشاما بعد ذلك بما قاله زيد لما خرج من عنده فقال ثكلتك أمك ألا كنت أخبرتني بذلك قبل اليوم وما كان يرضيه انما كانت خمسمائة ألف فكان ذلك أهون علينا مما صار إليه. وهذا من الاعذار التي هي أقبح من الذنب. ورواه الطبري في ذيل المذيل بسنده عن عبد الله بن جعفر مثله.
وقال ابن الأثير وغيره ان زيدا تنازع مع ابن عمه جعفر بن حسن بن حسن بن علي في صدقات وقوف علي بن أبي طالب زيد من طرف أولاد الحسين بن علي وجعفر من طرف أولاد الحسن بن علي فكانا يتبالغان كل غاية ويقومان فلا يعيدان مما كان بينهما حرفا فلما توفي جعفر قام مقامه عبد الله المحض بن الحسن المثنى فتخاصم مع زيد يوما في مجلس خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم والي المدينة فاسمع عبد الله زيدا كلاما فيه غلظة وخشونة وعرض بان أمه أم ولد وقال له يا ابن السندية فتبسم زيد وقال لا عيب في كون أمي أمة فان أم إسماعيل أيضا أمة وقد صبرت أمي بعد وفاة سيدها ولم تتزوج كما فعل غيرها يعرض بأم عبد الله المحض فاطمة بنت الحسين بن علي عمة زيد فإنها بعد وفاة الحسن بن الحسن تزوجت وندم زيد على هذا الكلام وبقي مدة لا يدخل دار فاطمة حياء منها فأرسلت إليه يا ابن أخي اني لاعلم ان قدر أمك ومنزلتها عندك مثل منزلة عبد الله وقالت له بئسما قلت لازم زيد اما والله لنعم دخيلة القوم كانت. وقال لهم خالد في ذلك اليوم اغدوا علي غدا فلست لعبد الملك ان لم أفصل بينكما فباتت المدينة تغلي كالمرجل يقول قائل قال زيد كذا ويقول قائل قال عبد الله كذا فلما كان الغد جلس خالد في المسجد واجتمع الناس فمن بين شامت ومهموم فدعا بهما خالد وهو يحب ان يتشاتما فذهب عبد الله يتكلم فقال له زيد لا تعجل يا أبا محمد أعتق زيد ما يملك ان خاصمك إلى خالد ابدا ثم اقبل على خالد وقال جعت ذرية رسول الله لأمر لم يكن أبو بكر وعمر يجمعانهم له فقال خالد أما لهذا السفيه أحد فقام رجل من الأنصار من آل عمرو بن حزم وقال يا ابن أبي تراب أما ترى لوال عليك حقا قال زيد اسكت أيها القحطاني فانا لا نجيب مثلك قال فلما ذا ترغب عني فوالله اني لخير منك وأبي خير من أبيك وأمي خير من أمك فتضاحك زيد وقال يا معشر قريش هذا الدين قد ذهب أفذهبت الأحساب انه ليذهب دين القوم وما تذهب أحسابهم فتكلم عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال كذبت والله أيها القحطاني لهو خير منك نفسا وأبا واما ومحتدا وتناوله بكلام كثير واخذ كفا من حصباء فضرب بها الأرض ثم قال إنه والله ما لنا على هذا من صبر ثم خرج من المسجد وشخص زيد إلى هشام بن عبد الملك فجعل هشام لا يأذن له فيرفع إليه القصص فكلما رفع إليه قصة كتب هشام في أسفلها ارجع إلى منزلك فيقول زيد والله لا أرجع إلى خالد ابدا ثم أذن له بعد طول حبس فرقى علية عالية وامر هشام خادما ان يتبعه بحيث لا يراه زيد ويسمع ما يقول فصعد زيد وكان بادنا فوقف في بعض الدرجة فسمعه الخادم يقول ما أحب أحد الحياة الا وذل فأبلغ الخادم هشاما ذلك فعلم هشام ان في نفسه الخروج ثم دخل على هشام إلى أن قال:
فقال هشام لقد بلغني يا زيد انك تذكر الخلافة وتتمناها ولست هناك وأنت ابن أمة إلى آخر ما مر فقال له هشام اخرج قال اخرج ثم لا أكون الا بحيث تكره فقال له سالم يا أبا الحسين لا يظهرن هذا منك فخرج من عنده وسار إلى الكوفة ولما خرج من مجلس هشام أنشد:
شرده الخوف وأزرى به * كذاك من يكره حر الجلاد منخرق النعلين الخفين يشكو الوجى * تنكبه أطراف مر وحداد قد كان في الموت له راحة * والموت حتم في رقاب العباد ان يحدث الله له دولة * تترك آثار العدا كالرماد وفي رواية انه نهض من عند هشام وهو يقول:
من أحب الحياة أصبح في قديد * من الذل ضيق الحلقات
واخرج ابن عساكر عن الزهري كنت على باب هشام بن عبد الملك فخرج من عنده زيد بن علي وهو يقول والله ما كرم قوم الجهاد في سبيل الله الا ضربهم الله تعالى بالذل وقال ابن الأثير قال له هشام اخرج قال اخرج ثم لا أكون الا بحيث تكره فقال له سالم مولى هشام يا أبا الحسين لا يظهرن هذا منك فخرج من عنده وسار إلى الكوفة.
ثانيها انه كان سبب خروجه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث شاعت المحرمات والفسق والفجور في عصر بني أمية. روى الخوارزمي في كتاب المقتل عن جابر الجعفي انه قال: قال لي محمد بن علي الباقر ع ان أخي زيد بن علي خارج مقتول وهو على الحق فالويل لمن خذله والويل لمن حاربه والويل لمن يقتله قال جابر فلما أزمع زيد بن علي على الخروج قلت له اني سمعت أخاك يقول كذا وكذا فقال لي يا جابر لا يسعني ان اسكت وقد خولف كتاب الله وتحوكم إلى الجبت والطاغوت وذلك اني شهدت هشاما ورجل عنده يسب رسول الله ص فقلت للساب ويلك يا كافر اما اني لو تمكنت منك لاختطفت روحك وعجلتك إلى النار فقال لي هشام مه عن جليسنا يا زيد فوالله ان لم يكن الا انا ويحيى ابني لخرجت عليه وجاهدته حتى افنى. وقال ابن عساكر. قال محمد بن عمير ان أبا الحسين لما رأى الأرض قد طوقت جورا ورأى قلة الأعوان وتخاذل الناس كانت الشهادة أحب الميتات إليه فخرج وهو يتمثل بهذين البيتين:
ان المحكم ما لم يرتقب حسدا * لو يرهب السيف أو وخز القناة صفا
من عاذ بالسيف لاقى فرجة عجبا * موتا على عجل أو عاش فانتصفا
ثالثها انه كان السبب في خروجه ان خالد بن عبد الله القسري وابنه يزيد ادعيا مالا قبل زيد وغيره لما سألهم يوسف بن عمر عن ودائعهم فكتب يوسف بذلك إلى هشام فأرسل هشام زيدا إلى الكوفة ليجمع يوسف بينه وبين خالد فلما انقضى امر هذه الدعوى وخرج زيد من الكوفة لحقه الشيعة وحملوه على الخروج وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق قال حمزة بن ربيعة كان سبب خروج زيد بالعراق ان يوسف بن عمر سال القسري وابنه عن ودائعهم فقالوا لنا عند داود بن علي وديعة وعند زيد بن علي وديعة فكتب بذلك إلى هشام فكتب هشام إلى صاحب المدينة في اشخاص زيد وكتب إلى صاحب البلقاء في اشخاص داود إليه فاما داود فحلف لهشام ان لا وديعة له عندي فصدقه وأذن له بالرجوع إلى أهله واما زيد فأبى ان يقبل منه وأنكر زيد ان يكون له عنده شئ فقال أقدم على يوسف فقدم عليه فجمع بينه وبين يزيد وخالد القسريين فقال خالد انما هو شئ تبردت به اه ليس لي عنده شئ وانما قلت هذا لتخفيف العذاب عني فصدقه واجازه يوسف وخرج يريد المدينة فلحقه رجال من الشيعة وقالوا له ارجع فان لك عندنا الرجال والأموال فرجع.
