أقرأ أيضاً
التاريخ:
2883
التاريخ: 11-5-2022
2256
التاريخ: 1-6-2017
3077
التاريخ: 11-12-2014
3164
|
لقد قرأنا في ما مضى أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) عقد في السنة السادسة معاهدة صلح مع قريش، نصّت المادة الثالثة منها على : أنّ لكل من قريش والمسلمين أن يتحالفوا مع من شاءوا من القبائل، فتحالفت خزاعة مع المسلمين، وتعهّد رسول الله (صلى الله عليه واله) لخزاعة في هذا التحالف بان يدافع عن أرضهم وأموالهم وأنفسهم كلما تعرّضوا لخطر، وطلبوا ذلك، وتحالفت قبيلة بني كنانة ـ وكانوا من أعداء خزاعة التقليديين ـ مع قريش، ولقد تم كل هذا في ضوء عقد معاهدة صلح مدتها عشر سنوات تعهّد فيها الطرفان بالحفاظ على الأمن الاجتماعي، والسلام الشامل في كافة أرجاء الجزيرة العربية، ولقد تعهّد الطرفان ـ في هذه المعاهدة ـ بأن لا يقوم أي واحد منهما بعمليات عسكرية وتحركات عدائية، لا ضدّ الآخر، ولا ضدّ حليف الطرف الآخر، كما لا يحرّك حليفه ضد حليف الطرف الآخر.
ولقد انقضت سنتان من تاريخ التوقيع على هذه المعاهدة، وعاش الجانبان في هذه الفترة في سلام ورفاه، وأمن واستقرار إلى درجة أنّ المسلمين استطاعوا ـ بعد مضيّ سنة واحدة من التوقيع على تلك المعاهدة، أن يزوروا ـ بكامل حريتهم ـ بيت الله الحرام، في مكة المكرمة، ويؤدوا مناسك العمرة أمام عيون الآلاف من أعدائهم الوثنيين وهي العمرة التي سميّت بعدئذ بعمرة القضاء كما عرفت.
ولقد بعث رسول الله (صلى الله عليه واله) في شهر جمادى الاولى من السنة الثامنة للهجرة كتيبة قوامها ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة ثلاثة فرسان من أركان جيشه، إلى تخوم الشام وحدودها، لمعاقبة وتأديب المتمردين والجناة من ولاة الروم وعمّالهم فيها، وبالضبط أولئك الذين قتلوا دعاة الاسلام ـ الذين ابتعثهم (صلى الله عليه واله) للدعوة والتبليغ ـ من دون ذنب أو جرم.
والجيش الاسلامي وإن استطاع أن ينجو بنفسه من هذه المعركة، ويخرج منها بسلام، من دون أن تكلّفه تلك المواجهة خسائر كبرى في الأرواح سوى ثلاثة هم قادة الجيش ـ على ما مر في قصة غزوة مؤتة ـ إلاّ أنه ما عاد بانتصار باهر كان يأمله جنود الاسلام المجاهدون، بل كانت العملية في هذه المعركة اشبه ما تكون بعملية الكرّ والفرّ.
وقد أوجب انتشار هذا النبأ جرأة سادة قريش وسراتها، فقد تصوروا أن المسلمين تضاءلت فيهم ( أو انعدمت ) روح الفروسية والاقدام، وروح الشجاعة والبسالة.
من هنا قرّرت قريش أن تخلّ بالأمن والهدوء اللّذين استتبّا بعد اتّفاقية الحديبية، فبادرت ـ أوّلا ـ إلى توزيع الاسلحة على قبيلة بني بكر من كنانة، وإلى تحريضهم على أن يبيّتوا خزاعة المتحالفين مع المسلمين، فيغيروا عليهم ليلا، ويقتلوا فريقا، ويأسروا آخرين!!
بل لم تكتف قريش بهذا، إنما اشترك جماعة من رجالها في هذا العمل الغادر بصورة مباشرة، وبذلك نقضوا عهدهم الذي أعطوه في الحديبية، وأخلّوا عمليا بالأمن والسلام، وأحلّوا الفوضى والقتال، مكان الاستقرار والهدوء اللذين سادا الجزيرة خلال عامين في أعقاب عقد معاهدة الحديبية!
أجل، لقد حملت بنو بكر ومن ساعدهم من رجال قريش بتحريك من زعامة مكة على خزاعة ليلا، وكان بعضهم نياما، والبعض الآخر يتهجد ويعبد الله ليلا، فقتلوا من خزاعة جماعة، وأسروا آخرين، وغادر ـ منهم ـ فريق منازلهم تحت جنح الظلام، ولجئوا إلى مكة التي كانت للعرب يومئذ منطقة أمن لا يجيزون الاعتداء فيها على لاجئ إليها، ودخل الذين لجئوا إلى الحرم دار بديل بن ورقاء وشكوا إليه ما حلّ بهم على ايدي رجال قريش، وحلفائهم من بني كنانة ليلا، من قتل وأسر وتشريد!!
كما وعد المظلومون من خزاعة إبلاغ مظلمتهم إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فارسلوا رئيسهم : عمرو بن سالم فقدم المدينة على رسول الله (صلى الله عليه واله) فوقف عليه وهو (صلى الله عليه واله) جالس في المسجد بين ظهرانيي الناس، وأخبره بما لحق بحلفائه من خزاعة على أيدي بني بكر من كنانة بتحريك وتحريض من قريش، وأنشد أبياتا يستغيث فيها برسول الله (صلى الله عليه واله) اذ قال :
يا ربّ إني ناشد محمّدا
حلف أبينا وأبيه الا تلدا
فانصر هداك الله نصرا أعتدا
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا
إن سيم خسفا وجهه تربّدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إنّ قريشا اخلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكّدا
وجعلوا لي في كداء رصدا
هم بيتونا بالوتير هجّدا
وقتلونا ركّعا وسجّدا
وقد كان ابن سالم يعيد البيت الأخير ويكرّره إثارة لمشاعر المسلمين، ويكرّر عبارة : قتلنا وقد أسلمنا.
فانزعج رسول الله (صلى الله عليه واله) من قريش لغدرها ونقضها للعهد، ووعد خزاعة بالنصرة، وقال : نصرت يا عمرو بن سالم.
وقد أفاض هذا الوعد القاطع والقوي حالة من الطمأنينة على قلب مبعوث خزاعة : عمرو بن سالم اذ قد تيقّن أن رسول الله (صلى الله عليه واله) سينتقم لخزاعة ممن غدروا بها وبيتوها، وفتكوا بأبنائها، وبخاصة من قريش التي حرّضت بني بكر على خزاعة، واشعلت شرارة هذه الفتنة، وبالتالي كانت السبب الحقيقي وراء هذه الجريمة النكراء، ولكن ابن سالم ما كان يظن أن هذه المسألة ستنتهي بفتح مكة، وتقويض دعائم الحكومة الوثنية الجاهلية، والقضاء عليها إلى الأبد!!
ولم يلبث أن قدم المدينة على رسول الله (صلى الله عليه واله) بديل بن ورقاء في جماعة من خزاعة ، وأخبروه بما فعلته قريش وبنو بكر من قتل فتيان خزاعة، ثم عادوا قافلين إلى مكة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|