المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05

Homeotic Genes
18-5-2016
التضاعف والتكاثر في الفيروسات
8-1-2016
اللون الأصفر ودلالته
2024-05-29
مراحل الصناعة - مرحلة الصناعات المنزلية
1-7-2019
قصة البلدة الطيبة
8-3-2021
ABSORPTION AND COLOR
7-3-2016


جاسوس يكتشف!  
  
3269   07:32 صباحاً   التاريخ: 21-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص469-475.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

إنّ تاريخ رسول الاسلام (صلى الله عليه واله) يكشف عن انه (صلى الله عليه واله) كان يسعى دائما الى أن يقنع العدوّ بالحق، ويجعله يستسلم لمنطق الدين، ولم يكن يهدف قط الانتقام من العدوّ وأبادته.

ففي الكثير من الغزوات والمعارك التي شارك فيها (صلى الله عليه واله) بنفسه أو السرايا التي بعثها كان الهدف الأساسي هو القضاء على مؤامرة العدو، وإفشالها، وتشتيت شمله، وتفريق اجتماعه قبل ان يقوم بعمل يضر بالإسلام والمسلمين، فقد كان النبي (صلى الله عليه واله) يعرف جيدا أنه لو ازيلت الموانع ورفعت عن طريق الدعوة الاسلامية لترك منطق الدين الحنيف أثره في المجتمع الحرّ، وكان يعلم بأن الذين يعقدون الاجتماعات، ويقيمون التحالفات النظامية ليحولوا دون تقدم الاسلام، وانتشاره، لو جرّدوا من أسلحتهم، وانهيت حالة الحرب بينهم وبين الاسلام، وتركوا فكرة التغلب على الاسلام عن طريق القوة العسكرية، وسمعوا منطق الاسلام في جوّ بعيد عن صخب القتال، لانجذبوا إلى عقيدة التوحيد بدافع الفطرة وهدايتها، ولاستجابوا لنداء الضمير، وصاروا من أنصار الاسلام، ومؤيديه المخلصين الأوفياء.

ولهذا السبب كانت الجماعات والاقوام التي يتغلب عليهم جنود الاسلام، ثم يتسنى لهم مناخ التفكير الحرّ في العقيدة والتعاليم الاسلامية السامية في جوّ بعيد عن الضوضاء والصخب، تنجذب إلى الاسلام، وترغب فيه، وتعتنق بل تشمّر عن ساعد الجدّ لنشر العقيدة الاسلامية التوحيدية.

وقد تجلّت هذه الحقيقة في موضوعنا الراهن وهو فتح مكة بصورة أكمل وأقوى، فقد كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يدرك جيّدا لو أنّه فتحت مكة، وجرّد العدوّ من السلاح ووفرت أجواء حرة آمنة بعيدة عن الكبت والاضطهاد فانه لم يلبث أن يصبح هذا الفريق المعادي والمناهض للاسلام بشدة، من أنصار هذا الدين، ومن المجاهدين الصادقين، الساعين في نشره.

ولهذا يجب التغلب على هذا العدوّ، وكسر شوكته، ولكن يجب عدم إفنائه وإبادته، بل ينبغي تجنب إراقة الدماء، وازهاق الارواح ما أمكن.

ولأجل الوصول إلى هذه الغاية المقدسة ( الغلبة على العدوّ من دون إراقة الدماء ) استخدم رسول الله (صلى الله عليه واله) اسلوب مباغتة العدوّ.

فقبل أن يفكّر العدوّ في الدفاع عن نفسه، ويجمع قواه، ويستعدّ للمواجهة، كان النبي (صلى الله عليه واله) يحاصر العدوّ في أرضه، ويجرّده من سلاحه، ويجهض محاولته، ومؤامرته.