وروى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين بأسانيده عن رواة حديثه قالوا كان أول امر زيد بن علي صلوات الله عليه ان خالد بن عبد الله القسري ادعى مالا قبل زيد بن علي ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن عباس وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وأيوب بن سلمة المخزومي وكتب فيهم يوسف بن عمر عامل هشام على العراق إلى هشام وزيد بن علي ومحمد بن عمر يومئذ بالرصافة الظاهر أنها رصافة الشام بناها هشام بن عبد الملك وزيد يخاصم الحسن بن الحسن في صدقة رسول الله ص فبعث إليهم هشام فأنكروا فقال لهم هشام فانا باعثون بكم إليه يجمع بينكم وبينه فقال له زيد أنشدك الله والرحم ان لا تبعث بنا إلى يوسف قال وما الذي تخاف من يوسف قال أخاف ان يتعدى علينا فكتب هشام إلى يوسف إذا قدم عليك زيد وفلان وفلان فاجمع بينهم وبينه فان أقروا فسرح بهم إلي وان أنكروا ولم يقم بينة فاستحلفهم بعد صلاة العصر ثم خل سبيلهم فقالوا انا نخاف ان يتعدى كتابك قال كلا أنا باعث معكم رجلا من الحرس ليأخذه بذلك حتى يفرع ويعجل قالوا جزاك الله عن الرحم خيرا. فسرح بهم إلى يوسف وهو يومئذ بالحيرة واحتبس أيوب بن سلمة لخؤلته ولم يؤخذ بشئ من ذلك فلما قدموا على يوسف اجلس زيدا قريبا منه ولاطفه في المسألة ثم سألهم عن المال فأنكروا فأخرجه يوسف إليهم وقال هذا زيد بن علي ومحمد بن عمر بن علي اللذان ادعيت قبلهما ما ادعيت قال ما لي قبلهما قليل ولا كثير قال أفبي كنت تهزأ أم بأمير المؤمنين فعذبه عذابا ظن أنه قد قتله ثم اخرج زيدا وأصحابه بعد صلاة العصر إلى المسجد فاستحلفهم فحلفوا فخلى سبيلهم كان خالد القسري واليا على العراق قبل يوسف فلما ولي يوسف عذبه بأمر هشام ليستخرج منه الأموال فادعى ان له مالا أودعه عند هؤلاء ليرفع عنه العذاب ولم يكن له عندهم شئ فلما جمعه بهم تكلم بالحقيقة.
وقال ابن الأثير ان هشاما أحضرهم من المدينة وسيرهم إلى يوسف ليجمع بينهم وبين خالد فقال يوسف لزيد ان خالدا زعم أنه أودعك مالا قال كيف يودعني وهو يشتم آبائي على منبره فأرسل إلى خالد فأحضره في عباءة فقال هذا زيد قد أنكر انك أودعته شيئا فقال خالد ليوسف أتريد مع اثمك في اثما في هذا كيف أودعه وانا أشتمه وأشتم آباءه على المنبر فقالوا لخالد ما دعاك إلى ما صنعت قال شدد علي العذاب فادعيت ذلك وأملت ان يأتي الله بفرج قبل قدومكم فرجعوا وأقام زيد وداود بالكوفة وقيل إن يزيد ابن خالد القسري هو الذي ادعى المال وديعة عند زيد اه.
قال ابن عساكر: قال مصعب بن عبد الله: كان هشام بعث إلى زيد والى داود بن علي واتهمهما ان يكون عندهما مال لخالد بن عبد الله القسري حين عزله فقال كثير بن كثير بن المطلب بن وداعة السهمي حين اخذ داود وزيد بمكة:
يامن الظبي والحمام ولا يامن * ابن النبي عند المقام
طبت بيتا وطاب أهلك اهلا * أهل بيت النبي والاسلام
رحمة الله والسلام عليكم * كلما قام قائم بسلام
حفظوا خاتما وجزء رداء * وأضاعوا قرابة الأرحام
قال ويقال ان زيدا بينما كان بباب هشام في خصومة عبد الله بن حسن في الصدقة ورد كتاب يوسف بن عمر في زيد وداود بن علي ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وأيوب بن سلمة فحبس زيدا وبعث إلى أولئك فقدم بهم ثم حملهم إلى يوسف بن عمر غير أيوب فإنه اطلقه لأنه من أخواله وبعث بزيد إلى يوسف بن عمر بالكوفة فاستحلفه ما عنده لخالد مال وخلى سبيله حتى إذا كان بالقادسية لحقته الشيعة فسألوه الرجوع معهم والخروج ففعل وقتل وانهزم أصحابه وفي ذلك يقول سلمة بن الحر بن يوسف بن الحكم:
وأمتنا حجاجح من قريش * فأمسى ذكرهم كحديث أمس
وكنا أس ملكهم قديما * وما ملك يقوم بغير أس
ضمنا منهم ثكلا وحزنا * ولكن لا محالة من تاس
والاختلاف بين هذه الأخبار ظاهر فالخبر الأول دل على أن زيدا كان بالمدينة وداود بالبلقاء والخبر الثاني دل على أن زيدا ومحمد بن عمر كانا بالرصافة بالشام، والخبر الثالث دل على أن الجميع كانوا بمكة والخبر الرابع دل على أن هشاما هو الذي اتهم زيدا وداود بالمال وانهما كانا بمكة وانه حبس زيدا.
وقال ابن الأثير في الكامل ان المال الذي ادعاه خالد على زيد كان ثمن ارض ابتاعها خالد من زيد ثم ردها عليه فذكر في حوادث سنة 121 قيل إن زيدا قتل فيها وقيل في سنة 122 وقيل في سبب خلافه ان زيدا وداود ابن علي بن عبد الله بن عباس ومحمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب قدموا على خالد بن عبد الله القسري بالعراق فأجازهم ورجعوا إلى المدينة فلما ولي يوسف بن عمر كتب إلى هشام بذلك وذكر ان خالد بن عبد الله ابتاع من زيد أرضا بالمدينة بعشرة آلاف دينار ثم رد الأرض عليه فكتب هشام إلى عامل المدينة ان يسيرهم إليه ففعل فسألهم هشام عن ذلك فأقروا بالجائزة وأنكروا ما سوى ذلك وحلفوا فصدقهم وأمرهم بالمسير إلى العراق ليقابلوا خالدا فساروا على كره وقابلوا خالدا فصدقهم فعادوا نحو المدينة فلما نزلوا القادسية راسل أهل الكوفة زيدا فعاد إليهم.
قال أبو الفرج في روايته فأقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة أياما وجعل يوسف يستحثه حتى خرج واتى القادسية ثم إن الشيعة لقوه فقالوا أين تخرج عنا رحمك الله ومعك مائة ألف سيف من أهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون بني أمية بها دونك وليس قبلنا من أهل الشام الا عدة يسيرة فأبى عليهم فقال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أذكرك الله يا أبا الحسين لما لحقت باهلك ولم تقبل قول أحد من هؤلاء فإنهم لا يفون ذلك أليسوا أصحاب جدك الحسين بن علي ع فأبى ان يرجع فما زالوا يناشدونه حتى رجع بعد أن أعطوه العهود والمواثيق. وقال ابن الأثير فقال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أذكرك الله يا زيد لما لحقت باهلك ولا ترجع إليهم فإنهم لا يفون لك فلم يقبل وقال له خرج بنا اسراء على غير ذنب من الحجاز إلى الشام ثم إلى الجزيرة ثم إلى العراق إلى تيس ثقيف يلعب بنا ثم قال:
بكرت تخوفني الحتوف كأنني * أصبحت عن عرض الحياة بمعزل
فأجبتها ان المنية منهل * لا بد ان أسقي بذاك المنهل
ان المنية لو تمثل مثلت * مثلي كذا إذا نزلوا بضيق المنزل
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي * اني امرؤ سأموت ان لم أقتل
استودعك الله واني أعطي الله عهدا ان دخلت يدي في طاعة هؤلاء ما عشت وفارقه واقبل إلى الكوفة فأقام بها مستخفيا ينتقل في المنازل وأقبلت الشيعة تختلف إليه تبايعه فبايعه جماعة منهم سلمة بن كهيل ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وأناس من وجوه أهل الكوفة .
