أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-5-2018
704
التاريخ: 12-3-2018
576
التاريخ: 12-3-2018
692
التاريخ: 25-7-2017
592
|
شرح حال الوزارة في أيام المهدي:
في أيامه ظهرت أبهة الوزارة بسبب كفاءة وزيره أبي عبيد الله معاوية ابن يسار، فإنه جمع له حاصل المملكة ورتب الديوان وقرر القواعد. وكان كاتب الدنيا، وأوحد الناس حذقاً وعلماً وخبرة، وهذا شرح طرف من حاله.
وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار:
هو من موالي الأشعريين، كان كاتب المهدي ونائبه قبل الخلافة ضمه المنصور إليه، وكان قد عزم على أن يستوزره، لكنه آثر به ابنه المهدي، فكان غالباً على أمور المهدي لا يعصي له قولاً، وكان المنصور لا يزال يوصيه فيه ويأمره بامتثال ما يشير به. فلما مات المنصور وجلس المهدي على سرير الخلافة فوض إليه تدبير المملكة وسلم إليه الدواوين، وكان مقدماً في صناعته فاخترع أموراً، منها أنه نقل الخراج إلى المقاسمه، وكان السلطان يأخذ عن الغلات خراجاً مقرراً ولا يقاسم، فلما ولي أبو عبيد الله الوزارة قرر أمر المقاسمة، وجعل الخراج على النخل والشجر، واستمر الحال في ذلك إلى يومنا، وصنف كتاباً في الخراج ذكر فيه أحكامه الشرعية ودقائقه وقواعده. وهو أول من صنف كتاباً في الخراج، وتبعه الناس بعد ذلك فصنفوا كتب الخراج، وكان شديد التكبر والتجبر.
روي أن الربيع لما قدم من مكة بعد موت المنصور وأخذ البيعة للمهدي حضر من ساعة وصوله إلى باب أبي عبيد الله، فقال له ابنه الفضل: يا أبي نبدأ به قبل أمير المؤمنين وقبل منزلنا؟ قال: نعم يا بني، هو صاحب الرجل والغالب على أمره. قال: فوصل الربيع إلى باب أبي عبيد الله بن الوزير فوقف ساعة حتى خرج الحاجب، ثم دخل فاستأذن له فأذن له، فلما دخل عليه لم يقم له ثم سأله عن مسيره وحاله فأخبره، وشرع الربيع يحدثه بما جرى في مكة من موت المنصور واجتهاده في أخذ البيعة للمهدي. فسكته وقال: قد بلغني الخبر، فلا حاجة إلى إعادته. فاغتاظ الربيع ثم قام فخرج وقال لابنه الفضل: علي كذا وكذا إن لم أبذل مالي وجاهي في مكروهه وإزالة نعمته. ومضى الربيع إلى المهدي فاستحجبه واختص به كما كان مع أبيه، فشرع في إفساد حال أبي عبيد الله الوزير بكل وجه، فلم يتفق له ذلك، فخلا ببعض أعدائه وقال له: قد ترى ما فعل معك أبو عبيد الله، وكان قد أساء إليه، وما فعل معي أيضاً، فهل عندك تدبير في أمره؟ قال الرجل: لا والله ما عندي حيلة تنفذ عليه فإنه أعف الناس فرجاً ويداً ولساناً، ومذهبه مذهب مستقيم، وحذقه في صناعته ما عليه مزيد، وعقله وكفاءته كما علمت، ولكن ابنه رديء الطريقة مذموم السيرة، والقول يسرع إليه، فإن تهيأ حيلة من جهة ابنه فسعى ذلك. فقبل الربيع بين عينيه ولاح له وجه الحيلة عليه، فسعى بابنه إلى المهدي أنواعاً من السعايات فتارةً يرميه ببعض حرم المهدي وتارةً يرميه بالزندقة. وكان المهدي شديداً على أهل الإلحاد والزندقة لا يزال يتطلع عليهم ويفتك بهم. فلما رسخ في ذهن المهدي زندقة ابن الوزير استدعى به فسأله عن شيء من القرآن العزيز فلم يعرف. فقال لأبيه: وكان حاضراً: ألم تخبرني أن ابنك يحفظ القرآن؟ قال: بلى، يا أمير المؤمنين، ولكن فارقني مذ مدة فنسيه. فقال له: قم فتقرب إلى الله بدمه. فقام أبو عبيد الله فعثر ووقع وارتعد. فقال العباس بن محمد عم المهدي: يا أمير المؤمنين إن رأيت أن تعفي الشيخ من قتل ولده ويتولى ذلك غيره؟ فأمر المهدي بعض من كان حاضراً بقتله، فضربت عنقه.
واستمر أبوه على حاله من الخدمة إلا أنه ظهر عليه الانكسار، وتنمر قلبه وتنمر أيضاً قلب المهدي منه. فدخل بعض الأيام على المهدي ليعرض عليه كتباً قد وردت من بعض الأطراف، فتقدم المهدي بإخلاء المجلس، فخرج كل من به إلا الربيع فلم يعرض أبو عبيد الله شيئاً من تلك الكتب، وطلب أن يخرج الربيع. فقال له المهدي: يا ربيع اخرج. فتنحى الربيع قليلاً. فقال المهدي: ألم آمرك بالخروج؟ قال: يا أمير المؤمنين كيف أخرج وأنت وحدك وليس معك سلاح، وعندك رجل من أهل الشأم اسمه معاوية وقد قتلت بالأمس ولده وأوغرت صدره، فكيف أدعك معه على هذه الحال وأخرج؟ فثبت هذا المعنى في نفس المهدي إلا أنه قال: يا ربيع إني أثق بأبي عبيد الله في كل حال، وقال لأبي عبيد الله الوزير: اعرض ما تريد فليس دون الربيع سر. ثم قال بعد ذلك المهدي للربيع: إني استحيي من أبي عبيد الله بسبب قتل ولده فاحجبه عني. فحجب عنه وانقطع بداره واضمحل أمره وتهيأ للربيع ما أراده من إزالة نعمته. ومات أبو عبيد الله معاوية بن يسار في سنة سبعين ومائة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|