أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-04-2015
4366
التاريخ: 25-04-2015
1761
التاريخ: 27-09-2015
2501
التاريخ: 22-12-2014
2982
|
هو يؤمن بإمكان المعرفة وقابلية الإنسان على إدراك القرآن وفهمه ، ثمّ
يعود لتوزيع الفهم إلى مراتب تبتدئ من حد أدنى يشترك فيه بنو الإنسان جميعا وصولا إلى
حد أقصى متمثلا بمن خوطب به تلقّيا عن صاحب الخطاب نفسه.
إنّ إيمان هذا الاتجاه بأصل إمكان المعرفة ، ثمّ بتفاوتها وتعدد مراتب
الفهم بين حد أدنى وأقصى هو الذي أوحى إلينا تسميته بالاتجاه المركب.
يصدّر الإمام هذا المعنى ويقرّبه بقوله : «لقد جاء القرآن والحديث لمختلف
طبقات الناس. إنّ فيهما علوما يفهمها المختصون بالوحي ولا نصيب لبقية الناس فيها.
وثمّ علوم مختصة بالرعيل الأوّل من العلماء والآخرون محرومون منها بالكامل ، كما هو
الحال في البراهين الدالة على تجرّد الواجب وإحاطته القيومية ، فإذا ما جلتم النظر
بجميع القرآن لا تستطيعون أن تستفيدوا مثل هذه المسائل من القرآن ، لكن أهلها مثل الفيلسوف
الكبير صدر المتألهين وتلميذه الجليل الفيض الكاشاني يستخرجون العلوم العقلية العالية
من تلك الآيات والأخبار التي لا يفهم أمثالكم منها أي شيء» (1).
في نص آخر يرسم الإمام المسافة الفاصلة بين الحد الأدنى المشترك بين الناس
والحد الأقصى ، بقوله : «يحتوي القرآن على كلّ شيء ، إذ فيه أحكام شرعية ظاهرية ، وفيه
قصص لا نستطيع أن نفهم لبابها وإنّما نفهم ظواهرها. هذه [المعاني] للجميع لا تختص
بأحد ، بل هي ممّا يستفيد منه الكل. أمّا الاستفادة كما ينبغي فلا تحصل [للجميع] بل
يتوفر عليها رسول اللّه نفسه بحسب مبدأ : «إنّما يعرف القرآن من خوطب به» (2).
يمكن تلخيص المبدأ الذي يصدر عنه الإمام في هذه الرؤية ، من خلال قوله
:
«إنّ القرآن والكتاب الإلهي مائدة واسعة ممتدة بحيث يستفيد منه الجميع
، لكن كلّ يستفيد بحسبه ، والكتاب الإلهي والأنبياء العظام ركزوا أساسا على تنمية المعرفة»
(3).
إذا كان الإنسان العادي هو نقطة البدء في المعرفة القرآنية تبعا لإمكاناته
الإدراكية وسعته الوجودية والفكرية ، فإنّ هذه المعرفة تتدرج على خط صاعد لتبلغ الذروة
مع الإنسان الكامل الذي يتوفر على الفهم الكامل لكتاب اللّه سبحانه ، وذلك بناء على
السعة الوجودية المفتوحة التي يحظى بها الإنسان الكامل ، وطبيعة الموقع الذي يتمتع
به في المنظومة المعرفية للإمام الخميني ، التي يتبع بها منهج أهل المعرفة.
يقول سماحته : «اعلم أنّ الإنسان الكامل هو مثل اللّه الأعلى ، وآيته الكبرى
، وكتابه المستبين ، والنبأ العظيم. وهو مخلوق على صورته ، ومنشؤه بيدي قدرته ، وخليفة
اللّه على خليقته ، ومفتاح باب معرفته ، من عرفه فقد عرف اللّه ، وهو بكلّ
صفة من صفاته وتجلّ من تجلياته آية من آيات اللّه» (4).
انطلاقا من هذا الموقع الذي يحظى به الإنسان الكامل في المنظومة الوجودية
، سيكون المؤهل الوحيد للمعرفة القرآنية الكاملة ، والإدراك الكنهي التام لكتاب اللّه.