وفي عمدة الطالب كان هشام بن عبد الملك قد بعث إلى مكة فأخذوا زيدا وداود بن علي بن عباس ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب لأنهم اتهموا ان لخالد بن عبد الله القسري عندهم مالا مودعا وكان خالد قد زعم ذلك فبعث بهم إلى يوسف بن عمر الثقفي بالكوفة فحلفهم ان ليس لخالد عندهم مال فحلفوا جميعا فتركهم يوسف فخرجت الشيعة خلف زيد إلى القادسية فردوه وبايعوه.
رابعها ان السبب في ذلك وشاية ابن لخالد إلى هشام بان زيدا وجماعة يريدون خلعه فاغلظ له هشام في القول وأحرجه فخرج. روى ابن عساكر في تاريخ دمشق ان ابنا لخالد بن عبد الله القسري أقر على زيد وعلي داود بن علي بن عبد الله بن عباس وأيوب بن سلمة المخزومي ومحمد بن عمر بن علي وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف انهم قد أزمعوا على خلع هشام بن عبد الملك فقال هشام لزيد قد بلغني كذا وكذا فقال ليس كما بلغك يا أمير المؤمنين قال بلى قد صح عندي ذلك قال احلف لك وان حلفت فأنت غير مصدق قال زيد ان الله لم يرفع من قدر أحد ان يحلف له بالله فلا يصدق فقال له هشام اخرج عني فقال له لا تراني الا حيث تكره فلما خرج من بين يدي هشام قال: من أحب الحياة ذل فقال له الحاجب يا أبا الحسين لا يسمعن هذا منك أحد.
خامسها ان السبب في خروجه ان أهل الكوفة كتبوا إليه فقدم عليهم. وفي تاريخ دمشق قال زكريا بن أبي زائدة لما حججت مررت بالمدينة فدخلت على زيد فسلمت عليه فسمعته يتمثل بهذه الأبيات:
ومن يطلب المال الممنع بالقنا * يعش ماجدا أو تخترمه المخارم
متى تجمع القلب الذكي وصارما * وأنفا حميا تجتنبك المظالم
وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم * فهل انا في ذا يال همدان ظالم
فخرجت من عنده فمضيت فقضيت حجتي ثم انصرفت إلى الكوفة فبلغني قدومه فاتيته فسلمت عليه وسألته عما قدم له فأخبرني عمن كتب إليه يسأله القدوم عليهم فأشرت عليه بالانصراف فلحقه القوم فردوه.
ورواه أبو الفرج في المقاتل بسنده عن زكريا الهمداني نحوه إلى اخر الأبيات ثم قال فخرجت من عنده وظننت ان في نفسه شيئا وكان من امره ما كان ويعلم مما مر ويأتي ان الذي دعا زيدا إلى الخروج انما هو إباء الضيم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا طلب ملك وامارة وانه خرج موطنا نفسه على القتل مع غلبة ظنه بأنه يقتل فاختار المنية على الدنية وقتل العز على عيش الذل كما فعل جده الحسين ع الذي سن الاباء لكل أبي.
ما جرى لزيد حين اراده أهل الكوفة على الخروج وبايعوه قال أبو مخنف: وأقبلت الشيعة وغيرهم من المحكمة يختلفون إليه ويبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصة سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة اه وقيل أحصى ديوانه أربعين ألفا.
وفي الشذرات كان ممن بايعه منصور بن المعتمر ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهلال بن خباب بن الحارث قاضي المدائن وابن شبرمة ومسعر بن كدام وغيرهم وأرسل إليه أبو حنيفة بثلاثين ألف درهم وحث الناس على نصره وكان مريضا وحضر معه من أهله محمد بن عبد الله النفس الزكية وعبد الله بن علي بن الحسين اه.
ويأتي بعد ذكر مقتله ما ذكره أبو الفرج من أسماء من عرف ممن خرج معه من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء وفيهم بعض هؤلاء.
صورة البيعة قال ابن الأثير وكانت بيعته انا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ص وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين واعطاء المحرومين وقسم هذا الفيئ بين أهله بالسواء ورد المظالم ونصرة أهل البيت أتبايعون على ذلك فإذا قالوا نعم وضع يده على أيديهم ويقول عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسول الله ص لتفين ببيعتي ولتقاتلن عدوي ولتنصحن لي في السر والعلانية فإذا قال نعم مسح يده على يده ثم قال اللهم اشهد قال أبو الفرج وأقام بالكوفة بضعة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا منها شهران بالبصرة والباقي بالكوفة ثم خرج وأرسل دعاته إلى الآفاق والكور يدعون الناس إلى بيعته قال ابن الأثير فشاع امره في الناس على قول من زعم أنه اتى الكوفة من الشام واختفى بها يبايع الناس واما على قول من زعم أنه اتى إلى يوسف بن عمر لموافقة خالد بن عبد الله القسري أو ابنه يزيد بن خالد فان زيدا أقام بالكوفة ظاهرا ومعه داود بن علي وأقبلت الشيعة تختلف إلى زيد وتأمره بالخروج ويقولون انا لنرجو ان تكون أنت المنصور وان هذا الزمان هو الذي يهلك فيه بنو أمية فأقام بالكوفة وجعل يوسف بن عمر يسأل عنه فيقال هو هاهنا ويبعث إليه ليسير فيقول نعم ويعتل بالوجع فمكث ما شاء الله ثم ارسل إليه يوسف ليسير فاحتج بأنه يحاكم بعض آل طلحة بن عبد الله لملك بينهما بالمدينة فأرسل إليه ليوكل وكيلا فلما رأى جد يوسف في امره سار حتى اتى القادسية وقيل الثعلبية فتبعه أهل الكوفة وقالوا نحن أربعون ألفا لم يتخلف عنك أحد نضرب بأسيافنا وليس هاهنا من أهل الشام الا عدة يسيرة بعض قبائلنا يكفيكهم بإذن الله تعالى وحلفوا بالايمان المغلظة وجعل يقول اني أخاف ان تخذلوني وتسلموني كما فعلتم بأبي وجدي فيحلفون له فقال له داود بن علي يا ابن عم ان هؤلاء يغرونك من نفسك أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك جدك علي بن أبي طالب حتى قتل والحسن من بعده بايعوه ثم وثبوا عليه فانتزعوا رداءه وجرحوه أو ليس قد أخرجوا جدك الحسين وبايعوه ثم خذلوه وأسلموه ولم يرضوا بذلك حتى قتلوه فلا ترجع معهم فقالوا ان هذا لا يريد ان تظهر ويزعم أنه وأهل بيته أولى منكم فقال زيد لداود ان عليا ع كان يقاتله معاوية بذهبه (بدهائه) وان الحسين قاتله يزيد والامر مقبل عليهم ولداود ان يقول له وأنت يقاتلك هشام وليس بدون يزيد فقال داود اني خائف ان رجعت معهم ان لا يكون أحد أشد عليك منهم وأنت اعلم ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة فلما رجع اتاه سلمة بن كهيل فذكر له قرابته من رسول الله ص وحقه فأحسن ثم قال له نشدتك الله كم بايعك قال أربعون ألفا قال فكم بايع جدك قال ثمانون ألفا قال فكم حصل معه قال ثلاثمائة قال نشدتك الله أنت خير أم جدك قال جدي قال فهذا القرن خير أم ذلك القرن قال ذلك القرن قال أفتطمع ان يفي لك هؤلاء وقد غدر أولئك بجدك قال قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وأعناقهم قال أفتأذن لي ان اخرج من هذا البلد فلا آمن ان يحدث حدث فلا أملك نفسي فاذن له فخرج إلى اليمامة وكتب عبد الله بن الحسن الحسني إلى زيد اما بعد فان أهل الكوفة قبح العلانية جود السريرة هرج في الرخاء جزع في اللقاء يقدمهم ألسنتهم ولا يشايعهم قلوبهم ولقد تواترت إلي كتبهم بدعوتهم فصممت عن ندائهم وألبست قلبي غشاء عن ذكرهم يأسا منهم واطراحا لهم وما لهم مثل الا ما قال علي بن أبي طالب ع ان أهملتم خضتم وان جوريتم خرتم وان اجتمع الناس على امام طعنتم وان أجبتم إلى مشاقة نكصتم فلم يصغ زيد إلى شئ من ذلك فأقام على حاله يبايع الناس ويتجهز للخروج وتزوج بالكوفة ابنة ليعقوب السلمي وتزوج أيضا ابنة عبد الله بن أبي القيس الأزدي وكان سبب تزوجه إياها ان أمها أم عمرو بنت الصلت كانت تتشيع فاتت زيدا تسلم عليه وكانت جميلة حسنة قد دخلت في السن فلم يظهر عليها فخطبها زيد إلى نفسها فاعتذرت بالسن وقالت إن لي بنتا هي أجمل مني وأبيض وأحسن دلا وشكلا فضحك زيد ثم تزوجها وكان ينتقل بالكوفة تارة عندها وتارة عند زوجته الأخرى وتارة في بني عبيس وتارة في بني نهد وتارة في بني تغلب وغيرهم إلى أن ظهر. انتهى كلام ابن الأثير.
