أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-7-2016
19984
التاريخ: 29-09-2015
1493
التاريخ: 29-09-2015
2204
التاريخ: 29-09-2015
1985
|
وهو من النقاد الذين تناولوا الصورة الأدبية حسب تنوع النظرة إليها في مختلف الفلسفات والمذاهب الأدبية الحديثة، ويرجع اختلاف المذاهب في تحديد مفهوم إلى أمرين:-
أحدهما: أن الاختلاف فيها يرجع إلى تباين النظرة في الصورة، من حيث علاقتها بالشيء المحسوس في الخارج من جهة، وعلاقتها بالفكر المجرد بعد أن انصهرت المحسوسات فيها من جهة أخرى(1).
ثانيهما: اختلاف النظرة في تحديد مفهوم الخيال وأثره، ومكانه من الوهم "وكان المفهوم القديم للخيال عقبة في سبيل فهم الصورة، ولذلك حذر منه البعض ومدحه البعض؛ لأنه أعظم قوة في الإنسان(2).
وقبل أن يحدد مفهوم الصورة الأدبية بناء على فهمه للمذاهب الأدبية الحديثة التي أثرت في شعرنا ونقدنا الحديثين. أراد تيسير المفهوم للصورة في الكشف عن طبيعتها فضرب لها مثلًا بالوردة التي يقع عليها النظر، فيقلب المتأمل نظره في شكلها وأوراقها وألوانها، وهي شيء خارجي مستقل عن ذاته، لا دخل له حينئذ في تعيير شيء من مقوماتها وخصائصها؛ لأنها منفصلة عن وعيه، ولكنه إذا حول نظره عنها إلى شيء آخر فإنها تغيب عن ناظره ولن تشغل وعيه، لكنها لا تفقد وجودها في نفسه، فإن أثارها بعد ذلك، فإنه يتمثلها بمقوماتها كما كانت موجودة، والذي يتمثله حينئذ هو صورتها التي تشغل وعيه، كما كانت الوردة تشغل نظره ووعيه قبل أن يفارقها، ولذلك أصبح للوردة وجودان، وجود لها في الخارج كصورة حقيقية ووجودها في وعيه كصورة ذهنية، وهذه تحتاج إلى جهد في النظر إليها، وأكثر إيجابية في الوعي، فيتحكم فيها وينميها ويطورها، ويغير وضعها ويمزجها بغيرها وينظمها في سلك مع صور أخرى لعلاقة من العلاقات وغير ذلك تصبح ملكًا لعالم الفكر، بعد أن كانت شيئًا من الأشياء، وهذه هي طبيعة الصورة الأدبية"(3).
ويذكر المقصود من الصورة الأدبية عند المذاهب الحديثة ويرى أن الكلاسيكية لا تعطي أهمية للصورة؛ لأن عالم العقل والحقيقة عندهم يتضاد مع عالم الخيال والصور، وأن يظل الخيال تحت وصاية العقل، فليست الصورة المادية طريقًا للفكرة، فالفكرة هو ما يدركه العقل مباشرة، وقيمة اللغة تنحصر في دلالتها على الأفكار، لا على الصورة، حتى تخرج مقبولة لا تفاجئ الجمهور، ولا تمس ما استقر لديه(4).
والخيال عند الرومانتيكية هو القوة الحيوية في الصورة، التي تربط بين صور الطبيعة، وجواهر الأفكار والمشاعر، حتى أصبحت الصور الأدبية تمثل مشاعر وأفكارًا ذاتية، مما تجعلها دليلًا يكشف عن قائلها، ولذلك ردوا للعبقرية اعتبارها والمغالاة هذا المذهب في الخيال تشعبت منه مذاهب أخرى كالبرناسية والرمزية والسريالية والمذهب النفساني والتعبيري والوجودية(5).
وعلى ذلك فالصورة عنده هي نقل التجربة الشعورية من عالمها المجرد إلى وسائل فنية، تتألف من جزئيات العمل الأدبي، التي تتألف منه وحدته في القصيدة الغنائية أو المسرحية والقصة، وهذه الوسائل إنما هي صور جزئية، ترتبط فيما بينها، وتتدرج في نمو، لتكون الصورة الكلية، والصورة الكلية إنما هي مظهر جديد من مظاهر النقد الحديث، وهي موطن الجمال في العمل الأدبي؛ لأنها لا توجد في الطبيعة، بينما توجد جزئياتها فيها، وفي الصورة الكلية يظهر الفن، وتبدو عبقرية الفنان المصور، والصورة الأدبية إنما هي نموذج حي للتجربة الشعورية التي يمر بها الشاعر في عمله وهي التمثيل الحي للخواطر والعواطف والمشاعر، ووسائلها اللغة والأسلوب والصور الجزئية، وعلى ذلك فالصورة لا ترجع للشكل وحده ولا للمضمون وحده، وإنما ترجع إلى العمل الفني كوحدة يمتزج فيها الشكل بالمضمون، فهي نموذج حي لا يعرف الفصل بينهما، والصورة والمحتوى شيء واحد لا يستقل أحدهما عن الآخر، وهذا هو ما ذهب إليه عبد القاهر في نظرية النظم، وإن اتسمت عند د. غنيمي هلال بالعمق والسعة وتعدد الأجناس في الصور من شعر وقصة ومسرحية وذلك يرجع لاختلاف العصرين.
