أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-2-2016
6828
التاريخ: 2023-03-14
978
التاريخ: 9-5-2017
3676
التاريخ: 11-1-2021
7074
|
يتمتع بعض الأفراد بحصانة إجرائية من احتمالات تعسف السلطة القضائية او لاسباب تتعلق بالمصلحة العامة لا بصفتهم مجرد أشخاص يتبعون الى هيئات بل انطلاقاً مما تتمتع به هذه الهيئات من استقلال وهيبة، كونها تمثل المجتمع او التي لا يمكن ان تتحقق، ما لم تقرر لها حماية إجرائية من احتمالات تعسف السلطة القضائية المختصة بمتابعة هذه الإجراءات(1) . وسوف نوضح الاذن كقيد على حرية الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية، من حيث مدلوله، وحالاته ، والآثار التي تترتب عليه .
اولاً : مدلول الأذن
يعرف الأذن، بأنه تعبير صريح من جهة أو هيئة عامة يتضمن الموافقة على اتخاذ الإجراءات القانونية بحق شخص، ينتمي –عموماً- الى تلك الجهة او الهيئة العامة(2).
وقد عرف ايضاً أنه عمل اجرائي تتخذه بعض هيآت الدولة بشأن بعض افرادها يتضمن الموافقة على تحريك الدعوى الجزائية بحق هؤلاء الافراد المتهمين الذين ينتسبون لهذه الجهات او المصالح بهدف ضمان حسن اداء هؤلاء الافراد، للوظيفة او الجهة العامة التي ينتمون اليها(3).
وكذلك عرف، بانه عمل اجرائي صادر من هيئة عامة محددة، تفيد الموافقة على تحريك الدعوى الجزائية، قبل بعض افرادها عما ارتكبوه من افعال جرمية تترتب عليها اطلاق حرية الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية(4). ونرى ان الاذن هو وسيلة اجرائية تتخذها جهة عامة او مصلحة حكومية، تتضمن التعبير عن عدم ممانعتها في اتخاذ الاجراءات القانونية قبل متهم، ينتسب الى جهة ينتج عنه إطلاق حرية الادعاء العم في تحريك الدعوى الجزائية، وقد يكون موضوعه اتخاذ الاجراءات القانونية او الاحالة على المحاكمة(5) . والحكمة من هذا القيد هو لاعتبارات المصلحة العامة ولخصوصية المكان الوظيفي، الذي يستغله الموظف او طبيعة الحق المعتدى عليه، أو لصفة المجني عليه او حماية شخص معين قد يكون في رفع الدعوى الجزائية عليه، مساس باستغلال الجهة التي ينتسب اليها(6). والاذن قيد ذو طبيعة اجرائية(7)، يشكل عقبة امام الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية، ولايجوز القياس عليه او التوسع فيه(8). ويشترط في الاذن ان يكون قد صدر من ذي صفة والا يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً(9)، ولايجوز التنازل عن الاذن(10)، ويجوز تقديمه في أية مدة، لم تنقض بها الدعوى(11).
ثانياً : حالات الأذن
تعددت حالات الاذن تبعاً للجرائم، المتعلق تحريكها على اذن والتي تنوعت بين قوانين مختلفة، ومنها مثلاً، جرائم القضاة، واعضاء البرلمان ومجلس الشورى(12). حيث لايجوز رفع الدعوى الجزائية على القاضي او اجراء تحقيق معه، الا بعد أذن يصدر من لجنة مشكلة لهذا الغرض(13) . وفي العراق فان مجلس لقضاء الاعلى يتولى كل ما يتعلق بشؤون المحاكم والادعاء العام العراقي(14) . ومما يلاحظ ان قيد الاذن، في حالة جرائم القضاة يرفع في حالة التلبس(15) . وفي التشريع الفرنسي، فان تحريك الدعوى في الجنايات والجنح الوارد بالمادتين (679، 861) من قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي معلق على اذن الدائرة المختصة بمحكمة النقض، ولكن تحريكها من اختصاص النائب العام امام محكمة النقض(16) وجرائم الموظفين والجرائم العسكرية(17) . وان يصدر الأذن من الوزير المختص ولايعتد بالأذن الصادر من غيره(18) . ويجوز لوزير الدفاع في الجرائم العسكرية، عدم الاستجابة لطلبات الادعاء العام اذا كانت الجريمة العسكرية ناشئة عن الواجب، او كانت مخالفة او جنحة، غير مخلة بالشرف وذلك بناء على قرار مجلس تحقيقي(19) . وجرائم الاحداث سيئ السلوك، فلا يجوز تحريك الدعوى الجزائية حتى لو كانت في اجراءات الاستدلال الا بناء على أذن أبيه او وليه او أمه وحسب الاحوال، واذا تم رفع الدعوى، دون مراعاة أذن وليه، وُجِبَ الحكم بعدم قبول الدعوى(20). وان جهة طلب الأذن هي جهة التحقيق او الادعاء العام(21).
