أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
2250
التاريخ: 29-09-2015
2389
التاريخ: 27-7-2017
2824
التاريخ: 27-7-2017
10045
|
لكي تتميز الصورة الشعرية عن أنواع الفنون الأخرى وتزداد وضوحًا في ذاتها ينبغي أن نذكر كل نوع مما يعين على التمايز وتوضيح المفهوم للصورة الشعرية، ويلتقي فن التصوير في الشعر والرسم التصويري والتشكيلي والموسيقى في عدة أمور:
أ- إنها جميعًا صور تحاكي الطبيعة بما فيها أقوال الناس وأفعالهم سواء أكانت هذه الطبيعة تحاكي مثالًا في عالم المثل كالأفلاطونية، أو هي نفسها المثال ولا تحاكي شيئًا، كما عند أرسطو، الذي رأى أن الفنانين في عملهم يختلقون ويبتكرون أعمالهم الفنية، وليس من الضروري أن تكون المحاكاة مطابقة تماما للمثال وهي الطبيعة(1).
ب- الجمال هو الغاية من هذه الفنون أولًا، ثم يلي ذلك الخير والفائدة.
ج- مقياس الجمال فيها يرجع إلى الذوق لا إلى قواعد عقلية وحدود منطقية.
د- الجمال يرتبط فيها بصورة محسة منها لا بكل الصور، بخلاف العلم الذي يستقرئ الجزئيات والصورة وما بينها من شبه، ليقرر قاعدة عقلية عامة.
هـ- هذه الفنون تظهر فيها الشخصية والإبداع الفردي، ولذلك نسب العلماء والنقاد الاختراع فيها إلى الإلهام.
و فنا التصوير في الشعر والموسيقى يتفقان في اعتمادهما على الصوت، بما يحوي من خصائص في الطول والقصر، أو الشدة واللين ويستعيض الرسم عن الصوت بالألوان والأصباغ.
س- كل منها رمز، يعبر عن حالة شعورية معينة عند المبدع لهذه الصور المختلفة ولكل من هذه الفنون خصائص تنفرد بها عن غيرها:
أولًا: تعاقب الحركات
الصورة الأدبية والموسيقى تتوالى فيها الحركة بعد الأخرى وتتعاقب في سرعة ولا تكتفيان بحركة واحدة؛ لأن الكلمة في الصورة مثل "المستقبل" مثلًا، تضم عدة توقيعات: ال -مس- تق- بل: وكل توقيعة تشتمل على حركة وسكون، وتستغرق لحظة من الزمن وتتوالى التوقيعات بتوالي الزمن، ويتبع ذلك توالي الحركات لكل مقطع وهكذا في كل كلمة. وهذا من ناحية المدلول الصوتي للكلمة، ولها أيضًا مدلول معنوي يدل على الحركة كما يفيده الفعل المضارع مثلًا في قولنا: "يدرج" فإنه يفيد الاستمرار في الحركة.
وفي الموسيقى التوقيعات الصوتية المبتكرة، في تتابع يوحي بالحركة. وليس فيها مدلول يفيد الحركة، كما يدل عليها الفعل المضارع في الصورة الأدبية، ونكتفي بالحركة الصوتية فقط لا الدلالية.
وبعض النقاد يسمي التوقيعات الصوتية بالتشكيل الزماني(2) والبعض يسميه بالحركات النفسية؛ لأن الشعر حركة وزمن وهو الفرق بين الشاعر والمصور(3).
أما الرسم التصويري فإن استطاع المصور عند حركة منفردة؛ لذلك كانت وظيفة التصوير أن تعطينا المنظر دفعة واحدة، بخلاف الشعر فيعطينا إياه على دفعات كل دفعة تمثل حركة نفسية(4).
ثانيًا: الموقع
الشعر يعتمد على الموقع كما يعتمد على الحركة؛ لأنه فن زماني ومكاني معًا، فالكلمة السابقة تأخذ موقعًا في مرأى العين ودلالة في نفس المتلقي، وتتخذ لنفسها مكانًا في التركيب، يضفي عليها معنى آخر، أما فن الرسم فهو مكاني صرف؛ لأن الرسام يختار حيزًا ومكانًا من الطبيعة، لتعمل فيه ريشته أو إزميله، وأما الموسيقى فلا حظ لها من المكان والدلالة؛ لأنها سمعية فقط، تعتمد على التوقيعات الصوتية "الزمنية"، التي تتوالى وتتردد على طبلة الأذن، وعلى ذلك فالمادة عند الشاعر هي اللغة وقد تم تشكيلها.
وعند الرسام اللون مثلًا وهو مادة غفل لا تظهر إلا في توزيعها على رقعة الرسم. وهنا تظهر براعة الشاعر في تجاوزه ظاهر مادته الحسية إلى ما وراءها من الرموز والمشاعر ليصنع منها تركيبًا فنيًّا زاخرًا بالمشاعر والأحاسيس، بينما الرسام يعتمد في تشكيله للصورة على ظاهر المادة المحسوسة(5)، ولذلك تبدو صعوبة التصوير الشعري ومقدار ما يعانيه الشاعر من جهد، ومن هنا كانت أهمية الصورة الشعرية لما تزخر من معاني إنسانية فياضة ولا يحوي الرسم إلا وحيًا ضئيلًا منها عند نوابغ الرسامين أو المثالين.
