أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2014
3362
التاريخ: 15-6-2017
3086
التاريخ: 11-5-2017
3147
التاريخ: 5-7-2017
3685
|
كانت معركة بدر بمثابة طوفان شديد ضدّ الوثنية في قلب شبه الجزيرة العربية.
طوفان اقتلع بعض جذور الوثنية العريقة، فقد قتل طائفة من صناديد قريش، واسرت اخرى وهرب الباقون بمنتهى الذل والصغار، وانتشر خبر هزيمة جيش قريش المتغطرس في جميع أنحاء وربوع الجزيرة العربية.
ولكن ساد بعد هذا الطوفان المرعب، شيء من الهدوء والمقرون بالاضطراب والقلق، هدوء كان منشؤه التفكير في مستقبل شبه الجزيرة العام وما تخبئه الايام القادمة لسكانها على أثر التحول الجديد.
وكانت مخاوف القبائل الوثنية، ويهود يثرب الاثرياء ويهود خيبر ووادي القرى تزداد يوما بعد يوم من تقدم الاسلام المطّرد، وتعاظم شوكته، واشتداد أمر حكومته الفتية، وكان جميع هؤلاء يجدون مستقبلهم مهددا بخطر جديّ، بعد أن كانوا لا يتصورون أن يكسب رسول الله (صلى الله عليه واله) المهاجر من مكة كلّ هذه النجاحات الباهرة، وأن يبلغ من القوة ذلك المبلغ، بحيث يقهر بقواه المحدودة قوة قريش الكبرى ويكسر شوكتها العريقة!!
وكان يهود بني قينقاع الذين يقطنون داخل المدينة، ويمسكون بخيوط اقتصادها، أشدّ خوفا من غيرهم، واكثر قلقا على مستقبل أمرهم، لأنهم كانوا يخالطون المسلمين مخالطة كاملة وكان وضعهم يختلف عن وضع يهود خيبر ووادي القرى الذين كانوا يعيشون خارج المدينة بعيدا عن مركز قوة المسلمين ومنطقة حاكميتهم!!
من هنا بدأ يهود بني قينقاع قبل غيرهم من طوائف اليهود العائشة في تلك الديار بتدبير المؤامرات، وممارسة الأعمال الإيذائية ضدّ المسلمين والقيام بالحرب الباردة ( الإعلامية ) ضدّهم، وذلك بنشر الأكاذيب وبثّ المعلومات الكاذبة، واطلاق الشعارات القبيحة، وانشاد القصائد التي من شأنها الاساءة الى المسلمين وتحقيرهم، وتخريب معنوياتهم.
وبهذا يكون اليهود قد بدءوا عمليّا بنقض معاهدة التعايش السلمي التي ذكرناها سلفا، والتي عقدها رسول الله (صلى الله عليه واله) معهم في إبّان قدومه المدينة.
ولم تكن هذه الحرب الباردة الشريرة لتبرر تصدي القوى الاسلامية لها بالحرب الساخنة، واستعمال السلاح، لأن ما يمكن حله بسلاح المنطق لا يحبذ أن يعالج بمنطق السلاح، وخاصة أن الرد الساخن والمسلح يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المدينة، والحال أن المحافظة على الوحدة السياسية، واستتباب الأمن والاستقرار في المدينة كان مما يهمّ النبيّ (صلى الله عليه واله) جدا وهو يواجه أعداء أشداء من الخارج.
فلم يكن من مصلحة الاسلام والمسلمين تفجير الموقف في عاصمة الاسلام، يومئذ.
ولهذا ـ وبغية اتمام الحجة على يهود بني قينقاع ـ وقف رسول الله (صلى الله عليه واله) ذات يوم في سوقهم بعد أن جمعهم فيه ثم قال لهم :
يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا، فانكم قد عرفتم انّي رسول الله ( أو أني نبي مرسل ) تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم.
وهنا نزل قول الله تعالى : {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران: 12، 13] .
ولكن اليهود المغرورين المتكبرين لم يشكروا نصيحة النبي هذه أو يسكتوا حسب، بل ردوا عليه بعناد ولجاج وصلافة قائلين : يا محمّد انك ترى انا قومك لا يغرنّك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، إنا والله ولئن حاربناك لتعلمنّ أنّا نحن الناس ( أو أنّا والله أصحاب الحرب، ولئن قاتلتنا لتعلمنّ أنك لم تقاتل مثلنا )!!
فلم تترك كلمات يهود بني قينقاع الجوفاء، وتشدقهم الفارغ بقوتهم وقدرتهم على القتال والمواجهة أدنى اثر في نفوس المسلمين.
ولكن النبيّ (صلى الله عليه واله) قد أتم عليهم الحجة، فلم يعودوا معذورين حسب السياسة الاسلامية، وقد أصبح ساعتئذ من اللازم الاحتكام إلى منطق السلاح بعد أن لم ينجع سلاح المنطق، ولم يقنع اليهود بضرورة تغيير مواقفهم، والتخلي عن مؤامراتهم وخططهم الايذائية ضد النبيّ (صلى الله عليه واله) والمسلمين.
أجل لا بد من استخدام القوة مع هؤلاء اليهود الصلفين المتعنتين والاّ ازدادوا صلافة، وكثرت اعتداءاتهم.
ولهذا أخذ رسول الله (صلى الله عليه واله) ينتظر الفرصة المناسبة لتأديب تلك الجماعة المتعنتة الوقحة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|