هذا المعنى يقرّبه الإمام عبر النص التالي : «لا يستطيع المحدود أن يحيط
بغير المحدود إلّا أن يكون هو نفسه غير محدود. الإنسان الكامل غير محدود؛ هو غير محدود
بجميع صفاته ، وهو ظلّ الذات الإلهية المقدسة ، ومن ثمّ فهو الذي يستطيع أن يدرك الإسلام
كما هو ، وأن يدرك الإنسان كما هو ، وأن يدرك البعثة كما هي ، وأن يدرك القرآن كما
هو ، وأن يدرك العالم كما هو.
أجل ، إنّ للآخرين إدراكا يتناسب مع مرتبتهم الوجودية ، وإنّ لهم حصيلة
إدراكية تتناسب مع مرتبتهم الكمالية ، بيد أنّها محدودة. ينبغي لهم أن يسيروا ، وأن
يطووا مراتب الكمال واحدة بعد اخرى ، لكي يكون بمقدورهم أن يدركوا من هذه الحقائق
، ومن بينها البعثة [ونزول القرآن] بحسب ما لهم من الكمال» (5).
على وفق هذه المنظومة يكون الإنسان الكامل هو الوحيد الذي يبلغ مرتبة الحد
الأقصى من فهم القرآن ، بحكم التكافؤ الوجودي بين الاثنين ، عند ما يتحول الحديث من
المفهوم إلى المصداق.
فمن الواضح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو المصداق الأوفى
للإنسان الكامل يتبعه الأئمة المعصومون من أهل بيته عليهم السّلام. وعندئذ فإنّ المرتبة
القصوى من مرتبة القرآن العزيز تلتمس عند النبي وأهل بيته.
يوضح الإمام هذا المعنى بقوله : «القرآن نعمة يستفيد منها الجميع ، بيد
أنّ الاستفادة التي يخرج بها النبي الأكرم هي غير الاستفادة التي يخرج بها الآخرون
«إنّما يعرف القرآن من خوطب به» (6). إنّ الآخرين
لا يدرون ، وما لدينا لا يزيد على أن يكون مجرد ذرة ، وشيء تافه ، وضرب من الخيال .
إنّ الذي نزل عليه القرآن هو الذي يعرف الأمر؛ يعرف كيف نزل ؟ وما ذا كانت عليه كيفية
النزول؟
يعرف ما هو المقصد من هذا النزول ، وما هو محتواه ، وما هي الغاية من هذه
العملية» (7).
أخيرا نختم بنص يوضح فيه الإمام الحدّين معا ، بقوله : «حدّ القرآن [الأقصى]
هو : «إنّما يعرف القرآن من خوطب به» ، ومقولة : «يعرف القرآن من خوطب به» ترتبط بنحو
من الآيات ، وإلّا فإنّ بعض الآيات التي ترتبط بالأحكام الظاهرية وبالنصائح يفهمها
الجميع» (8). على أنّ هذا المعنى الذي يفيد توزّع
المعرفة القرآنية على أقسام بحيث تستوعب بني الإنسان جميعا ، هو ممّا يمكن استلهامه
من كلام للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ، يقول فيه : «ثمّ إنّ اللّه قسّم كلامه
ثلاثة أقسام :
فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه
ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممّن شرح صدره للإسلام ، وقسما لا يعلمه إلى اللّه وملائكته
والراسخون في العلم» (9).
_______________
(1)- كشف الأسرار : 323.
الجدير بالتنبيه أنّ الإمام كان في هذا النص والكتاب عامة يحاجج مؤلف كتاب
«أسرار هزار ساله» ويردّ عليه. وفي هذه الفقرة بالذات كان يرد عليه بما ذهب إليه من
وجود الغموض في بعض الأحاديث ، حيث علل الإمام ذلك على أساس تفاوت معاني النصوص تبعا
لتفاوت أفهام الناس واختلاف إدراكاتهم ، وإنّ القرآن والحديث يستويان في ذلك.
(2)- تفسير سورة حمد : 138-
139.
(3)- صحيفه امام 19 : 115.
(4)- شرح دعاء السحر : 56.
(5)- صحيفه امام 12 : 420- 421.
(6)- وسائل الشيعة 27 : 185 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب
13 ، الحديث 25.
(7)- صحيفه امام 19 : 355- 356.
(8)- نفس المصدر 18 : 262.
(9)- وسائل الشيعة 27 : 194 ،
كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، باب 13 ، الحديث 44.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|