ثالثاً: اثر صدور الاذن
بعد الحصول على الاذن تطلق سلطة للادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية واجراء التحقيق فيها، وان يتصرف في الدعوى حسب مقتضايتها، كان تصدر أمراً بحفظ الدعوى، او عدم وجود وجه لاقامتها(22).
والأذن كقيد اجرائي، لايتعلق بشرط وجود الدعوى ولايؤثر في صفة وأهلية الادعاء العام . ويترتب على عدم توفر الأذن عدم رفع الدعوى وعلى القاضي الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم اتصاله، اتصالاً قانونياً وانه قيد على تحريك الدعوى وليس على الدعوى ذاتها(23). وهو ليس مجرد شرط شكلي كون الادعاء العام هو الذي يباشر هذه السلطة نيابة عن المجتمع(24) . ونظراً للفرق الواضح بين طبيعة الأذن والشكوى والطلب، فما يسري على الشكوى والطلب لا يسري على الاذن . ذلك ان الاذن مرتبط بشخص المتهم، لاوقائع التهمة، وذلك اذا صدر الأذن لمتهم لاينسحب الى غيره ويختلف أثره باختلاف الحالة التي صدر عنها الأذن(25) . واذا انصب الاذن على اجراء تحقيق، دون رفع الدعوى فلا قيمة، لهذا القيد الاّ اذا نص على خلافه(26). وفي حالة ارتباط الجريمة المطلوب عنها الاذن، بجريمة اخرى، فلا يتقيد الادعاء العام، بقيود رفع الدعوى الجزائية(27) . ولا يشترط الحصول على الاذن في حالة التلبس كون الادلة تؤكد ارتكاب الجريمة، وانتفاء شبهة التعسف، او الكيد في اجراءات الادعاء العام(28).
واذا حركت الدعوى دون مراعاة الحصول على اذن، او رضاء متهم خلافاً لاحكام الاذن، يكون باطلاً، ويجوز ابداء الدفع في اية مرحلة تكون فيها الدعوى(29) . ولايجوز الرجوع في الأذن الصادر كما لايجوز القياس عليه، غير انه، اذا ظهرت ادلة جديدة، او بدت عناصر، لم تكن قائمة وقت طلب الأذن في المدة الاولى، فيجوز اصدار الاذن وبشرط عدم سقوط الدعوى بمضي المدة(30).
_______________
1- ينظر: د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي :تأصيل الاجراءات الجنائية ، دار الهدى للمطبوعات ، الاسكندرية ،2004، ص445.
2- ينظر: د. حسن ربيع : الاجراءات الجنائية في التشريع المصري ، ط1،دارالنهضة العربية ، القاهرة ،2001، ص121.
3- ينظر: د. احمد فتحي سرور : الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي: ، دار النهضة العربية، القاهرة 1983، ص553.
4- ينظر: د. حسن صادق المرصفاوي : المرصفاوي في اصول الاجراءات الجنائية ، الدعوى الجنائية ، الدعوى المدنية ، التحقيق الابتدائي ، المحاكمة ، طرق الطعن في الاحكام ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1998، ص69.
