أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2022
1706
التاريخ: 11-12-2014
3949
التاريخ: 4-5-2017
3510
التاريخ: 2024-10-25
166
|
لا شك في أن الدين الاسلامي دين عالمي، وشريعة خاتمة، وقد كانت قيادة الامة الاسلامية من شئون النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) ما دام على قيد الحياة، وكان عليه أن يوكل مقام القيادة من بعده إلى أفضل أفراد الامة واكملهم.
إن في هذه المسألة وهي هل أن منصب القيادة بعد النبي (صلى الله عليه واله) هل هو منصب تنصيصي تعييني أو انه منصب انتخابي اتجاهين :
فالشيعة يرون أن مقام القيادة منصب تنصيصي ولا بد أن يتعيّن خليفة النبي من جانب الله سبحانه.
بينما يرى أهل السنة أن هذا المنصب منصب انتخابي جمهوري، أي أن على الامة أن تقوم بعد النبي باختيار فرد من أفرادها لادارة البلاد.
إن لكل من الاتجاهين المذكورين دلائل ذكرها أصحابهما في الكتب العقائدية، إلا أنّ ما يمكن طرحه هنا هو تقييم ودراسة المسألة في ضوء دراسة وتقييم الظروف السائدة في عصر الرسالة فان هذه الدراسة كفيلة بأثبات صحة هذا الاتجاه او ذلك.
إن تقييم الأوضاع السياسية خارج المنطقة الاسلامية وخارجها في عصر الرسالة يقضي بأن خليفة النبيّ كان لا بدّ أن يعيّن من جانب الله تعالى ولا يترك الأمر من دون مثل هذا التعيين الالهي، فإن المجتمع الاسلامي كان مهدّدا على الدوام من جانب الخطر الثلاثي ( الروم ـ إيران ـ المنافقون ) بشنّ الهجوم الكاسح، وإلقاء بذور الفساد والاختلاف بين المسلمين.
كما أن مصالح الامة كانت توجب أن يوحّد صفوف المسلمين في مواجهة الخطر الخارجي وذلك بتعيين قائد سياسيّ من بعده، وبذلك يسدّ الطريق على نفوذ العدوّ في جسم الامة الاسلامية والسيطرة عليها، وعلى مقدراتها.
وإليك بيان وتوضيح هذه المطلب :
لقد كانت الامبراطورية الروميّة احد اضلاع المثلث الخطر الذي يحيط بالكيان الاسلامي ويتهدده من الخارج والداخل، وكانت هذه القوة الرهيبة تتمركز في شمال الجزيرة العربية، وكانت تشغل بال النبي القائد على الدوام حتى إن التفكير في امر الروم لم يغادر ذهنه وفكره حتى لحظة الوفاة، والالتحاق بالرفيق الأعلى.
وكانت اولى مواجهة عسكرية بين المسلمين، والجيش المسيحيّ الرومي وقعت في السنة الهجرية الثامنة في أرض فلسطين وقد آلت هذه المواجهة إلى مقتل القادة العسكريين البارزين الثلاثة وهم : جعفر الطيار ، و زيد بن حارثة و عبد الله بن رواحة.
ولقد تسبّب انسحاب الجيش الاسلاميّ بعد مقتل القادة المذكورة إلى تزايد جرأة الجيش القيصري المسيحي فكان يخشى بصورة متزايدة أن تتعرض عاصمة الاسلام للهجوم الكاسح من قبل هذا الجيش.
من هنا خرج رسول الله (صلى الله عليه واله) في السنة العاشرة للهجرة على رأس جيش كبير جدا إلى حدود الشام ليقود بنفسه أيّة مواجهة عسكرية، وقد استطاع الجيش في هذه الرحلة الصعبة المضنية أن يستعيد هيبته الغابرة وتجدّد حياته السياسية.
غير أنّ هذا الانتصار المحدود لم يقنع رسول الله (صلى الله عليه واله) فأعدّ قبيل مرضه جيشا كبيرا من المسلمين وأمّر عليهم اسامة بن زيد وكلّفهم بالتوجه إلى حدود الشام، والحضور في تلك الجبهة.