وبعد أن عرض المذاهب الأدبية الحديثة وموقفها من الصورة: "لنرى ما يطلب في الصورة من الشعر على حسب ما يؤخذ من هذه المذاهب جملة مما هو مشترك بينها، ولنعرف مبلغ ما اتخذنا من هذا التراث العالمي الفني الخالص بالصورة الأدبية في توجيه نقدنا وشعرنا وفي ضوء ما قدمنا نهتدي إلى النتائج الآتية:-
أولًا: وهو ما يعنينا أن الوسيلة الفنية الجوهرية لنقل التجربة هي الصورة في معناها الجزئي والكلي. فما التجربة الشعرية كلها إلا صورة كبيرة، ذات أجزاء في بذورها صورة جزئية، تقوم من الصور الكلية مقام الحوادث الجزئية من الحدث الأساسي في المسرحية والقصة، إذن فالصورة جزء من التجربة. ويجب أن تتآزر مع الأجزاء الأخرى في نقل التجربة نقلًا صادقًا فنيًّا وواقعيًّا، وهذا قدر مشترك بين المذاهب الأدبية الحديثة. ولهذا كان محمودًا أن تمثل الصورة -حسيًّا- فكرة أو عاطفة ولو كان هذا التمثيل لأحاسيس تجريدية(6).
وليس للصورة الأدبية من المصادر إلا مصدر واحد وهو الخيال، فهو رافدها القوي الأصيل ومجال الجمال فيها، ولا يضر الحقيقة أو يغض من قيمتها أن الشاعر يعبر عنها بالصور المحسوسة القريبة من النفس والعقل معًا. "ثم إن الصورة الأدبية كلية أو جزئية.. مصدرها الخيال وهو وحده مجال الجمال، مسلك المرء فيه مختلف عن مسلكه الواقعي أمام الأشياء في الوجود، وكل ما يجري في عالم الخيال لا يمس الحقيقة في جوهرها الواقعي النفعي الذي هو غير جميل في طبيعته(7).
وعلى هذا يكون الخيال هو المنبع الخصب لتكوين وسائل الصورة الأدبية، فيختار به الأديب الألفاظ التي تناسب المعنى وإيقاعها وانسجام حروفها المتلائمة مع العاطفة، ثم يؤاخي بين هذه الألفاظ ويضع الخيال أيضًا -كل لفظ في مكانه ثم يوزع العبارات توزيعًا يحدث نغمًا يتفق مع الغرض العام من الصورة، ثم يؤلف -بالخيال كذلك- من الحقائق فيما بينها صورة لا دخل للخيال في مفرداتها، ولكن الخيال تظهر حيويته وقوته في تكوين صورة رائعة من ألفاظ الحقيقة
وهكذا فالخيال وحده مصدر هذا كله، وهي نظرية جديدة في مفهوم الصورة، حيث يعتمد كلية على الخيال، ولسنا معه في اتجاهه السابق في الخيال وتفرده بالصورة؛ لأن الاعتماد عليه وحده يمكن الشاعر من الشطط فيه، وتبعد الصورة حينئذ كل البعد عن الواقع ومظاهر الحياة ويترتب على ذلك انفصال الأدب عن المجتمع وموقفه السلبي منه كما كان الأمر في المذهب الابتداعي "الرومانتيكي" القائم على الخيال والإغراق فيه، فهبت المذاهب الأدبية الأخرى في وجهه والتي قامت على أنقاضه وأخذت ترميه بالجنون والهوس والشطط والبعد عن الواقع؛ لأن الأدب لا بد أن يعيش مع المجتمع ويشاركه آلامه وآماله ويحل مشاكله ومناقضاته، ولا يتم ذلك إلا إذا سار العقل مع الخيال جنبًا إلى جنب في تصوير الحقائق، والواقع وكل مظاهر الحياة.
ومغالطة أخرى في تسلط الخيال على العقل تسلطًا كاملًا، فإنه لو كان الخيال كذلك لأفسد العقل وشل تقدمه البناء، ورجعت البشرية قرونًا إلى الوراء، لتعيش في العصر البدائي الأول، يؤم أن كان الخيال هو العقل في الإنسان البدائي، ولما كانت أيضًا هذه الحضارة التي نعيشها؛ لأنها مزيج من الخيال والعقل على حد سواء، وهل يستطيع أحد أن ينكر جمال الصورة الآتية التي مصدرها الألفاظ الحقيقية. وقد نبعت من العقل مجردًا من الخيال حيث يقول الحطيئة:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد(8)
ولا عمل للخيال هنا، وأحكم العقل الصورة حتى صارت مثل صورة الخيال تمامًا، إن لم تفقه، وذلك لأن الشاعر صور المعنى على طريق الشرط والجزاء، واستعمل متى الزمانية، ليدل على عموم الفضل والنفع وبين الغرض من الإتيان في قوله: "تعشو" وهو الكرم، ثم ذلك التقسيم الجميل بين الكلمات في الشطر الأخير.