5- المادة (136) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي وكذلك المادة (227) من قانون العقوبات العراقي
6- ينظر: د. فائزة يونس الباشا : شرح قانون الاجراءات الجنائية الليبي،ج1،دار النهضة العربية ،القاهرة،2003، ص131، د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي :تأصيل الاجراءات الجنائية ، دار الهدى للمطبوعات ، الاسكندرية ،2004، ص423.
7- ينظر: د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي، تأصيل الاجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص424.
8- ينظر: د. محمود نجيب حسني : شرح قانون الاجراءات الجنائية ، ط2، دار النهضة العربية ، القاهرة،1988، ص228، د. احمد فتحي سرور : الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي: ، دار النهضة العربية، القاهرة 1983، ص556.
9- ينظر: د. حسن ربيع : الاجراءات الجنائية في التشريع المصري ، ط1،دارالنهضة العربية ، القاهرة ،2001، ص123.
10- ويفرق د. حسن صادق المرصفاوي بين ما اذا كانت، غاية الاذن، هو مصلحة عامة وبينما كانت غايته مصلحة خاصة، فالاولى يعد التنازل باطلاً، لتعلقه بالنظام العام، وفي الحالة الثانية له حق التنازل عن الاذن، ينظر د. حسن صادق المرصفاوي، مرجع سابق، ص74، 75 .
11- ينظر: د. احمد فتحي سرور : الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي: ، دار النهضة العربية، القاهرة 1983، ص555.
12- ينظر: د. احمد فتحي سرور، الوجيز في قانون الاجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص554 . وفي العراق، فان المادة (64) من قانون التنظيم القضائي، رقم 16 لسنة 1979 التي منعت اتخاذ أي اجراء تحقيق، بحق القاضي توقيعه عدى حالة ارتكاب جريمة مشهودة الا بعد حصول موافقة وزير العدل، وكذلك المادة (68) من قانون الادعاء العام، التي اشترطت لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق عضو الادعاء العام، او توقيفه عدى حالة ارتكابه جريمة مشهودة، الاّ بأذن وزير العدل، وان قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وفي الباب السادس، السلطة القضائية الاتحادية، وفي المادة (43) قد اكد على استقلال القضاء، والصلاحية الكاملة له في تعزيز براءة المتهم، او ادانته وفق احكام القانون ولايتبع القضاء لوزارة العدل، وان المجلس الاعلى للقضاء هو الذي يشرف على القضاء، ويدير شؤونه ، المادة (45) من القانون ذاته، ولايجوز عزل القلضي او عضو مجلس القضاء، الاّ اذا ادين بجريمة مخلة بالشرف او بالفساد، او اذا اصيب بعجز دائم، وبقرار من مجلس الوزراء، وبموافقة مجلس الرئاسة، المادة (47) من القانون السابق، مما يعني ان الأذن بجرائم القضاة بموجب قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، يخضع لتقدير مجلس القضاء الوارد بالمادة (45، 47) من القانون ذاته، كما اشارت المادة (34) منه الى الحصانة التي يتمتع بها عضو الجمعية الوطنية، وعدم جواز القاء القبض عليه، خلال انعقاد جلسات الجمعية الوطنية الاّ بعد موافقة الجمعية الوطنية على رفع الحصانة، وحالة التلبس بجريمة مشهودة، وكذلك المادة (93، 94) من الدستور العراقي الحالي .
وفي مصر، فأنه لايجوز اجراء تحقيق، أو رفع الدعوى الجزائية على القاضي، الاّ بعد الحصول على أذن يصدر عن لجنة مشكلة لهذا الغرض وحسبما ورد في المادتين (94، 96) من قانون السلطة القضائية المصري .
13- ينظر: د. حسن ربيع، مرجع سابق، ص123.
14- اكدت المادة (43) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية على استقلال القضاء التام عن السلطة التنفيذية بما فيها وزارة العدل ويمارس القضاء صلاحيته التامة، بعيداً عن تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتنفيذاً لذلك تم تشكيل مجلس القضاء الاعلى لتولي دور مجلس القضاء وباشر مجلس القضاء الاعلى كامل اختصاصاته فيما يتعلق بتكوين المحاكم والادعاء العام، المشكل بأمر سلطة الائتلاف المرقم 35 في 18/9/2003 والنافذ في 24/2/2005 وفي الاقسام (3، 5) من تشكيلة المجلس .