أما الضلع الثاني من المثلّث الخطير الذي كان يتهدد الكيان الاسلامي فكان الامبراطورية الايرانية ( الفارسية ) وقد بلغ من غضب هذه الامبراطورية على رسول الله (صلى الله عليه واله) ومعاداتها لدعوته أن أقدم امبراطور ايران خسرو ابرويز على تمزيق رسالة النبي، وتوجيه الاهانة الى سفيره بإخراجه من بلاطه والكتابة إلى واليه وعميله باليمن بان يوجه إلى المدينة من يقبض على رسول الله (صلى الله عليه واله)، أو يقتله ان امتنع!!
و خسرو هذا وإن قتل في زمن رسول الله (صلى الله عليه واله) إلاّ أن موضوع استقلال اليمن ـ التي رزحت تحت استعمار الامبراطورية الايرانية ردحا طويلا من الزمان ـ لم يغب عن نظر ملوك إيران آنذاك، وكان غرور اولئك الملوك وتجبّرهم، وكبرياؤهم لا يسمح بتحمّل منافسة القوة الجديدة ( القوة الاسلامية ) لهم.
والخطر الثالث كان هو خطر حزب النفاق الذي كان يعمل بين صفوف المسلمين في صورة الطابور الخامس، على تقويض دعائم الكيان الاسلامي من الداخل إلى درجة أنهم قصدوا اغتيال رسول الله، في طريق العودة من تبوك إلى المدينة.
فقد كان بعض عناصر هذا الحزب الخطر يقول في نفسه : ان الحركة الاسلامية سينتهي أمرها بموت رسول الله (صلى الله عليه واله) ورحيله وبذلك يستريح الجميع.
ولقد قام أبو سفيان بن حرب بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) بمكيدة مشئومة لتوجيه ضربة الى الامة الاسلامية من الداخل، وذلك عند ما أتى عليا (عليه السلام) وعرض عليه ان يبايعه في مقابلة من عيّنه رجال السقيفة، ليستطيع بذلك تشطير الامة الاسلامية الواحدة إلى شطرين متحاربين متقاتلين فيتمكن من التصيّد في الماء العكر.
ولكن الامام عليا (عليه السلام) أدرك بذكائه البالغ نوايا أبي سفيان الخبيثة، فرفض مطلبه وقال له كاشفا عن دوافعه ونواياه الشريرة : والله ما أردت بهذه إلاّ الفتنة وانك والله طالما بغيت للإسلام شرا... لا حاجة لنا في نصيحتك !!.
ولقد بلغ دور المنافقين التخريبي من الشدة بحيث تعرّض القرآن لذكرهم في سور عديدة هي سورة آل عمران، والنساء، والمائدة، والانفال، والتوبة، والعنكبوت، والاحزاب، ومحمّد، والفتح، والمجادلة، والحديد، والمنافقين، والحشر.
فهل مع وجود مثل هؤلاء الاعداء الخطرين والاقوياء الذين كانوا يتربّصون بالاسلام الدوائر، ويتحيّنون الفرص للقضاء عليه يصحّ أن يترك رسول الله (صلى الله عليه واله) امته الحديثة العهد بالاسلام، الجديدة التأسيس من دون ان يعيّن لهم قائدا دينيا سياسيا.
إن المحاسبات الاجتماعية تقول : انه كان يتوجب ان يمنع رسول الاسلام بتعيين قائد للامة، من ظهور أيّ اختلاف وانشقاق فيها من بعده، وان يضمن استمرار وبقاء الوحدة الاسلامية بإيجاد حصن قوى وسياج دفاعي متين حول تلك الامة.
إن تحصين الامة، وصيانتها من الحوادث المشؤومة، والحيلولة دون حدوث ظاهرة مطالبة كل فريق الزعامة لنفسها دون غيرها، وبالتالي التنازع على مسألة الخلافة والزعامة لم يكن ليتحقق إلاّ بتعيين قائد للامة، وعدم ترك الامور للقدر.
إن المحاسبة الاجتماعية تهدينا إلى صحة نظرية التنصيص على القائد بعد رسول الله ، ولعلّ لهذا الجهة، ولجهات اخرى طرح رسول الاسلام مسألة الخلافة في الايام الاولى من ميلاد الرسالة الاسلامية وظلّ يواصل طرحها والتذكير بها طول حياته حتى الساعات الأخيرة منها حيث عيّن خليفته ونصّ عليه بالنص القاطع الواضح الصريح في بدء دعوته، وفي نهايتها أيضا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|