وكان خروجه بالكوفة في ولاية يوسف بن عمر بن أبي عقيل الثقفي العراق لهشام بن عبد الملك في الشذرات ويوسف هذا هو ابن عمر أبوه عم الحجاج بن يوسف.
خروجه ومقتله :
قال أبو الفرج وابن الأثير فلما دنا خروجه امر أصحابه بالاستعداد والتهيؤ فجعل من يريد ان يفي له يستعد وشاع ذلك قال أبو الفرج فانطلق سليمان بن سراقة البارقة فأخبر يوسف بن عمر خبر فبعث يوسف فطلب زيدا ليلا فلم يوجد عند الرجلين اللذين سعي إليه انه عندهما فاتى بهما يوسف فلما كلمهما استبان امر زيد وأصحابه وامر بهما يوسف فضربت أعناقهما وبلغ الخبر زيدا فتخوف ان يؤخذ عليه الطريق فتعجل الخروج قبل الاجل الذي بينه وبين أهل الأمصار وكان قد وعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة 122 فخرج قبل الاجل فلما خفقت الراية على رأسه قال الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله اني كنت استحيي من رسول الله ص ان أرد عليه الحوض ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر وبلغ ذلك يوسف بن عمر فامر الحكم بن الصلت ان يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم فيحصرهم فيه فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة فأدخلوهم المسجد ثم نادى مناديه أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحلة فقد برئت منه الذمة ائتوا المسجد الأعظم فاتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد.
وقال ابن عساكر في حديث عن ضمرة بن ربيعة ان يوسف بن عمر لما علم بخروج زيد امر بالصلاة جامعة وبان من لم يحضر المسجد فقد حلت عليه العقوبة فاجتمع الناس وقالوا ننظر ما هذا الامر ثم نرجع فلما اجتمع الناس امر بالأبواب فاخذ بها وبنى عليهم وامر الخيل فجالت في أزقة الكوفة فمكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليال في المسجد يؤتى الناس من منازلهم بالطعام يتناوبهم الشرط والحرس فخرج زيد على تلك الحال.
وقال أبو الفرج في حديثه وطلبوا زيدا في دار معاوية بن إسحاق فخرج ليلا وذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم في ليلة شديدة البرد من دار معاوية بن إسحاق فرفعوا الهرادي فيها النيران ونادوا بشعارهم شعار رسول الله ص يا منصور أمت فما زالوا كذلك حتى أصبحوا فبعث زيد القاسم بن عمر التبعي ورجلا اخر اسمه صدام وسعيد بن خثيم ينادون بشعارهم ورفع أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني هرديا من مئذنتهم ونادى بشعار زيد فلما كانوا في صحارى عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس الكندي فشد على القاسم وعلى أصحابه فقتل صدام وارتث القاسم فاتي به الحكم ابن الصلت فقتله على باب القصر. قال أبو مخنف وقال يوسف بن عمر وهو بالحيرة من يأتي الكوفة فيقرب من هؤلاء فيأتينا بخبرهم فقال عبد الله بن العباس المنتوف الهمداني انا آتيك بخبرهم فركب في خمسين فارسا ثم اقبل حتى اتى جبانة سالم فاستخبر ثم رجع إلى يوسف خرج إلى تل قريب من الحيرة فنزل معه قريش وأشراف الناس وأمير شرطته يومئذ العباس بن سعد المرادي وبعث الريان بن سلمة البلوي في نحو من ألفي فارس وثلاثمائة من القيقانية رجالة ناشبة وأصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة 218 رجالة ناشبة فقال زيد سبحان الله فأين الناس قيل هم محصورون في المسجد فقال لا والله ما هذا لمن بايعنا فتلقى عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم بن الصلت عند بعض دور الكوفة فقال يا منصور أمت فلم يرد عليه عمر شيئا فشد نصر عليه وعلى أصحابه فقتله وانهزم من كان معه واقبل زيد حتى انتهى إلى جبانة الصائديين وبها خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد في أصحابه فهزمهم ثم مضى حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعة من أهل الشام فهزمهم ثم شلهم حتى ظهر إلى المقبرة ويوسف بن عمر على التل ينظر إلى زيد وأصحابه وهم يكرون ولو شاء زيد ان يقتل يوسف لقتله. ثم إن زيدا اخذ ذات اليمين حتى دخل الكوفة فطلع أهل الشام عليهم فدخلوا زقاقا ضيقا ومضوا فيه فقال زيد لنصر بن خزيمة أتخاف على أهل الكوفة ان يكونوا فعلوها حسينية فقال جعلني الله فداك اما انا فوالله لأضربن بسيفي هذا معك حتى أموت ثم خرج بهم زيد نحو المسجد فخرج إليه عبيد الله بن العباس الكندي في أهل الشام واقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه وتبعهم زيد حتى انتهوا إلى باب الفيل وهو أحد أبواب المسجد وجعل أصحاب زيد يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون يا أهل المسجد أخرجوا وجعل نصر بن خزيمة يناديهم يا أهل الكوفة أخرجوا من الذل إلى العز إلى الدين والدنيا وجعل أهل الشام يرمونهم من فوق المسجد بالحجارة. وبعث يوسف بن عمر الريان بن سلمة في خيل إلى دار الرزق فقاتلوا زيدا قتالا شديدا وجرح من أهل الشام جرحى كثيرة وشلهم أصحاب زيد من دار الرزق حتى انتهوا إلى المسجد الأعظم فرجع أهل الشام مساء يوم الأربعاء وهم أسوأ شئ ظنا فلما كان غداة يوم الخميس دعا يوسف بن عمر الريان بن سلمة فأفف به وقال له أف لك من صاحب خيل ودعا العباس بن سعد المري المرادي صاحب شرطته فبعثه إلى أهل الشام فسار بهم حتى انتهوا إلى زيد في دار الرزق وخرج إليه زيد وعلى مجنبته نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق فلما رآهم العباس نادى يا أهل الشام الأرض فنزل ناس كثير واقتتلوا قتالا شديدا وكان رجل من أهل الشام اسمه نائل بن مرة العبسي قال ليوسف والله لئن ملأت عيني من نصر بن خزيمة لأقتلنه أو ليقتلني فأعطاه يوسف سيفا لا يمر بشئ الا قطعه فلما التقى أصحاب العباس وأصحاب زيد ضرب نائل نصرا فقطع فخذه وضربه نصر فقتله ومات نصر ثم إن زيدا هزمهم وانصرفوا بأسوأ حال فلما كان العشاء عبأهم يوسف ثم سرحهم نحو زيد فحمل عليهم زيد فكشفهم ثم اتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم شد عليهم حتى أخرجهم من بني سليم ثم ظهر له زيد فيما بين بارق وبني دوس فقاتلهم قتالا شديدا وصاحب لوائه رجل من بني سعد بن بكر يقال له عبد الصمد قال سعيد بن خثيم وكنا مع زيد في خمسمائة وأهل الشام اثنا عشر ألفا وكان بايع زيدا أكثر من اثني عشر ألفا فغدروا به إذ فصل رجل من أهل الشام من كلب على فرس له رائع فلم يزل شتما لفاطمة بنت رسول الله ص فجعل زيد يبكي حتى ابتلت لحيته وجعل يقول أما أحد يغضب لفاطمة بنت رسول الله أما أحد يغضب لرسول الله ص أما أحد يغضب لله ثم تحول الشامي عن فرسه فركب بغلة وكان الناس فرقتين نظارة ومقاتلة قال سعيد فجئت إلى مولى لي فأخذت منه مشملا كان معه ثم استترت من خلف النظارة حتى إذا صرت من ورائه ضربت عنقه وانا متمكن منه بالمشمل فوقع رأسه بين يدي بغلته ثم رميت جيفته عن السرج وشد أصحابه علي حتى كادوا يرهقوني وكبر أصحاب زيد وحملوا عليهم واستنقذوني فركبت واتيت زيدا فجعل يقبل بين عيني ويقول أدركت والله ثارنا أدركت والله شرف الدنيا والآخرة وذخرهما ونفلني البغلة.