15- تنظر : المادة (96) من قانون السلطة القضائية المصري .
16- ينظر: د محمد محمود سعيد : حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية ، دراسة مقارنة ، دار الفكر العربي ، القاهرة ،1977، ص357-358.
17- نصت المادة (136/أ، ب) من قانون اصول المحاكمات العسكري العراقي على الاذن من وزير العدل في الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي، وجرائم اهانة الحكومة والوزارات والهيآت التابعة لها وكذلك اشترطت الفقرة (ب) من ذات المادة، إحالة الموظف اثناء تأدية الوظيفة او بسببها الا اذا كان فعله من المخالفات المرورية ، غير انه اذا ثبت ارتكاب الموظف لجريمة نشأت عن وظيفته او ارتكبها بصفة رسمية تشكل لجنة لهذا لغرض وان توصي باحالته الى المحاكم، ينظر، د. علي محمد بدير، د.عصام عبد الوهاب البرزنجي وآخرون، مبادئ واحكام القانون الاداري ، جامعة بغداد، كلية القانون، بغداد، 1993، ص360، وكذلك المادة (24) من قانون انضباط موظفي الدولة، والقطاع الاشتراكي، رقم 14 لسنة 1991، والعسكري نمط عام، يتمثل في الضباط بمختلف الرتب، ينظر طارق قاسم حرب، الدليل القانوني، موجز محاضرات، النظام القانوني العسكري، الدائرة القانونية لوزارة الدفاع، بغداد، 1983، ص46.
18- وتطبيقاً لذلك، قضت محكمة التمييز العراقية (الاذن لمحاكمة المتهم عن جريمة ارتكبها أثناء تأدية وظيفته الرسمية، او بسببها، يصدر الوزير، التابع له المتهم، ولايعتد بالاذن الصادر من غيره)، ينظر قرار محكمة التمييز الصادر 23/12/1976 المرقم 189تمييزية، 76 مجموعة الاحكام العدلية، س7، ع4، ص35.
19- تنظر المادة (2) من قانون التبليغات القانونية للعسكرين العراقي، رقم 6 لسنة 1960 الملغى.
20- ينظر: د. مأمون محمد سلامة :الاجراءات الجنائية في التشريع المصري ،ج1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2005، ص173.
21- ينظر: د. حسن صادق المرصفاوي، مرجع سابق، ص87.
22- ينظر: د. مأمون محمد سلامة : قانون الاجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه واحكام النقض ، ط1، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1980 ، ص112.
23- ينظر: د. محمد عيد الغريب، النظام العام الاجرائي، ومدى الحماية التي يكفلها القانون الجنائي، مرجع سابق، ص40-41، د. حسن صادق المرصفاوي، مرجع سابق، ص92 ولايجوز للقاضي الحكم بالبراءة في حالة عدم وجود الأذن، كونه لايجوز المحاكمة ثانية، المرجع ذاته، ص92-93 . ولامانع من اعادة رفع الدعوى، حين الحصول على الأذن المطلوب، د. عدلي عبد الباقي، شرح قانون الاجراءات الجنائية، ج2، ط1، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، 1953، ص69.
24- ينظر: د. محمد عيد الغريب، نظام الاجرائي ومدى الحماية التي يكفلها، القانون الجنائي، مرجع سابق، ص41.
25- ينظر: د. احمد فتحي سرور، الوجيز في الاجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص556.
26- ينظر: د. مأمون محمد سلامة، الاجراءات الجنائية في التشريع المصري، ج1، مرجع سابق، ص175.
27- ينظر: د. حسن ربيع، مرجع سابق، ص125.
28- ينظر: د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي :تأصيل الاجراءات الجنائية ، دار الهدى للمطبوعات ، الاسكندرية ،2004، ص447.
29- ينظر: د. محمود نجيب حسني : شرح قانون الاجراءات الجنائية ، ط2، دار النهضة العربية ، القاهرة،1988، ص147.
30- ينظر: د. حسن ربيع، مرجع سابق، ص126.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|