على أنّ مبدأ مباغتة العدو  إنما يمكن الاستفادة منه إذا بقيت جميع الاسرار العسكرية للجانب المباغت طي الكتمان، وتمت الترتيبات اللازمة في سرية كاملة، بحيث لم يعرف بها العدوّ، بل لا يعرف العدو أساسا هل ينوي النبي (صلى الله عليه واله) الهجوم عليه، أو لا، وعلى فرض أنه ينوي ذلك لا يخبر أحدا شيئا عن موعد تحرك الجيش الاسلامي، ووجهته، إذ في غير هذه الصورة لا يمكن الاستفادة من مبدأ مباغتة العدو.

ولقد أعلن رسول الله (صلى الله عليه واله) عن التعبئة العامة لفتح مكة، وتحطيم أقوى قلعة من قلاع الوثنية وازالة حكومة قريش الظالمة التي كانت تمثّل أقوى مانع في طريق تقدم الدعوة الاسلامية، وانتشارها وتوسعها، وقد طلب من الله سبحانه في دعائه أن يعمّي على عيون قريش وجواسيسهم فلا يعرفوا بشيء عن حركة المسلمين ومقصدهم اذ قال : اللهم خذ العيون والأخبار من قريش حتى نباغتها في بلادها.

أو قال : اللهم خذ على قريش أبصارهم، فلا يروني إلاّ بغتة، ولا يسمعون بي إلاّ فجأة .

فاجتمع في مطلع شهر رمضان ناس كثيرون من مختلف المناطق خارج المدينة، وداخلها.

ويذكر المؤرخون جدولا تفصيليا بالطوائف والقبائل التي شاركت في هذا الفتح العظيم، وإليك ما ذكروه :

المهاجرون : سبعمائة مع ثلاثمائة من الخيل وثلاثة ألوية.

الأنصار : أربعة آلاف مع سبعمائة من الخيل، وألوية كثيرة.

قبيلة مزينة : ألف مع مائة فرس، ومائة درع، ولواءان.

قبيلة جهينة : ثمانمائة مع خمسين فرسا، وأربعة ألوية.

قبيلة بني كعب : خمسمائة مع ثلاثة ألوية.

وكان بقية الجيش من قبائل غفار، واشجع، وبني سليم.

ويقول ابن هشام : كان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف من بني سليم سبع مائة، ويقول بعضهم : ألف، ومن بني غفار أربع مائة، ومن أسلم أربع مائة، ومن مزينة ألف وثلاثة مائة نفر، وسائرهم من قريش، والأنصار وحلفاءهم وطوائف العرب من تميم، وقيس وأسد.

ولتحقيق مبدأ المباغتة والكتمان وضعت جميع الطرق المؤدية إلى مكة تحت المراقبة الشديدة من قبل عناصر الحكومة الاسلامية، كما روقب بشدة تردّد المارة والمسافرين بواسطة الحرس.

وبينما كان جيش الاسلام يتهيأ للتحرك باتجاه مكة، نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه واله) وأخبره بأنّ أحد البسطاء من المسلمين أقدم على إرسال كتاب إلى قريش، يخبرهم فيه بتوجّه النبي وأصحابه إلى مكة، وأنّه أعطى ذلك الكتاب إلى امرأة تدعى سارة  ـ وكانت مغنية من مغنيات مكة ـ لتوصله إلى مكة لقاء مال تقبضه.

ولقد كانت سارة  ـ كما أسلفنا ـ مغنية بمكة، تغنّي لأهل مكة، وربما شاركت في مجالس العزاء في قريش أيضا، وقد تعطّل عملها بعد معركة بدر ، ومقتل جماعة من رجال قريش، ودخول الحزن في كل بيوت مكة، فلم تعد تستطيع أن تغنّي وتطرب، من ناحية، ومن ناحية اخرى كان أبو سفيان قد أمر الناس بأن لا يبكوا، ولا يقيموا المآتم والمناحات على قتلى بدر حتى لا يذهب

غيضهم على محمّد  (صلى الله عليه واله) وأصحابه الذين قتلوا رجالا من قريش في بدر.