وجعلت خيل أهل الشام لا تثبت لخيل زيد فبعث العباس بن سعد إلى يوسف بن عمر يعلمه ما يلقى من الزيدية وسأله ان يبعث إليه الناشبة فبعث إليه سليمان بن كيسان في القيقانية وهم بخارية وكانوا رماة فجعلوا يرمون أصحاب زيد وقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري يومئذ قتالا شديدا فقتل بين يدي زيد وثبت زيد في أصحابه حتى إذا كان عند جنح الليل رمي زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ فرجع ورجع أصحابه ولا يظن أهل الشام انهم رجعوا الا للمساء والليل فدخل دارا من دور أرحب وشاكر وجاءوا بطبيب يقال له سفيان مولى لبني دوس فقال له ان نزعته من رأسك مت قال الموت أيسر علي مما انا فيه فاخذ الكلبتين فانتزعه فساعة انتزاعه مات وفي عمدة الطالب قال سعيد بن خثيم تفرق أصحاب زيد عنه حتى بقي في ثلاثمائة رجل وقيل جاء يوسف بن عمر الثقفي في عشرة آلاف فصف أصحابه صفا بعد صف حتى لا يستطيع أحدهم ان يلوي عنقه فجعلنا نضرب فلا نرى الا النار تخرج من الحديد فجاء سهم فأصاب جبين زيد بن علي يقال رماه مملوك ليوسف بن عمر الثقفي يقال له راشد فأصاب بين عينيه فأنزلناه وكان رأسه في حجر محمد بن مسلم الخياط فجاء يحيى بن زيد فأكب عليه فقال يا أبتاه أبشر ترد على رسول الله وعلي وفاطمة وعلى الحسن والحسين فقال اجل يا بني ولكن اي شئ تريد ان تصنع قال أقاتلهم والله ولو لم أجد الا نفسي فقال افعل يا بني فإنك على الحق وانهم على الباطل وان قتلاك في الجنة وان قتلاهم في النار ثم نزع السهم فكانت نفسه معه.
وقال المسعودي حال المساء بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فاتي بحجام من بعض القرى فاستكتموه امره فاستخرج النصل فمات من ساعته فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش واجري الماء على ذلك وحضر الحجام مواراته فعرف الموضع فلما أصبح مضى إلى يوسف متنصحا فدله على موضع قبره فاستخرجه يوسف وبعث رأسه إلى هشام فكتب إليه هشام ان أصلبه عريانا فصلبه يوسف كذلك وبنى تحت خشبته عمودا ثم كتب هشام إلى يوسف باحراقه وذروه في الرياح اه.
وقال أبو الفرج قال القوم أين ندفنه وأين نواريه خوفا من بني أمية وعمالهم ان يمثلوا به لما يعلمون من خبث سرائرهم وعادتهم في التمثيل التي ابتدأت من يوم أحد فقال بعضهم نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء وقال بعضهم لا بل نحتز رأسه ثم نلقيه بين القتلى فقال يحيى بن زيد لا والله لا يأكل لحم أبي السباع وقال بعضهم نحمله إلى العباسية فندفنه فيها وهي على ما في القاموس بلدة بنهر الملك.
وقال سلمة بن ثابت فأشرت عليهم ان ينطلقوا إلى الحفرة التي يؤخذ منها الطين فندفنه فيها فقبلوا رأيي فانطلقنا فحفرنا له حفرتين وفيها يومئذ ماء كثير حتى إذا نحن مكنا له دفناه ثم أجريناه عليه الماء ومعنا عبد سندي وقيل حبشي كان مولى لعبد الحميد الرواسي وكان معمر بن خثم قد اخذ صفقته لزيد وقيل هو مملوك سندي لزيد وكان حضرهم وقيل كان نبطي يسقي زرعا له حين وجبت الشمس فرآهم حيث دفنوه فلما أصبح اتى الحكم بن الصلت فدلهم على موضع قبره وقال ابن عساكر اخذه رجل فدفنه في بستان له وصرف الماء عن الساقية وحفر له تحتها ودفنه وأجرى عليه الماء وكان غلام له سندي في بستان له ينظر فذهب إلى يوسف فأخبره. وقال ابن الأثير رآهم قصار فدل عليل فبعث إليه يوسف بن عمر الثقفي فاستخرجوه وحملوه على بعير قال أبو الفرج قال نصر بن قابوس فنظرت والله إليه حين اقبل به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص اصفر هروي فألقي من البعير على باب القصر كأنه جبل وقطع الحكم بن الصلت رأسه وسيره إلى يوسف بن عمر وهو بالحيرة فامر يوسف ان يصلب زيد بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق وزياد النهدي وامر بحراستهم وبعث بالرأس إلى الشام فصلب على باب مدينة دمشق ثم ارسل إلى المدينة. ثم إن يوسف بن عمر تتبع الجرحى في الدور قال المسعودي ففي ذلك اي صلب زيد يقول بعض شعراء بني أمية وهو الحكم الحكيم بن العباس الكلبي يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم من أبيات:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم أر مهديا على الجذع يصلب اه
وبعد البيت:
وقستم بعثمان عليا سفاهة * وعثمان خير من علي وأطيب
وفي البحار ان الصادق ع لما بلغه قول الحكم رفع يديه إلى السماء وهما يرعشان فقال اللهم ان كان عبدك كاذبا فسلط عليه كلبك فبعثه بنو أمية إلى الكوفة فبينما هو يدور في سككها إذ افترسه الأسد واتصل خبره بجعفر فخر لله ساجدا ثم قال الحمد لله الذي أنجزنا ما وعدنا. ورواه ابن حجر أيضا صواعقه. وقد نظم المؤلف قصيدة في الرد على الحكيم الكلبي وتوجد في القسم الأول من الرحيق المختوم ونورد هنا شيئا منها أولها:
لقد لامني فيك الوشاة وأطنبوا * وراموا الذي لم يدركوه فخيبوا أرقت
وقد نام الخلي ولم أزل * كأني على جمر الغضى أتقلب عجبت
وفي الأيام كم من عجائب * ولكنما فيها عجيب واعجب
تفاخرنا قوم لنا الفخر دونها * على كل مخلوق يجئ ويذهب
وما ساءني الا مقالة قائل * إلى آل مروان يضاف وينسب
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم أر مهديا على الجذع يصلب
فان تصلبوا زيدا عنادا لجده * فقد قتلت رسل الاله وصلبوا
وإنا نعد القتل أعظم فخرنا * بيوم به شمس النهار تحجب
فما لكم والفخر بالحرب انها * إذا ما انتمت تنمى إلينا وتنسب
هداة الورى في ظلمة الجهل والعمى * إذا غاب منهم كوكب بان كوكب
كفاهم فخارا ان احمد منهم * وغيرهم ان يدعوا الفخر كذبوا
وفي أمالي الصدوق في الحديث الثاني من المجلس 62 حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه هن محمد بن أبي عمير عن حمزة بن حمران دخلت إلى الصادق جعفر بن محمد ع فقال لي يا حمزة من أين أقبلت قلت من الكوفة فبكى حتى بلت دموعه لحيته فقلت له يا ابن رسول الله ما لك أكثرت البكاء قال ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت فقلت له وما الذي ذكرت منه فقال ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم فجاء ابنه يحيى فانكب عليه وقال له ابشر يا أبتاه فإنك ترد على رسول الله وعلى فاطمة والحسن والحسين ص قال اجل يا بني ثم دعي بحداد فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة فحفر له فيها ودفن واجري عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين ثم امر به فاحرق بالنار وذري في الرياح فلعن الله قاتله وخاذله والى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته وبه نستعين على عدونا وهو خير مستعان.