ثالثًا: تصوير القبيح
الرسام التصويري أو التشكيلي يهتم في معظم أحواله بتصوير المناظر الحسنة، وإن صور المناظر القبيحة، فإنه يبعث الناظر على النفور والاشمئزاز؛ لأنه يعطي المنظر دفعة واحدة فيهجم على المتلقي ويفاجئه بدمامته، فتتقزز نفسه؛ "لأن المصور يستطيع أن يجمع على اللوح كل مكونات الدمامة فتأخذها العين دفعة(6)"، وإن وقع له إعجاب بتصوير القبيح، فإنما يرجع إلى عبقرية الفنان "عن طريق إبداعه الفني لا عن طريق الموضوع القبيح؛ لذلك ينتهي الإعجاب سريعًا. بمجرد التحول عن الصورة المرسومة بينما الشعر يصور القبيح على فقرات وفي بطء، وليس دفعة واحدة، ولذا لا يحس المتلقي بقبح الصورة؛ لأنها جاءت مقطعة الأوصال "التنغيص المستفاد من الصورة يضعف ويفتر في الشعر، حتى لا يكاد يحس، وإذا كان الشاعر يفسد عليك الأمر إذا هو عالج وصف الجمال، فإنه تهون عليك التغثية حين يسرد أوصاف الدمامة بخلاف المصور فإنه يغثي النفس ويكرب الصدر بتصوير الدمامة ويسر بتمثيل الجمال"(7).
رابعًا: الشعور
الرسم التصويري مادة تشكيلية جافة مجردة من شعور الرسام وعواطفه، وإن أحيا في النظارة شعورًا أو عاطفة، لكن الشعر الخالد هو الذي يضمنه الشاعر شعوره، ويلهب التصوير بعاطفته الجياشة، فهو مستودع لما تزخر به نفس الشاعر من مشاعر وخواطر وأحاسيس، فالرسام يرسم الصورة والشاعر ينقل إلى القارئ أثر الصورة في نفسه كما يقول ابن الرومي حين ينقل إلينا أثر الصورة في نفسه:
ذات وجه كأنما قيل: كن فر ... دًا بديعًا بلا نظير فكانا
ومتى ما سمعت فشدو ... يطرد الهم عنك والأحزانا
هي حلمي إذا رقدت وهمي ... وسروري ومنيتي يقظانا(8)
ولذلك نعى العقاد على دعاة الوصف المحسوس الذي اشتغل به المقلدون زمنًا طويلًا "لظنهم أنهم يرتقون إلى ذروة الشعر كلما ارتقوا إلى ذروة التصوير والتشبيه بالمحسوسات"(9) فالرسم في أصوله وقواعده ينقل المنظر ليعبر بذاته عن الأثر الجمالي، أما الصورة الشعرية فعمادها نقل التأثير الجمالي في نفس الشاعر إلى الآخرين. "إن وظيفة التصوير هي أن ينقل المرئي نقلًا تتوافر فيه معاني الجمال، مع مراعاة قوانين الرسم، والأصول التي ترجع إلى السنن المقررة. أما التأثير والواقع فشيء خارج عن المصور"(10).
وقد استطاع أحد النقاد المعاصرين أن يطبق قوانين الرسم وأصوله على الصورة الأدبية فأعطاها إياها، وأعطى ما للرسم للصورة الأدبية، من التكامل والزاوية والإيحاء أو الظل والترابط والإطار وسماه المذهب التصويري(11).
ويريد بذلك أن يصبغ النقد بالعلمية الموضوعية بخصائصه الدقيقة الكاملة وهو في هذا ينزل بالفن الأدبي إلى الشكلية المحضة، ولا يصح لتطبيقه على كل أجناس الأدب في شعر ونثر وخطبة ومقالة وقصة وأقصوصة ومسرحية وفن السيرة.
خامسًا:
الرسم التصويري يكون مجردًا عما يفيده من المشمومات والمذوقات، ولكنها قد توجد في التصوير الشعري، حتى لو استطاع الرسام أن يأتي بها في لوحته كالوردة مثلًا فإن جمودها فيها سيفقدها رائحتها، بينما حركتها التي تتبع النطق بها في الصورة الشعرية هي التي تولد فينا الشعور بالرائحة الزكية لها.
سادسًا:
اللوحة التصويرية توحي بومضة سريعة لمعنى واحد كالفرح أو الحزن أو الاستغراق في التفكير إلى غير ذلك بينما الصورة الأدبية حافلة بكثير من المعاني والمشاعر، والخواطر والعواطف المتدفقة وكلما تعمقنا خلالها، أعطت لنا جديدًا من مخزونها في تجربة الشاعر، التي تفيض عما فيها من موروثات التاريخ والماضي، وما طرأ عليها من حياته وعصره وآماله وآلامه، ويستطيع الناقد البصير ...
بالاستقصاء أن يتعرف عليه من الصور الشعرية، ولا يتأتى ذلك في الرسم التصويري من صورة أو تمثال، أما الموسيقى إن حفلت بهذه المعاني والمشاعر، إلا أن النفس لا نستطيع تفسيرها، كما هو الحال في الشعر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النقد الأدبي الحديث: د. محمد غنيمي هلال، في النقد الأدبي: د. شوقي ضيف ص89.
(2) التفسير النفسي: د. عز الدين إسماعيل5.
(3) ساعات بين الكتب: العقاد: 410، 411.
(4) حصاد الهشيم: المازني ص131.
(5) التفسير النفسي للأدب ص57.
(6) حصاد الهشيم: المازني 139.
(7) المرجع السابق: 139، ساعات بين الكتب: العقاد: راجع 409، 410.
(8) الديوان المخطوط ورقة 397 ج4.
(9) ساعات بين الكتب: العقاد: 412.
(10) حصاد الهشيم: المازني 137.
(11) المذاهب النقدية: د. ماهر حسن فهمي ص203 وما بعدها.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|