من هنا تركت سارة  مكة بعد عامين وقدمت المدينة، وعند ما عرف رسول الله (صلى الله عليه واله) بمجيئها إلى المدينة سألها : هل أسلمت؟ فقالت : لا، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه واله) : ولما أتيت إلى المدينة؟ فقالت : إنّي مولاتكم، وقد أصابني جهد، وأتيتكم أتعرّض لمعروفكم، فأمر رسول الله (صلى الله عليه واله) فكسيت وحملت وجهّزت، ومع أن هذه المرأة قد شملها الاسلام بلطفه ورحمته ولكنها خانت النبي والمسلمين عند ما تطوّعت للقيام بعملية جاسوسية ضد الاسلام والمسلمين بأخذ كتاب حاطب بن بلتعة  واخفائه في شعر رأسها لتبلغه الى قريش لقاء عشرة دراهم، مفشية بذلك سرّا للمسلمين، تضيع ـ على أثره ـ جهود النبي (صلى الله عليه واله) وتفشل خطته!!

ولما عرف رسول الله (صلى الله عليه واله) بهذا الأمر إثر خبر من السماء بعث ثلاث رجال من فرسانه الاشاوس هم علي والمقداد والزبير، ليدركوا المرأة الخائنة، على طريق مكة ويأخذوا منها ذلك الكتاب الذي يحذّر قريشا ممّا أجمع رسول الله (صلى الله عليه واله) عليه.

فخرج الرجال الثلاثة في طلبها مجدّين حتى أدركوها في منطقة تدعى روضة الخاخ   فاستنزلوها، وفتشوا عن الكتاب في رحلها فلم يجدوا شيئا، فسألوها عنه فانكرت فقال لها علي (عليه السلام) : إني أحلف بالله ما كذب رسول الله (صلى الله عليه واله) ولا كذبنا، ولتخرجنّ لنا هذا الكتاب أو لنكشفنّك .

ولما رأت تلك المرأة هذا الجدّ من علي (عليه السلام) وكانت تعرف أن عليّا لا يتركها حتى ينفّذ أمر رسول الله (صلى الله عليه واله) قالت : أعرض، فأعرض عليّ، فحلّت ضفائر شعرها فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليه، فأتى به رسول الله (صلى الله عليه واله)، فانزعج رسول الله (صلى الله عليه واله) لفعل حاطب  وكان من المسلمين السابقين، فدعاه من فوره وقال له عاتبا ومستفهما : يا حاطب ما حملك على هذا؟

فحلف حاطب بالله وبرسوله أنه لم يقصد شرا، وقال : يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيّرت ولا بدّلت، ولكنّي كنت امرأ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليه!!

ويستفاد من اعتذار حاطب هذا أن أسياد قريش كانوا يضغطون على من تخلّف في مكة من أقارب المهاجرين وعوائلهم، ويؤذونهم، ولا يتركون أذاهم إلاّ إذا حصلوا منهم على أسرار المسلمين بالمدينة، وهذا الاعتذار وان كان غير وجيه؛ لأن ذلك لا يبرر إفشاء أسرار المسلمين لأعدائهم الحاقدين، غير أن رسول الله (صلى الله عليه واله) أصفح عنه، وخلى سبيله لمصالح معينة منها : سابقة حاطب  في الإسلام، إلاّ أنّ عمر بن الخطاب  طلب من رسول الله (صلى الله عليه واله) أن يضرب عنقه، فقال له النبي (صلى الله عليه واله) : وما يدريك يا عمر لعلّ الله اطّلع يوم بدر على أصحاب بدر فقال : أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .

ولكي لا يتكرر مثل هذا العمل الخطر والاثيم أنزل الله سبحانه قرآنا بهذا الشأن في عدة آيات اذ يقول :

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [الممتحنة: 1 - 9]




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.