قال المفيد في الارشاد ولما قتل زيد بلغ ذلك من أبي عبد الله ع كل مبلغ وحزن له حزنا شديدا عظيما حتى بان عليه وفرق من ماله على عيال من أصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار. وفي أمالي الصدوق في الحديث 13 من المجلس 54 حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن أبي عمير عن عبد الرحمن بن سيابة قال دفع إلي أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد ألف دينار وأمرني ان اقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن علي فقسمتها فأصاب عبد الله بن الزبير أخا فضيل الرسان أربعة دنانير وفي عمدة الطالب روى الشيخ أبو نصر البخاري عن محمد بن عمير عن عبد الرحمن بن سيابة قال أعطاني جعفر بن محمد الصادق ألف دينار وأمرني ان أفرقها في عيال من أصيب مع زيد فأصاب كل رجل أربعة دنانير.
قال أبو الفرج: ووجه يوسف برأسه إلى هشام مع زهرة بن سليم فلما كان بمضيعة ابن أم الحكم ضربه الفالج فانصرف واتته جائزته من عند هشام.
وفي معجم البلدان ج 8 ص 77 عند الكة لام على مصر: وعلى باب الكورتين مشهد فيه مدفن رأس زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتل بالكوفة واحرق وحمل رأسه فطيف به الشام ثم حمل إلى مصر فدفن هناك وفي عمدة الطالب قال الناصر الكبير الطبرستاني لما قتل زيد بعثوا برأسه إلى المدينة ونصب عند قبر النبي ص يوما وليلة اه. هذا رأس ولدك الذي قتلناه بمن قتل منا يوم بدر نصبناه عند قبرك. وروى أبو الفرج باسناده عن الوليد بن محمد الموقري كنت مع الزهري بالرصافة فسمع أصوات لعابين فقال لي انظر ما هذا فأشرفت من كوة في بيته فقلت هذا رأس زيد بن علي فاستوى جالسا ثم قال أهلك أهل هذا البيت العجلة فقلت له أويملكون قال حدثني علي بن حسين عن أبيه عن فاطمة ان رسول الله ص قال لها المهدي من ولدك.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن الوليد بن محمد الموقري قال كنا على باب الزهري إذ سمع جلبة فقال ما هذا يا وليد فنظرت فإذا رأس زيد يطاف به بيد اللعابين فأخبرته فبكى وقال أهلك أهل هذا البيت العجلة قلت ويملكون قال نعم حدثني علي بن الحسين عن أبيه ان رسول الله ص قال لفاطمة أبشري المهدي منك اه وأقول ما أهلك أهل هذا البيت العجلة ولا نفعهم الابطاء وانما أهلكهم يوم معلوم مشهور كان السبب الأول لغصب حقوقهم وسفك دمائهم وان يحكم فيهم من لهم الحكم فيه ومن اجله دفنت الزهراء سرا وفيه قتل علي بن أبي طالب لا في التاسع عشر من شهر رمضان وفيه سم الحسن وفيه أصيب الحسين كما قال القاضي ابن أبي قريعة لا في يوم عاشورا وفيه قتل زيد وابنه يحيى وعبد الله بن الحسن وأهل بيته والحسين صاحب فخ وسائر آل أبي طالب.
قال أبو الفرج: وامر يوسف بن عمر بزيد فصلب بالكناسة عاريا وصلب معه من أصحابه معاوية بن إسحاق وزياد النهدي ونصر بن خزيمة العبسي ومكث مصلوبا أربع سنين إلى أيام الوليد بن يزيد سنة 126 وفي رواية ان الفاختة عششت في جوفه فلما ظهر يحيى بن زيد كتب الوليد إلى يوسف اما بعد فإذا اتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فاحرقه وانسفه في اليم نسفا والسلام فامر يوسف عند ذلك خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار ثم جعله في قواصر ثم حمله في سفينة ثم ذراه في الفرات اه.
وقال المسعودي: ذكر أبو بكر بن عياش وجماعة ان زيدا مكث مصلوبا خمسين شهرا عريانا فلم ير له أحد عورة سترا من الله له وذلك بالكناسة بالكوفة فلما كان في أيام الوليد بن يزيد بن عبد الملك وظهر ابنه يحيى بن زيد بخراسان كتب الوليد إلى عامله بالكوفة ان أحرق زيدا بخشبته ففعل به ذلك وأذرى في الرياح على شاطئ الفرات قال ابن عساكر صلب عاريا فنسجت العنكبوت على عورته اه وقيل تدلت قطعة لحم منه فسترت عورته.
ورأى جرير بن حازم كما في مقاتل الطالبيين وتهذيب التهذيب النبي ص في المنام وهو متساند إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس أهكذا تفعلون بولدي. وقال ابن عساكر ان الموكل بخشبته رأى النبي ص في النوم وقد وقف على الخشبة وقال هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بني يا زيد قتلوك قتلهم الله صلبوك صلبهم الله فخرج هذا في الناس فكتب يوسف بن عمر إلى هشام ان عجل إلى العراق فقد فتنوا فكتب إليه هشام ان أحرقه بالنار. وجازي الله يوسف بن عمر على سوء فعلته في دار الدنيا والعذاب الآخرة أشد وأبقى فإنه لما ولي يزيد بن الوليد استعمل على العراق منصور بن جهور فلما كان بعين التمر كتب إلى من بالحيرة من قواد أهل الشام يأمرهم يأخذ يوسف وعماله فعلم بذلك يوسف فتحير في امره ثم اختفى عند محمد بن سعيد بن العاص فلم ير رجل كان مثل عتوه خاف خوفه ثم هرب إلى الشام فنزل البلقاء فلما بلغ خبره يزيد بن الوليد وجه إليه خمسين فارسا فوجدوه بين نسوة قد القين عليه قطيفة خز وجلسن على حواشيها حاسرات فجروا برجله وأخذوه إلى يزيد فوثب عليه بعض الحرس فاخذ بلحيته ونتف بعضها وكانت تبلغ إلى سرته فحبسه يزيد وبقي محبوسا ولاية يزيد وشهرين وعشرة أيام من ولاية إبراهيم ثم قتل في الحبس هذا مختصر ما في كامل ابن الأثير.
والتمثيل بالقتيل بعد الموت يدل على خسة النفوس وخبثها والرجل الشريف النبيل يكتفي عند الظفر بخصمه بقتله ان لم يكن للعفو موضع وتأنف نفسه ويأبى له كرم طباعه التمثيل بعدوه ولو كان من اعدى الأعداء بل لا يسلبه ثيابه ولا درعه كما فعل أمير المؤمنين علي ع حين قتل عمرو بن عبدو واستدلت أخته بذلك على أن قاتل أخيها رجل كريم وقال له بعض الأصحاب هلا سلبته درعه فإنها داودية فقال كلا ان عمرا رجل جليل وافتخر بذلك فقال:
وعففت عن أثوابه ولو انني كنت المجدل بزني أثوابي ونهى رسول الله ص عن المثلة ولو بالكلب العقور وكانت بسيرة بني أمية رجالهم ونسائهم وسيرة عمالهم المقتدين بهم والمتبعين لأوامرهم التمثيل بالقتلى من أخصامهم فمثلت هند ابنة عتبة أم معاوية وزوجة أبي سفيان بقتلى أحد واتخذت من آذان الرجال وآنافهم خدما وقلائد وبقرت عن كبد حمزة واخذت منها قطعة فلاكتها فلم تستطع ان تسيغها فلفظتها وسميت آكلة الأكباد وعير بنوها بذلك إلى آخر الدهر وسموا بني آكلة الأكباد وامر أمير المؤمنين على ع ولده ان يدفنوه ليلا ويخفوا قبره خوفا من بني أمية ان ينبشوه ويمثلوا به لما علمه بما سمعه من الرسول ص من دولتهم ومثل دعي بني أمية وابن دعيهم وهانئ بن عروة ومثل ابن سعد بأمر الدعي ابن الدعي بالحسين سبط رسول الله ص وريحانته يوم كربلاء وبأهله وأصحابه ومثلوا بزيد بن علي أفظع المثلة كما سمعت فدلوا بذلك على خبث سرائرهم وخسة نفوسهم ودنائتها وبعدهم عن الشهامة ومكارم الأخلاق وسمو الصفات.
