أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2015
3644
التاريخ: 15-6-2017
2951
التاريخ: 23-5-2017
3509
التاريخ: 11-5-2017
3367
|
كانت مقدمات الميثاق المذكور، وبنوده توحي بصورة جليّة وكاملة بأن أكثرها قد فرضت فرضا على المسلمين، فلو أن رسول الاسلام (صلى الله عليه واله) قبل بامحاء كلمة رسول الله من اسمه، وبدأ الميثاق بعبارة باسمك اللهم على عادة الجاهليين بدل البسملة الكاملة فان غايته من ذلك كانت هي الحفاظ على الصلح، واقرار الأمن في الجزيرة العربية.
ولو ان رسول الله (صلى الله عليه واله) رضي بأن يسلّم المسلمين الهاربين من قبضة المشركين الى جماعة المسلمين، ويعيدهم الى القيادة الوثنية في مكة فان بعض ذلك كان بسبب تصلّب سهيل ممثل قريش وتعنته، ولو أن رسول الله (صلى الله عليه واله) ما كان يرضخ لهذا الشرط ( استجابة لرغبة الرأي العام الاسلامي الذي كان مخالفا لمثل هذا الشرط ومعارضا لإعادة المسلمين الهاربين من مكة إلى قريش، وحفاظا على حقوق اولئك الأشخاص الهاربين ) لتعطّلت عملية السلام، ولما تحقق الصلح، ولفاتت المسلمين هذه النعمة الكبرى التي انطوت على آثار عظيمة في المستقبل كما أثبتت الوقائع في ما بعد.
من هنا قاوم رسول الله (صلى الله عليه واله) كل الضغوط من جهة، وتحمل عملية فرض هذا الشرط من جهة اخرى، ليصل الى المقصد الأعلى والهدف الاكبر الذي تتضاءل تجاهه هذه المتاعب.
ولو كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يراعي الرأي العام ويلاحظ حقوق هذه الجماعة، لكان سهيل يتسبب ـ بسبب تصلبه الارعن ـ في اشتعال نائرة الحرب.
والقصّة التالية تشهد بما نقول :
حينما انتهت مفاوضات السلام، وبينما كان الامام علي (عليه السلام) يكتب وثيقة الموادعة والصلح دخل أبو جندل بن سهيل في مجلس النبي (صلى الله عليه واله) وهو يرسف في الحديد.
فتعجب الجميع من حضوره هناك، اذ كان محبوسا في سجن أبيه سهيل ( المفاوض ) مدة طويلة.
ولم يكن لابي جندل من ذنب إلاّ أنه اختار التوحيد عقيدة، والاسلام دينا، ورفض الوثنية والشرك وكان يحب رسول الله (صلى الله عليه واله) حبا شديدا فحبسه أبوه.
وكان أبو جندل قد بلغه أمر المفاوضات هذه، فهرب من محبسه وانفلت الى رسول الله (صلى الله عليه واله) سالكا إليه طرقا وعرة في الشعاب، والوديان.
فلما رأى سهيل ابنه أبا جندل وقد هرب من سجنه، ولجأ إلى النبيّ (صلى الله عليه واله) قام إليه فضرب وجهه، واخذ بتلابيبه ثم قال : يا محمّد لقد تمت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، وهذا يا محمّد أول من أقاضيك عليه أن ترده.
ولا شك أن كلام سهيل كان باطلا، ولا مبرر لطلبه، لأن الميثاق لم تتم كتابته على الورق، ولم يوقع عليه الطرفان، ولم ينته ـ بالتالي ـ من مراحله النهائية والأخيرة بعد، فكيف يمكن الاستناد إليه، ولهذا أجابه رسول الله (صلى الله عليه واله) قائلا : إنا لم نرض ( نقض ) بالكتاب بعد .
فقال سهيل : إذا والله لا اصالحك على شيء أبدا، حتى ترده إليّ، ولم يزل يصرّ على كلامه ورفضه هذا حتى أنزعج اثنان ممّن رافقه من شخصيات قريش هما مكرز وحويطب من تصلب سهيل وتشدده.
ثم قاما وأخذا أبا جندل من أبيه وأدخلاه خيمة وقالا : نحن نجيره.
ولقد فعلا ذلك حتى ينهيا ذلك التنازع، والجدال، ولكن إصرار سهيل على موقفه، أبطل تدبيرهما اذ قال : يا محمّد لقد لجّت القضية بيني وبينك قبل ان ياتيك هذا.
فاضطرّ رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى أن يقوم بآخر سعي في طريق الحفاظ على الهدنة والصلح الذي كان له أثر عظيم في انتشار الاسلام، ولهذا رضى بردّ أبي جندل إلى والده، لإعادته الى مكة، ثم قال لذلك المسلم الاسير تطييبا لخاطره :
يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فان الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا، وأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم.
وانتهت جلسة المفاوضات، وتمّ التوقيع على نسختي الميثاق، وعاد سهيل ورفاقه إلى مكة، ومعهم أبو جندل ابن سهيل في جوار مكرز وحويطب، ونحر رسول الله (صلى الله عليه واله) ما كان معه من الهدي في نفس ذلك المكان وحلق فنحر جماعة من المسلمين وحلقوا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|