ثانيًا: ألا تكون الصورة برهانية عقلية، فالبرهان يخص المسائل العلمية والعقلية، وهو أساس النتائج الصحيحة في عالم التجريد، ويقابل التصوير الحسي، الذي هو من طبيعة الشعر، كما يتسم البرهان بالصراحة، التي لا تتفق مع الوحي في الصورة يقول: "ومما يضعف الصورة إذن أن تكون برهانية عقلية؛ لأن الاحتجاج أقرب إلى التجريد من التصوير الحسي الذي هو طبيعة الشعر. ثم إن الاحتجاج تصريح لا إيحاء فيه، والتصريح يقضي على الإيحاء الذي هو خاصة من خصائص التعبير الفني"(9).
ثالثًا: ألا يقف الشاعر بصورته عند الحس الظاهر، ويقتصر فيها على الوصف، بل لا بد أن تشمل على مختلف الأحاسيس والعواطف والمشاعر، حتى تكون الصورة أكثر ارتباطًا بالشعور، ولا محصل فيها للتلاعب بالألفاظ والصور، من غير ارتباطها بتجربة الشاعر الشعورية، كتشبيه الخد بالتفاح أو الورد. يقول: وكلما كانت الصورة أكثر ارتباطًا بالشعور كانت أقوى صدقًا، وأعلى فنًّا، ولهذا كان مما يضعف الأصالة اقتصاد الشاعر في تصوير شعوره على حدود الصور المبتذلة، التي تقف عليها الحواس جميعًا، والتي هي صور تقليدية. وهو ما اتجه إليه العقاد تمامًا. وقد نبه د. غنيمي على ذلك بل رد حديث الشعور في الصورة(10) إلى الإمام عبد القاهر الذي أشار إليه في قوله: "ولعل عبد القاهر قد تنبه إلى شيء من ذلك، حين استحسن في الصورة ظهورها من غير معدنها واجتلا بها من النيق البعيد(11)".
والدكتور غنيمي هلال حينما جعل وظيفة الصورة كلية أو جزئية نقل التجربة الشعرية، واعتز بالصورة ورفع من منزلتها، فجعل القصيدة صورة فحسب، مما دفع بعض النقاد المعاصرين للرد عليه لإهماله الفكرة في القصيدة مما يؤدي إلى إخراج طائفة من القصائد العربية الممتازة من النطاق الشعري، وبذلك يكون قد أعطى للصورة من العناية قدرًا كبيرًا يفوق الفكرة في القصيدة. وذهب آخر(12) إلى أن الصورة الأساس الأول والأخير في الحكم على القصيدة فلا تكون إلا بالصورة، لذلك كله يقول مصطفى السحرتي وهو يرد على الناقدين السابقين:
"إن في هذا غلوًّا كبيرًا، وفيه إخراج لطائفة من القصائد العربية وغير العربية الممتازة من النطاق الشعري، إذ قد تحتوي القصيدة على فكرة وتخلو من الصورة الشعرية والشعر ليس صورة كلية في كل أنواعه، بل إن هناك أنواعًا من الشعر تعد من أرقى أنواعه وتعرى من الصور، وتعد نصرًا لقائلها، وليس معنى ذلك أننا ننكر النظر إلى القصيدة كصورة كلية، ولكننا ننكر هذه المغالاة التي سار عليها بعض الجامعيين في إعطاء الصورة الشعرية منزلة كبيرة القدر، حتى إن بعضهم زعم أنه يستطيع أن يقدر الفن الشعري بما فيه من صور وهو د. ماهر حسن فهمي في كتابه "المذاهب النقدية" على أن الصورة هي بنت التجربة والانفعال والفكرة، فالحكم على القصيدة لا يكون بالصورة، بل بالتجربة ومادتها وأدواتها، ومن أبرزها الصورة والإيقاعات الموسيقية"(13).
__________
(1) المجلة عدد 31 ذو الحجة 1378هـ يوليو 1959 السنة الثالثة رقم 3050 مقال د. محمد غنيمي هلال.
(2) النقد الأدبي الحديث: د. غنيمي هلال 417.
(3) المجلة عدد 31 السنة الثالثة مقال الدكتور غنيمي هلال.
(4) المرجع السابق نفس العدد.
(5) النقد الأدبي الحديث: د. غنيمي هلال 418/ 448.
(6) المرجع السابق: 449.
(7) المرجع السابق: 448.
(8) دلائل الإعجاز: الإمام عبد القاهر ص194.
(9) النقد الأدبي الحديث د. غنيمي هلال 449.
(10) المرجع السابق ص453.
(11) المرجع السابق ص552.
(12) المذاهب النقدية ص203.
(13) النقد الأدبي من خلال تجاربي: الأستاذ مصطفى السحرتي94.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|