ملكنا فكان العفو منا سجية * فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى ولم نزل * نعف عن العاني الأسير ونصفح
وحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل اناء بالذي فيه ينضح
ولئن أحرق هشام عظام زيد بنار الدنيا فقد سلط الله عليه وعلى أهل بيته من بني العباس من نبشهم وأحرقهم بنار الدنيا واحرق الله هشاما وأهل بيته لظلمهم والحادهم بنار الآخرة التي لا أمد لها.
قال المسعودي: حكى الهيثم بن عدي الطائي عن عمر بن هانئ قال خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح فانتهينا إلى قبر هشام فاستخرجناه صحيحا ما فقدنا منه الا حثمة أنفه فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه واستخرجنا سليمان من ارض دابق فلم نجد منه شيئا الا صلبه وأضلاعه ورأسه فأحرقناه وفعلنا ذلك بغيرهما من بني أمية وكانت قبورهم بقنسرين ثم انتهينا إلى دمشق فاستخرجنا وليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلا ولا كثيرا واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا الا شؤون رأسه ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا فيه الا عظما واحدا ووجدنا مع لحده خطا اسود كأنما خط بالرماد في الطول في لحده ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم. قال المسعودي: وانما ذكرنا هذا الخبر في هذا الموضع لقتل هشام زيد بن علي وما نال هشاما من المثلة وما فعل بسلفه من الاحراق كفعله بزيد بن علي اه. لكنه لم يذكر مؤسس ملكهم العضوض باسمه وان دخل في عموم قوله ولا شك انه فعل به ما فعل بهم وعدم التصريح به لأمر ما. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 2 ص 205 قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي بن عبد الله في سنة 605 وقلت له اما احراق هشام باحراق زيد فمفهوم فما معنى جلده ثمانين سوطا فقال رحمه الله أظن عبد الله بن علي ذهب في ذلك إلى حد القذف لأنه يقال انه قال لزيد يا ابن الزانية لما سب أخاه محمد الباقر ع فسبه زيد وقال له سماه رسول الله ص الباقر وتسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار وهذا استنباط لطيف اه.
قال ابن الأثير ثم إن يوسف بن عمر خطب الناس بعد قتل زيد وذمهم وتهددهم.
جماعة ممن تابع زيد بن علي من أهل الفضل والعلم في مقاتل الطالبيين: تسمية من عرف ممن خرج مع زيد بن علي ع من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء ثم عد من جملتهم:
الامام أبا حنيفة امام المذهب فروى بسنده عمن سمع محمد بن محمد في دار الامارة يقول رحم الله أبا حنيفة لقد تحققت مودته لنا في نصرته زيد بن علي وفعل بابن المبارك في كتمانه فضائلنا ودعا عليه. وبسنده عن الفضيل بن الزبير ص 59 قال أبو حنيفة من يأتي زيدا في هذا الشأن من فقهاء الناس قلت سلمة بن كهيل وعد معه جماعة من الفقهاء فقال لي قل لزيد لك عندي معونة وقوة على جهاد عدوك فاستعن بها أنت وأصحابك في الكراع والسلاح ثم بعث ذلك معي إلى زيد فأخذه زيد ومر في ترجمة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ما فعله الإمام أبو حنيفة من الدعاء إليه ومعونته بالمال وما قاله للمرأة التي قتل ابنها مع إبراهيم وغير ذلك إذن فأبو حنيفة زيدي ولهذا كانت فرقة من الزيدية على مذهب الامام أبي حنيفة ويأتي عند الكلام على الزيدية زيادة في ذلك، ومنهم منصور بن المعتمر ومحمد بن أبي ليلي جاء منصور يدعو إلى الخروج مع زيد بن علي وبيعته وابطا عن زيد لما بعثه يدعو إليه فقتل زيد ومنصور غائب فصام سنة يرجو ان يكفر ذلك عن تأخره.
ومنهم يزيد بن أبي زياد مولى بني هاشم صاحب عبد الرحمن بن أبي ليلى قال عبدة بن كثير السراج الجرمي قدم يزيد الرقة يدعو الناس إلى بيعة زيد بن علي وكان من دعاته واجابه ناس من أهل الرقة وكنت فيمن اجابه.
وروى أبو الفرج بسنده إلى عبدة بن كثير الجرمي كتب زيد بن علي إلى هلال بن حباب وهو يومئذ قاضي المدائن فاجابه وبايع له.
وبسنده عن سالم بن أبي الجعد أرسلني زيد بن علي إلى زبيد اليامي أدعوه إلى الجهاد معه.
وبسنده عن أبي عوانة فارقني سفيان على أنه زيدي.
وبسنده كان رسول زيد إلى خراسان عبدة بن كثير الجرمي والحسن بن سعد الفقيه.
وبسنده عن شريك قال إني لجالس عند الأعمش انا وعمرو بن سعيد أخو سفيان بن سعيد الثوري إذ جاءنا عثمان بن عمير أبو اليقظان الفقيه فجلس إلى الأعمش فقال أخلنا فان لنا إليك حاجة فقال وما خطبكم هذا شريك وهذا عمرو بن سعيد اي انهما ليس دونهما سر أذكر حاجتك فقال أرسلني إليك زيد بن علي أدعوك إلى نصرته والجهاد معه وهو من عرفت قال اجل ما أعرفني بفضله اقرئاه مني السلام وقولا له يقول لك الأعمش لست أثق لك جعلت فداك بالناس ولو انا وجدنا لك ثلاثمائة رجل أثق بهم لغيرنا لك جوانبها وقال ابن عساكر قيل للأعمش أيام زيد لو خرجت فقال ويلكم والله ما اعرف أحدا اجعل عرضي دونه فكيف اجعل ديني دونه. قال وكان سلمة بن كهيل من أشد الناس قولا لزيد ينهاه عن الخروج وكان أبو كثير يضرب بغله ويقول الحمد لله الذي سار بي تحت رايات الهدى يعني رايات زيد وقال مغيرة كنت أكثر الضحك فما قطعه الا قتل زيد اه.
وفي هذه الأخبار دلالة على أن أكثر الخاصة كانت ناقمة على بني أمية اما العامة فهم اتباع الدنيا في كل عصر وان زيدا رضوان الله عليه لم يأل جهدا في بث الدعاية.
الذين روى عنهم والذين رووا عنه :
في تهذيب التهذيب روى عن أبيه وأخيه أبي جعفر وابان بن عثمان وعروة ابن الزبير وعبيد الله بن أبي رافع وعنه ابناه حسين وعيسى وابن أخيه جعفر بن محمد والزهري والأعمش وشعبة ابن الحجاج وسعيد بن خثيم وإسماعيل السدي وزبيد اليامي وزكريا بن أبي زائدة وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة وأبو خالد عمر وابن خالد الواسطي وابن أبي الزناد وعدة اه وفي الشذرات اخذ عنه أبو حنيفة كثيرا أقول وذكر رواية جعفر بن محمد الصادق عنه أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق فان أرادا روايته عنه في احكام الدين فالصادق ع لم يكن يأخذها عن غير آبائه عن رسول الله ص عن جبرائيل عن الله تعالى وان أرادا غيرها فيمكن.
ما اثر عنه من المواعظ والحكم والآداب ونحوها :
عن أبي المؤيد موفق بن أحمد المكي الملقب بأخطب خوارزم انه ذكر في مقتله انه قيل لزيد بن علي الصمت خير أم الكلام فقال قبح الله المساكتة ما أفسدها للبيان وأجلبها للعي والحصر والله للممارات أسرع في هدم الفتى من النار في يبس العرفج ومن السيل إلى الحدور اه. فقد فضل الكلام على السكوت وذم المماراة فالكلام أفضل بشرط ان لا يكون مماراة ونقل ان زيد بن علي كان إذا تلا هذه الآية وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم يقول إن كلام الله هذا تهديد وتخويف ثم يقول اللهم لا تجعلنا ممن تولى عنك فاستبدلت به بدلا. وروي عن زيد بن علي انه قال صرفت مدة ثلاث عشرة سنة من عمري في قراءة القرآن فما وجدت آية من كتاب الله يفهم منها الرخصة في طلب الرزق اه.
أقول كأنه رضي الله عنه نظر إلى الآيات المتضمنة ان الله تعالى تكفل بالرزق وهي أكثر الآيات كقوله وما من دابة الا على الله رزقها. الله الذي خلقكم ثم رزقكم. ان الله يرزق من يشاء بغير حساب فرأى أنه ليس فيها امر بطلب الرزق وغفل عن الآيات التي امر فيها بذلك وان كانت أقل كقوله تعالى وامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله وغير ذلك.
وقال بعض المعاصرين: ليس معنى هذا الكلام ان الإنسان غير مأمور بطلب الرزق حتى ينافي الأخبار الآمرة بطلب الرزق وعدم استجابة دعاء من يقول رب ارزقني ولا يسعى في طلب الرزق بل المقصود انه ليس من المناسب للسلطنة الإلاهية ان يقول الله تعالى انا خلقتكم فاذهبوا فتكفلوا تحصيل رزقكم بأنفسكم لذلك نسب الرزق إليه تعالى في الآيات المتقدمة اه. ولكن زيدا رضي الله عنه انما قال لم يجد في القرآن لا في الروايات. واما دعوى انه ليس من المناسب للسلطنة الإلاهية ان يقول الله ذلك فدعوى غير صحيحة فقوله تعالى اذهبوا فتكفلوا تحصيل الرزق بأنفسكم ان لم يكن مؤيدا للسلطنة الإلاهية فليس منافيا على أنه قد أمرهم بذلك في الآيتين السالفتين اما الآيات التي أسندت الرزق إليه تعالى فالمراد بها والله أعلم ان كل شئ بتسبيبه وارادته وتوفيقه فلا منافاة بينها وبين الامر بطلب الرزق.
في كفاية الأثر ص 86 عن محمد بن بكير انه قال دخلت على زيد بن علي وعنده صالح بن بشر فسلمت عليه وهو يريد الخروج إلى العراق فقلت له يا ابن رسول الله حدثني بشئ سمعته عن أبيك فقال حدثني أبي عن جده عن رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين انه قال من أنعم الله عليه بنعمة فليحمد الله ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله ومن أحزنه امر فليقل لا حول ولا قوة الا بالله قال محمد بن بكير قلت يا ابن رسول الله زدني قال حدثني أبي عن جدي رسول الله ص انه قال أربعة انا لهم الشفيع يوم القيامة المكرم لذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في أمورهم عند اضطرارهم إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه قال ابن بكير يا ابن رسول الله حدثني عن هذه الفضائل التي أنعم الله بها عليكم فقال حدثني أبي عن جده عن رسول الله ص انه قال من أحبنا أهل البيت في الله حشر معنا وأدخلناه معنا الجنة يا ابن بكير من تمسك بنا فهو معنا في الدرجات العلى يا ابن بكير ان الله تبارك وتعالى اصطفى محمدا ص واختارنا له ذرية فلولانا لم يخلق الله الدنيا والآخرة يا ابن بكير بنا عرف الله وبنا عبد الله ونحن السبيل إلى الله وعن الأمالي عن زيد بن علي عن أمير المؤمنين ع انه قال سادة الناس في الدنيا الأسخياء. وعنه عن زيد بن علي عن أمير المؤمنين عن رسول الله ص انه قال إن الله تعالى بعث مائة وأربعة وعشرين ألف نبي وانا أكرمهم عند الله ولا فخر وجعل الله عز وجل مائة وأربعة وعشرين ألف وصي وعلي أكرمهم وأفضلهم عند الله تعالى. وعن الأمالي عن زيد بن علي انه سئل عن معنى قوله ص من كنت مولاه فعلي مولاه فقال نصبه علما ليعلم به حزب الله عند الفرقة.
وفي تاريخ ابن عساكر قال له مطلب بن زياد يا زيد أنت الذي تزعم أن الله أراد ان يعصى فقال له زيد أفعصي عنوة فاقبل يخطر من بين يديه اه ومعنى ذلك أن الإرادة بمعنى عدم المنع لا بمعنى المحبة قال وقال في قوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى ان من رضائه ص ان يدخل أهل بيته الجنة وقال المروءة انصاف من دونك والسمع إلى من فوقك والرضى بما اتي إليك من خير أو شر وقال لابنه يحيى ان الله لم يرضك لي فأوصاك بي ورضيني لك فلم يوصني بك يا بني خير الاباء من لم تدعه المودة إلى الافراط وخير الأبناء من لم يدعه التقصير إلى العقوق.
وفي كتاب لباب الآداب تأليف الأمير أسامة بن مرشد بي علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني صاحب قلعة شيزر ما لفظه: قال المدائني قال زيد بن علي لأصحابه: أوصيكم بتقوى الله فان الموصي بها لم يدخر نصيحة ولم يقصر في الابلاغ فاتقوا الله في الامر الذي لا يفوتكم منه شئ وان جهلتموه وأجملوا في الطلب ولا تستعينوا بنعم الله على معاصيه وتفكروا وأبصروا هل لكم قبل خالقكم من عمل صالح قدمتموه فشكره لكم فبذلك جعلكم الله تعالى من أهل الكتاب والسنة وفضلكم على أديان آبائكم ألم يستخرجكم نطفا من أصلاب قوم كانوا كافرين حتى بثكم في حجور أهل التوحيد وبث من سواكم في حجور أهل الشرك فبأي سوابق أعمالكم طهركم الا بمنه وفضله الذي يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم اه.
ما روي عنه من الشعر :
قال المرتضى في كتاب الفصول المختارة من المجالس والعيون والمجلس للمفيد: الفصل الخامس حدثني الشيخ قال وجدت عن الحسين بن زيد علي ع بواسط فذكر قوم الشيخين وعليا فقدموهما عليه فلما قاموا قال لي زيد قد سمعت كلام هؤلاء وقد قلت أبياتا فادفعها إليهم وهي:
من شرف الأقوام يوما برأيه * فان عليا شرفته المناقب
وقول رسول الله والحق قوله * وان رغمت منهم أنوف كواذب
بأنك مني يا علي معالنا * كهارون من موسى أخ لي وصاحب
دعاه ببدر فاستجاب لامره * وما زال في ذات الاله يضارب
فما زال يعدوهم به وكانه * شهاب تلقاه القوابس ثاقب
ورواه الخزاعي في كتاب الأربعين عن الأربعين بسنده عن سلام مولى زيد بن علي كما ذكرناه في ترجمة محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري ومن قوله ثوى باقر العلم في ملحد الخ وقوله نحن سادات قريش الخ وقوله مهلا بني عمنا وقوله شرده الخوف ومما نسب إليه قوله:
لو يعلم الناس ما في العرف من شرف * لشرفوا العرف في الدنيا على الشرف
وبادروا بالذي تحوي أكفهم * من الخطير ولو أشفوا على التلف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ثبط بفتح الثاء وكسر الباء اي ثقل وبطئ.
- المؤلف - (1) هذا الكلام لا يخلو من اغلاق ولعله لذلك لم يفسره المازندراني ولعله وقع فيه تحريف وان كان حاصله معلوما وهو انه إذا انتهت مدة الملك وقع فيه الخلل وأمكن للغير الاستيلاء عليه وأعقب في الملك والرعية الذل والصغار.
(2) هذا الكلام رد على من يجوز عدم عصمة الامام وعدم كونه اعلم رعيته.
(3) قال الفاضل المازندراني المراد النسبة المعنوية وهي النسبة في العلم والعمل ورياسة الدارين واما النسبة الصورية فالظاهر أنه لم ينكرها أحد.
(4) إشارة إلى الغلاة.
- المؤلف -
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|